الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل العشرون والاخير رواية لم أشرقت .. لم رجعت

مؤيد عليوي

2023 / 1 / 13
الادب والفن


الفصل العشرون والاخير """"" بين لندن ومدن الطين .. ونبضه الجديد"""

بعد أن أتمّا توقيع عقد بيع الشقة في يومهما اللندني، جلسا يتحدثان عمّا ناله محمد من تهديد في بغداد، فطلب من صاحبه أن لا يذهب معه إلى العراق حرصا عليه، رفض (زوو) طلبه بشدة وعنفه بقسوة لم يعتدها منه قطّب حاجبيه وقد انتفخت أوداجه وهو يتكلم منفعلا بحدّة ولم هدأ كأنه من شباب العراق وقد أنتفض، سكت محمد وهدأ ( زوو)ثم عرض عليه فكرته بأن لا يذهبا إلى بغداد ما دام فيها تهديد، ونصحه بالرجوع إلى النجف، كان صوت محمد هادئا غير مكترث بانفعال (زوو)، حدّثه وهو ينظر في عينيه (لقد فكرتُ بالأمر مسبقا، حتما سيلاحقونني إلى النجف فما ذنبك أنتَ، أرجو أن تبقى هنا)، فلم يقتنع (زوو) وأصر على موقفه، بقوله (سنكون معا ولا تفكر بشيء، وسنسافر غدا) ولقد حجزتُ تذكرتين قبل يومين، وموعد سفرنا إلى مطار أربيل غدا، ومن هناك نذهب للنجف بدلا من ذهابنا إلى بغداد، عندها وافق محمد على عرض (زوو) وتركه ليرتاح قليلا، ليتصل هو بعبد الله النجفي :
- صباح الخير.
- صباح الخير، شكرا أنكَ اتصلتَ، كنتَ أود الاتصال بكَ، متى تسافر إلى العراق أستاذ محمد؟.
- سأسافر غدا ولن أعود إلى لندن كما أخبرتك مسبقا .
- سفري سيكون بعدك بيومين إلى العراق من اجل الزيارة الأربعينية عند الامام الحسين عليه السلام، ثم أعود إلى لندن بعدها.
- كنتُ أود أن سألك عن مشاركة النساء النجفيات في الاحتجاجات الاخيرة، إن كانت لديك معلومة؟
- لا أعلم .. بالي مشغول فقط بالزيارة .
- شكرا جزيلا، نلتقي في النجف .. مع السلامة .
- مع السلامة وفي أمان الله .
*****
وصلا مطار النجف قادمين من أربيل، وقد جاء محمد وحده دونما ورثه من والديه، كان قد قرر شحن إرثه إلى العراق عبر شركة شحن بضائع هناك من لندن، بينما (زوو) كانت حقائبه خفيفة الحمل، خرجا من باب المطار الداخلية إلى سيارة أجرة المطار ..
رأيتُ الشخص عينه صاحب العطر الفاخر الذي قال لي في الفندق ببغداد (لا ترجع إذا وصلت لندن)، كان موجودا في مطار النجف كأنه ينتظرني، خرج معنا من باب المطار الداخلية، ونظر إلي وهو يضع على عينيه نظارة سوداء، وقال (لمَ رجعت)، وذهب إلى سيارة حديثة سوداء مظللّة الزجاج، ولم أره ثانية حتى لحظة كتابة هذه السطور من الرواية التي خلقتُ شخصياتها من طيات "دفتري السومري" والذاكرتي بعد سنوات طويلة مرّة فيها حلاوة النصر ومرارة الهزيمة وألم فقد الاصدقاء بطرق شتى، ومنذ تلك اللحظة في مطار النجف الدولي، عرفتُ إني أسلك الطريق الصحيحة، ترددتْ في وجداني كلمات الكتيب على طاولة المكتبة عندما كنتُ يومها بلندن "مادام الورى يباغتكَ في مفترق الأحاديث لمَ رجعتَ؟! فهم لا يبصرون الوطن، منافعهم تبرق بين طيات الكلام، يقلّبون الأحاديث على كل وجهة، فلا يبصرون فيها سوى أنفسهم الأمارة بالسوء، اتجاه كل ما تقوله وتتحدث به عن حبك لوطنك وللناس، وأمثال هؤلاء في كل زمان ومكان من الأرض، لكن ليست كل أرض هي الوطن بعسله وحنظله، وحتى أولئك الذين لا معنى على وجههم، ربما يتغيرون يوما وترتسم بسمة الأمل على محياهم بغدٍ أفضل للإنسان، هكذا هي الأمور نسبيّة دائماً في كل شيء سوى المطلق حرٌ منها، أرجو ألا تتسرع فيها، فكم مِن متسرع نادمٍ كما ندم الظالم على ظلمه ولات ساعة مندم"، كانت ذاكرتي السمعية تركز على كلمة الرجل عينها ( لمَ رجعْتَ) وكان صوت نرجس في نفسي يردد "أشرق.. أشرق أكثر وأقوى" زادني صوتها حماسة وقوة فقلت قولتي بل " لم اشرقت"، فمفترق الأحاديث هي مفترق الطرق، فعلا لقد ذهبَ هو في طريق وأنا في طريق مغايرة، ولا يرون إلا مصالحهم في اختيارهم الطريق التي يسلكون، لكن الذي شجعني أن أواصل عملي وأكون مع أبناء شعبي، هو صولة الحق للمتظاهرين في ساحات التظاهر السلمي، فتقدمتُ إلى الأمام بخطوات الواثق من النصر والحياة، بصدق وعزيمة لم أشهد مثلهما في حياتي السابقة، ثم اتصلتُ على خطيبتي نرجس وتحدثنا طويلا بمرح له طعم خاص، ننتظر وقت شروق شمس 25 أكتوبر تشرين 2019، الذي لم يبق له سوى ثلاثة أيام ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل