الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أماني 2

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2023 / 1 / 14
الادب والفن


- 2 -
سرٌّ محيّرٌ وسحرٌ عجيب

أخبرني رائد بعض التفاصيل التي يعرفها عن أماني، بأنها انتقلت مؤخّرا للسّكن في عكا، وأنّها عزباء. أثار كلامه علامات سؤالٍ كبيرة في ذهني. سرحتُ بفكري والحيرة تلفّني، ولكنني لم أسأله شيئا آخر. ثم أحسستُ، فجأة، من نظرته، كأنّه يقرأ أفكاري على صفحة وجهي، فابتلعتُ ريقي بعسرٍ وعدتُ إلى مكتبي.
لم ألتقِ بأماني طوال ذلك اليوم، فهي لم تأتِ إلى مكتبي، ولا أنا احتجتُها بشيء، لكني لمحتُها من بعيد، في نهاية يوم العمل، وهي تهبط سلّم الدرجات في طريقها لمغادرة الشركة بصحبة زميلةٍ أخرى.
ما سرّ هذه المرأة كي تجذبني إلى هذا الحد؟ تعجّبتُ من نفسي. كأنها ليست ككل النساء اللاتي عرفتُهن، أو سمحتُ لنفسي بمعرفتهن. لماذا تبدو مختلفة؟
في صبيحة اليوم التالي، كنتُ أمارسُ رياضة المشي على متنزّه البحر حين فوجئتُ برؤيتها من بعيد. كانت جالسة على صخرة بعيدة بعض الشيء، على معزل من الناس، متوجّهة نحو البحر، مستغرقة في التأمّل. كانت لابسة قميصا أبيض وبنطلونا أسود، وشعرُها مسترسلٌ على كتِفيها، تلاعبُه الريحٌ الصّباحية النشِطة. لم أكن متأكّدا تماما أنها هي، فقد كانت بعيدة، وأنا لم أرغبْ في اقتحام عزلتها لمجرّد التأكّد من ذلك. فماذا أقولُ لها؟ وبأيّة صفة أتطفّل عليها؟
حين ذهبتُ إلى الشّركة في ذلك اليوم، رأيتُها في قسم الحسابات لابسة نفس الملابس، فتأكدتُ أنها كانت هي. أفكارٌ كثيرة استولت على كياني وشغلت خاطري طوال النهار. منظرُها وهي جالسةٌ هناك على الصّخرة طغى على فكري وكياني وجاشت له نفسي بشتّى الأحاسيس.
ثم جاءَت إلى مكتبي في ذلك اليوم لتسلّمني أوراقا، فقررتُ أن أستجمع كلّ جرأتي وأسألها: «هل كنتِ في متنزّه البحر صباح اليوم؟»
لمعت عيناها بشيءٍ من الحيرة ولاح عليها الارتباك، فأسرعتُ لشرح نفسي: «كأنّي رأيتُ امرأة تشبهكِ جالسة هناك على صخرة؟»
«وهل كنتَ هناك؟؟»
«نعم. أنا أمشي هناك كلّ يوم قبل مجيئي إلى العمل.»
«حقا؟؟» قالت وسرحتْ في تفكير قصير. ثم أضافت: «أردتُ أن أتمشّى قليلا، ولكنني وجدتُ نفسي مأخوذة بجمال المنظر فجلستُ أتأمّله.»
قلتُ لها: «بحر عكا منظرٌ بديعٌ حقا.»
«صحيح. إنه منظرٌ خلاّبٌ يبعث السّكينة في النفس.»
ألقيتُ نظرةً عليها، فميّزتُ في عينيها بريقًا من فرح ممزوج بأسًى عجيب ترك أثره في نفسي.
«يبدو أنكِ أحببتِ عكا.» قلتُ لها فجأة دون تفكير، ثم سرعان ما استدركتُ نفسي وأضفتُ: «أخبرني رائد أنكِ انتقلتِ حديثا للسّكن هنا في عكا.»
«هذا صحيح.» ارتسمت ابتسامتُها الوقورة على شفتيها من جديد، ثم استطردَت بنبرة أكثر حماسا: «لم أعلم أنكَ تمارس رياضة المشي كل صباح. ذلك رائع.» وبعد شيء من التفكير، أضافت متحمّسة: «وأنا أيضا سأفعلها.»
* * *
تدفّقت أمواج البحر على الشّاطئ، تلاطمت وتكسّرت على الصّخور. وفي البعيد، تلألأ نور الشّمس فوق سطح الموجات. مسّتني نسمات الصباح الباردة التي لم تنقطع، وقد أشرفت الساعة على الثامنة.
جلتُ ببصري في السماء وجال في بالي أنها لن تأتي.
قمتُ من مكاني واستدرتُ للعودة.
وفجأة... لمحتُها على بعد أمتار قليلة مني، واقفةً تتأمّل البحر، وعندما رأتني، اقتربتْ مني.
توقفتْ أمامي يشعّ منها سحرٌ عجيبٌ.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم