الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرية بيع الفلسطينيين لأرضهم (2 من2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 1 / 16
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


نهاد أبو غوش

التحول المفصلي في موضوع انتقال الأراضي الفلسطينية لليهود بدأ مع بداية عهد الانتداب (الاستعمار) البريطاني، حيث سخرت سلطة الانتداب كل قوتها وأدواتها ونفوذها ومكانتها المهيمنة في النظام الدولي آنذاك لدعم وتجسيد المشروع الصهيوني، وعملت السلطات الاستعمارية وكأنها صممت وبرمجت قضية الانتداب لهذه الغاية، اي السيطرة على أراضي فلسطين لإنشاء الكيان الاستعماري الصهيوني، فباشرت منذ بداية انتدابها بتغيير القوانين العثمانية المتعلقة بالأراضي لتسهيل انتقال ملكيتها لليهود، ومن ضمن هذه القوانين: قانون تغيير سجلات الطابو في العام 1948، وقانون انتقال الأراضي الذي رهن اية عملية بيع وانتقال بموافقة سلطات الانتداب، ومنعت امتلاك أكثر من 300 دونم للشخص الواحد، أو امتلاك أكثر من 30 دونما في داخل المدن، كما أصدرت قانونا عام 1921 للسيطرة على الأراضي "المحلولة" وهي الأراضي المتروكة لثلاث سنوات من دون زراعة، علما بأن كثيرا من الأراضي تركت بشكل طبيعي بسبب الحرب العالمية الأولى وعمليات التجنيد الإجباري، ثم سنت قانون الغابات وقانون نزع الملكية ، فضلا عن أنواع الضرائب الباهظة التي فرضت على الأراضي والتي حولت ملكية بعض الأراضي الزراعية إلى عبء على الفلاحين والمزارعين بدل أن تكون ذخرا ومصدر دخل لهم.
سلطات الانتداب الريطانية، وهي التي أطلقت وعد بلفور الاستعماري المشؤوم في العام 1917 قبل احتلالها فلسطين بشهور، ثم ضمّنت هذا الوعد المشؤوم ضمن صك الانتداب، سخرت كل إمكانياتها السياسية والعسكرية وفي مقدمتها عمليات القمع الدموية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية الناشئة، بهدف تسهيل انتقال الأراضي لليهود، وكان من نتيجة ذلك وعبر استخدام كل أدوات الضغط والقمع والتنكيل والانحياز السافر للصهاينة، ارتفاع نسبة ما امتلكه اليهود من أراض في فلسطين من 2% في بداية عهد الانتداب إلى 6.6% في نهاية هذا العهد الذي كرست كل سنواته وسياساته لتمكين لحركة الصهيونية. ومن المفارقات التي تشير إلى فداحة الجريمة الاستعمارية البريطانية أن بعض القوانين الانتدابية التي فرضتها بريطانيا عنوة لقمع الشعب الفلسطيني وتسهيل سيطرتها عليه، ما زالت تستخدم حتى يومنا هذا (2023 م) من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على الشعب الفلسطيني والتحكم في أراضيه وثرواته القومية.
ومن اللافت في هذا السياق أن النسبة الكبرى من الأراضي التي انتقلت لليهود خلال تلك الفترة هي الملكيات التي باعها كبار الملاكين الاقطاعيين من غير الفلسطينيين وتحديدا من قبل بعض العائلات الاقطاعية اللبنانية وأبرزها بشكل خاص عائلة سرسق الذين كانوا يقيمون خارج فلسطين، ومنحهم نظام الامتيازات الاقطاعي العثماني مساحات واسعة من الأراضي نظير خدمات قدموها للدولة العثمانية وخاصة ما جرى في أراضي سهل الحولة ووادي الحوارث والتي نجم عنها تشريد عشرات آلاف الفلاحين.
سيطرت الدولة الصهيونية منذ قيامها على مجمل الأراضي في فلسطين سواء الأراضي المملوكة للدولة (بحجة إعمال قانون الدولة ترث الدولة) أو أراضي الأفراد والعائلات التي وضعت بتصرف دائرة حارس أملاك الغائبين، أو الأراضي المصنفة بوصفها أملاكا عشائرية أي أن مليكتها لاتعود لفرد ما بل لمجموعة غير محددة من الناس وخصوصا المراعي.
توالت هذه العملية بوتائر اسرع بعد وقوع جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس تحت الاحتلال حيث تضافرت سياسات القمع والتشريعات العنصرية والضرائب الباهظة مع عمليات التزييف والتزوير ( مثل عمليات تبصيم الموتى وعصابات نقل الأراضي واختراع جمعيات وهمية كما حصل في أرض كنيسة بيت البركة قرب العروب) وقوانين التملك ونزع الملكية للمصلحة العامة (دائما تكون هذه المصلحة العامة هي مصلحة المستوطنات والطرق المفضية اليها والأراضي المحيطة بها) وتسخير كل إمكانيات الدولة لنقل الأراضي للجمعيات الاستيطانية التي أنشئت خصيصا للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ومن المعروف أن جميع عمليات انتقال الأراضي التي تمت في ظل الاحتلال وإجراءاته غير الشرعية هي عمليات باطلة بطلانا مطلقا لأنها تاسست على قوة الباطل الغاشمة، وهذا ما أكدته عديد القرارات الأممية الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة.
إن الدليل الأكبر على زيف ادعاءات بيع الفلسطينيين أراضيهم لليهود وبطلانها، هو استمرار النضال الفلسطيني متقدا وملتهبا طوال قرن وربع القرن من عمر الصراع، وانتقال راية النضال من جيل إلى جيل، وتمسك الفلسطينيين المطلق بحقوقهم الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف بما في ذلك الحق في العودة إلى الأرض والديار والممتلكات، وتقديم عشرات آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف الأسرة وسائر العذابات والتضحيات على طريق استعادة الحقوق المسلوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟