الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرايا الغياب/ سليمان النجاب6

محمود شقير

2023 / 1 / 12
الادب والفن


عانى سليمان معاناة غير قليلة، أثناء دخوله طرفاً في الخلاف داخل الحزب الشيوعي الأردني. لكنه ظل معنياً بالمحافظة على العلاقات الإنسانية بينه وبين أعضاء الحزب الذين اختلف معهم، رغم صعوبة الوصول إلى معادلة مناسبة في هذا المجال، حيث كانت الخلافات السياسية آنذاك تنعكس على العلاقات الشخصية وتطبعها بطابعها. كانت الأحزاب الشيوعية في تلك الفترة تسير وفقاً لمبدأ صارم في معالجة الخلافات، لا يعرف الديمقراطية ولا يقر بجواز الاختلاف في وجهات النظر داخل الحزب الواحد، وذلك حفاظاً على وحدته. إلا أن هذا الحرص الزائد لم يمنع الانشقاقات التي حدثت في هذا الحزب أو ذاك.
وحينما أصبح سليمان عضواً في قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني، شعر بأن هماً كبيراً انزاح عن كاهله، لأن عضويته في قيادة الحزب الشيوعي الأردني جمدت في وقت سابق. انطلق ينشط لمصلحة الحزب الجديد، وترك خلف ظهره كل الخلافات السابقة، بل إنه سعى من أجل خلق أفضل العلاقات بين الحزبين الشقيقين في كل من الأردن وفلسطين.
غير أن معاناة من نوع آخر واجهت سليمان بعد أسابيع من تشكيل الحزب الجديد. فقد ظهرت اعتراضات على البيان التأسيسي للحزب، في بيروت وفي مواقع طلابية عديدة في الاتحاد السوفياتي وبعض بلدان أوروبا الشرقية. كان عربي عواد على تماس مباشر مع قيادة الثورة الفلسطينية، وقد تعززت قناعته بأن الكفاح المسلح هو الأكثر جدوى لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال. ولم يكن متحمساً لتوجهات الحزب الجديد كما عبر عنها البيان التأسيسي. وراح يطرح في مرحلة من المراحل فكرة حزب واحد يقاد من مركزين أحدهما في القدس والآخر في بيروت.
وكان نعيم الأشهب مقيماً في براغ، وقد لعب دوراً ملموساً في إدخال الحزب إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وفي تعزيز الاتجاه الداعي إلى تشكيل حزب شيوعي فلسطيني مستقل عن الحزب الشيوعي الأردني. إلا أن انفجار الخلافات في الخارج، دفع قيادة الحزب في الداخل إلى تكليف سليمان النجاب بمغادرة عمان، لمعالجة الأزمة الناشئة، باعتباره قائداً لفرع الحزب في الخارج (ظل كذلك حتى أصبح عضواً في اللجنة التنيفيذية للمنظمة، ثم أخذ نعيم الأشهب مكانه في قيادة الفرع).
غادر سليمان عمان إلى دمشق، وأقام فيها توطئة لممارسة مهامه القيادية انطلاقاً منها، ثم تبعه محمد أبو شمعة، الذي كان عضواً في قيادة الحزب الشيوعي الأردني، قضى في سجن المحطة بعمان خمس سنوات، خرج بعدها، لينضم إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني (عرفت منه في ما بعد أنه اتفق مع سليمان في إحدى زياراته له في السجن على انضمامه للحزب الجديد، وإبقاء ذلك سراً بينهما إلى ما بعد خروجه من السجن)، وليغادر إلى دمشق، ليصبح المسؤول التنظيمي والمالي لفرع الحزب في الخارج، الموزع على عدد من البلدان العربية والأجنبية.
أثناء إقامة سليمان في دمشق، في الأشهر الأولى تحديداً، مات والده في عمان. نقلنا جثمانه من المستشفى إلى بيت ابنه الكبير عبد الرحمن، ثم شيعناه إلى الجسر، ليعبر الحدود وليدفن هناك في الوطن، على مسافة قريبة من البيت، قريباً من قبر زوجته (في المكان نفسه سيكون قبر لسليمان أيضاً، بعد سنوات).لم يتمكن سليمان من القدوم إلى عمان لحضور جنازة والده ولتقبل العزاء فيه. اتصلنا به هاتفياً وقدمنا له على الهاتف واجب العزاء (كان سليمان يدرك أنه يكبد أسرته كثيراً من المعاناة بسبب الطريق الذي اختاره، وها هو ذا يحاول عبر رسائله إلى والديه وإلى زوجته وأطفاله، تعويضهم بعض الشيء عن غيابه القسري الذي يمتد فترات ليست قصيرة بأي حال).
ولم ألتق سليمان إلا بعد ذلك بأربع سنوات.
يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا