الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار آخن 51 الفصل الأخير

علي دريوسي

2023 / 1 / 14
الادب والفن


في الفيلا المعروفة باِسم "وكر النسر"، إحدى الفيلات الجميلة والواقعة في لندن بالقرب من حدائق " ليتيل فينيس" (البندقية الصغيرة) التي على شكل مربع هندسي أضلاعه هي الشوارع الأربعة: "واريك أفينيو"، "بلومفيلد رود"، "كليفتون جاردينس" و"راندولف رود" ... في هذا المنزل المترف الكبير اِلتقى المهندس إبراهيم المذهول مع الأمير المَشْلُول "حسن أدليرهورست"، ومع لقائهما الأول في غرفة المكتب أخذت خارطة العالم الأوروبي ومنظوماته السياسية بالتضعضع كما الأرملة بعد موت زوجها.

وتكرَّرت اللقاءات.

كان "الأمير" لطيفاً ومتواضعاً، كان محبوباً وغامضاً، بدا ـ رغم جلوسه في الكرسي المتحرك ـ طويل القامة عريض الكتفين بكرش مشدود، وجهه ممتلئ وكبير، أسنانه بيضاء جميلة، يتحدث بلهجة واضحة، يتكلم بهدوء وحزم.

لديه شغف بتكنولوجيا القطارات وميكانيكها وسككها ومحطاتها وأنفاقها وجسورها، في غرفة هواياته المجاورة لمكتبه ثمة إنموذج كبير متكامل لنفق المانش، في غرفة مكتبه الفسيح ثمة مكتبة بطول الجدار، متخمة بالكتب والمجلدات، جدران المكتب ملبّدة باللوحات والصور والرسوم: هنا صورة كبيرة لجسر "وادي غِولتسش" للقطارات، وهناك صور لقطار الشرق السريع وقطارات أخرى، بعضها يشق الهواء وبعضها يتهادى فوق جسر أو يسافر في نفق، وعلى الجدار المقابل توزعت صور عديدة لكوارث السكك الحديدية.

على طاولة مكتبه السوداء يلمح إبراهيم بضعة كتب، كان بعضها مفتوحاً وبعضها الآخر مغلقاً، كأن الأمير قد أنهى قراءتها للتوّ بعد أن سجّل ملاحظاته حولها: قصة "النفق" للكاتب "فريدريش دورينمات"، "محطات السكك الحديدية - دليل أدبي" للكاتبة "ليز كنتسلي"، رواية "عالم جديد شجاع" للكاتب "ألدوس هكسلي"، رواية 1984 للكاتب "جورج أورويل"، ، رواية "سمرقند" للكاتب "أمين معلوف" ورواية "آلموت" للكاتب "فلاديمير بارتول".

**

في المساء جلسوا جميعاً: الأمير حسن وضيفه السوري إبراهيم، هنيلوري، سابينه، ابنتها الشابة عفيفة وابنها عفيف أدليرهورست، الدكتورة هناء وعمها الدكتور "توفيق فريد شابر"، المؤرخ والاقتصادي المعروف بكتابه "الغيوم السامة" الذي أرَّخ فيه عن الغازات السّامة والأسلحة الكيميائية الخبيثة، التي تسبّبت خلال الحرب العالمية الأولى بموت آلاف الجنود الذين قضوا اختناقاً. أما المفاجأة ذات العيار الثقيل وغير المتوقعة أبداً فقد تمثلت بدخول الغزال الأعوج ـ الشابة الإيرانية أمينة ـ من باب جانبي.

كان مدير شؤون المنزل السيد "روزينبيرغ" قد هيّأ لهم طقوس السهرة، خاطب الجميع باحترام:

ـ أتمنى أن تمضوا سهرة موفقة مع العشاء والنبيذ والأحاديث وسجائر "غارغويل" وأحداث فلم 1984.

في نهاية السهرة قال الأمير بكبرياء من يجلس على كرسي فوق خشبة مسرح:

ـ إذا تحقق حلمي الذي أرسمه وأخطط له في رأسي منذ شهور عديدة، سأغادر بريطانيا إلى البلاد العربية، إلى سوريا، سأشتري قطعة أرض بالقرب من قلعة مصياف، سأبني بيتاً كبيراً وأعيش هناك كأهل القلعة، سأنظم شعراً في جمال القلاع السورية وسأستلقي فوق الصخور المقدّسة التي استلقى عليها من سبقني، حينها سأشعر بنفسي إنساناً بمعنى الكلمة.

**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا