الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضاءة على رواية: إلى أن يُزهر الصّبّار

ريتا عودة

2023 / 1 / 12
الادب والفن


"عندما ينتصر الحبّ.. يُزهر الصّبّار"

الأديبة النّصراويّة ريتا عودة تفاجئنا دائما بكلّ ما هو مختلف... فاجأتنا في الشعر، وها هي تفاجئنا في روايتها الأولى: "إلى أن يُزهر الصّبّار".

بلغة سلسة شاعريّة وبلا مقدّمات تقدّم ريتا نفسها كروائيّة متمكنة تتقن صياغة الكلمات... تتقنها للدرجة التي تجعل القارئ يشعر أنّه أمام قصيدة شعريّة وليس نصًّا نثريا.

يتداخل الشّعري مع النثري بحيث تذوب الفوارق بينهما خصوصا وأنّ الروائيّة -وبذكاء شديد-اعتمدت الجمل القصيرة والومضات الشّعريّة الكثيفة التّعبير.

قدّمت ريتا روايتها على ألسنة أبطالها الثلاثة: آدم، حوّاء وحياة وجعلت كلّ منهم يروي ذات الحكاية من وجهة نظره، لكنّها وهي الكاتبة الأنثى، لم تكن محايدة خلال عمليّة السّرد. استطاعت أن تسرد على ألسنة رواتها الثلاثة كلّ ما تريده من أفكار ورؤى ووجهات نظر، خصوصا فيما يتعلّق بالحياة والحبّ والموقف تجاه ما يحدث في المجتمع.

أشارت ريتا أيضا إلى المسكوت عنه في مجتمعها، خاصة قضيّة زواج المسيحيّة من مسلم وما يكتنف هذه القضيّة من متاعب وتحديّات ولعلّها هنا كانت تقدّم تجربة شخصيّة إلى حدّ ما.

نحن أمام رواية مركّبة رغم بساطتها الظاهرة. يتداخل فيها الحبّ مع الحقد والحياة مع الموت والطمع مع الزهد، لكنّها رواية تفيض بالعشق. بل لعلّها حكاية العشق الأزليّة منذ خلق الله آدم وحوّاء إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها. هي رواية تنبض بالرّومانسيّة لتعيدنا إلى أجواء كبار الكُتَّاب والشّعراء.

وأنت تقرأ ريتا عودة تجد نفسكَ مرغما، تستعيد في الذّاكرة" الأرض الخراب" لإليوت و"أوراق العشب" ل والت ويتمان و " الجبل السّريّ" لتوماس مان، بل تجد في بعض أجزاء الرواية عوالم غرائبيّة تُشبه إلى حدّ بعيد عوالم فرانز كافكا !!!

تُركِّز الكاتبة على معنى الوجود مقترنا بالحبّ. تتحدّث باستفاضة على لسان أبطالها عن الحُبّ بصفته المُعادل الموضوعي للحياة. لكنّها لا تنسى في خضمّ ذلك أن تؤكّد على فكرتها الأساسيّة التي تنضح بها سطور الرواية وهي انّ حبّ الأرض والوطن ينتصر على أيّ حُبّ آخَر.

ثمّة مسألة أخرى مهمّة تجدر الإشارة إليها: ممّا لا شكّ فيه أنّ الكاتبة لديها إلمام واضح بعلم النّفس فقد استطاعت ببراعة شديدة أن تتغلغل في أعماق أبطالها لتُخرج لنا كلّ ما يختلج فيها من صراعات وتحدّيات ومشاعر.

تشعر وأنتَ تقرأ الرّواية أنّ الشّخوص كائنات حقيقيّة، كائنات من لحم ودم. تكاد تشعر بأنفاس حوّاء واختلاجات حياة وعذابات آدم. قدّمت ريتا أبطالها على طريقة كبار الكتّاب. لم تترك ثغرة في تكوين شخصياتها إلاّ أغلقتها لتأتي الشّخصيات مكتملة وناضجة وحقيقيّة إلى حدّ بعيد.

باختصار، نحن أمام رواية مدهشة، يتّضح فيها إسقاط الأسطوري على الواقعي، والديني على الخرافي، فقد وظّفت الكاتبة باحترافيّة عالية قصة الخَلق لتقدّم رؤية مذهلة اختلط فيها العاطفي بالوطني والخاص بالعام.

جاءت الرواية متفرّدة في لغتها الشعرية والشّاعريّة لتؤكّد للقارئ أنّه أمام كاتبة متمكنة من أدواتها ومن قدرتها على السّرد المبني على خلفيّة ثقافيّة متميّزة جدًّا.

بالتأكيد، نحن أمام رواية مختلفة، يتداخل فيها التّجريبي مع الكلاسيكي والشّعري مع النّثري فيبدو النّصّ كأنّه قصيدة طويلة.

إنّها رواية تنم عن ملكة أدبيّة راقية، وعن كاتبة تشقّ طريقها بثقة لتكون في صدارة الكاتبات العربيّات.

=========================

رواية: إلى أن يزهر الصّبّار// الأديبة ريتا عودة، حيفا
اضاءة على الرواية// بقلم الروائي بسام ابو شاويش ، غزّة

11.1.2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في