الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسكو، الاجتماع الثلاثي في مواجهة المشروع الوطني

ليلى موسى

2023 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو عامل الزمن من أحد أهم الفواعل الأساسية والحاسمة للاستراتيجية والسياسية الروسية بتمرير أجنداتها وضمان مصالحها وفق المنطق والرؤية الروسية. وانطلاقاً من سياساتها البراغماتية وبشكل خاص في سوريا حيث أنها استثمرت بشكل كبير غياب الملف السوري (المؤجل) ضمن سلم أولويات الفاعلين الأساسيين في الأزمة السورية والولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى.

وعلى هذا الأساس سعت، وبشكل حثيث منذ دخولها في الأزمة السورية إلى جانب سلطة دمشق 2015 بالإسراع في إنهاء الأزمة السورية لصالح حليفتها.

بداية بتكثيف الضربات الجوية واسترجاع الجغرافية التي خسرتها حليفتها لصالح المعارضة المدعومة بالدرجة الأولى تركياً، ومن ثم عبر مسار سوتشي وآستانا بموجب المقايضات مع الجانب التركي.

ومن أجل إضفاء الشرعية على حليفتها بعد انقاذها وهي على وشك السقوط 2015م بالعمل على ملف إعادة اللاجئين السوريين والتسويق بأن سوريا رويداً رويداً عادت إلى مجراها الطبيعي وبموجب ذلك عقد مؤتمرين دوليين في العاصمة دمشق لبحث سبل عودة اللاجئين.

ولم تقف عند هذا الحد بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بالعمل على إعادة دمشق إلى محيطها العربي، واشغال مقعدها في جامعة الدول العربية والذي لم يتكلل بالنجاح كالمساعي السابقة.

واليوم نشاهد المساعي الروسية وهي تمر بمراحل حرجة نتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية، بالعمل على جمع ما كانت تنعته أنقرة على مدار عقد من الأزمة السورية بالإرهابي، مع من كانت تنعته دمشق بجنون العظمة وأوهام الماضي.

ضرورات الظروف أجبرتهم على طاولة التفاوض والحوار وليس عامل الثقة والقناعة، ضرورات ضمان البقاء على كرسي السلطة في وجه هبوب رياح التغيير على المنطقة.

لذا مثلما تجاهلت روسيا في مساعيها الأولى الظروف المكانية محلياً وإقليماً ودولياً ودخلت في سباق زماني فقط للإسراع في تمرير أجنداتها دون مراعاة المعطيات الواقعية لم تفلح في مساعيها.

لكن نستطيع التأكيد بأنها نجحت في تجميع الأضداد على طاولة واحدة، في مواجهة من يهدد وجودهم السلطوي الاستبدادي على سدة الحكم ألا وهي مشروع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية.

بعد 12 عاماً على الأزمة السورية وما خلفته من مئات الألوف من ضحايا الحرب ما بين شهيد وجريح وملايين النازحين والمهجرين قسراً، وبنية تحتية شبه مدمرة كلياً تفوق أكثر من 80%، والمعرضين للعيش تحت خطر الفقر يفوق 90% وانعدام أدنى المستويات الخدمية من الكهرباء والطاقة والأمن الغذائي والصحي الشبه معدوم والتراجع غير المسبوق لليرة السورية أمام الدولار... إلخ، اجماع بالعودة بسوريا إلى المربع الأول متجاوزين المعطيات الزمكانية.

اجتماع كان كفيل بإزاحة الستار عن الخطابات الغوغائية والوعود الخداعة، ليس هناك صراع وعداء بين الاستبداديين سوى الصراع على المصالح والمكاسب الاقتصادية، كانت ومازالت الشعوب تلك الشماعة لتمرير المشاريع والأجندات وورقة ضغط في وجه منافسة الآخر ليس الأكثر.

الجميع اليوم اجتمع على هدف واحد ليس حل الأزمة والاستجابة لتطلعات الشعب السوري، بل اجتمعوا للقضاء على من حافظ على مبادئ الثورة السورية ومثل تمثيلاً حقيقياً تطلعات الشعب السوري وحمى سوريا والإنسانية من إرهاب تنظيم داعش ووقف في وجه المشاريع الإقليمية التوسعية الاحتلالية وفي مقدمتها المشروع التركي العثماني القديم المتجدد.

بالرغم من المعطيات الكفيلة بعدم تكلل مخرجات ذاك الاجتماع الثلاثي بالنجاح والعقبات التي تحول دون ذلك، إلا أنه يبقى قاعدة أساسية التضحية بكل شيء في سبيل مواجهة التغيير وضمان السلطة، اجتماع يعود بنا بالذاكرة إلى 1998م اتفاقية أضنة تلك الاتفاقية المشؤومة والتي بموجبها كانت أولى الخطوات السماح للتركي بالتدخل في الشأن السوري ومسلسل التنازلات عن الجغرافية السورية وكانت البداية من لواء اسكندرون وميلاد جديد للعثمانية البائدة بتنفيذ الميثاق الملّي. ذاك الدستور (خارطة طريق) التي بموجبها رسمت حدود تركيا السياسية 1920 وعلى أساسها قاد اتاتورك حروب الاستقلال بعد الخسارة التي منيت بها الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.

ومسلسل التنازلات ظل مستمراً، ففي عام 2016 مئوية اتفاقية سايكس بيكو والتي بموجبها تم رسم الحدود السياسية لدول المنطقة، وتزامن مع تاريخ معركة مرج دابق (منطقة قريبة من مدينة حلب) 1516 تلك المعركة لتي انتصر في الأتراك على المماليك حيث كانت بوابة الأتراك لاحتلال والتوسع في بلاد الشام.

تركيا بموجب موقعها الجيوستراتيجي وأوراق الضغط التي تمتلكها تمكنت بتواطؤ ومؤامرة دولية ضد تطلعات الشعب الثائرة على الإرهاب من استلام وتسليم كلاً من إعزاز وجرابلس والباب من تنظيم داعش الإرهابي.

وفي عام 2018 احتلال عفرين مقابل تسليم الغوطة، وآخر منطقة كانت بموجب مسلسلات الاستلام والتسليم كانت عام 2019 احتلال كل من سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض).

واليوم حتى تتمكن سلطة أنقرة من استكمال مشروعها الميثاق الملًي بمباركة وشرعنة المجتمع الدولي تتذرع بإقامة منطقة آمنة (حدود المنطقة لأمنة هي نفس حدود ما يسمى بولاية حلب بموجب الميثاق).

هدفها أو تحقيق حلمها التاريخ، وثانياً ضرب المشروع الوطني المتمثل بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والإبقاء على الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، وثالثهما إقامة حزام من الإسلامويين في الشمال السوري ضمان لبقاء واستمرارية التدخل التركي في الشأن السوري وتحويل سوريا ككل إلى ولاية تركية مثلما عملت على ربط كل منطقة تقوم باحتلالها مباشرة بوالي تركي.

والأهم من كل ذلك يبقى ذلك الشمال الإسلاموي الإرهابي (الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش) خنجر في خاصرة الإنسانية، وورقة ضغط تركية دائمة تبتز فيه المجتمع الدولي لتمرير مصالحها، مثلما تبتز أوروبا حالياً بورقة اللاجئين السوريين.

تبقى جميع تلك المساعي تندرج في خانة الابتزاز والتنازلات إرضاء لغرور وجشع الاستبداد والديكتاتورية وقودها الشعوب، وكل ما يتم من اتخاذ خطوات إلى الآن ماهي إلا إجراءات تكتيكية وقتية للإبقاء على الأزمة لحين ضمان المصالح وليس حلول جذرية للأزمة السورية كما يقال.

يبقى الشعب السوري هو الفاصل في وضع خارطة سوريا المستقبلية لجميع السوريين، وان أي حلول مناهضة للشعب ستكون من المحال نجاحها، وما المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية الأخيرة في المناطق الخاضعة للاحتلال التركي الرافضة لأية عملية تطبيع خير برهان على ذلك.

إلا سيكون الشعب السوري لقمة سائغة للإرهابي ومجنون العظمة في ضيافة موسكو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية