الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/2

عبدالامير الركابي

2023 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


نعمد فيما تقدم الى ترسم منهجية اخرى مختلفة في قراءة مسارات واحداث التاريخ العراقي في العصر الحديث، بمخالفة كلية وبالضد من منظورات الارضوية القصورية الحدسية الموروثة والاحادية المسلطة على موضع بؤرة، مخالف لها مصدرا وكينونه ومآلا. غير اننا نرتكب بهذه المناسبة ربما خطئا باعتمادنا رؤية تستعمل من قبلنا وكانها منظور مكتمل، نذهب لتطبيقه قبل اثبات كماله وتبيان هيكليته، وماهو مبني عليه، ذلك مع العلم بان الامر لهذه الجهه ليس منفصلا عن جوهر متابعتنا الحالية، والظواهر المتاخرة منها، الخاصة بالتجليات المهدوية العراقية.
وكما هو مفترض فان كينونة وبنية نمطيه مختلفة عن المعروف والشائع، لها قوانينها والياتها، لابد ان تخضع عند التحليل لقانون مطابق لصنفها، فلايمكن على سبيل المثال اعتماد اسس المنظور الارضوي الاحادي بكل متعلقاته العراقية منها والغربية المسقطة، لتفسير حركة ومسارات بنيه مغايرة ازدواجية، تصارعية كونية امبراطورية، فاذا حدث شيء من هذا، فان ماينتج عنه سيكون حتما، شيئا اخر، وحصيلة مزورة خارج موضوعها المفترض، متشكلة بذاتها، ومستمدة من ترسانه اخرى تفكرية، تذهب لاعادة صياغه واقع ملموس وحي متعد ومتجاوز لقدرة العقل بالحدود المتوفرة على المقاربة والاحاطة.
وهنا يجدر التوقف عند ناحية لاتطرا على العقل بحالته التي هو عليها الان، تلك هي خاصية التفكر ونوعه، باعتباره عاملا احباطيا، وقد يصل حد التدميرية الافنائية، الامر الذي قد لايكون كذلك على مدى زمني طويل، الى ان تطرأمتغيرات تجعل معرفة الذات شرطا للبقاء والاستمرار، وهنا بهذه المناسبة تتجلى احدى اهم اشتراطات "الظهورية المهدوية"، فالعراق الراهن، وعلى مدى مايعرف بالعصر الحديث، والانقلاب الاوربي الالي، ظل يتعرض لحالة من الاكراهية المفهومية الماحقة للخاصيات وللوجود، لدرجة ماعاد بامكان هذا الموضع الاساس من المعمورة، الاستمرار ومواصلة الحياة، بعدما وصل التعارض بين الرؤية والنظر بازاء الاليات البنيوية الواقعية، وتراكمات فعلها غير الناطق، حدودا من التراكمية التضاربيه التصادمية الانفجارية، مالا يمكن معها تصور احتمالية استمرار، يتوفر على الحد الادنى من مقومات التوازن الضروري للبقاء.
ان منجزات توهمية من نوع الويرلندية، او مشاريع رئيسية من نمط عمل حنا بطاطو الطبقوي، او علي الوردي التوهمي، كقمم في مجالها، من قبيل المنظورات الفريدة نموذجا، حيث الموضوع او التفكر ينطوي هو نفسه على موضوعه المتخيل، ليكتفي بذاته خارج المادة التي يدعي قراءتها، فالعراق "الطبقي" لبطاطو، وعراق الاصطراع "البدوي الحضاري"، كما عراق ويرلند المولود فقط منذ القرن التاسع عشر، بصفة كيانيه حديثة، هي عراقات لاوجود لها الا في رؤوس الذين يقترحونها، مع انها مع تهافتها ليست "بحثية" صرفة، بل حالة اكراهية، الاشتراطات والظروف التي جعلتها ممكنه، وحفزتها انقلابية برانيه وان تكن فعالة على مستوى المعمورة.
ومما يلزم عند هذه النقطة اعادة النظر في المسارات التاريخيه العراقية في الفترة الانقطاعية الثانيه، منذ دخول هولاكو الى العاصمة الامبراطورية المنهارة بغداد، وبدء مرحله البرانيه التعاقبيه على العاصمة المنهارة، كرمز احتلالي توالت عليه السلالات واشباه الامبراطوريات، وهو الاخر ينقسم الى فترتين، الاولى برانيه تقابلها في ارض السواد حالة فوضى عارمه، ثم الفترة التي تبدا مع القرن السادس عشر، حين عادت الاصطراعية بين البرانيه والانبعاثية الثالثة الراهنه، بعد تبلور البدايات التشكلية الحديثة في ارض سومر الجديده، وصولا الى الاحتلال الانكليزي، وتغير الاشتراطات باتجاه نمط اخر مختلف من الاصطراعيه مع البرانيه.
فمع الحضور الغربي تتغير اليات الاصطراع ،مع اكتساب الحضور البراني الاوربي الاسباب التحويرية النوعية النموذجة والتفكرية، فالذين تعاقبوا على بغداد منذ 1258 حتى مجيء الانكليز، ماكانوا يحملون مشروعا على مستوى الدولة والكيانيه والنظم المجتعمية، تريد تعميمها على الكوكب بالقوة والقدرات المهياة لها بفعل الثورة الاليه والطبقية، وبعدما كانت الاصطراعية تجري بين طرفين لهما ذات الوسائل والمفاهيم بالعموم، مع غلبه وان تكن غير ظاهرة، للديناميات العراقية، انقلب الموقف لنصبح هذه امام حالة احد اطرافها البراني، لايوجد، ولايمكن ان يمارس سطوته وحتى حضوره، الا بفرض نموذجه، وهكذا ومع نهاية الطور العثماني اخر الاطوار البرانيه الشرقية التقليدية، حل طور اخر من ذات الصنف المستمر من ايام هولاكو، مختلف نوعا وحضورا، ومستوى فعالية اكراهية شاملة للنمط وللنوع، في موضع من العالم مغاير لاجمالي الكيانوية الاحادية الارضوية التي منها جوهرا، وان يكن اعلاها، الغرب ونموذجه.
ولنتخيل لو ان الضرورة كانت ناضجه في حينه، وبدل ان تظهر حركان من نوع " الحزب الوطني" حزب جعفر ابو التمن، او تيار الاهالي والحزب الوطني الديمقراطي، والحزب الشيوعي، والحركات القومية، ظهر "الحزب الامبراطوري الكوني العراقي"حاملا في مقدمة مبادئه، رفض الكيانوية المحلوية، باعتبارها جوهر العملية الاحتلالية الاستعمارية، في موضع من المعمورة خاصياته لاتخضع للنموذجية الارضوية، باعتباره الكيانيه الاعلى دينامية على مستوى المعمورة، وان يكن في حال انقطاع آني، وبدايات صعود وانبعاث، مع ماكان يستوجبه ويبعثه مبدا اساس مثل هذا، من انقلابية فكرية مقابلة لتلك التي يحملها الغرب، وجاء بها ضمن لحظة، امنت له الحد الاعلى من اسباب الغلبة على مستوى المعمورة.
وبحسب ايقاع التوالي التاريخي الدوراتي الانقطاعي، فان الحزب "الامبراطوري الكوني العراقي"، يكون هو "المهدي" بحسب الاشارة الاستباقية للدورة العباسية القرمطية، الانتظارية، وان يكن بلا جهوزية، وقبل النطقية، حين تكون مفاعيل الغرب ابتداء كاسحه، ومتبقات الانهيارية الانقطاعية ماتزال مهيمنه، وهنا يظهر الجانب والخاصية الاساسية من خاصيات "المهدوية"، بما هي حالة انتقالية، لاتتحقق ب"الظهور" لوحده، ولابافتراض الجهوزية والكمال قبل ان يتامن اشتراط كشف النقاب عن المطوي المؤجل، والحضور بعد "الغيبة" الانطوائية المديدة، المستمرة من بداية تبلور المجتمعية اللارضوية، وتشكل الازدواجية الاصطراعية المجتمعية الرافدينيه.
"المهدوية" اعلان الدورة الثانيه عن عجز وقصور اني متكرر، وجد ضمن اشتراطات انعدام الاسباب التحققية، بعد التجربة المواكبة للدورة العباسية وثبوت استحالة التحقق، ماااستوجب احالة المهمة الى "قادم" واجب الانتظار، وكل هذا حصل بناء على المبتنيات الحدسية، مادون العليّة السببية المرجوة والمنتظرة، فكيف لمثل هذا المنجز ان يكون قادرا على تحقيق ماهو عاجز عنه، وظهر ليقول باستحالته بناء على ماله هو من قدرات، ان من يقولون ب "ألظهور" المهدوي يخالفون والحالة هذه مخالفة كلية المنطق المبني على اساسه المفهوم " المهدوي"، اذ لابد اولا وقبل الظهور، وكشرط لازم، من حصول الثورة مابعد الحدسية، العلية السببية اللاارضوية.
لا"مهدي" بدون تمهيد لاارضوي، ينفي الارضوية والحدسية منتقلا بالعالم والكائن البشري والمجتمعات، الى الطور العقلي المتخلص من وطاة الجسدية الحيوانيه، من جانب اخر، لايمكن افتراض انتقال من هذا القبيل، والتخلص من وطاة الحدسية بعد توطنها على مدى القرون، هي والمنظور الارضوي الاحادي، بحيث يظل يسبغ على المقصود الجوهر ب"المهدوية "، و " الغيبة"، التفسير الحرفي للمروية المهدوية، فلا يرد في الذهن شرط الانقلابية الاعقالية الذي لاظهور من دونه ولاقبله.
في الفترة الاولى والثانيه من البرانيه التعاقبية الشرقية، لاتجد الانبعاثية اللاارضوية الحديثة امامها مايمكن ان يستفز مراكما، حاجتها تحت وطاة خطر الفناء، لاختراق اشتراطات الانقطاعية التي تفرض ضمن المسارات الاصطراعية الاولى، سيادة التعبيرية الايديلوجية الالتحاقية بالغرب، مع مايسبغه عليها الوافد اللاارضوي والنمط الاصطراعي الازدواجي من انعكاسات، تظل بالاطار العام محكومة للموروث، ولما استجد على يد الغرب الالي البرجوازي، بينما البنية الكونية الازدواجية تعاني وطاة الافناء الاكراهي، المواضب المصر على جعلها تنزع جلدها، وتتلبس مالايمت لكينونتها باية صلة.
من دون كل ارجاء المعمورة، فان ظاهرة الاحتلال والاستعمار هي في العراق بالذات، عملية افنائية تصارعية ازدواجية، بين الازدواج الانشطاري الطبقي، والازدواج الاعلى دينامية، المجتمعي الرافديني، هو جوهر الاصطراعية الكونية الحالة على الكوكب الارضي من القرن السادس عشر، وانبعاث النمط والنموذج العراقي، ومن ثم حصول الانقلاب الالي البرجوازي المصنعي على الطرف الاخر الاوربي من المتوسط، المتفاعلان تاريخيا منذ الابتداء، على طريق انتهاء الطور الارضوي من التاريخ البشري .
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة