الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنظمات الشعبية والنقابية بين الدور الوطني والنقابي

سلامه ابو زعيتر

2023 / 1 / 10
الحركة العمالية والنقابية


منذ نشأة المنظمات الشعبية والجماهيرية كأحد أذرع منظمة التحرير الفلسطينية الشعبية والمدنية بما تمثل من أطر نقابية تعبر عن تطلعات الشرائح والفئات الاجتماعية من قطاعات عمالية ونسوية وطلابية ومهنية متمثلة بالاتحادات المتنوعة، بهدف إرساء قواعد نظام وقانون للتنظيم الشعبي لحشد كافة القوى الفلسطينية بكفاءاتها وطاقاتها وتخصصاتها لخدمة القضية الفلسطينية والمشاركة في عملية التحرير الوطني، وهي بهذا المفهوم تمثل أطر وقوى الشعب الفلسطيني الفاعلة والعاملة والمنتشرة أينما تواجد أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات.
عملت المنظمات الشعبية والجماهيرية ومارست نشاطاتها بإشراف دائرة المنظمات الشعبية بما تمثل من اتحادات وتنظيمات قطاعية، ضمن دورها الوطني ورسالتها الوطنية بفضح ممارسة الاحتلال وتحشيد الموقف العربي والدولي لدعم القضية والموقف الفلسطيني، وساعد في ذلك التنظيمات القطاعية العربية بما تمثل من قطاعات واتحادات للمرأة والعمال والطلاب والنقابات المهنية والتي ساندت النضال الفلسطيني، واحتضنت ممثلين الأطر الشعبية لمنظمة التحرير، وقد سجلت المنظمات الشعبية عبر الاتحادات حضور فلسطيني في كافة المحافل الدولية والعربية، ونجحت في تعزيز الرواية الفلسطينية والحق الفلسطيني بالحرية والاستقلال ونقل معاناة شعبنا ممارسات الاحتلال العنصرية، وانتهاكاته لحقوق شعبنا، وعزز ذلك من التضامن الشعبي في كل انحاء العالم لصالح القضية الفلسطينية، وساهم في الانتشار الواسع لمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
استمر هذا الدور للمنظمات الشعبية ورسالتها الوطنية في خدمة القضية الفلسطينية في الخارج حتى قدوم وانشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وعودة مؤسسات منظمة التحرير للوطن، الامر الذي فرض متغيرات ووقائع جديدة على الأرض، وكان يستدعي دراستها بعمق للوقوف على كل المستجدات بشكل علمي ومنهجي لمعالجة تداعيات الحالة الجديدة، خاصة في ظل وجود مؤسسات واتحادات نقابية ومهنية تعمل في الميدان ضمن نظم ولوائح ومرجعيات قانونية وهيئات رقابية تراقب وتنظم عملها، ولها بنيتها النقابية وهياكلها الفاعلة على الأرض، وقد سجلت عبر التاريخ حضورا فاعلا لنضالاتها المطلبية والنضالية والنقابية، وهذا ما أوجد التداخلات في الادوار والصلاحيات والمهام بين أطر منظمة التحرير كمظلة وطنية وسياسية ومرجعية وطنية عادت لأرض الوطن، والاتحادات والمؤسسات النقابية القائمة والمسجلة وفق قانون، ونظام ولوائح تنظم دورها ومهامها النقابية والوظيفية وتناضل نقابيا في الميدان، وتتحمل مسؤولياتها أمام مرجعياتها وهيئات رقابية وجمعياتها العمومية، فوجدت الخلافات، وتأصلت في التنازع على الصلاحيات وزاد الصراع بشكل لم يعد مقبولا، مما زاد من شرذمة الواقع الامر الذي انعكس سلبا على المؤسسات والاتحادات وأضعف دورها ورسالتها النقابية وتمثيلها سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
لقد بذلت دائرة المنظمات الشعبية وقيادات الفصائل جهدا كبيرا في محالة توحيد وتنظيم العمل في المنظمات والاتحادات الشعبية والنقابية ضمن آليات تستطيع الموائمة بين أطر منظمة التحرير والاتحادات والنقابات القائمة لكنها اصطدمت بالظروف والانقسامات، والمصالح الضيقة، وواجهات تحديات وصراعات على المواقع بين قيادات العمل حول تقسيم وتوزيع المهام والمواقع والمسئوليات، وبالتزامن مع حالة التحريض، وتجنيد المواقف والاستقطاب وفق مصالح البعض، وعدم جديتهم للتدخل بشكل فعلي لعلاج المشكلة فهم مستفيدين من التناقضات، وأحيانا يسعون لتغذيتها بعلاقاتهم، وخاصة مع تعدد التفسيرات والمرجعيات الوطنية والقانونية للمؤسسات النقابية والاتحادات القائمة، وهذه جملة من الأسباب التي كانت تقف حجر عثرة لعلاج المشكلة، وتوحيد العمل وإنهاء الخلافات والصراعات النقابية، بالإضافة لخصوصية الحالة الفلسطينية بما تمر منعطفات ومتغيرات سياسية وصراعات مع الاحتلال في إطار عملية البناء والتحرر الوطني الفلسطيني.
لست هنا بصدد حالة التشخيص أو رصد وحصر المسببات أو تحميل المسؤوليات عن الواقع لاحد؛ إنما الهدف أن يتم اتخاذ خطوات عملية تستجيب لتوجيهات الأخ الرئيس/ أبو مازن في خطابته لأهمية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة، والاستثمار الأمثل للعنصر البشر، والكادر المهني والمختصين في تطوير المؤسسات ومأسستها ضمن معايير الحوكمة والإدارة الرشيدة، الامر الذي يدعو لاتخاذ خطوات عملية لتوحيد وتنظيم الاتحادات والمؤسسات والنقابات ومعالجة وفق الأصول والاستفادة من التجارب السابقة، وانهاء كل مظاهر الانقسامات والشرذمة النقابية وتعدد المرجعيات، وتوحيد الجهود النقابية في اطار اليات واجراءات ناظمة قادرة على تخطي الازمة وقابلة للتطبيق والاستمرار بالعطاء والعمل، وإعادة الاعتبار للمؤسسات والنقابات والاتحادات، ومأسسة كل ما هو قائم بشكل نظامي وقانوني للحفاظ على استدامة العمل وتطويره، ومعالجة مشاكل التمثيل النقابي والوطني على الصعيد الدولي، ويمكن ذلك باتخاذ عدة خطوات عملية تقوم على قاعدة الشراكة والثقة والإرادة الحقيقية للتغيير والبناء وهي التالي:
- العمل على كل قطاع شعبي ونقابي ضمن خطة خاصة تقوم على دراسة حقيقية لواقعه وخصوصيته بهدف توحيده في إطار مؤسسة ضمن مرجعية قانونية موحدة له، وهناك تجربة لنقابة المحامين سجلت بقانون، وهي ممثلة في أطر منظمة التحرير الفلسطينية، وهذ يستدعي إصدار تشريع ينظم كل إطار نقابي كمرجعية قانونية لتنظيمه.
- ضرورة اتخاذ خطوات عملية للموائمة بين دور ومهام المنظمات الشعبية والنقابية في منظمة التحرير ومؤسسات الدولة الفلسطينية، ويمكن صياغة ذلك بتوطين المنظمات الشعبية والمؤسسات والاتحادات وفق القانون وتعزيز دورها النقابي، ودمجها مع ما هو قائم بنظام ولوائح داخلية وطنية، تقوم على تنظيم القطاعات الشعبية النقابية والمهنية وفق شروط العضوية، والحريات النقابية، وعقد الانتخابات فيها على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، والتشجيع على العمل النقابي الحر والديمقراطي بعيدا عن المحاصصة الفئوية والشخصية.
- ضرورة مراعاة طبيعة النقابة المهنية وشروط عضويتها الإلزامية وارتباطها بقانون لكل مهنة ينظم مزاولتها المهنية، ووحدة التمثيل، وخصوصية النقابات العمالية التي يجب أن ينظمها قانون للنقابات العمالية عصري وفق الاتفاقيات الدولية والعربية بما يحفظ استقلاليتها وحريتها، وعضويتها طوعيتها، وهناك مدرستين لها أحدها تدعو لوحدة الحركة النقابية العمالية، والأخرى تدعو للتعددية النقابية وفي حالتنا الفلسطينية يجب ان نحدد أيهما يناسب واقعنا.
- ضرورة العمل على تشكيل لجنة محايدة من ذوي الخبرة والاختصاص للاتخاذ خطوات عملية في تنظيم الحياة النقابية والقطاعات الشعبية في إطار مؤسسات شرعية وديمقراطية مستقلة ينظمها قانون ولوائح، ويمكن العمل على توفيق أوضاع ما هو قائم كمرحلة انتقالية على أن يتم عقد انتخابات في كل إطار نقابي في مدة أقصاها عام، والعمل على انتظام الحياة الديمقراطية ودورية الانتخابات، وتفعيل هيئات الرقابة الرسمية، وفق القانون والنظام لمتابعة العمل، وبما يحافظ على حرية العمل النقابي واستقلاليته وبعدها الجماهيري والديمقراطي.
- ضرورة الاتفاق على مواصفات وسمات قيادات المرحلة القادمة في كل اتحاد شعبي ونقابي، وفي حال استثناء أي من قيادات العمل الحالية، يمكن الاستفادة من خبراتهم في مواقع قيادية او رسمية آخري، وترضيتهم بما ينهي الصراع على المواقع.
- تعزيز دور دائرة المنظمات الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية والتنسيق مع جهات الاختصاص في الحكومة لمتابعة الخطوات التنظيمية والنظامية لتوحيد الأطر النقابية والاتحادات القطاعية وفق القانون واللوائح الداخلية وتسجيلها وفق الاصول، والعمل على إصدار تشريعات تدعم ذلك.
- ضرورة أن يتم العمل لكل قطاع شعبي ومؤسسة نقابية وفق خطة تدخل تفصيلية تقوم على تحديد الاليات والإجراءات التنفيذية والخطوات العملية ضمن سقف زمني للوصول لجسم نقابي قانوني موحد قادر على تمثيل الجميع وينسجم مع التوجهات العامة ويستجيب للقانون والدستور، وهذه خطوة عملية نحو مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة، وتأتي في إطار توحيد الجهود لمواجهة سياسات الاحتلال العنصرية، والذي يحاول المس بالهوية الوطنية الفلسطينية والتشكيك بإمكانية إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
أخيرا أن الواقع يفرض علينا العمل على لإعادة الاعتبار لكل المنظمات الشعبية والمؤسسات النقابية ولدورها النقابي تزامناً مع الدور الوطني، ضمن أطار مؤسسات نقابية وقطاعية ينظمها قانون وفق حالتها وخصوصيتها، ووفق اليات ولوائح تساهم في معالجة خصوصية الجغرافيا والتمثيل في الشتات والمهجر، فالانقسامات القائمة للمؤسسات النقابية والاتحادات وصراعاتها الداخلية أضعفت دورها المطلبي والنضالي والمهني والوطني، كما واضعف ذلك العلاقات الدولية والعربية مما زاد الاستغلال للموقف الفلسطيني نتيجة التجاذبات وأضعف التمثيل الدولي، وهذا انعكس سلبا على الدور الوطني في فضح ممارسات الاحتلال وسياساته العنصرية ومخططاته الدموية وانتهاكاته لحقوق شعبنا وفي استقطاب مواقف داعمة لقضيتنا الفلسطينية.
• باحث في الشئون النقابية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجنيه الجملي بـ 50 ألف وجنيه إدريس بـ 700 .. سوق العملات ال


.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدرسة الخليل الأساسية وتعتقل الموظف




.. بأطباق المقلوبة .. طلاب هارفارد ينظمون وقفة احتجاجية من أجل


.. الفيلبين: الحر يغلق المدارس.. والسائقون يضربون احتجاجا على خ




.. البنك المركزي يعلن إجازة البنوك الأسبوع المقبل بمناسبة عيد ا