الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للرئاسة!!!

عبد الرحمن جاسم

2006 / 10 / 12
كتابات ساخرة


وتحت تلك الصورة الكبيرة، جلسوا. كنت أمرّ يومياً عائداً من عملي، عند طريق الكفاءات أراها وأراهم؛ "عون للرئاسة" "Aoun for Presidency" كانت تقول، مزينة بصورة صاحبها المبتسم. تحتها كان أولئك الشباب يجلسون، ويشربون "أرجيلتهم"، يومياً!
اليوم تشجعت، قررت أن أسلّم عليهم، وأحدّثهم، لا لشيء، ولكن لأنني أردت أن أكون حشرياً. والحشرية يا أحبتي، قد قتلت الهرة سابقاً، كما يقول المثل الإنكليزي، ولكنها لم تفعل معي، على الأقل لغاية الآن.
اقتربت مسلماً، ولكن اقترابي كان له أثرٌ عليهم، فتضاءلت الدائرة التي كانوا يتحلقون حولها، واقتربوا مني ببطء، فاكملت سائلاً إياهم عن مكانٍ لبيع التليفونات، كنت بحاجةٍ لمفتاح كلام، ثم أتبعت سؤالي -وقبلما يجيبون- بـ"حلوة الصورة، مش هيك"، مع غمزة من طرف عيني، بلغة العارف بالأمر. وفوجئت بيدٍ تمتد لتمسك بتلابيبي، ما هو قصدك؟ كان السؤال! تمالكت نفسي وقلت، لاشي، أعجبتني الصورة، فسألتكم إن كانت جميلة، هل هناك مشكلة؟. تهدلت اليد التي كانت تمسك بقميصي، لكن الوجوه ظلت على حالها، تتطلع إلى الغريب، ولأن لهجتي غريبة، قال أحدهم، "هيدا سوري فلته"، كدت أبتسم، صار للسوريين حظوة! فعاد وسألني سوري؟ قلت له لأ، فلسطيني. فقال لي، لِمَ لم تقل من البداية، لقد أخفتنا. وفجأة اتسعت الدائرة، وعاد تدخين "الأرجيلة" للظهور.
فتساءلت، فأجابوني بأنهم اعتقدوا بأنني "تحري"! وصحيح أنهم يعرفون كل "التحريين" في المنطقة، لكنهم ظنوني جديداً. وزاد استغرابي، تمسكون بتلابيب تحري؟ وتكادون تضربونه؟ لا، نحن نمسك به نضربه لكي نعرّفه علينا، وبعدها نعتذر له، أجابني أحدهم وكان يدعى بحسن. قلت لهم أني صحافي، لكنني خارج عملي، ففرحوا، ولا أعرف لماذا، وضحك مصطفى وقال لي أن أكتب عن لسانه بأن البلد أخت ..... وبأن فلان (من السياسيين) كذا وفلان كذا؛ فضحك أصدقاءه وأخبروني أن سر شجاعته متأتٍ من أنه راحلٌ غداً على أفريقيا عند أقاربه.
ثم أشار حسن إلي للجلوس معهم، وقدم لي أرجيلته، قائلا لكنها قد تكون قويةً عليك، وضحك الباقون. ومن الرائحة الشديدة النفاذ عرفت أنها مختلفة فعلاً، وبالتأكيد قوية!
أتحبونه؟ سألتهم مشيراً إلى الصورة من جديد. نعم، هو رجل! ويستحق أن يكون رئيساً للجمهورية! هكذا استقر رأي علي، ووافقه الباقون، مع انتشار غيمةٍ من دخان الأرجيلة زينت المكان.
لكنه أحرق بيروت للمرة السادسة، وقال في جريدة اللوموند أنه مستعد لفعلها من جديد، ألا تعرفون؟ عدت أسأل. "لأ ما بيعملها"، نهض كُمَيْل ليقول لي، ويبتعد صوب الزاوية كي يفرغ قليلاً، فأكدت لهم معلومتي، فنبس عباس "اصلاً نص العالم بدها حرق!!!"، وضحكنا جميعاً.
إذا لا تعرفونه وتريدونه رئيساً؟ كل المسألة هي تأييده لحزب الله فقط؟ هنا لاحظت أنهم انفعلوا، "نعم إذا أراده السيد حسن رئيساً، يصبح رئيساً!!!"، قلت له لكن الأمور ليس هكذا، وماذا لو أخطأ السيد حسن في حساباته السياسية؟ كان سؤالاً استفزازياً، "اللي بيحكي عالسيد حسن بحرق دينه" هكذا قال عباس بغضبٍ شديد، ففهمت أنه ليس هناك من مجال لأن يخطأ، على الأقل عند عباس ورفاقه! فأسررت لهم بأن السيد على "راسي من فوق" لكن ماذا لو؟ وقبل أن أكمل قال لي علي إنه لا يخطأ، إن الله يسدد خطواته، فكيف يخطأ، وقد تحالف مع الشرفاء، وهذا الرجل هنا، -مشيراً إلى الصورة- هو رئيس الشرفاء، وكل الباقيين "...."!
ولأن لدي عملٌ في اليوم التالي، ولأن الهرة بداخلي قد خافت كثيراً، ودعتهم، والصورة لا تزال في ذهني، رئيس جمهورية قادم ليس عنده مشكلة بأن يحرق بيروت من جديد لكنه يحب البرتقال، وشبابٌ يخلطون الحشيش بالسياسة، يعيشون على زوايا الطرقات، لأن المدينة ضاقت بهم، والبيوت كذلك، هل هذه هي آخرتنا؟ لا أعرف، كما أنني لا أريد أن أعرف!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب