الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن كرم أهل البصرة وترحابهم بأهل الخليج في كأس الخليج

جعفر المظفر

2023 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ما أزعج صاحبي وما أفرحني
أوافق صاحبي القول أن أهل البصرة كانوا مغالين هذه المرة في كرمهم,
لكن صاحبي قبل تأكيده على أن التعبير عن الضيافة بهذا الشكل هو سلوك يدل على فقدان التوازن نسي قطعاً وعلى الأقل أن يبحث عن أسرار هذه المغالاة في عمق الوعي البصري الذي كان قد تشكل على الأقل خلال الربع قرن الأخير وخلال ما يقارب العشرين سنة من القرن الذي بعده.
إنها الفرحة البصرية الكبيرة الأولى بعد حربين كانت البصرة ساحتها وبوابتها الأولى, الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثمانية أعوام وحرب الكويت التي أكلت ما تبقى في البصرة من رؤوس النخيل, ثم بعد حصار شاركت البصرة مرارته كل العراقيين إذا بقوات الإحتلال الأمريكي وهي تمر من خلال بوابتها لتجعل من أرضها مرة ثالثة ميداناً للقهر والموت والخراب.
فلماذا إذن نعيب على أهل البصرة الرقص حتى الصباح, وهم يفعلون ذلك كمثل ذلك الذي يرقص في يوم عرسه, وخاصة حينما يلتقي مع أهله في خليجهم العربي وهو يحمل غصناً للزيتون وحمامة للسلام بعد أن وضعوا في يده البنادق والنصال.
وأدري أن صاحبي لم يكن مهتماً بإيجاد تفسير نفسي واجتماعي لطبيعة هذه المغالاة البصرية في الكرم والترحيب فثمة سبب جوهري وراء زعله, لأنه يدري قطعاُ أن هذه المغالاة لم تكن سائبة أو منفلتة عن قاعدة الوعي الرصين وإنما هي في حقيقتها تعبير عن إنتماء صارخ لأمة ووطن أرادوا له أن يتراجع ويتوارى وتنقطع جذور تواصله مع أمته وإنتماءه العربي الأكيد.
فالبصرة , هذه المدينة التي أُريدَ لشيعيتها أن تكون ضِداً لعراقيتها وعروبتها رفضت إلا أن تكون هويتها الحضارية أبعد من القبيلة والطائفة والعرق. وأراني أحسب أن المغالاة في الكرم والضيافة والترحيب كانت في مجملها إعلاناً واعياً وصاخباً عن إصرار البصرة على ان تكون حاضرة أمة وأعظم من أن تكون تابعة لدولة في الجوار.
بهذا الشكل أراد البصريون أن تصل رسالتهم أقوى من أن تحجزها رغبات وإعلام إحزاب السلطة ومافياتها القزمة التابعة والتافهة, ولهذا جاءت المغالاة قوية لكي تضمن وصول الرسالة متخطية جدار التعتيم والإستلاب والتشويه.
مغالاة البصريين يا صاحبي كانت مناسبة للإستفتاء على عراقية البصرة أولاً وعلى إنتماءها لمحيطها العربي ثانياً.
نعم, كانت الفرحة البصرية والمغالاة في الكرم بمثابة استفتاء شعبي في الهواء الطلق بعيداً عن مقص الرقيب وعيون المراقب الشاخصة من خلف الحدود وبنادق عصاباته المتجولة في أزقة الوطن والسارقة لنفطه ولأمنه.
إنها طريقة لتكريم نفسها قبل أن تكون تكريماُ لغيرها من عرب الخليج.
ولهذا غالت البصرة في تعبيرها عن الذات بعد أن مُنِعَت من التعبير عن فرحها وطيبتها وصلتها وإنتماءها العربي
إن الفرح بكل ذلك لا يمكن ان يتم إلا بشكل إستثنائي لأن اللحظة كانت إستثنائية.
حتى كأن البصري عرف كيف يتقن فن الإمساك بلحظته التاريخية الفاعلة رافضاً ان تمر دون أن يغالي بالإفصاح عنها.
وبالطريقة البصرية : المغالاة في الكرم والترحيب .. نحن العراقيون, من الشمال إلى الجنوب, هكذا نعبر عن فرحنا.
ولعل ذلك ما أزعج صاحبي
ويقيناً كان ذلك هو الذي أفرحني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة