الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية الحــــــصان الطــــــائــــــــر

رياض ممدوح جمال

2023 / 1 / 16
الادب والفن


شخصيات المسرحية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ ريان : " 60 " سنة

2 ـ الأم : " 80 " سنة "

3 ـ حسين : 20 " سنة

4 ـ هناء : الزوجة

5 ـ سميح : الابن



ظلام، صمت تام، بقعة ضوء على ريان

ريان : " يتلفت حوله " يا لليل، ظلام، وصمت، كأنما الموت " ينصت "

يتناهى إليّ صوت " يرفع صوته قليلاً " من؟

حسين : " يُضاء " أنا ..

ريان : " يحدق فيه مندهشاً " من!

حسين : انظر إليّ جيداً.

ريان : " يحدق فيه مذهولاً " يا إلهي، لا يمكن، حسين!

حسين : نعم، حسين.

ريان : " يتقدم منه " حسين ..

حسين : " يُطفأ عنه الضوء " ....

ريان : " يتوقف " إنه صديقي ، حسين "

ينصت " أهو حسين ثانية؟ " يرفع صوته " من؟

الأم : " تُضاء الأم " ريان ..

ريان : أمي!

الأم : نعم، أنا أمكَ ..

ريان :" يتجه نحوها " أمي ..

الأم : " يُطفأ عنها الضوء " ....

ريان : " يتوقف " أمي، آه لقد اختفت " ينصت " من؟ من يناديني؟

هناء : " تُضاء هناء " ريان ..

ريان : يتمتم متأثراً " هناء.

هناء : أنا هناء.

ريان : " ينظر إليها " هناء.

هناء : " يُطفأ عنها الضوء " ....

ريان : حقاً ، كما قالت أمي .. " ينصت " هذا الصوت أعرفه ..

مسافر : نعم، أنا ابنك، أنا مسافر.

ريان : " ستعود، ستعود قريباً.

مسافر : " يلوح له : إلى اللقاء.

ريان : " يلوح " ....

مسافر : " يُطفأ عنه الضوء " ..
..
ريان : " ينظر إلى الجمهور " الحياة حلم، قد يطول، وقد يقصر، قد يأتي هادئاً،

أو عاصفاً، مهما يكن، فهي حلم، لا نفيق منه إلا عند النهاية.

يُضاء حسين، يُحدق في ريان صامتاً

ريان : حسين ..

حسين : الآن عرفت لماذا لم تحاول الخروج معي ..

ريان : " يتقدم منه " حسين ..

حسين : " يُطفأ عنه الضوء " ....

ريان : " يتوقف ويهز رأسه " ....

الأم : " تضاء " ....

ريان : " ينظر إليها " ....

الأم : هناء، ابنة خالتك ..

ريان : لكن يا أمي ..

الأم : " يُطفأ عنها الضوء " ....

ريان : آه هناء ..

هناء : " تُضاء " ....

ريان : هناء، افهميني ..

هناء : أنا فدروسك.

ريان : " يتجه إليها " ....

هناء : يُطفأ عنها الضوء " ....

ريان : " يقف متلفتاً " ....


وقع أقدام، يدخل حسين من الظلام

ريان : حسين!

حسين : نعم، حسين.

ريان : لكنك ..

حسين : كما ترى.

ريان : ما زلتَ تبدو في العشرين.

حسين : إنني في العشرين، وسأبقى في العشرين، فالموتى لا يكبرون.

ريان : آه، نحن الأحياء نكبر، إنني الآن في الستين.

حسين : هذا يعني، يا ريان، أنّ بيني وبينك أربعين سنة.

ريان : " بمرارة " نعم، أربعين سنة.

حسين : قضيتها، كما أردت، ليس تحت الأرض، وإنما فوقها.

ريان : أنت نفسك، كان يمكن أن تقضيها فوق الأرض، ويكون عمرك الآن،

حوالي الستين.

حسين : وما نفع الستين سنة، يا ريان، إذا لم نحقق فيها الهدف، الذي اخترناه.

ريان : " لكن موتك في العشرين، بالطريقة التي متّ فيها، لم يحقق الهدف.

حسين : نعم، لكن هذا أفضل من أن أعيش حتى الستين، دون أن أحقق هدفي.

ريان : ما زلت متطرفاً، يا حسين.

حسين : وأنت ما زلت متردداً، تخشى أن يهتزّ مركب حياتك.

ريان : المجازفة والمغامرة ترعباني، إنني أخشى حتى النسيم إذا مسّ سلامة

مركبي، فكيف العواصف، التي تجعله ريشة في مهب الريح؟

حسين : وما فائدة السلامة، حين تكون حياتنا طريقاً مقفراً، ينتهي إلى صحراء

قاحلة نموت فيها ببطء.

ريان : لكن الحياة ليست صحراء قاحلة، وكان يمكن أن تعيش، وتكون عنصراً

فاعلاً مثل الكثيرين.

حسين : لكن هذا لم يحصل، ولن يحصل، لقد ألقوا القبض عليّ، كما تعرف، عند

الحدود.

ريان : لو حدث، وعبرت.

حسين : لم أعبر، يا ريان، ولن أعبر.

ريان : " يلوذ بالصمت " ....

حسين : ريان ..

ريان : " ينظر إليه " ....

حسين : لقد اتفقنا منذ البداية، أن نكون معاً، ونخرج معاً ..

ريان : " يُطرق رأسه " ....

الأم : " تضاء " ابنة خالتك ..
ريان : " ينظر إليها " ....

الأم : " يُطفأ عنها الضوء " ....

حسين : لكنك بقيت، ولم تخرج معي ..

ريان : " ينظر إليه " ....

حسين : لم أعرف وقتها السبب.

ريان : كان لي أم ..

حسين : أنا أيضاً كانت لي أم.

ريان : أنتَ لا تعرفها جيداً.

حسين : مهما تكن، فأمكَ لا تختلف كثيراً عن أمي.

ريان : أمي كانت مريضة، ولم أتحمل أن تموت بسببي ..

خلال الحديث السابق، تضاء الأم، وتقترب منه

الأم : ريان ..

ريان : هذه حياتي، ويجب أن أعيشها.

الأم : عشها، لكن ليس بعيداً عني، بل إلى جانبي.

ريان : لقد اخترت، يا أمي.

الأم : أنت تقتلني، يا ريان.

ريان : أمي ..

الأم : تعرف إنني مريضة، وأن القلق والحزن يفاقمان مرضي، ويؤديان بي

إلى الهلاك.

ريان : " يلوذ بالصمت " ....

الأم : " تتشبث به " سأموت إذا ذهبت.

ريان : " ينظر إلى أمه " ....

الأم : ريان ..

ريان : " يتملص من بين ذراعيها " ....

الأم : ثم إن ابنة خالتك، هناء، أنتَ تحبها، و .. وهي تحبك أيضاً.

ريان : " ينظر إليها متردداً " .....

الأم : غداً سأخطبها لكَ.

يُطفأ الضوء عن الأم، يُضاء حسين

حسين : أمي أيضاً أجهشت بالبكاء، وتوسلت إليّ أن لا أذهب ..

ريان : " ينظر إليه صامتاً " ....

حسين : وأبي ذهب إلى ما هو أبعد، لقد هددني بأن يتبرأ مني ..

ريان : " يُطرق رأسه " ....

حسين : لم أصغ ِ إلى توسلات أمي، ولم أذعن لتهديد أبي، إن حياتي وحياتهما لا

تعادل تحقيق هدفي، فلا حياة بلا هدف .

ريان : حسين، ربما لو كانت لكَ فتاة تريدها .. وتريدك ..

حسين : " ينظر إليه صامتاً " ....

(خلال الحديث السابق، يضاء ريان وهناء)

ريان : " يُقدم لها سواراً " هذا السوار ..

هناء : " آه ما أجمله.

ريان : هدية لكِ.

هناء : " ترتجف شفتاها تأثراً " ....

ريان : " مازحاً " قيد من ذهب، سأقيدكِ به العمر كله.

هناء : مادام يضمنا معاً، فهو أروع قيد.

ريان : خذيه.

هناء : لا، مادام قيداً منكَ " تمد يدها " ضعه أنت في يدي.

ريان : " يضعه في يدها " .....

هناء : " تتأمله " آه.

ريان : " ينظر إليها " عيناك تدمعان.

هناء : لو رأيتني عندما علمتُ بأنك تريد أن تخرج مع صديقكَ.

ريان : " ينظر إليها ويدها في يده " ....

هناء : لقد أجهشتُ في البكاء.

ريان : لكني لم أكن وقتها قد خطبتك.

هناء : أردتك أن لا تخرج، أن تبقى، حتى لو لم تكن لي.

ريان : كنت أبحثُ عن فردوس، بقيتُ وسأبقى، فأنتِ فردوسي.

يطفأ عنها الضوء، يضاء حسين وريان

حسين : وأنا وقتها أضم هدفي بين جوانحي، وأحاول اجتياز الحدود.

ريان : تمنيتُ من كلّ قلبي أن تعبر، لكن ربما الصدفة وحدها أوقعتكَ بين أيديهم.

حسين : مهما يكن، فقد وقعت، وبعد حين، قادوني إلى المشنقة.

ريان : لو حاولت الخروج معك، يا حسين، لألقوا القبض عليّ أيضاً، وانتهيت كما

انتهيت أنتَ.

حسين : لم تخرج معي، ومعي لم تنتهِ، لقد بقيتَ، وخضت معهم حروبهم المجنونة

، فماذا جنيت؟ أما أنا فقد خضتُ معركتي حتى النهاية، فانتهى كلّ شيء وإلى الأبد.

ريان : " يُطرق رأسه "

حسين : ريان، ما أنت الآن؟

ريان : كما ترى، أنا ما أنا عليه.

حسين : ما أنت إلا جثة هامدة، تمشي على قدمين، أنت ميت مع وقف التنفيذ،

وقطارك لا يسير، كما أردته، إلى أمام ، بل في دائرة مفرغة، لن يصل بك، مهما

بك العمر، إلى الهدف الذي طالما حلمنا به.

ريان : " ينظر إليه مهدماً " ....

حسين : " يُطفأ عنه الضياء " ....

الإضاءة شاملة، ريان وحده، تدخل هناء وهي في الخمسين.

هناء : ريان ..

ريان : " ينظر إليها " ....

هناء : سمعتك، وأنا في غرفتي، تتحدث حزيناً منكسراً.

ريان : إنه حسين ..

هناء : " تهز رأسها " ....

ريان : جاءني مرة أخرى.

هناء : لابدّ أنكَ غفوت.

ريان : غفوتُ قليلاً.

هناء : أنت لم تفارقه منذ أربعين سنة، لا في الصحو، ولا في المنام.

ريان : هذا قدري ..

هناء : انسه، فارقه ، إنه يعكر عليك حياتك، ويعكر حياتنا أيضاً.

ريان : أنا أريد أن أفارقه، لكنه لا يفارقني لحظة واحدة.

هناء : " تهز رأسها " ....

ريان : مازال يلومني، لأني لم أرافقه، ولأني اخترت البقاء، و ..

هناء : كفاكَ لوماً لنفسك، فما اخترته كان هو طريق الحياة، وليس ذنبك، أنه ألقي

القبض عليه, وسُفك دمه.

ريان : الحلم، حلمه وحلمي، كان وسيبقى هو حياتي، وحياتي حلم ضائع، فموت

الإنسان ليس هو الخسارة، بل ما يموت في داخله، وهو على قيد الحياة، وهذه هي

الخسارة الكبرى " يصمت " إن الشمس لا تشرق مرتين في اليوم الواحد.

هناء : حلمك لم يضع، وهو حلمي أيضاً، فالحياة أكبر بكثير من أن نحقق النجاح

لأنفسنا فقط، وأنت من علمني أن سعادة الإنسان أن يحيا في سبيل غيره، حياتك

كانت خبرات، أغنيتنا بها، إن حلمنا يتحقق الآن من خلال ولدينا.

ريان : " يبتسم بشيء من المرارة " ....

هناء : ابتسم، يا ريان، نعم ابتسم، وبفرح، فحياتنا رغم الصعوبات، تثير الابتسامة

الفرحة.

ريان : أنا أبتسم، لأن ما تقولينه، هو ما كان يقوله لي ابننا سميح.

هناء : " تبتسم " أنت الشرارة، التي أشعت النور فينا، وخاصة في ابننا سميح،

وهو مازال مستمراً على الاشتعال.

ريان : " يبتسم " أنتِ، يا هناء، ستكونين راوية لأقواله، أكملي، أكملي ..

هناء : " تتسع ابتسامتها " أنت نهر متدفق، لا تكف عن الجريان والعطاء ..

ريان : هذا المسرحي المبدع، من يدري من أين يقتبس كلماته.

هناء : المهم أنها بلسم.

ريان : إنني مشتاق إليه.

هناء : سيعود قريباً من باريس، ومعه شهادة عليا في المسرح.

ريان : نحن في الشهر التاسع..

هناء : وسيناقش رسالته، كما قال أكثر من مرة، في الشهر العاشر.

ريان : هذا ما قاله.

هناء : سيناقش، وينجح بتفوق، ويحقق حلمهُ وحلمك.

ريان : وحلمكِ أيضاً.

هناء : حلمنا جميعاً.

يرن منبه الموبايل، ريان وهناء يلتفتان

هناء : انظر من يكون.

ريان : انظري أنتِ.

هناء : " تنظر في الموبايل " آه إنه ابننا، سميح.

ريان : سميح! لكنه اتصل بنا قبل يومين، إن مناقشة رسالته قريبة، وهو يتشاغل

بالحديث في الموبايل.

هناء : " تقدم له الموبايل " خذ، وكلمه أنتَ، لعله اتصل لأمر هام.

ريان : مهما يكن، فالمناقشة أهم " يأخذ الموبايل " ألو، سميح، لقد اتصلتَ قبل

.. " فرحاً " ماذا! ماذا تقول؟ لكن مناقشتك، كما قلتَ أكثر من مرة، في الشهر

العاشر، آه أيها الماكر العزيز ..

هناء : ماذا؟ ماذا يقول؟ ماذا يقول سميح؟ أخبرني.

ريان : لم يقل شيئاً مهماً ..

هناء : قل الحقيقة ..

ريان : " بصوت احتفالي فرح " لقد نجح، وبتفوق.

هناء : " تخطف الموبايل " سميح، أحقاً ما يقوله أبوك؟ ألف تهنئة، وألف قبلة لكَ

، عد بسرعة، ماذا! ستعود الأسبوع القادم على ..؟ " تضحك وهي تغلق الموبايل ".

ريان : ماذا قال سميح؟ ماذا قال؟ أنتِ تضحكين، ماذا قال؟

هناء : قال إنه سيأتي الأسبوع القادم على .. الحصان الطائر.

ريان : ماذا! " يقهقه " الحصان الطائر؟

(يضحكان معاً، بينما تخفت الأضواء)


اظلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف