الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوراة -ميثولوجيا- ..التوراة تزوير للتاريخ (3/3)

سليم يونس الزريعي

2023 / 1 / 5
دراسات وابحاث قانونية


مؤرخون يدحضون أسطورة الشعب اليهودي وخرافة العودة.
هناك فرق تأسيسي بين نسبة دين معين إلى مجموعة بشرية باعتبارها شعب ذلك الدين، وبين ربط الدين بمعتنقيه معهما اختلفت إثنياتهم ، فمثلا هناك فرق بين مفهومي أتباع الدين اليهودي والشعب اليهودي، فالأول يحتوي التنوع العرقي والجغرافي، فيما الثاني يفترض أن مجرد الانتماء لذلك الدين فهو دليل على الوحدة العرقية.
وعلى أساس من هذه العلاقة روجت الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية والاستعمار الغربي لمفهوم الشعب اليهودي، بخلاف المنطق والحقائق العلمية والتاريخية، وقد كشف المؤرخ اليهودي شلومو ساند هذا التدليس في سياق دحض أسطورة الشعب اليهودي أي خرافة الشعب اليهودي والعودة، كخرافة توراتية، بالعودة آلاف السنين إلى الوراء، ساعياً إلى إثبات أن الشعب اليهودي لم يكن أبداً "شعبا عرقيا" ذا أصل مشترك، وإنما هو خليط كبير ومتنوع لمجموعات بشرية تبنت خلال مراحل مختلفة من التاريخ الديانة اليهودية. وبحسب قوله فإن النظرة الميثولوجية(الأسطورة) إلى اليهود كشعب عريق أدّت بعدد من المفكرين الصهيونيين إلى تبني فكر عنصري تماماً.(1)

أما علم الآثار فقد حسم أمر خرافات التوراة التي تذرعت بها الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية وأوروبا الاستعمارية لزرع المستجلبين اليهود في فلسطين، فدحض عالم الآثار البروفيسور زئيف هرتسوغ عبره زيف ما يسمى الحق التاريخي "الإسرائيلي". ذاهبا إلى أبعد من مجرد دحض مقولات الشعب اليهودي وارتباط اليهود بفلسطين إلى التأكيد أن التوراة التي يتكئون عليها لاختراع شعب يهودي هي "ميثولوجيا، أي(أساطير) وتزوير للتاريخ. لأن الحفريات تدحض خرافة الشعب اليهودي، وتؤكد أن لا تاريخ يهودي في فلسطين(2).

وقد أكدت عقود من البحث المحموم والحفريات الأثرية المكثفة في أرض فلسطين المحتلة كما كشف عالم الآثار البروفيسور زئيف هرتسوغ توصل علماء الآثار إلى استنتاج مخيف وهو أن: الأمر مختلق من الأساس. فأفعال الآباء هي مجرد أساطير شعبية، ونحن لم نهاجر لمصر ولم نُرحّل من هناك. ولم نحتل هذه البلاد وليس هناك أي ذكر لامبراطورية داوود وسليمان، والباحثون والمختصون يعرفون هذه الوقائع منذ وقت طويل، ولكن المجتمع لا يعرف(2).
ومن ثم فإن السؤال ماذا تبقى من هذه الخرافة إذا كان مصدرها هو التوراة كونها الأساس الفكري لإقامة الكيان الصهيوني بجعله من مجرد كتاب ديني إلى برنامج عمل وكمصدر للتاريخ للادعاء بالحق التاريخي في فلسطين، في حين أن أغلبية الباحثين في هذا الحقل ترى في هذا الكتاب مجرد أساطير لا يمكن الاستناد إليها. سواء في كتابة التاريخ القديم لفلسطين، أو في منح الحق لليهود في فلسطين. وقال البروفيسور زئيف شيف بصفته ابن للشعب اليهودي، وكتلميذ للمدرسة التوراتية، إنني أدرك عمق الإحباط النابع من الفجوة بين التوقعات وإثبات التوراة كمصدر تاريخي وبين الوقائع المكتشفة على الأرض(3).
ويخلص العالم زئيف هرتسوغ إلى أن التوراة "اختُلق" في أيام النفي البابلي، ذلك أن الحفريات في فلسطين لم تكتشف أي شهادة يمكن أن تؤكد هذا التسلسل التاريخي. بل إن الاكتشافات الكثيرة تقوض المصداقية التاريخية للوصف التوراتي(4).
فيما يقول المؤرخ شلومو ساند في كتابه "اختراع الشعب اليهودي" كيف فبركت الحركة الصهيونية تاريخًا مزيفًا لليهود مبنيًا على فكرة الشعب اليهودي. ويضيف ساند أنه بيّن أن هذه فكرة خاطئة ومجرّد خرافة، استعملت من أجل تبرير الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مسار الإعداد لمشروعها احتلال فلسطين لجأت الحركة الصهيونية لاختراع أسطورتها القومية، بل واختراع الشعب نفسه تحت اسم "الشعب اليهودي"، وأضيفت إليه "الدولة اليهودية". إلى جانب ذلك، لاحظ أن هذه القومية "اليهودية"، التي وُلدت في شرقي أوروبا "المتخلّف" قياسًا لغربيّ أوروبا، كان "نجاحها" مشروطًا بمساندة "الأغيار"، فظلَّت الصهيونية ما بين العام 1897؛ منذ تاريخ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، تيارًا هزيلًا للغاية في صفوف الجاليات اليهودية في العالم. فلجأت إلى تحويل فلسطين إلى وطن قومي لكل يهود العالم. واستدعت الميثة التاريخية لتبني أيديولوجية "علمية" ملائمة؛ "فالوعد الإلهي لم يعد كافيًا لدعاة القومية العلمانيين. وإذا كان العدل لا يكمن في الميتافيزيقا الدينية، فعليه أن يكون مخبوءًا في البيولوجيا". وقد قال فيلسوفهم بيرنباوم: "ليست اللغة أو الثقافة هي
التي يمكن أن تفسِّر نشوء القوميات، وإنما فقط البيولوجيا". وأكد ماكس نورداو، رجل هرتزل المخلص، على الأمر نفسه، إذ قال "إن اليهود يشكلون بوضوح، شعبًا ذا أصل بيولوجي متجانس... تشده رابطة الدم". وأصبح العرق والأعراق النقية لدى جابوتنسكي، مصطلحين علميين. وقد استهدفت تلك البيولوجيا اليهودية تشجيع نزعة الانعزال عن الآخرين، بغية الحفاظ على الهوية القديمة، وللتطهير العرقي لاحقًا. وهذا التفسير يصبح مقبولًا عند حديث ساند عن طرد الفلسطينيين أثناء حرب 1948. (5)

ويخلص المؤرخ شلومو ساند إلى القول إن اليهودية ديانة وليست قومية ، واليهود لا يشكلون أمة واحدة وشعبا عالميا واحدا ، ولا يشكلون مجموعة عرقية نقية ، ولا وجود لعرق يهودي نقي على الإطلاق، وإنما هم من أجناس وأمم شتى شأنهم في ذلك كما أثبت علم السلالات شأن المسلمين والكاثوليك والبروتستانت.(6)

--------
الهوامش
1- أنس أبو عريش، عرض وتحليل كتاب "اختراع أرض إسرائيل" لشلومو ساند انقلاب على الأساطير التي اختلقتها الصهيونية، 25 /4/2017، https://www.madarcenter.org/
2- أنس أبو عريشن مصدر سبق ذكره.
3- شمس الدين الكيلاني، مصدر سبق ذكره.
4- نبيل عودة، أساطير التوراة تسقط،https://www.sotaliraq.com/
5- أنس أبو عريشن مصدر سبق ذكره
6- شمس الدين الكيلاني، مصدر سبق ذكره

• من مخطوط دراسة بعنوان " مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين.. نهاية الخرافة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج