الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعامل الولايات المتحدة مع -ساحتها الخلفية-*

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش
أعود من جديد إليك أستاذ نهاد، تحدّيات جديدة تعيشها واشنطن في علاقتها مع عالم الجنوب مع أميركا اللاتينيّة الجنوبيّة. باتت تفرضها الآن هذه التحديات دول أميركا الجنوبيّة على عكس ما كان يحدث سابقاً في ظلّ الهيمنة الأميركيّة. ما هي أبرز هذه التحدّيات التي تواجه واشنطن الآن في التعاطي وفي العلاقة وطبيعة العلاقة مع أميركا اللاتينيّة برأيك؟

- نهاد أبو غوش: معروف أنّ الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة منذ قرن على الأقل، كانت تتعامل مع أميركا اللاتينيّة وشعوبها ودولها باعتبارها ساحة خلفيّة. ساحة خلفيّة بمعنى تلقي لها كل فضلاتها وقماماتها ومشكلاتها ومقدّراتها وانقلاباتها العسكريّة التي كانت تُديرها. هناك على الأقل عشرة تدخّلات عسكريّة فاضحة للولايات المتحدة في دول أميركا اللاتينيّة. أيّ دولة تخرج عن طوع الإدارة الأميركيّة تتعرّض إمّا لمحاولة الانقلاب أو لغزو خارجي كما جرى في التشيلي، في غرينادا في أكثر من بلد. ربطاً بالموضوع الذي كنا نتحدّث عنه في الحرب الأوكرانيّة الروسيّة، هناك عالم جديد يتشكّل شئنا أم أبينا بغضّ النظر عن سرعة إنجاز هذا التحوّل. ضمن ملامح العالم الجديد أنّ هناك قوّة جديّة في أميركا الجنوبيّة بدأت تهبّ وتتلمّس خطوات مستقبلها بعيداً من التبعيّة والهيمنة الأميركيّة. على الأغلب أنّ الرئيس لولا دا سيلفا في البرازيل سيفوز على الشعبوي الموالي لأميركا بول سيناريو. في كولومبيا حصل تحوّل وفي المكسيك أيضاً. فنزويلا ثابتة، كوبا ثابتة. وبالتالي التحوّلات الجارية في العالم ستنعكس بأميركا بنشوء دول متوسّطة الحجم. أتحدّث عن البرازيل والمكسيك إلى حدّ ما الأرجنتين وكولومبيا. هذه الدول تبحث عن مستقبل خاص بها للتنمية والازدهار بعيداً من تقسيم سوق العمل الذي تريده الولايات المتحدة بأنّ تُبقي هذه الدول تابعة لها ومصدراً للمواد الخام فقط وسوقاً مُستباحاً للمنتج الأميركي وأيضاً مثل أدوات لها ضمن حروبها الدوليّة والعالميّة. أنا أعتقد أنّ الانتخابات البرازيليّة ستكون محطّة فاصلة في بلورة مستقبل أميركا اللاتينيّة الذي ينحو بالإجمال نحو اليسار والقوى الاشتراكيّة أو الديموقراطيّة الاجتماعيّة المستقلّة عن أميركا والتي لها همّ بأن تبني مجتمعاتها ودولها واقتصادها ومستقبلها بعيداً من التأثير الأميركي.

- فتون عباسي: مقال في هآرتس بعنوان: الخوف من نصر الله مبرّر. الإسرائيليون يعرفون ما هو ثمن الحرب ضدّها. أستاذ نهاد، انتصر لبنان. برأيك هو انتصار حق فقط هو انتصار اقتصادي هو انتصار سياسي أم هو انتصار استراتيجي؟

- نهاد أبو غوش: بلا شك هو إنجاز تاريخي مهم. كيف ما أسميناه هو إنجاز. لا سيّما أنّ حزب الله وضع إمكانياته في تصرّف الدولة اللبنانيّة وظهر لبنان رغم كل أزماته ومشكلاته الحزبيّة والسياسيةّ والفِرَق والفشل في انتخاب رئيس جمهوريّة وكل هذه المسائل، لكن ظهر لبنان موحّداً في الدفاع عن حقوقه الاقتصاديّة والسياديّة. هذه مسألة أربكت حسابات الإسرائيليين تماماً. هم كانوا يراهنون دائماً على إمكانيّة الاستفراد بلبنان وإيجاد وقيعة ما بين حزب الله والمقاومة بشكل عام وبين باقي الأطراف اللبنانيّة. لكن حزب الله تصرّف بذكاء شديد وقدّم نفسه باعتباره حامي حمى كل لبنان، لبنان البلد، لبنان الدولة، لبنان المجتمع، وهذا فعلاً عقّد حسابات الإسرائيليين. الإسرائيليون اعتادوا أنّ يستولوا على الأمور بقوّة الأمر الواقع يعني بمعنى بوضع اليد، يعني كأي مجرم يريد أنّ يضع يده على الموارد. وكيف للبنان الضعيف المُنهك المُتعب أنّ يُدافع عن حق بحري على بُعد ثمانين كيلومتراً في البحر؟ هذه المسألة لم تخطر ببال أحد. فلذلك تدخُّل حزب الله والمُسيّرات التي لم يكن فيها متفجّرات، كان رسالة مهمّة جداً. الآن الإسرائيليون لا يملكون سوى تهديد لبنان بأنّه إذا لوَّح بالخيارات العسكريّة فسيُدمّرون لبنان ويُعيدونه إلى مرحلة العصر الحجري. السؤال الذي يطرحه الإسرائيليون وماذا سنستفيد؟ إذا أعدتم لبنان إلى العصر الحجري، ما الذي سيستفيده الإسرائيليون إذا دُمّرت مدنهم وإذا انهمر على إسرائيل ثلاثة آلاف صاروخ كل يوم وستصل إلى أيّ هدف أينما كان بحري برّي عسكري مدني في جنوب فلسطين المحتلة في شمالها. حقيقةً حرب تموز ستبدو كأنّها بروفة صغيرة رمزيّة بالنسبة لما يُمكن أنّ تواجهه إسرائيل في ضوء خطر الصواريخ الدقيقة التي باتت فعلاً تمثّل معادلاً رادعاً لتفوّق سلاح الجو الإسرائيلي.

- فتون عباسي: على مستوى المنطقة، هذا الاتفاق هل يرسم حدوداً أو قواعد اشتباك جديدة؟

- نهاد أبو غوش: على كل حال ما زالت هناك مسائل غير محسومة حتى الإسرائيليين يُناقشونها. اليوم قرأت مقالاً للجنرال الإسرائيلي لغيورا أيلاند قال ما زالت هناك بعض الالتباسات. على أيّ أساس من حدود القانون الدولي رُسمت الحدود البحريّة وماذا بشأن الحدود البريّة. ما زالت هناك مسائل عالقة، لكنّ بالحد الأدنى لبنان يقول أإّه لن يوقّع اتفاقاً مع إسرائيل، لبنان اكتفى بأنّ يأخذ حقّه السيادي في أرضه وموارده الاقتصاديّة، وهذا بحدّ ذاته إنجاز قياساً بحال التفكّك العربي وحال الانغلاق العربي على التطبيع وخَطْب ودّ إسرائيل بشكل مُهين حتى للكرامة العربيّة. أنا أعتقد أنّ لدينا الآن نموذج كفاحي مُشرق في لبنان وفي فلسطين أيضاً. يُمكن أنّ نقول إنّ إسرائيل ليست حرّة التصرّف في هذا الإقليم تفعل ما تشاء من دون أنّ يُحاسبها أحد ومن دون أنّ يقول لها أحد إلى أين تذهبين. بالتالي حفاظ لبنان على حقوقه السياديّة والاقتصاديّة هذا إنجاز مهم للأمّة العربيّة كلّها وليس للبنان فقط.
*من مقابلة مع برنامج "بالحبر الجديد" أجرتها فتون عباسي على قناة الميادين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا