الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاطرة في ميزان شعار: الشعب يريد اسقاط النظام...

عمران مختار حاضري

2023 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


خاطرة في ميزان شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" ... !
*لكن هل عرف الشعب ماذا يريد و كيف السبيل الى تجسيد إرادته !؟ وهل عرفت جل النخب ماذا يريد الشعب !؟...
* لا شك في أن الشعار الأكثر شهرة و الأكثر ترديدا في المدن و الساحات و هو عينه من أكثر الشعارات جذرية و انتشاراً ...! لكن بات جليا بعد أكثر من عشر سنوات على إندلاع الثورة في تونس أن هذا الشعار ينطوي على لغز سياسي بالغ الأهمية و التعقيد حيث لم يرتقي إلى تشخيصه و تجسيده لا الشعب و لا النخب...!!!
* فالشعب المنتفض يريد تغييرا جذريا و لكن لم يعرف كيف السبيل الى هذا التغيير الجذري المنشود الذي يطال كلية المنظومة القديمة المتازمة التي اكتوى بنار سياساتها التبعية، الاقتصادية والاجتماعية التي ذبحت مقدرته الشرائية و اعتدت على أسباب عيشه و لم يعرف كيف ينظم نفسه مسنودا بالاطياف التقدمية الناهضة و الديموقراطية الثورية في نواتات بديلة عن المنظومة النيوليبرالية التبعية الحاكمة، لتكرس هيمنتها البديلة في المجتمع و أجهزة الدولة حسب المفهوم الغرامشي بحيث يسقط النظام مع المحافظة على إستمرار الأجهزة الأساسية و الخدمية للدولة و هذا مرهون بقدرة الشعب و الأطياف التقدمية و الثورية على تحقيق هيمنة سياسية وطنية ثقافية مدنية حداثية تقدمية ديموقراطية شعبية،،، مضادة لهيمنة الطبقة السائدة و النظام القائم و احيائها قبل أن تتلاشى في مرحلة الثورة المضادة... ! (و للتذكير هذا ما حصل في تونس من مظاهر الثورة المضادة ، لما ناورت إدارة باراك أوباما آنذاك من أجل تمكين الاسلامويين من السلطة و التحالف مع قطب بقايا النظام القديم،،، و إحياء الجسور الممتدة بين الإدارة الأمريكية لسنوات والتي ساهم في تمتينها ما يسمى ب "مركز الدراسات في الإسلام و الديموقراطية" الذي كان يحظى بدعم الكونجرس الأمريكي و بعض المنظمات المتصهينة مثل "ايباك" ... و ذلك عبر سحب البساط من الثورة و "المجلس الوطني لحماية الثورة" و الإسراع بالعملية الانتخابية بالتنسيق مع بعض رموز المنظومة القديمة المدنية و العسكرية و بعث هيكل موازي فيما بات يعرف "بهيئة عياض بن عاشور" سيئة الذكر و التي هرولت لها كافة الأطياف السياسية و المدنية المتلبرلة إلا ما ندر و بالتالي تم التناور والتآمر على الثورة وهي في بدايتها و كسر إرادة الشعب المنتفض في مراكمة وعيه و الالتحام بأصدقائه الحقيقيين المنتصرين للعمال و فقراء الفلاحين و المهمشين و لعموم الشعب الكادح و انتظاراته و للثورة و مطالبها و للوطن و سيادته ... و ضرب الثورة في المقتل و محاولة حشرها في سقف ليبرالي ، انتخابي ملوث بالمال السياسي الفاسد و الدعم الإعلامي و اللوجستي و المنصات الالكترونية و شعارات ضبابية ملتبسة حول "دولة مدنية" تبعية شكلانية مزيفة، عاجزة فاشلة، بين رواد الاسلام السياسي و حلفائهم من الحداثويين الزائفين المشوهين... يسيرها صندوق النقد الدولي بتنسيق غير معلن مع "المعهد العربي لرؤساء المؤسسات" الذي تأسس في 1984 من أجل التوغل في النهج الاقتصادي النيوليبرالي و ما تسمى ب" اللجنة التوجيهية للاقتصاد" التي انبعث منذ 2014 في البنك المركزي و التي تشمل 16 عضوا بهدف صياغة البرنامج الاقتصادي 2016/2020 و الغريب وليس في الحقيقة بغريب أن من بين الاعضاء السفير الفرنسي آنذاك و المدير العام للخزينة العمومية الفرنسية و ممثل عن الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى وزير الاقتصاد والمالية آنذاك بعد منح " استقلالية البنك المركزي" بتوصيات من صندوق النقد الدولي الكارثية...!!! *هذه العوامل و غيرها هي التي أفضت إلى هكذا أوضاع مزرية و أزمة معيشية طاحنة و أفرزت منظومة "الاستبداد المنتخب" العدوانية الغنائمية التقشفية الفاشلة في ظل كافة الحكومات المتعاقبة إلى الآن ،،، بمختلف تمثلاتها و مكوناتها الحداثوية المشوهة الزائفة كما الاسلاموية الإخوانية كما الشعبوية المقاصدية المحافظة التي تستفرد بالحكم ، حيث الرئيس يتصرف في شعار الشعب يريد كأنه " مالك عقاري للشعار"...! و يتخذ منه غطاءا تمويهيا لمشروعه السياسي الخاص في ظاهرة شبيهة ب "البونابرتية" في علاقة بالثورة الفرنسية،،، حيث يحكم بأمره عن طريق المراسيم بعد اءلغاء دستور2014 و تجميع كافة السلطات التنفيذية و التشريعية والقضائية ثم تمرير دستوره الخاص بغطاء مهزلة الاستشارة الالكترونيه وصولا إلى مهزلة الانتخابات 17 ديسمبر2022 ، المنتحلة لصفة التشريعية، و المضي قدماً في تمرير مشروعه الشعبوي المقاصدي الخاص المتدثر بفقه الآيات و جزمة البوليس و الجنرالات... و إصدار مرسوم 54 سيء الذكر الذي ينتهك حرية التعبير المنجز النسبي المحدود و الوحيد للثورة و تحويل شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" من دليل شرف إلى دليل إدانة... !!! فكل الذين حكموا إلى الآن هم تبعيون نويوليبراليون مهما اختلفت زوايا النظر و حافظوا بكل سماجة وتعنت و غباء ، على نفس الخيارات القديمة المتازمة التي ثار ضدها الشعب و على نفس المنوال التنموي التبعي الريعي الخدمي البنكي خدمة لمصالحهم و مصالح أقلية كمبرادورية رثة ...)...
*بالتالي هم من نفس التشكيل الطبقي بتعبيرات سياسية متنوعة و من نفس المنظومة ، و صراعاتهم هي صراعات أجنحة داخل نفس المنظومة ولا مصلحة للشعب التونسي فيها،،،و جميعهم يلتقي حول نحر الشعب و الوطن على مذبح شهوات الحكم و يتوحدون في حرف التناقض الرئيسي في المجتمع عن جوهره الحقيقي ، هم يجرونك إلى نقاشات ثانوية و متاهات و مهاترات ،،، و على استعداد أن يناقشوا قضايا عقدية عابرة للتاريخ و البحث في جنس الملائكة ، لكن لا استعداد لهم إطلاقا المساس بالخيارات التبعية التبعية الرثة و أزمة النمط الإقتصادي المهيمن في المجتمع...!
* و نخب تقدمية انتصرت للثورة و ساهمت فيها من موقع متقدم لكن لم تكن جاهزة لقيادتها و اقتناص اللحظة التاريخية... ! و نخب أخرى تلبرلت حتى النخاع و أسقطت الثورة من اهتمامها و اكتفت بالرهان على السقف الليبرالي و الانحسار في الجانب السياسي على أهميته و شموليته طبعاً و إهمال الجانب الاقتصادي والاجتماعي... و الاكتفاء بالنشاط ضمن المربع المسموح به و بشروط منظومة الحكم و تحولت إلى مجرد معارضة انتخابوية و " علمانية" في أفضل حالاتها و نزعت عن جسمها "الشوكة الثورية" و كأن الثورة رديف للفوضى" و "الهمجية"و نقيض للديموقراطية في حين أن الثورة هي أعلى مراحل الديموقراطية كما يؤكد المفكر المبدع هشام غصيب ... ! و تناست أن نظام بن علي الدكتاتوري الذي ثار ضده الشعب لم يكن نظاماً دينياً و أن الدولة المدنية الشكلانية في ظل التبعية لا تختلف جوهريا مع الدولة الدينية في طابعها الطبقي و اعتمادها السياسات التبعية النيوليبرالية و الخيارات الكبرى التقشفية العدوانية بحق العمال و المفقرين و عموم الشعب الكادح و الوطن و لو اختلفت زوايا النظر...!
* وبالتالي الثورة لم تنته ولن تنتهي إلا بتحقيق مطالبها و هي مستمرة رغم حالات السكون و تعثر المسار... و بحاجة ماسة إلى احيائها و عدم إخماد الصراع الاجتماعي و حرفه عن جوهره الحقيقي و إلى قيادة منظمة قادرة على تاطيرها و تنظيمها و حمايتها في كافة منعطفاتها و توحيد طاقاتها الذاتية و تصحيح مساراتها حتى إدراك التغيير الجذري المنشود شعبيا و السعي الواعي إلى تجاوز العفوية و بلورة رؤية استراتيجية بديلة تقطع مع الخيارات القديمة التبعية المتازمة و صياغة التكتيكات المناسبة و بلورة البدائل و " تربيع المعركة": عبر تشييد قطب رابع وطني تقدمي ديموقراطي شعبي تحرري على نفس المسافة من قطب بقايا النظام القديم و قطب الاسلام السياسي و قطب الشعبوية الطوباوية المحافظة،،، و الاستعداد الفكري و السياسي و التنظيمي لتوجيه طاقة الاحتجاجات الشعبية صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا خارج فزاعات التخويف من" إنهيار الدولة"،،، و السقوف المنخفضة و التسويات و المبادرات الحواراية و الحلول الترقيعية الهشة و الشعارات الضبابية الهلامية... !
*بالتالي، الشعب يريد تغييرا جذريا لتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية أساساً التي ثار من أجلها، نتيجة أوضاعه المعيشية المزرية والتي لا سبيل إلى تحقيقها إلا خارج منظومة التبعية الريعية بمختلف مكوناتها فالشعب وصل إلى حالة غير مسبوقة من الاءفقار و التجويع و التهميش بما يجعله يحتاج ربما إلى " الوجود البيولوجي" قبل أن يتقبل " الوجود الأيديولوجي لأي من هذه الكيانات الريعية و أيديولوجياتها العدوانية بحق الشعب و الوطن مهما كانت عناوينها "...! لأن بقائها لا يزيد الشعب سوى إضافة سنوات جديده إلى عمر التجويع و التجهيل و التفقير و الإستبداد و الاستلاب... !

* كل ثورة تفرض منتهاها و منتهاها في الفوز بالحكم... !

عمران حاضري
10/1/2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل