الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر: الفكر اليساري تحت المجهر

محمد السميري

2023 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما نقرأ ونسمع ،بأن سبب تخلفنا ومشاكلنا يعود الى الأنظمة الاستبدادية،في مصادرتها للحريات ،واستغلالها الابشع للثروات والموارد والخيرات ،ولعل ذالك من باب تفسير الماء بالماء، وهذا ما تكرره وتعيده معظم الاحزاب والتنظيمات السياسية . انها مقولة مثيرة وسهلة لتجييش العقول والدفع بمعتنقيعا الى الإشارة بالاصبع ان موطن الخلل يكمن في الأعلى، ولكي تؤكد هذه المقولة مصداقيتها وقوتها وقبولها، لذى معتنقيها ،ومن ثم تأثيرها على المريدين والاتباع، كان لابد لها من متكأ نظري تستند عليه ،و الحال فسوق النظريات يعج بكذا نظرية من الماركسية الى الماوية واتروتسكية واستالينية وهلم جرا ، فقد ذخلت هذه النظريات الى المغرب في ستينات القرن الماضي، وانضافت اليها في عقد الثمانينات جملة من الاتجاهات الفكرية ،ذات الطابع الاسلاموي كفكر مضاد للنظريات السالفة الذكر ، والتي تم تسوقها من بلدان الخليج والشرق، كالوهابية والاخوانية .فيما يخص النظريات الأولى، التي يطلق على معتنقيها ،اصحاب الاتجاه اليساري، بما فيه الاصلاحي و الراديكالي، فإن هذه الأخيرة وخاصة الاتجاه الراديكالي، كانت تسعى بشكل من الاشكال، إلى تطبيق الفكر الماركسي، يشقيه اللينيني والماوي، للقضاء على النظام الاستبدادي ،واستبداله بنظام اشتراكي، في أفق شيوعي، تقوم فيه الطبقة العاملة ،باستلام نظام الحكم، واستبدال الهياكل والمؤسسات ،ذات الطابع الرأسمالي الاستغلالي ،إلى مؤسسات ذات طابع اشتراكي، يتم فيه اقتسام الثروة بين أفراد المجتمع ،فكل حسب عمله حسب الشعار اللينيني، ويترتب عن ذلك تحرير المجتمع من الاستغلال الطبقي ،الذي تمارسه البورجوازية المتحكمة ،بما يرافق ذلك من تحري الأجهزة الايديولوجية ،من هيمنة الايديولوجية البورجوازية، حسب تعبير المفكر الاطالي انتونيو غرامشي.هيمنت هذه النظرية في فترة السبعينيات، وكان بريقها يجذب الشباب المغربي، وخاصة طلاب الجامعات ،قبل أن تحتل فيما بعد ذلك، فلول التيارات الإسلاموية الفضاء الجامعي، لمحاربة التيار اليساري، وذلك بإيعاز من النظام، الذي كان وراء جلب الفكر الوهابي والاخواني، ومساعدته على الانتشار في أجهزة النظام التعليمي .تعرض التيار اليساري الماركسي اللينين للاعتقالات والعتذيب الوحشي، في أقبية السجون و المخافر السرية ،فانتهت هذه المرحلة بالمصالحة مع النظام، بافتتاح عهد جديد يقطع مع الماضي، ويؤسس لمرحلة جديدة ،غاب معها الأمل وانكسر الحلم ،في تراجع كبير على ما راكمته هذة التجربة النضالية، من مكتسبات كان ثمنها باهضا، لازالت جراحها لم تندمل ،بل ان الواقع ،فاجأ من كان يراهن ،على ان باستطاعة الفكر، ان يغير الواقع ،بعودة المكبوت الديني بقوة جارفة ،في الوقت الذي لم يكن هذا المكون، ضمن أجندة، من كانو يعتقدون، ان النظام هو مجردنمر من ورق.ان التعامل مع الفكر الماركسي كنصوص مقدسة ،ورموزه كأنبياء، لا يطالهم النقد ،جعل من مريدي هذا الفكر، اتباع تقودهم الشعارات الرنانة، اضحى معها قياديوا هذه التنظيمات، منزهين عن الخطاء ،كقديسين ينطقون بالحقيقة المطلقة، ان شكل هذه التنظيمات، كانت تنطويي في ذاتها،على بذور انعزالها على المجتمع، وعلى الجماهير.بل كانت تنذر باختناقها التام. وقد بين لنا التاريخ ان السرية،والانضباط والقتالية ليست كافية وحدها، لاستمالة الجماهير للدخول في مسلسل ثوري،بل يلزم شيئ آخر اضافي. لقد كان هذا الفكر قشرة سطحية، تنتظر من يبددها بفخة ، لأنه بعيد عن الشأن اليومي للجماهير، انه فكر طوباوي حالم، مؤسس على الشعارات، وتقديس الأشخاص، الذين يعتقدون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة ،وهذه الطريقة في التفكير تبين أن الاشكال ليس في النظام الاستبدادي لوحده بل -وهذا هو مربط الفرس-في النرجسية المفرطة ،لهؤلاء الدعاة الذين لا يختلفون عن دعات الدين، الذين يبيعون الوهم للشعب ،معتبرين انفسهم ما لكي الحقيقة التي لا غبار عليها ،ان هدا التفكير الفقهي(على حد تعبير عابد الجابري) يقدس النصوص ، بتقديمه النقل على العقل ،فاءدا كان للسلفي نصوصه ورموزه، فلليساري كدلك نصوصه وحوارييه.
صفوة القول، آن الأوان للاعتراف بالأخطاء، كفانا من تعليق انكساراتنا على شماعة الغير، فاليساري هو جزء من المشكل،فقد انتهى زمن النبوءات والشعارات.وأختم قولي هدا، بحادثية معبرتين و مؤلمتين في نفس الآن،تعكسان ان فشل هده التجارب، يرجع في القسط الاوفر الى العامل الداني الدي يتم تغييبه ،كشرط أساسي، لقراءة التجربة .الحادثة الاولى: "يعزى سقوط وتفكك تنظيم"الى الامام" في مرحلة السبعينيات، ان مسؤولا في هده المنظمة الثورية كان يركب دراجة نارية،وليس بحوزته أي وثيقة تثبت هويته.واتفق ان أوقف في حاجز من الحواجز التي تنصب عادة،للتحقق من الهوية.ثم كان ان اقتيد الى الكوميسارية المركزية،حيث حبس كما يحبس النتشرد الافاق،في زنزانة حقيرة.كان هدا الاطار المسير عارفا بخبايا تلك المنظمة التي شارك ايما مشاركة في تأسيسها،وسبق له،زيادة على دلك، ان حكم بالسجن المؤبد غيابيا.استولى عليه الخوف.فاضطرب.وكشف عن هويته الحقيقية،امام انظار رجال البوليس ،المبهورين بما يسمعون"
الحادثة الثانية: التاريخ يعيد نفسه هده المرة، بشكل كاريكاتوري ،على حد تعبير ماركس" كان تنظبم"الى الامام" يعرف على المستوى الافقي،في هيكلته التنظيمية ، الخلايا السرية،وقد كانت خلية مدينة القنيطرة تريد تنظيم مظاهرة بمناسبة "يوم الأرض" الفلسطيني،لكن صدرت اوامرمن القيادة،باءلغائها،ومع دلك ، ركبت رؤوس مجموعة من الشباب المتهور، يالخروج الى الشارع، ضدا على أوامر القيادة، لاحياء دكرى يوم الأرض عنوة،مما ترتب علية اعتقالهم، ومن تم اعتقال بقية التنظيم". فهل بعد هدا من تأكيد على ما للعوامل الداتية من قصب السبق في فشل الحركة الماركسية اللينينية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها