الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربات في القضية الفلسطينية ـ4ـ

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 1 / 16
القضية الفلسطينية


2ـ في القضية الفلسطينية ,فلسطينيا : من البديهي أن ما ينطبق على الفلسطينيين من الجيل الثالث ينطبق أيضا على الإسرائيليين من الجيل الثالث ،فهؤلاء صاروا بحكم الظروف فلسطينيين مثلما أن الفلسطينيين صاروا إسرائيليين .و لكن الإسرائيليين ليسوا صهيونيين إستعماريين استيطانيين جميعا . لا شك في أن ترجمة هذا المعطى على أرض الواقع تتطلب نضالا جديا من خلال سيرورة ثابتة مستقبلية ، عقلانية ، تقدمية ، و ليست حالمة بالعودة إلى ماض متخيل بصورِ نموذجية . الفرق كبير جدا بين التقدم والتراجع ، مثل الفرق بين الإبداع و التحقيق من جهة و الأوهام و النسيان من جهة ثانية. ينبني عليه أنه من الضروري أن تكون هذه السيرورة مفتوحة و منطقية بحيث تعمق الشرخ أو الفرز ، بين الصهيوني و الإسرائيلي الفلسطيني في ناحية و بين الفلسطيني التائه والفلسطيني الهادف للعيش حاضرا و مستقبلا في بلاده في ناحية ثانية .
لا أظن أن ما يبتغيه الفلسطيني في الراهن هي دولة الخلافة ، عربية أم إسلامية ، بل أن يتمكن من المحافظة على الوطن الفلسطيني و العيش فيه ، حرا كريما ، له ما لغيره من المواطنيين و عليه ما عليهم ، دون تفرقة أو تمييز على أساس ديني أو عرقي أو عقائدي ،و لكن الدولة الصهيونية في فلسطين تقيد اليوم حريته و تذله و تنتهك حقوقه بما هو كائن إنساني و إنسان أصلي في بلاد محتلة ، تقوم هذه الدولة بتطبيق تصفية عنصرية بمختلف الأساليب التي تفتقت عنها الذهنية الإستعمارية الغربية من ترهيب و ترحيل جماعي وصولا إلى إرتكاب المجازر و الإبادات على مستوبات مختلفة .
بكلام أكثر وضوحا و صراحة يحق للفلسطيني اليهودي و غير اليهودي، أن يرفض الدولة الصهيونية بجميع الأساليب والوسائل المتوفرة لديه ،لان هذه الأخيرة تريد ترحيله من بلاده الأصلية بجميع الطرق الخبيثة الإجرامية. و من البديهي القول ان لا تماثل بين طرف يصارع دفاعا عن كينونته ووجوده وطرف معتدي يسعى لتحقيق التصفيةعلى أساس عرقي
اللافت للنظر هنا أن الدولة الصهيونية تحظى بتأييد غير محدود من جانب القوى الأوروبية عامة والغربية منها على وجه الخصوص ، من المعروف أن لدى غالبيتها سجلا أسود و دمويا نتيجة الحروب التي أشعلتها في إفريقيا و الشرق الأوسط ، والآن في أوروبا نفسها. فلا حرج في القول أن دولة أسرائيل هي من نوع الولايات المتحدة الأميركية التي ارتكبت إبادات جماعية في العراق ( موت 500 ألف طفل عراقي ، إحراق ملجأ العامرية في بغداد ،التعذيب الوحشي في سجن أبوغريب الخ).وأنها توظف الديانة اليهودية في خداع اليهود العرب والأمازيغ والأشكنازعن طريق إلباس مشروعها الإستعماري العنصري لباسا دينيا استنادا إلى سردية متوارثه منذ عدة قرون قبل الميلاد
مجمل القول أن إشكالية القضية الفلسطينية ظاهرها ديني و لكنها ليست ذات اصل ديني ، فهي بين مؤيدي مشروع صهيوني إستعماري يدعمه و يشارك فيه دول غربية تحاول في الواقع ترحيل جرائمها و إبعاد مسارح جرائمها الجديدة عن أوروبا ، أقحم فيه يهود كثيرون ، تضليلا و احتيالا و غشا و تزويرا للتاريخ ، و أوروبيون أيضا ، يجهلون طبيعة الحركة الصهيونية ، و عرب انتهازيون وصوليون و أغبياء من جهة و بين ضحايا هذا المشروع الإستعماري الصهيوني ، يأيدي يهودية من جهة ثانية .
و بتعبير أدق و أكثر صراحة ووضوحا ، إن الإشكالية في القضية الفلسطينية هي الصهيونية ، و هذه كما ألمحنا عنوان لنهج إستعماري إجرامي ،يتم تحت غطاء ديني و لكنه ليس دينيا . فلا نجازف بالكلام أن الصهيونية تتخذ في هذا الزمن وجها يهوديا أو مسيحيا أو إسلاميا أو هندوسيا حسب الظروف و المكان ، و أن قوتها و فعاليتها ، مستمجة من الجهة التي تساعدها على تجييش الأنصار و توفر لها الإمكانيات المادية اللازمة لاتمام المهمة المتوخاة . علما أن الجهة نفسها تقدم أحيانا الدعم ، و لكن بدرجات غير متساوية ، لحركتين صهيونيتين تقتتلان على ساحة واحدة تحت رايتين مختلفتين .
بالعودة إلى القضية الفلسطينية ، يبدو لنا أن التصدي للصهيونية في الجانب الإسرائيلي و في الجانب الفلسطيني أيضا يمثل خطوة إيجابية و ضرورية تمهيدا للبحث عن مسار مشترك للخروج من المأزق الذي يتخبط في ظلماته الإسرئيليون الفلسطينيون و الفلسطينيون الإسرائيليون . لم تستطع السلطات الإسرائيلية على مدى أكثر من قرن من الزمن ، و قف مقاومة الفلسطينيين بالرغم من امتلاكها آلة عسكرية متطورة و ترسانة نووية ، و ضعهما المستعمرون الغربيون بتصرفها ، و بالمقابل سقطت نظم الحكم في البلدان المجاورة على حدود فلسطين نتيجة افتقاد حكامها لعبقرية القيادة الوطنية ، فسادت الفوضى في البلدان و انتشر الفساد و الطغيان و الظلام و هذه على الأرجح عوامل غير ملائمة لإقامة ألدولة الغربية العظمى في سورية و العراق ، و لا شك في أن فلسطين لا تتسع لإقامة هذه الدولة العظمى على أرضها . (انتهى )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و