الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


19 يناير بداية لمعركة حاسمة ومفتوحة للبروليتاريا الفرنسية في الدفاع عن مكتسابتها التاريخية !

عامر رسول

2023 / 1 / 18
الحركة العمالية والنقابية


تواجه البروليتاريا اليوم، تحديات ومعوقات كبيرة على الصعيد العالمي باشكال وسياسات متفاوتة في الظاهر ولكن في المحتوى والجوهر تتعقب سياسة واحدة مشتركة وهي إضعاف موقع ومكانة البروليتاريا بوصفها الطبقة الوحيدة القادرة على التغيير والفعل الثوري والعمل بشكل ممنهج على سلب حقوقها ومكتسباتها في صراع طبقي مرير ومستمر. ان الحكومات البرجوازية التي تمثل مصالح الطبقة الرأسمالية ومالكي وسائل الانتاج والمتحكّمين بالسلطة السياسية، تسخر كل طاقتها المتاحة لتحقيق الارباح وتراكم ثروات ورأس مال خارج توقع العقل البشري، وذلك من خلال الاستغلال الجشع للبروليتاريا العالمية التي تتمثل بتدني الاجور، والعمل على زيادة نسبة فائض القيمة الى اعلى درجاتها والتي تعتبر المصدر الوحيد لاستخراج الارباح. وعندما تقع الرأسمالية في أزماتها الاقتصادية وتنخفض نسبة ارباحها في السوق، تضع تبعات أزماتها وحملها الثقيل على اكتاف البروليتاريا، وتؤدي بالنتيحة الى الزيادة في نسبة البطالة، وانخفاض في القدرة الشرائية، والغلاء، الى ان تصل الى زجهم في مآسي الحروب وانعكاساتها الكارثية على حياة الملايين من البشر كما نشاهدها في بقاع مختلفة من العالم ومن خلال الصراع الدموي الحاد بين الاقطاب الرأسمالية في هذه المرحلة الانتقالية العصيبة.
هذه هي اللوحة السياسية الحالية للاوضاع العالمية التي اختلقتها سياسات الراسمالية وابتليت بها عموم البشرية، واحدى هذه السياسات التي انتهجت ضد قسم من البروليتاريا، هي إقدام الحكومة البرجوازية في فرنسا برئاسة ماكرون على الهجوم ضد اهم مكتسبات البروليتاريا الفرنسية التي حققتها طوال تاريخها ونضالها الطبقي، والتي جاءت على شكل مقترح من رئيسة الوزراء الفرنسية في الاسبوع الاول من السنة الجديدة برفع سن التقاعد الاعتيادي من 62 عاما حاليا إلى 64 عاما بحلول 2030، تحت إطار ما يسمى بـ "مشروع إصلاح نظام التقاعد"، مبررة هذه المسألة بمجموعة من الحجج الواهية وهي انها تعزز معدلات التوظيف المنخفضة بين كبار السن، وتجنب العجز المستمر في صناديق المعاشات التقاعدية، وغيرها من الاكاذيب والادعاءات الزائفة تحت مسميات سياسات التقشف واعادة هيكلة النظام التقاعدي الفرنسي (اقل سن تقاعدي في أوروبا) مقارنة بالمانيا واسبانيا وايطاليا وبريطانيا والتي يتراوح السن التقاعدي فيها من 66 الى 67 متناسية (حكومة ماكرون) اجراء مقارنة بسيطة في حجم الاستثمارات في الخارج حيث قفز الى اكثر من مليار يورو، ولا تريد ايضا بالتاكيد ذكر حجم الميزانية العسكرية ومقدارها295 مليار يورو لموازنتها الدفاعية بحلول 2025 وهي سادس أكبر ميزانية دفاعية في العالم والأولى في الاتحاد الأوروبي.
وبخلاف تلك المبررات غير الواقعية، يكمن السبب الحقيقي للبرجوازية وراء مقترح رفع السن التقاعدي في فرنسا، في ان تجعل البروليتاريا طبقة أكثر فقرا وذلك بمسارين مختلفين، المسار الاول تجعل من القوى العاملة الشابة من ان تتأخر في الدخول الى سوق العمل لمدة عامين وهذا يعني إخلاء المسؤولية عن دفع رواتب مئات الآلاف من البروليتاريين لمدة عامين على التوالي، وفي المقابل ستتأخر المعاشات والحقوق التقاعدية لمئات الآلاف من الأشخاص لمدة عامين في الجهة المقابلة، من خلال تسخيرهم للعمل لسنتين اضافيتين مقابل أجور اقل بكثير من مستحقاتهم الواقعية وفي نفس الوقت يتم الاستقطاع ومن نفس تلك الأجور، نفقات لتغطية الرواتب التقاعدية. ومن هنا نستنسج بشكل واضح كيف ان البرجوازية تحقق المزيد من الأرباح على حساب فقر واستغلال البروليتاريا وجعلها طبقة اكثر فقرا.
سياسات الحكومة البرجوازية الفرنسية واضحة وتتعقب مصالحهم الرأسمالية، وتريد من البروليتاريا التعويض من خلال العمل والصرف من حياتهم سنتين في سبيل تكملة النقص في الميزانية، يا لها من مهزلة. هذا في الوقت الذي تطالب البروليتاريا الفرنسية طيلة السنة الماضية بزيادة الأجور، وتخفيض اسعار المواد الغذائية والطاقة من خلال المئات من التظاهرات العمالية في قطاعات النقل والصحة والتعليم في عموم فرنسا.
السؤال المطروح الان هل تستطيع حكومة ماكرون البرجوازية من تمرير سياستها وتوجهاتها الراسمالية بتحويل السن التقاعدي الى 64؟ انها مسألة في غاية من الاهمية سوف تحسمها قوة وتنظيم النضال الطبقي للبروليتاريا على ارض الواقع التي تبدأ شرارتها في 19 يناير، كما واجهت اعتراضا كبيرا اثناء ولايته الاولى لرئاسة فرنسا عام 2017 ، وتم التأجيل والتراجع في القرار تحت ضغط البروليتاريا في عام 2020
ان المؤشرات الاولية تشير الى سخط جماهيري واسع على صعيد عموم فرنسا، وان البرولتياريا في جميع القطاعات الصناعية وقطاع البناء والتعليم والنقل المواصلات والقطاع الصحي وغيرها من القطاعات الاخرى على اهبة الاستعداد لمواجهة سياسة حكومة ماكرون، هذا الى جانب دعوة كبريات الاتحادات والنقابات العمالية إلى إضراب عام وتعبئة احتجاجية على مستوى كل فرنسا، ومن بين هذه الاتحادات:
- الكونفدرالية العامة للشغل في فرنسا (CGT)
- الكونفدراسيون الديمقراطي الفرنسي للشغل (CFDT)
- الكونفدراسيون العام للشغل "القوة العاملة" (FO)
- الاتحاد الفرنسي للعمال المسيحيين (CFTC)
- الاتحاد الوطني للنقابات العمالية المستقلة (UNSA)
- الاتحاد الفرنسي للإدارة - الاتحاد العام للمدراء التنفيذيين (CFE-CGC)
- الاتحاد النقابي الموحد (FSU)
هذا بالإضافة الى التضامن الكامل من الاتحادات الطلابية و الحركات اليسارية والاشتراكية والشيوعية للاحتجاجات ورفضها لمشروع السن التقاعدي الى 64 سنة. وهناك توقعات بأن تلجأ الحكومة إلى آلية دستورية هي المادة " 49.3" التي تسمح للسلطة التنفيذية بإصدار التشريعات عبر الجمعية الوطنية بدون حصول تصويت، وهكذا يدوسون بأقدامهم على مفاهيم ديمقراطيتهم ويتجاوزون على كل القوانين عندما تقتضي الأمر وتصبح تهديدا لمصالحهم ومصالح شركاتهم الرأسمالية.
ان طبقة البروليتاريا العالمية وبالاخص بروليتاري اوروبا مدعويين لمساندة وتضامن رفاقهم في فرنسا في الانتصار على سياسات ماكرون البرجوازية التي تريد سلب اهم منجزات ومكتسبات البروليتاريا طيلة العقود الماضية، وهناك عوامل مادية وارضية مشتركة في النضال الطبقي بين بروليتاريي فرنسا وبريطانيا، حيث ان كلتا الطبقتين فرضوا انفسهم في بشكل طبقة موحدة للدفاع عن مصالحها المشتركة من خلال حضورهم الدائم في الاحتجاجات والتظاهرات خصوصا في السنة الماضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا


.. الحق قدم.. 3408 فرصة عمل جديدة في 16 محافظة.. اعرف التفاصيل




.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا