الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتحول العراق إلى ملاذ آمن للإرهاب ..ورحم الله الحق العام!!

طالب الوحيلي

2006 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


السياقات القضائية التي شاعت في العراق بعد سقوط النظام البائد أوهمت المواطن والمراقب بنمط متأخر جدا عن مواكبة الأنشطة الجرمية التي يعيشها الشارع العراقي ،فقد تخلفت عناصر الدعوة الجزائية الى حد كبير فقلما يمكن للمرء الركون الى المؤسسات القضائية والضبطية اذا ما تعرض الى حادث اعتداء او جريمة قد يكون أكثرها جسامة أبعدها عن محيط القضاء ،لا بسبب ضعف القضاء او انعدامه لاننا على يقين من ان النظام الدستوري الجديد قد اولى السلطة القضائية في العراق أرقى منزلة وصلها القضاء في العالم ،وذلك اهم مظاهر دولة القانون التي ينبغي قيامها على أنقاض الحكومات الدكتاتورية البائدة ،لكن المشكلة تكمن في تعدد سلطات الضبط والتحري على المجرمين ومباشرة التحقيق في الجرائم التي غالبا ما تتخذ شكل الارهاب والعنف السياسي والطائفي ،مما يجعل سلطات الضبط الاعتيادية أي الشرطة المحلية في بعض الأحيان تتخذ موقف المتفرج على ما يقع بمحاذاتها دون ان تحرك ساكن اما خشية من التورط مع الزمر والعصابات الإرهابية وبالتالي تفتح على نفسها حربا لا مدافع لإفرادها أمام الاغتيال او الاستهداف المباشر ،او بسبب عدم وجود الرقيب او المحاسب لها لما يقع في قواطعها من جرائم فضلا عن ان تقسيم قواطع العمليات بين الداخلية والدفاع والقوات متعددة الجنسيات قد يترك اكثر من فاصل بين القاء القبض على المتهمين وتحريك الدعوى الجزائية ضدهم ومن ثم التحقيق الابتدائي والقضائي والإحالة الى المحاكم ذات الاختصاص المكاني الذي ادمج في محكمة الجنايات المركزية ،ولا باس ان تحال جميع القضايا التي تشوبها شبهة الحرج او قد تسبب الاضطراب الى هذه المحكمة التي أطلقت لها الصلاحيات المكانية والوظيفية ،لكن مكمن المشكلة هو عدد القضايا المحالة ومدى إمكانية تقديم الأوراق التحقيقية الأصولية والجهات التي تقوم بهذا التحقيق ،الواقع قياسا الى ما نسمعه او نقرأه من اعداد هائلة للإرهابيين الذين وقعوا في يد العدالة ومعظمهم من المطلوبين جنائيا لما متوفر ضدهم من ادلة وإخطارات تكفي للحكم عليهم بعقوبة الإعدام ،يؤكد على ان لا نسبة بين ذلك وبين القرارات التي صدرت حتى ولو انها تعد عقوبات مجاملة اذا جاز لنا تسميتها ،لاسيما وان المعروف عن الموقوفين في ذمة القوات المتعددة الجنسيات لا تعرض أوراقهم على قضاة التحقيق العراقيين ويتركون موقوفين ردحا من الزمن بين بريء لا جريمة له وبين جزار ارتكب الهوائل من الجرائم البشعة لينتهي الأمر فيما بعد بإحالتهم الى محاكم الجنايات وقد تخلفت الادلة وتراخت الأسباب وبذلك لا تجد المحكمة ما يكفيها من ترصين حكمها ،هذا اذا افترضنا فعلا إحالة المتهم الى تلك المحاكم .
تجارب العالم بخصوص مكافحة الجريمة الماسة بأمن المواطن والمجتمع ،لا تقف عند حد هذه المجاملة ومحاولة النظر الى الجزارين والانتحاريين على مقاييس الرأفة والتوسل بقواعد حقوق الإنسان ،بل ان معظم دول العالم بكل رقيها مازالت تصر على الإبقاء على عقوبة الإعدام ضد أرباب الجرائم البشعة التي تستهدف حياة وشرف الإنسان ،وحتى الدول المتحضرة جدا تعتبر إشهار السلاح بوجه رجل الأمن سببا كافيا للإجهاز عليه دون محاكمة او انتظار للنتائج ،فيما نجد القوات متعددة الجنسيات في العراق تنحو هذا المنحى عند مواجهتها مثل هذا الموقف او تهيأ لها ذلك ،وليس هذا من باب الدعوة الى تسويغ العقوبات القاسية ،ولكن القوى التي عملت على تقويض حكم وسيادة القانون في هذا العهد ،هي السبب الباعث لإيجاد العلاجات المشددة او إعلان قوانين الطوارئ او الأحكام الاستثنائية التي طالما حكمت العراق في العهد السابق فكانت السبب القاهر في إبقاء الحكم الصدامي على رقاب أبناء شعبنا ،ورب سائل يسأل عن ماذا أبقينا لتلك العهود لو سلكنا مسلكها في فرض النظام ؟
والجواب ان تلك الأنظمة كانت دكتاتورية مكرسة لهيمنة أفراد او حزب منبوذ من أغلبية الشعب العراقي ،فكانت كل الأساليب القاسية مسخرة ضد الأبرياء الذين حاولوا التصدي سلميا لمعارضة ذلك النظام وتلك طبيعة المجتمعات الدستورية والديمقراطية التي تسود العالم وهي جوهر حقوق الانسان ،ونحن اليوم تحت ظل دستور عراقي كتب من قبل ممثلي هذه الأغلبية واستفتي عليه من قبل الجميع واقر بالرغم من معارضة البعض على قسم من مبادئه وهو حق طبيعي للجميع ،فمن الأولى بالحماية وبرصد كل الأساليب المتاحة ،هل الشعب ذو الأغلبية السياسية والعددية ام الزمر الإرهابية التي أغاضها ان يستقر أمننا وتستقيم حياتنا وننعم بالأمن والأمان من اجل تلمس الطريق الى المستقبل السعيد ؟
الاردن البلد الجار لنا وقد امتدت نحوه مخالب الإرهاب بعد ان اتخذ وجهه الإقليمي ،لم تذعن الا لقوانينها ومحاكم امن الدولة التي تشير ملامحها الى انها محاكم عسكرية الغرض منها الدفاع عن امن المملكة ونظامها وعدت كل جريمة إرهابية هي مؤامرة لقلب نظام الحكم لتحكم بالإعدام كل من تورط بهكذا جرائم مهما كانت جنسيته او جنسه ،ولعل احدى المفارقات التي تشهدها محاكم هذه البلاد هي محاكمة المتهم زياد خلف الكربولي اذ اوردت وسائل الاعلام خبر مفاده ". يواجه الكربولي عقوبة الاعدام بعد ان نسبت اليه نيابة امن الدولة أربعة اتهامات وهي "المؤامرة بقصد القيام بأعمال ارهابية وحيازة قذائف صاروخية والمؤامرة بقصد القيام بأعمال ارهابية والانتساب الى عضوية جمعية غير مشروعة".واعترف في وقت سابق بقيامه بعمليات سلب وقتل وخطف سيارات وشاحنات على الحدود الأردنية ـ العراقية كان من بينها قتل السائق الأردني خالد الدسوقي في أيلول الفائت وخطف الدبلوماسيين المغربيين اللذين قتلهما تنظيم "القاعدة" في تشرين الثاني المنصرم.ويشترك مع الكربولي 13 متهما آخرين يحاكمون غيابيا بسبب فرارهم من قبضة السلطات.
لكن المحامي الاردني الذي تبرع للدفاع عنه حاول استعمال تكتيك يعتمد على الطعن بالاختصاص المكاني للمحكمة مدعيا بان المتهم قد ارتكب جرائمه خارج الأراضي الأردنية والقي عليه القبض في لبنان!! لعله يرمي الى المطالبة بتسليمه الى القضاء العراقي المختص الوحيد بمحاكمته لكون نشاطه الجرمي في الأراضي العراقية على حد اعترافاته المتلفزة ،وبذلك يطمح بان يحضى موكله بفرصة من النجاة من حبل المشنقة الأردنية والأمل في تساهل القضاء العراقي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص