الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيار الديمقراطي هل يلتقط الفرصة هذه المرة؟؟

محسن أبو رمضان

2006 / 10 / 12
القضية الفلسطينية


الاستقطاب الدائر بالساحة الفلسطينية بين كل من حركتي حماس وفتح ، وحالة الاحتكاكات الإعلامية والميدانية و الوظيفية بينهما، ووصول القطاعات الشعبية الواسعة والأغلبية الصامتة إلى قناعة لطبيعة هذا الصراع بما أنه صراع على السلطة والقدرة والنفوذ أساساً مع مضامين سياسية ، نتيجة تباين الاجتهادات بالرؤيا والتوجهات .
حيث أن هذا الصراع أخر قضية الانتماء الوطني لصالح الخصوصية الحزبية والفصائلية والفئوية في وقت غير صحيح ، حيث أن الجميع ما زال في دائرة الاستهداف ولا يوجد تسوية باشتراطات محددة يمكن الاختلاف أو الاجتهاد بصددها ،كما أن هناك شبه اتفاق على ضرورة التهدئة واستخدام الآليات الديمقراطية بالانتخابات والتداول السلمي ، وكذلك باتجاه ضبط حالة الاحتقان ضمن احترام الرأي والرأي الآخر( ثقافة الاختلاف ) وحقوق الفئات الاجتماعية ومطالبتها بالإضافة إلى الهدف السياسي العام الرامي إلى إقامة دولة مستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 67 .
إن هذا الاستقطاب ذو الطابع السياسي والقائم على النفوذ والقوة ، عمق من حالة التهميش التي تعيشها القوى الوسيطة أي تلك القوى التي تقع بالمنتصف ما بين تياري حركة حماس وحركة فتح ، خاصة أن لهذه القوى باختلاف نسبية اجتهادات أخرى تقوم على رفض منهج إدارة الصراع والإدارة المالية والسياسية والقانونية التي قامت بها حركة فتح في إطار قيادتها للمرحلة السياسية التي ابتدأت منذ عام 94 وصولاً للانتخابات التشريعية الثانية ،كما يوجد لديها ملاحظات تجاه الرؤية والأداء والتوجهات والسياسات التي تقوم بها حركة حماس من حيث عدم ترجمة شعار الشراكة السياسية ، ومن حيث استنساخ النموذج السابق بالحكم خاصة فيما يتعلق بالتوظيف السياسي للبنى الوزارية والمؤسساتية الرسمية ، ومن حيث استمرارية حالة الفلتان الأمني وبهتان القانون في إطار عمق من قلق المواطن وارتفعت بموجبه معدلات الراغبين بالهجرة حسب استطلاعات الرأي المختلفة بنسب غير مسبوقة وصلت إلى 44 % وخاصة من جيل الشباب الذي بدأ يفقد الأمل بالمستقبل والرهان عليه بالإضافة إلى عدم اليقين من الغد بسبب تفسخ وحدة نسيج المجتمع الداخلي وفقدان الموارد والفرص وانسداد الخيارات .
ومن المناسب التركيز على أن الرؤية التي تقع بالمنتصف يجب أن تستند إلى أسس ومحددات الهوية الوطنية الفلسطينية أساسا دون السماح لحالة الجغرافية السياسية بأن تسقط نفسها على مسار العملية الوطنية والكفاحية التي يجب أن تصب و تظل مشدودة لهدف التحرر الوطني والاستقلال ، وهذا لا يمنع من التحالفات الإقليمية والدولية بما يساهم في تحقيق الهدف وليس عبر التعامل مع الملف الفلسطيني كورقة بالمعادلة الإقليمية أو غيرها .
أعتقد أن نواة تيار الوسط يجب أن ترتكز إلى الأسس الوطنية والديمقراطية والاجتماعية بترابطها الجدلي ، ومن الهام في هذا السياق العمل على استقطاب كافة الروافد لتصب في نهر التيار الديمقراطي المنشود الذي من الضرورة أن يضم إلى جانب القوى السياسية ،كفاءات وطنية ، شخصيات أكاديمية ، ومهنية وإعلامية مختلفة ، على قاعدة العمل على تعظيم قوة ونفوذ هذا التيار والعمل على صقله وبلورته وبالمقابل المساهمة باختطاط رؤية سياسية واجتماعية وحقوقية مختلفة .
لم يعد من المجدي على قوى التيار الديمقراطي الذي يقع بالمنتصف لعب دور الوسيط فقط فإلى جانب هذا الدور الوحدوي الهام ، من الضروري العمل على رسم معالم البرنامج والرؤية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمجتمع ، تظهر مدى تميز هذا البرنامج واختلافه عن ما هو سائد وذلك بواسطة جذب العناصر والأفراد والفئات الاجتماعية المتضررة من حالة الاستقطاب الحاد وانعكاسات ذلك على إبراز بعض المظاهر السلبية بالمجتمع مثل الزبائنية والفئوية والتوجه السياسي بناءً على تقديرات لأمور المصلحة الحزبية الخاصة دون الربط بالهم الوطني وبالانشداد إلى بوصلة التحرر والانعتاق والاستقلال الوطني أساسا ،حيث أن غياب الانشداد لهذه البوصلة يعكس في أحد أبعاده طبيعة الثقافة الحزبية والسياسية التي تتعامل مع الحزب كهدف بحد ذاته وليس كوسيلة لتحقيق الهدف الوطني، الأمر الذي يقود إلى تعظيم النفوذ الذاتي والمكانة الحزبية ولا يقود بالضرورة إلى الاقتراب من تحقيق الهدف الوطني .
ومن الضروري الإشارة في هذا السياق إلى دور منظمات العمل الأهلي ، حيث بات من الضروري أن تكون أحد الروافد الهامة في سياق العمل على بلورة وبناء التيار الديمقراطي المنشود ، فلم تعد صالحة مقولة مهنية وحيادية العمل الأهلي وعدم تدخله بالأمور السياسية ،خاصة في ظل حالة الاستقطاب السياسي الحاد بالمجتمع ،صحيح أن جهد العمل الأهلي مبنى على أسس التنمية وتقديم الخدمات وتنفيذ المشاريع واحتضان الفئات الاجتماعية المهمشة والضعيفة ، ولكن الصحيح كذلك يقتضى بربط تلك الأنشطة والفاعليات بما يشمل أنشطة الضغط والمناصرة وتوطين ثقافة الحقوق بدلاً من الثقافة الاغاثية والاتكالية والارتباط ببوصلة سياسية جمعية ناظمة ألا وهي التيار الديمقراطي المطلوب ، وهذا يتطلب إزالة غبار النخبوية عن بعض المؤسسات الأهلية المؤمنة بالخيار والتوجه الديمقراطي وإعادة صياغة العلاقة مع الفئات الاجتماعية على أسس من المشاركة والديمقراطية كما تتطلب ضرورة تمكين وتقوية وتوسيع نفوذ ورقعة العمل الأهلي بما يشمل منظمات المجتمع المدني التي تلتقي في الرؤية المبنية على إقامة المجتمع المدني الديمقراطي الذي يحترم الحريات وحقوق الإنسان في إطار استمرارية التمسك بهدف التحرر الوطني والاستقلال .
إن العمل على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني ( الأسرى ) ربما يشكل قاعدة أساس وصالحة لقوى التيار الديمقراطي على اختلاف مشاربه وفاعلياته بالإضافة إلى البعدين الديمقراطي والاجتماعي ، ومن المناسب التحرك الآن وبصورة عاجلة لتشكيل لجنة مركزة أو تنسيقية لتقوم بتنظيم العديد من الفاعليات والأنشطة والمؤتمرات في المواقع المختلفة بهدف العمل على وضع حد وعبر إشراك وإرادة الجماهير لأية احتمالات سلبية لحدوث اقتتال داخلي بالإضافة إلى أن هذا الجهد سيساهم بالضرورة باختطاط منهجاً جديداً بالمجتمع مبني على الحقوق الوطنية ( وثيقة الأسرى ) وقائم على الديمقراطية و الحرية والمشاركة ومستنداً إلى مصالح الفئات الاجتماعية المهمشة إضافة إلى مفاهيم المواطنة المتكافئة والمتساوية وفق أسس سيادة القانون .
إن صمت قوى التيار الديمقراطي يشكل مؤشراً مقلقاً كما أن التحركات النخبوية عبر بعض الشخصيات دون ربط ذلك بالجهد الشعبي العميق لا يساعد في بناء وترسيخ هذا التيار الذي من غير الممكن أن ينجح ويتعزز دون العمل الشعبي بجهد منظم قائم على وحدة إدارة العمل ، فهل تستطيع قوى التيار الديمقراطي التقاط الفرصة هذه المرة وعدم إضاعتها كالمرات السابقة ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا