الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3....نحو المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي .يجب أن يبرر التجديد علمياً

صباح الجزائري

2006 / 10 / 12
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


ملاحظات عامة حول البرنامج

1 ــ مقدمة أي برنامج يجب ان تعبر عن ذاتها من المفهوم نفسه . وهذا يعنى إنه على المقدمة ان تكون توضيحاً لمنطلقات الحزب في وضع برنامجه، هذه المنطلقات ربما تكون منهج الحزب و فلسفته، الظروف التي ينفذ في ظلها البرنامج او المرحلة التاريخية و سماتها، من هي قوى التنفيذ والتغيير المعول عليها في تنفيذ البرنامج... وغيرها من الأمور التي مست المقدمة جزءاً بسيطاً منها. ولذلك يجب
تخليصها من التكرار والإطالة والأحكام التي هي من اختصاص النظام الداخلي، و التركيز على الأساسي.

2 ــ الخطاب السياسي للبرنامج أوقعه في تناقضات و إشكاليات جدية:

الإشكالية الأولى: إشكالية الآني والتفصيلي : فمن ناحية يحاكي البرنامج مرحلة قصير وآنية سماها " الحالة الاستثنائية و الانتقالية " و بذلك عليه أن يتناول الأمور والأهداف بالخطوط العريضة والأساسيات العامة ذلك آن الواقع ( كما يدرك الجميع والبرنامج ذاته يعترف بذلك أيضا ) متغير و سريع و مفاجئ في اغلب الأحيان في حركته.لا أن يغرق في تفاصيل لا تنسجم إلا مع وضع مستقر و معروف على الأقل في وجهته العامة.متى نستطيع الخروج عن اسر السرد" المعلقاتي" للبرامج التي كانت تضعها الأحزاب الشيوعية الحاكمة آنذاك ؟

الإشكالية الثانية : إشكالية التقليدي والتجديدي: هي تعارض الرؤية التجديدية كخط معتمد منذ المؤتمر الخامس و كضرورة و كضغط من القاعدة الحزبية مع إعتماد البرنامج منهجية سكلولاتية ( اقصد تعليمية ) تقليدية و كلاسيكية في شكل عرضها و في محتواها و دخلت في تفاصيل لا يمكن ان تكون بأن حال من الأحوال كاملة بحكم جوهرها التفضيلي ذاته. و هذه الحالة تعمل على تكريس التلقي، هذه الظاهرة المطلوب محاربتها ومعالجة آثارها العميقة داخل الحزب بل و حتى المجتمع ، هذه الإشكالية تتناقض مع الروح التجديدية

الإشكالية الثالثة : إشكالية الثابت و المتحرك: تكمن في التفاصيل أيضا و ليس غريباً أن يقال" يكمن الشيطان في التفاصيل"، حيث غلب عليها النفس الاقتصادي لكن كيف يمكن لنا وضع سياسات تفصيلية لواقع مفقود الملامح كما أشار البرنامج بدقة و بوضوح و بصواب بالوقت نفسه عندما وضع مهمة رئيسية " يعمل من اجل إنضاج الشروط الضرورية للإنطلاق( التأكيد من قبلي ) نحو إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية...الخ. . إذن نحن نسعى لإنضاج الظروف للإنطلاق وهذا يعني أته لا يوجد انطلاق حتى الآن ، وإن الشروط غائبة حتى الآن او غير ناضجة على الأقل، وان الدولة الحالية هي ليست الدولة التي يتحقق في ظلها البرنامج الديمقراطي الموجود.

الإشكالية الرابعة هي إدخال أحكام نظرية في البرنامج الذي هو تنفيذي إجرائي مرحلي و يمس الأساسيات أي الاستقلال السياسي و السيادة الوطنية المفقودتين حتى الآن، لكن البرنامج مع ذلك ديمقراطي بنفس الوقت ، وقد جمع القضيتين الوطنية والديمقراطية و هذا ممكن إلا أن " الحزب ينظر إليهما في أطار وحدة لا تنفصم " موضوعة نظرية قابلة للنقاش الواسع خاصة وأن ذلك يعني ان البرنامج يريد ان يقنع الجميع بأنه بالإمكان بناء المجتمع الديمقراطي في ظل الإحتلال المزدوج ( استعماري و رأسمالي).أعتقد ان هذه إشكالية فكرية جدية حقاً تلك ، تتطلب الخوض فيها عمقاً. أن خشية ان تولد "ديمقراطية " صناديق الإنتخاب دكتاتورية من طراز جديد .

3 ــ حول قضية الفيدرالية: يطرح البرنامج صيغ مبهمة لاسيما في اخطر قضية تواجه الشعب العراقي و تمس مصير العراق ككل إذ لا يمكن لأي ذي عينين تجاهل النفس التقسيمي الذي يرافق أغلب الدعوات للفيدرالية.
و مع ان هذه الموضوعة و القضية بالذات قد أفرغت من محتواها و استغلت بطريقة مشوهة الأمر الذي يؤكد صواب ما طرحته منذ عشرة سنوات تقريباً من ان هذا الشعارــ وقد فسر بعض المغرضين بقصد او بغباء ما طرحت بأنه ضد الحقوق القومية للشعب الكردي ــ وكذلك الوجهة كانا خاطئين من حيث التوقيت والآلية ، و اليوم يطرح الحزب ذات الموقف و بطريقة غير واضحة و تخلق إشكاليات و تثير التساؤلات. و هذا الموقف الخطير يمتاز :
1 ــ إعتبار ان الفيدرالية هي الشكل المناسب للعراق، طرح يفتقد الى الأساس العلمي و التحليلي. بسبب عدم وجود دراسة موضوعية معتمدة لقضية الفيدرالية وتطور و تبدل الأطروحات حولها. خاصة وأنه لا يوجد رأي موحد داخل الحزب عن ذلك، ولم تدرس القضية عبر كل منظماته ولم يستفتى التنظيم كله بذلك كي يطرح تعبيراُ عن رأي موحد كبديل آخر عن الدراسة العلمية.
2 ــ دعوة الحزب الى تعزيزها في كردستان ، قضية خاطئة كلياً و يدحضها ما ورد في بقايا الفقرة.
3 ــ اعتمادها في مناطق العراق الأخرى و حيثما تنضج الشروط ...الخ ، أليس من حق المواطن ان يتساءل لماذا لا نقول بوضوح ان الشروط غير ناضجة، وبالتالي فأن الفيدرالية غير مناسبة الآن ، لأنها غير واقعية. لماذا نطرح الأمور بهذه الصيغة المعلقة التي تثقل الحزب بالتزامات جدية و كبيرة و بنفس الوقت خطيرة مستقبلاً. هل الظروف الآن مناسبة أم لا؟ تلك هي المسالة التي يجب على البرنامج التأكيد عليها و ليس على المبادئ التي هي نسبية و قابلة للحوار و النقاش الذي لن ينتهي . و هذا ما يجب ان يجري استفتاء الحزب عليه.
4 ــ أن نعتمد دستوراً ، نحن نعرف مثل كثيرين غيرنا، ان فيه من المثالب و الثغرات الخطيرة ومطلوب تعديله و تخليصه من الكثير منها ، دون إقران اعتماده بالتعديلات الضرورية عليه يحملنا مسؤولية تزكيته في الوقت الذي لدينا تحفظاتنا عليه .
5 ــ الجميع يعلم إننا مع حق الشعوب في تقرير مصيرها . ولكن أليس من الواجب بعد هذه الانهيار الهائل ان تكون هناك دراسة معمقة وواقعية تنسجم مع وضع مجتمعنا العراقي في سيرورته الحديثة و في صيرورته المستقبلية. وخذ الموقف من حزب العمال الكردي في تركيا كمثال عندما يجري الحديث عن الأمة الكردية و نضالاتها، او عند ما يطرح موضوع العلم العراقي في أجواء ملغومة مثلاً.

اقترح الصيغة التالية:

" الفيدرالية تعبير عن علاقة متكافئة وعادلة بين مكونات متعددة في ظل نظام ديمقراطي راسخ ووفق دستور إنساني وعادل في جوهره و شكله. ولأن هذين الأمرين غير متوفرين في عراق اليوم لذلك يرى الحزب الشيوعي العراقي بأن بناء العراق الفيدرالي قضية متعجلة و غير موضوعية الآن و لا تتوفر لها الشروط الضرورية لتحقيقها بالطريقة الحضارية العصرية العادلة كاتحاد اختياري طوعي و حر بين أمم و شعوب تستطيع تقرير مصيرها بنفسها في ظروف نفسية و حياتية سليمة"

4 ــ تخليص البرنامج من كل ما هو مكرر من أحكام ووجهات ذات طابع استراتيجي او مذكور في النظام الداخلي.
5 ــ تخليص البرنامج من ذكر الأسباب التي اعتمدت لهذه الوجهة او تلك، بمعنى آخر تخليصه من اللغة التبريرية و التعليلية.
6 ــ تخليص البرنامج من كل ما يضع الحزب في أية التزامات مستقبلية غير منظورة.
7 ــ تخليص البرنامج من كل ما هو نظري او يتطلب الدراسات الفكرية لتأكيده.
8 ــ يجب ان يعتمد البرنامج وجهتين :
الأولى: تتعلق بعمل ووضع الحزب ذاته واقصد العملية التحديثية والتجديدية التي نريد للحزب انتهاجها والتي يوجد إجماع حزبي و جماهيري عليها و هذه بحد ذاتها تتطلب و تستوجب عملاً و نشاطاً و منهجية من نوع خاص لا ينسجم مع هذه العجالة و الاختزال الى مجرد تعديل بعض فقرات في النظام الداخلي ـ رغم أهميتها ـ . و التجديد قضية داخلية إلا ان نتائجها ستمس و تحاكي الحياة السياسية في البلد وهي لذلك لا تقل أهمية عن البرنامج السياسي المطروح على الجماهير الشعبي .أن الإستماع أيضا الى آراء هذه الجماهير في عملية أعادة بناء او تحديث او تجديد او تطوير عمل الحزب (مفاهيم متنوعة للمشترك واحد هو التغير الذي يجب ان يقوم به الحزب في كل شيء فيه من أجل الارتقاء به الى مستوى المهمات و التحديات المطروحة أمامه) أمر يبرره تبديل أولويات الحزب عندما تحول الى حزب الشعب كله حيث يضع مصالح الوطن فوق كل شيء.
الثانية : تتعلق بالمهمات و المواقف التي على الحزب توضيح تصوره عن كيفية معالجتها و التصدي لها. و المقصود جميع المسائل التي تمس مصير الوطن و الشعب في المرحلة الحالية. و من الواضح ان وثيقة مشروع البرنامج قد تناولت هذا الجانب فقط و لكن بطريقة أفقدته التركيز على الأساسي وأقصد استعادة الاستقلال و السيادة الوطنية إذ ينبغي على البرنامج ان يضعهما في باب مستقل يتناول فيه الموقف من الإحتلال ووجود القوات العسكرية وجدولة انسحابها و الشروط اللازمة لذلك.

لذلك فأن إعادة صياغة البرنامج ليحقق هاتين الوجهتين أمراً ضرورياً. كما و ان تغليب أي واحدة على حساب الأخرى بغض النظر عن المبررات يوقعنا بخطأ تاريخي سيحاسبنا التاريخ والأجيال القادمة من الشيوعيين و ستشكل علامة فارقة اقل ما يقال عنها ليست ايجابية مثلها مثل التحالف الجبهوي عام 73 و قبله خط أب عام 64 وربما غيرها جاءت بعدها.
9 ـ في أعادة التبويب الضرورية للاختصار و التكثيف و إبراز الأهم على المهم اعتقد :
ــ تخليص باب السياسة الاقتصادية ـ الاجتماعية من التفاصيل و اقرأنها بما سيرد ذكره عندما يجري الحديث عن المرأة و الشبيبة و الطبقة العاملة و غيرها.
ــ في باب بناء الدولة ، ينبغي التركيز على البناء الديمقراطي و التخلص من آثار النظام الدكتاتوري و تسليط الضوء على الأمور التي تعرقل عملية البناء هذه .
ــ لأهمية موضوع التربية و التعليم و البيئة يفرد لهما باب مستقل و لكن بالخطوط العامة.
ــ يدمج و باختصار ما يتعلق بالبنك المركزي و التجارة الخارجية و الداخلية و الاستثمارات الأجنبية و المديونية في باب واحد، و أعادة صياغتها بما يسلط الضوء على خطر التعاطي غير المتكافئ ، غير المخطط وفق قدرات البلد على التعافي ، مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي و غيره.
ــ إعادة النظر حول ما ذكر بشأن الجيش و القوات المسلحة بالتدقيق مع الدور الحالي و الذي من المحتمل ان تلعبه في المستقبل باعتبارها تتربي على الطريقة الأمريكية.
ــ إعادة تكثيف ما ورد بشأن الشبيبة والمرأة و الطبقة العاملة
ــ الغاء ما ورد بشان الوحدة العربية ، و التركيز على العمل المشترك من اجل الديمقراطية و حقوق الإنسان.
ــ الغاء التفاصيل فيما يتعلق بالسياسة الدولية و التأكيد على منهجين في التعامل الدولي ، العلاقات المتكافئة و الإحترام المتبادل و السياسة السلمية البعيدة عن الأعمال العسكرية . ودمج ما يتعلق بالعالم العربي و الدولي تحت باب واحد اسمه السياسة الخارجية.
ــ اختصار الخاتمة على ان تشمل الأسطر الأولى ابتداء من " ان حزبنا ... إذ يطرح وثيقته البرنامجية هذه ... " الى عبارة " ذلك أنه يدرك " في السطر الثالث يضاف لها الفقرتين الأخيرتين التي تبدأ من " ان طريق بلادنا الخاص الى الاشتراكية ... " الى نهاية البرنامج.

على الشيوعيين العراقيين السير بخطوات راسخة على طريق التغيير و التجديد، و باب الحوار يجب ان يفتح واسعا على صفحات المنابر الحزبية مثل الطريق و الثقافة الجديدة و موقع الحزب ، ليس النشر فقط بل الحوار و مناقشة الأفكار التي تنشر، ففي ذلك فقط نستطيع استيعاب آلية التغيير والتجديد و إتقانها و إنجازها بإبداع و بصورة سليمة تجنبنا مخاطر التسرع الذي يحفزه الحماس للتغيير.
أن تعريق الفكر الماركسي و تفعيله محلياً و مزاوجته مع التراث و التاريخ و الواقع الطبقي العراقيين سيقود حتماً الى التفاف أبناء شعبنا العراقي الطيبين حول حزبهم الإنساني النبيل .
والى ألأمام من اجل
وطن حر و شعب سعيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي