الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معتدل او متطرف -تصنيف يفتقرللدقة والعدل

درويش محمى

2006 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تصنيف الانظمة العربية الى معتدلة ومتطرفة مقبول نسبياً ، فهو يعكس الواقع انطلاقاً من مواقف وسياسات هذا النظام او ذاك من الصراع العربي الاسرائيلي ، ويعكس كذلك درجة المرونة والواقعية السياسية لدى الانظمة الحاكمة وكيفية تعاملها مع المحيط الاقليمي والمجتمع الدولي .

بالرغم من صحة هذا التصنيف للانظمة العربية والشرق اوسطية وصوابيته "ولو جزئياً " لكنه غير دقيق وغير عادل ، ويتصف بالقصور والتعميم غير المبرر ، ويعتبر منتجاً غربيا "مستوردا" رغم تداوله وانتشاره سياسياً واعلامياً على الصعيد المحلي، ويعكس الى حد كبير نظرة الغرب ومصالحه في المنطقة ، اكثرمن كونه انعكاس حقيقي لطبيعة الانظمة الحاكمة وحقيقة تكوينها سواء كانت معتدلة او متطرفة ، لان اعتدال نظام حكم ما في" سياساته الخارجية " لا يعني بالضرورة اعتداله في القضايا الاخرى ، والعلة في هذا التصنيف والفرز هو الاساس الذي يقوم عليه ، والذي ينحصر في الاعتماد الكلي على سلوكيات الانظمة الحاكمة وتعاملها مع القضايا الخارجية ، ويتغاضى كلياً عن طبيعة البنية الحقيقية للانظمة وسياساتها الداخلية ، والتي من المفترض ان تشكل العامل الحاسم في تحديد طبيعة الأنظمة من حيث الاعتدال من عدمه ، كذلك التطرف من عدمه ، ومجموع سياسات النظام ككل لا يتجزأ ، ينبغي ان تشكل الاساس في عملية التقييم وبالتالي التسمية والتصنيف، لو قيل مثلا ان النظام السوري متطرف في سياساته الخارجية والاردن معتدل في سياساته الخارجية والمملكة السعودية معتدلة في سياساتها الخارجية او موقفها من الصراع العربي الاسرائيلي ، لكان التصنيف اكثر دقة واكثر انعكاساً للواقع واقرب الى الحقيقة ، وباختصار تصنيف ووصف نظام ما لا يتوقف على السياسة الخارجية لهذا النظام ، بل على مجمل سياساته ومواقفه الداخلية والخارجية ، الاقليمية والدولية ، السابقة واللاحقة .

الرئيس المصري حسني مبارك والذي يعرف عنه الاعتدال والمرونة والوسطية في "سياساته الخارجية" ، كان محقاً ومصيباً فيما ذهب إليه من رفض لتصنيف الانظمة العربية الى معتدلة ومتطرفة ، وقد جاء في تصريحه الاخير بعد لقائه والدكتورة رايس "مصر ترفض تقسيم دول المنطقة الى متطرفين ومعتدلين" وهنا لا بد لنا ان نوافق الرئيس مبارك الرأي في هذا التصنيف المبهم ، رغم اختلافنا مع "مصر" في دوافع واسباب هذا الرفض ، الرئيس يرفض نعت النظام السوري بالتطرف ، لان مثل هذا الامر قد يؤدي الى انهياره ، وبالتالي يهدد الامن في سوريا ومن ثم الامن في المنطقة ، كما ان الرئيس مبارك يخشى من البديل في حال انهيار النظام في سوريا ، حيث كان واضحاً وصريحاً بقوله "البديل يمثل خطراً شديداً على الامن القومي للمنطقة بأسرها " ، ونحن نرفض نعت هذا النظام بالتطرف لأسباب تختلف واسباب الرئيس حسني مبارك ، ليس خوفاً وحرصاً على انهيار سوريا ، ولا خشية من البديل وما يشكله من خطر، بل لان هذا التصنيف لا يعطي النظام السوري حقه في التعريف والتصنيف، فهو ليس نظاما متطرفا وحسب ، لا لكون هذا النظام وراء ارسال جحافل الارهابيين الى العراق ليرتكبوا جرائمهم من قتل ودمار، وليس لتدخل هذا النظام في شؤون لبنان الداخلية وادخاله في حروب خاسرة ، وليس لأن الامن القومي للمنطقة بأسرها اصبح في خطر نتيجة للسياسات الطائشة للنظام السوري ، بل لاعتقادنا ان البديل في سوريا والمتمثل" بالشعب السوري" وحده القادرعلى اعادة الاعتدال والعدل والامن والاسنقرار والسلام والوئام لسوريا وربما المنطقة .

من الاجحاف بحق الشعب السوري والبالغ 20 مليون من البشر ، ان يصنف النظام السوري على اساس موقفه من القضية الفلسطينية ، او يصنف من خلال علاقاته مع الامريكان او غيرهم , ومن الاجدر ان يتم تصنيفه حصراً من خلال تقييم شامل وكامل لمجمل سياسات البعث الحاكم ، وكيفية تعامل هذا النظام مع القضايا الحيوية للشعب السوري من حريات وامن والعيش الكريم ، وما حققه او لم يحققه من تنمية اقتصادية واجتماعية ، ولو تم ذلك لصنف هذا النظام، بأنه نظام مستبد وغير ديمقراطي ونظام فاسد وغير امين ونظام امني واستخباراتي وطائفي غير شرعي وشوفيني ونظام غير منتخب ووراثي غير دستوري ، واخيرا لوصف وصنف هذا النظام بالمتطرف.

ولنفترض فرضاً ، ان علاقات دمشق مع الولايات المتحدة اقوى بكثير من قطر ، وفيها سفارتان للأمريكان لا واحدة فقط ، ولو افترضنا فرضاً أن النظام السوري حرر هضبة الجولان ومن ثم دبت فيه الحماسة والشجاعة وحرر كامل فلسطين من البحر الى النهر ، ولنفترض فرضاً ان المحققين الدوليين اكتشفوا ان النظام السوري براء من مقتل الرئيس رفيق الحريري والجرائم التي ارتكبت بحق الاحرار اللبنانيين ومن ثم ساعد هذا النظام الشعب اللبناني ليقرر مصيره بنفسه ولم يتدخل في شؤونه الداخلية ، ولنفترض فرضاً ان النظام السوري منع الارهابيين من دخول العراق وتوقف تماماً عن دعم بقايا البعث والتكفيريين وساهم في بناء عراق أمن وحر ، ولنفترض فرضاً ان النظام السوري اوصى خالد مشعل بأن يكون واقعياً ويرحم الشعب الفلسطيني ويعترف بإسرائيل ، يبقى النظام السوري رغم كل ذلك نظام متطرفاً وجائراً، لانه نظام يقمع شعبه ويجوع ابنائه ويسرق احلامهم ومستقبلهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ