الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الصراصير والنووي والبنات والكاكاو وأشياء أخرى

محمد حبش كنو

2023 / 1 / 12
الادب والفن


حساسية الكاكاو مشهورة جدا حيث لا يستطيع البعض تناول الشوكولا أو شرب الكاكاو لكن ما أثار استغراب العلماء أن البعض يتحسس من الكاكاو دون أن تظهر لديه تلك الحساسية في الاختبارات ..؟؟؟!!!!

بعد البحث والتقصي تبين أن هؤلاء لديهم حساسية الصراصير حيث يستحيل منع دخول الصراصير إلى محصول الكاكاو وبالتالي تسمح الدول بطحن الكاكاو مع الصراصير على أن لا تتجاوز الصراصير نسبا كبيرة .

الصراصير تحتوي على بروتينات عالية الجودة ولذلك يأكلونها في الصين وبعض الدول الأخرى مقلية ومشوية وتكون مقرمشة وذات طعم لذيذ حسب المتذوقين وعموما ليس الصينيون وحدهم من يأكلونها فكلنا أكلناها فليس فينا واحد لم يأكل الشوكولا أو يشرب من منتجات الكاكاو .

تخاف كل البنات من الصراصير بشكل مفزع يصل حد الهلع والصراخ وربما نوبة إغماء وقد حاول الباحثون فهم هذه المعضلة وهناك دراسات كثيرة حول ذلك والسبب أن الصرصور لا يعض ولا يقرص وليس ساما مثل الكثير من الحشرات ورغم ذلك ترتعب منه الفتيات .

ما يثير الاستغراب أكثر أن أي فتاة إذا رأت عقربا فإنها تقتله غالبا بكل شجاعة بينما تنتفض كهرة مرعوبة إذا رأت صرصورا يقترب منها والغريب أكثر أن هذا موجود في جينات النساء حول العالم أجمع بمختلف الأعراق والثقافات فما السبب ..؟؟؟؟

حاول العلماء وضع بعض التفسيرات منها أن ذلك يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ حيث إن الخوف من الحشرات حمى النساء وأولادهن من المخاطر لكن هذا ليس تفسيرا مقنعا فخوف النساء لا يشمل جميع الحشرات بينما يكون العنكبوت والصرصور على رأس القائمة .

بعض التفسيرات تقول بأنها حالة اجتماعية وليست جينية فالطفلة الرضيعة لا تخاف من الصراصير بل تحاول استكشافها ولمسها لكن مع مرور الزمن حين ترى خوف النساء الأكبر سنا من الصراصير يتولد لديها ذلك الرعب تدريجيا بمعنى أوضح كل جيل يورث للجيل الآخر تلك المخاوف .

بعض التفسيرات تدعي أن هذا الخوف مصطنع حيث تحاول الفتاة أن تبدو لطيفة وكيوت لكن هذا التفسير غير مقنع أيضا فأمام حشرات أخرى لا تصطنع النساء ذلك وفوق ذلك هناك رعب حقيقي غير مصطنع في مختلف الشعوب والثقافات .

شخصيا أرى أن الموضوع له عمق نفسي ارتباطي بمعنى أن البنات يربطنها لا إراديا بشيء آخر شبيه ألا وهو الرجل المغتصب أو المتحرش أما لماذا يبدو الصرصور متحرشا فلأن شورابه الطويلة وحركاته الغريبة وهو يقترب يوحي للفتاة أن هناك متحرشا يهاجمها فيولد لديها ذلك الرعب .

ما يدعم نظريتي أكثر أن هذا الخوف يتلاشى لدى المتزوجات فالخوف مرتبط بالبنات أكثر وذلك لأن النساء المتزوجات لا يخفن من الرجل المتحرش لأنهن جربن عالم الرجال وأصبحن أكثر قدرة للتعامل معه .

قلت في نفسي ذات مرة لو أن الأمر كذلك فلا بد أن فتيات الليل لا تخشين الصراصير أبدا وذلك لجرأتهن وعدم خوفهن من التحرش وعالم الرجل المتربص وكان لا بد أن أسأل هذه الفئة حتى أتأكد .

لأن لدي فضول المعرفة قمت بسؤال هذه الفئة وبالفعل تأكدت نظريتي حيث إن الغالبية العظمى من فتيات الليل لا ترتعبن أبدا من الصراصير وتسحقنها بأحذيتهن بكل برود .

يقول الفيلسوف نيتشه إن القيم ترتبط بالجمال ولذلك نحزن على موت الفراشة ونفرح لمقتل الصرصور ويقول أحمد شوقي عن نملة كسولة :

فخرجت الى التماس القوت
وجعلت تطوف بالبيوت
تقول : هل من نملة تقية
تجود بالقوت على الوليه
فصاحت الجارات ياللعار
اتشحذ النمله كالصرصار

الصرصور إذن هو رمز للتحقير ولذلك كان الجيش النازي يطلق لفظة الصراصير على المساجين حتى يسهل على الجنود قتلهم .

حقيقة لا أعلم أين أخذنا الموضوع ولماذا كتبت عن عالم الصراصير لكن أحب أن أذكر كل الفتيات اللاتي تعشقن الشوكولا أنكن تأكلن الصراصير كل مرة تلتهمن فيه لوح شوكولا لكن بنسب ضعيفة .. ربما جزءا من شنب الصرصور .

لكن لا تتركن الشوكولا لمجرد منشور عابر فهي مفيدة وتحسن المزاج وترفع الدوبامين خاصة إذا علمتن أننا جميعا نأكل أشياء عجيبة وغريبة كل يوم .

في العصر الحديث كل إنسان يستهلك ما يعادل بطاقة هوية من البلاستيك أسبوعيا وهي كمية كبيرة لا تستطيع الكبد التعامل معها ولذلك أصبحت أمراض الكبد أكثر انتشارا عما سبق .

كل الأسماك البحرية خاصة الكبيرة ملوثة بالزئبق ونحن نتناول الزئبق وهو أيضا يشكل عبئا على الكبد لكن هناك ملوثات أخرى كثيرة نتناولها بسبب مخلفات الحروب التي تلوث المياه والتربة والأجواء .

دولة السويد أسكنت المهاجرين في الشمال وهي مناطق ملوثة بالإشعاع النووي وكل من أجرى فحوصا هناك تبين وجود نسبة كبيرة من المعادن الثقيلة في دمهم علما أن دولة السويد لم تخبرهم بذلك ولذلك لدى أغلب سكان الشمال تلف في الغدة الدرقية .

في سوريا تلوث كل شيء بسبب مخلفات الحرب وفي أوكرانيا سابقا كانت تشرنوبل التي لوثت أجزاء ضخمة من أوروبا وحاليا هناك حروب تلوث الأخضر واليابس .

المثير للدهشة أن الصرصور الذي يتواجد على الأرض منذ أيام الديناصورات لم يتأثر بالإشعاعات النووية التي خلفتها كارثة تشرنوبل .

البشر يعانون اليوم من مشاكل المناخ والتلوث ومخلفات الحروب وتراكم البلاستيك في المحيطات ورغم ذلك لا يتعظون ويزدادون حبا في التدمير والتخريب .

يوم القيامة ليس قدرا إلهيا ولكنه سيكون يوما ما صناعة بشرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة