الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نثرة ليلة شتوية قصة قصيرة يناير / 2018

أمين أحمد ثابت

2023 / 1 / 11
الادب والفن


الارض . . كانت كونا فسيحا ؛ يخرج المرء من بين قومه - قليلي العدد - تحت أي عذر او حجة . . ضاربا الارض . . دون هدى . . يسترشد به ؛ يقطع البراري ، القفار . . الوديان والصحاري ، المياه - مالحة او عذبة - فراغ واسع . . يلتقط كل ما يصادفه . . للمضغ . . متى ما بدأ زاده بالزوال - جل ما يؤمل به . . ظهور اثار لديار قوم . . يسكن اليهم من عذاب السفر ؛ يجرب بعدها كل ما يمتلكه من قدرة ل . . ضمان العيش ، البقاء . . إن طابت السكنى له . . او التجهز . . لرحلة اخرى .

لم تكن هناك فيزا او تأشيرات دخول و مغادرة ؛ لم تكن هناك شروط . . أن تحل على قوم . . في أي بلد النزول ؛ حتى لو لم يكن لديك عذرا في المجيء - لك ان تبقى ما شئت . . وإن لم تكن منهم – هذا ما ظل يبعثر ذهنك في جلستك القرفصاء في ركن مظلم من حوش منزلك القديم – كم ساعة عبرت – انت كما أنك غير حاضر ل . . تدرك الوقت او حتى . . أن تشعر ببرودة ريح ليل يناير و . . هو يلسع كل ذرة من جسدك – تنمل عمودك الفقري من طول القعدة الواحدة و . . ظهرك المسنود الى جدر واجهة المنزل . . المغسول بالصقيع و . . تنملت عضلات ظهرك وعنقك واعلى كتفيك – غيرت الجلسة – لكنها تظل هي ذاتها الأولى ، كما لو كنت طفلا مرتعدا في ركن مظلم . . كي لا يراه احد – نعم فتعديل جلستك . . قطعت سباحة ذهنك في حالته من الذهون السابق ، لكنك وجدت نفسك . . منتقلا الى شرود بمتخيل تمسرحي ، أناس حولك يصغون بتلهف صامت و . . عيونهم لا تغادر تسمرها إليك و . . على شفتيك في انتظار انفراجتهما لتبدأ الحكي – تنحنحت بهمس و . . بدأت في اطلاق الصوت من حنجرتك بهدوء . . قائلا :
يحكى . . أن إمرئ ضاق به الحال . . في قومه ؛ حين لم تعد مهنته . . لا تمكنه من الرضى على حاله الذي يعيش فيه ؛ حتى مكانته تناقصت . . ليجد نفسه واسرته قد صاروا من أولئك . . الذين فقرهم . . يفقدهم قدرهم عند التعامل معهم . غادر بلدته . . خلسة - الى أية وجهة ؛ مكان أو بلدة . . لا يدري - ظل سائرا ؛ لا شيء يلوح في الافق . . له - ما يعرفه . . كثرة من الليالي المظلمة . . وانفلاق الضوء بعدها - ايام . . شهور . . لم يضع للأمر اهتمام منذ البدء - كان يعتقد . . وقت قصير . . ويجد بشرا . . يدبون في حياتهم ؛ لا عليه سوى ايجادهم. . وينغمس. . بينهم . . . . .

جاب المساحات المترامية بنظره - كان الوقت بدء نهار - هي ذاتها المشاهدات التي تنوعت . . خلال رحلته - لا اثار . . لبلدة قريبة - الجوع كان يقرص معدته . . منذ الليلة المظلمة السابقة - لم يذق . . طعاما من وقتها - كان القلق . . الخوف . . الارهاق . . يخز في جسده ونفسه - تراءت له شجرة تفاح . . تقف وحيدة - بلون خليط من الرمل والحصى - في محيط قاحل. . عن اي زرع . . تقف بعيدة . . جدا - تحسس قربة مائه - كانت اشعة الشمس عليه . . قاسية خلال رحلته الطويلة ، تفرض جفاف الفم لديه ؛ والشعور المرضي الملح . . بالظمأ . . غير قابل للارتواء - عصر قربته . . متناولا اخر ارتشاف منها . . فأرتج جسده رعبا - دفع بجسده المتهالك . . عنوة - لن اموت . . نافقا - الى مسار . . حتى ولو شجرة وحيدة - لا شيء يهم . . حتى وإن كانت في فراغ قاحل ؛ ولا اثر . . لحياة ؛ لبشري واحد ، . . حتى لطبعات اقدام قديمة على الاتربة . . الكاسية . . ذلك الفراغ .

أخيرا من بعيد . . بدى له سراب شجرة واقفة - والليل يسقط على المنطقة جانحا بعنف مباغت - هرول متلاطمة اعضاءه . . كجريح تسيل دماه هاربا تحت وآبل من الرصاص الذي يلاحقه – دنا من المكان و . . ببضع خطوات كان امامها - ما هذا ؟ ، شجرة . . متحجرة ، حتى كامل متشابكات فروعها الكثة واوراقها – كانت محاطة بضوء باهت شبحي وسط رقعة مظلمة ، لا يفرق المرء بين الفضاء ورقعة الأرض الممتدة ، لم يكن لاصبعه المنصوبة امام عينيه ببعد سنتمتر واحد . . لها أن ترى – ارتعد جسده خوفا ، . . أن تكون شجرة الشيطان ، أو يكون قد في ارض جن – يتذكر من بعض حكايا الخرافات المرعبة . . التي كانت امه تقص عليه واخوته حكايا قبل المنام – انها ذات حاله حين كان طفلا وامه توغل في قصتها تفاصيل الرعب . . في وسط شديد العتمة – كان بعد توقفها . . ينام معقوفا على نفسه تحت الدثار وغرس نفسه تحت جانب جذعها الأيمن – كانت الكوابيس تفزه من نومه اكثر من مرتين ليلا . . بعد سرد قصة مرعبة – لكنه رغم خوفه . . كان كإخوته في كل ليلة قبل المنام . . يدفع امه لاستكمال بقية الحكاية السابقة او قص واحدة جديدة – نريد أخرى اكثر رعبا . . اماه – عاد ليدرك حقيقة وجوده – كانت حالته اشد سوء من طفولته تلك . . بعد استماعه قصص الجا والشياطين – تجمدت اوصاله – تمنى لحظة . . لو انه لم يغادر بلدته وأهله ، فعيشه ذاك و . . ليس هذا الذي وقع فيه – سقط مغميا عليه . . مفارقا الحياة .

- الى متى ستجلس . . تحت البرد .
. . ادخل نام ، فالوقت بعد الثانية ليلا – عندك شغل بكره . . من ثمان الصباح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص


.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود




.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا


.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب




.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع