الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنة والثقافة

كاظم لفته جبر
كاتب وباحث عراقي

(Kadhim Lafta Jabur)

2023 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يعد مفهوم المواطنة كما تطرقنا له في مقالات سابقة مفهوماً مرناً ، كونه لا يمكن أن يوجد بذاته ، الا اذا كان محمولاً لموضوع آخر ، فالمواطنة حق لكل مواطن في البلد الذي يعيش فيه ، اذا كان ملتزما بشروط المواطنة مع الآخر ، ويطبق القانون ويعي مصالحه ، ويحترم ثقافة البلد وتاريخه، فالمواطنة لا يمكن أن تقوم بدون هوية ثقافية ، والهوية الثقافية هي مجموع ما يمتلكه الفرد والمجتمع من عادات وتقاليد وأعراف ، وطقوس دينية , وفن , ورقص وموسيقى ، وغيرهما مما تتميز به جماعة عن أخرى ، فالثقافة تكوّن الهوية الوطنية وتُفرد الأفراد عن غيرهم ، كما ان كلاهما يدلان ( المواطنة والثقافة ) على تَمثل الفرد للوطن سواء كان وطنا أصيلا أو مستوطنا فيه ، اذ أن المواطنة تعبير سياسي جمعي يعبر عن فعل الالتزام وفق ثقافة الجماعة ، وقانون البلد ، لأن الثقافة هي التي تفرد الأفراد وتصنفهم أصناف ،وبما أن المواطنة تشترك مع الثقافة في التعبير عن طبيعة المجتمعات ، لكن الثقافة ذات وجود اجتماعي ، بعكس المواطنة ذات الوجود السياسي ، لذلك لا يمكن قيام نظام سياسي دون تمثيل اجتماعي ، كلاهما يعتمد على الآخر في بناء المجتمعات ، إلا ان ممارسة المواطنة تواجه مشاكلا سوى في الدول الديمقراطية أو غيرها من أنظمة الحكم ذات التنوع القومي ، او العرقي ، أو الطائفي ، فالدول التي تعتمد الثقافة لرسم حدود الوطنية عند الأفراد تجدها دول ممزقه داخلياً يسود فيها الفساد ، والإرهاب ، والكراهية نتيجة المحاصصة ، وانعدام الأمن والنظام ، بسبب تعدد الهويات الثقافية ، و يؤدي كذلك لسيطرة فكر الأكثرية من الجماعات على الأقلية ، ويحجم دور الأقليات السياسي والاجتماعي ، وهذا يؤدي لضياع هوياتهم وبالتالي هجرتهم . ولغرض بناء نظام سياسي قوي ، ومجتمع موحد يؤمن بالمواطنة والمساواة وقبول الآخر ، يجب البحث عن قواسم وطنية أساسية ،وثوابت مشتركة وبثها بين أفراد الوطن الواحد ، بعيدا عن هوياتهم الثقافية . كما ان التطور التكنولوجي والمعرفي في العالم ، أدى إلى تثاقف الشعوب و خلق ثقافات فرعية جديدة مركبة ، وفي خضم هذا التداخل الثقافي نجد عسراً في تحقيق مفهوم المواطنة ، ولكي يتم إيجاد وتحقيق واقع سليم لمفهوم المواطنة يتحتم على الدول ايجاد ثقافة وطنية مشتركة بين أطياف المجتمع ، وهي ما سعت له بعض الدول الكبرى مثل الملكة المتحدة بريطانيا ، أو الولايات المتحدة الأمريكية ، او الهند وغيرها من الدول ذات الثقافات المتعددة ، أو الديانات المتعددة ،أو متعددة الجنسيات مثل دولة الإمارات ، حيث سعت هذه الدول إلى ابتكار خطاب سياسي وطني يبث الوطنية في وعي الأفراد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يستطيع بايدن ان يجذب الناخبين مرة اخرى؟


.. القصف الإسرائيلي يدمر بلدة كفر حمام جنوبي لبنان




.. إيران.. المرشح المحافظ سعيد جليلي يتقدم على منافسيه بعد فرز


.. بعد أدائه -الضغيف-.. مطالبات داخل الحزب الديمقراطي بانسحاب ب




.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية وتوسع استيطانها في الضفة الغ