الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية المؤامرة باتت حقيقة في ظل الوقائع

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2023 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أمريكا تفتعل الازمات وتضخمها بالإعلام الاوليغارشي "المسير ضد روسيا" في حربها مع أوكرانيا، لتدفع العالم الى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر.. لا تواني المخابرات المركزية من تدبير اختلاق ازمة عالمية ضد روسيا على شاكلة الصاروخ الروسي س-300 الذي وقعت في الأراضي البولندية وتبين بانها من بقايا السلاح الروسي في أوكرانيا.. وتستمر المخابرات الأنجلو أمريكية في صناعة هذا النهج، والأيام حبالى تلدن كل عجيب..
الرؤية الواقعية اليوم مع سير الاحداث الأخيرة تلتقي مع نظرية المؤامرة في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا التي تسير بمشيئة الاوليغارشية امراء العالم الجديد، وهذا مجرد فكر تأملي، فأمريكا ووكالاتها الاستخبارية وروسيا وأوكرانيا وأوروبا واليابان وأنظمة الشرق الأوسط بيادق في هذه النظرية. فقد تم إعداد انقلاب كييف عام 2014 بشكل أساسي من قبل بريجنسكي (عجوز ال سي آي أي)، لجر روسيا إلى حرب حزبية جديدة - كما هو الحال في أفغانستان - وأعقبته أوامر إلى مزارع النفط الخليجية بانهيار أسعار النفط ودفعت موسكو الى حماية الناطقين بالروسية في شبه جزيرة القرم ودونباس، وأدى ذلك إلى المزيد من العقوبات الغربية، كل ذلك كان إعدادا. لمدة 8 سنوات، رفضت موسكو إرسال جيوشها حتى إلى دونباس شرق نهر الدنيبر (تاريخيا جزء من روسيا الأم). وفي الوقت نفسه، تعرضت بقية أوكرانيا للنهب من قبل الأوليغارشية المدعومة من الغرب، وسقطت في ثقب أسود مالي. بعودة سريعة للماضي فان أوكرانيا كانت جزءا من روسيا لما يقرب من أربعة قرون. تم اختراع فكرة استقلالها من النمسا خلال الحرب العالمية الأولى لغرض تقويض الجيش الروسي (وهذا ما حدث بالتأكيد)، تم إنشاء "الاستقلال" الحالي حتى يتمكن الأوليغارشيون المحليون من نهب الأمة حيث كانت الحكومة المتحالفة مع روسيا على وشك التحرك ضد هؤلاء الأوليغارشيين.
تسعى أمريكا التي تدعي الحرية والديموقراطية وتسعى للسلم وحقوق الانسان من خلال نزع السلاح الخطر من دول العالم، ولعب دور حمامة السلام لتحقيق تلك الأهداف "النبيلة". وفي الوقت نفسه ارادت المخابرات المركزية الامريكية ان تجر بولندا للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ثم تضغط على التحالف الأطلسي لتقديم ما يسميها "المساعدات الإنسانية" الى أوكرانيا، وكأن الانسان الروسي غير مشمول بآثار هذه الحرب اللعينة، أمريكا تضخ مليارات الدولارات كأسلحة لتضيف وقودا على النار المشتعلة بين البلدين، وتمارس ضغوطها على التحالف الأطلسي لنفس الغاية، لتتخلص من القوة الرئيسية التي تعادل كفة صراعها مع الصين، وكلما طالت أمد الحرب كلما ضعفت قدرة روسيا وقدرة التحالف الأطلسي، وبلا أي تأثير على قدرات أمريكا الحربية، والتي تقوى في ضل تطويرها للأسلحة المضادة لتلك المستخدمة من قبل روسيا في حربها والتي تسوق للتجارب تباعا في أرض المعارك.
تأمل ان روسيا تستهدف البنى التحتية في أوكرانيا، وتستخدم أسلوب الصدمة والترويع وهي نفس السيناريو الذي استخدمته أمريكا في حربها لاحتلال العراق، لترويع الشعب الاوكراني، في حرب تزيد فيها روسيا عدة وعددا بأضعاف، مما سهلت توغلها في الأراضي الأوكرانية دون مقاومة تذكر، وحاول الجيش الاوكراني مؤخرا ان يستعيد بعض المواقع من الجيش الروسي، فتطورت الحرب الى نوع اخر تستهدف كما ذكرت البنى التحتية في الصميم، وبالأخص منظومة الكهرباء، تماما كما فعلت أمريكا مع العراق في حرب تحرير الكويت، أي (نفس سيناريو الكاتب للمخططين). وباتت الخارجية الروسية تؤكد استمرارها في تدمير الكهرباء الحالية، التي تتجاوز شرق نهر الدنيبر وعلى طول ساحل البحر الأسود باتجاه أوديسا، الى مدى وعمق تؤمن منطقة منزوعة السلاح - كاملة مع أرض محايدة - غرب نهر الدنيبر لحماية المناطق الروسية من مدفعية الناتو وصواريخها بعيدة المدى! وصرح لافروف أيضا بانه "لا يمكننا السماح للجزء من أوكرانيا الذي سيتحكم فيه فلاديمير زيلينسكي، أو من يحل محله، بامتلاك أسلحة تشكل تهديدا مباشرا لأراضينا أو للجمهوريات التي أعلنت استقلالها وتريد تحديد مستقبلها!». ومن جهة أخرى تضيق الحكومة الأمريكية الخناق على روسيا بحرب جديدة من الناحية الجيواقتصادية، في محاولة السيطرة على ممرات الطاقة وتحديد سعرها. لا تزال روسيا غير منزعجة (حيث تواصل الاستثمار في خطوط الانابيب نحو آسيا)؛ ترسخ ممر النقل الدولي متعدد الوسائط بين الشمال والجنوب، مع الشركاء الرئيسيين الهند وإيران؛ ويحدد سعر الطاقة عبر أوبك +.
تدس الاوليغارشية والمحافظين الجدد والليبراليون، برجالها الى أجهزة الاستخبارات الانجلو أمريكية، لدس الفيروسات في حربها بالوكالة ولن يلينوا عن هذه الفكرة لأنهم يوازنون الحرب للحلف الاطلسي وروسيا لحد ازالتهما كقوى حاكمة من الوجود في برد الشتاء القارص!
على الأرض، ما يجري حتى الآن هو في الغالب مناوشات، وبعض المعارك الحقيقية. ولكن مع حشد موسكو قوات جديدة لشن هجوم شتوي، قد ينتهي الأمر بالجيش الأوكراني إلى الهزيمة بالكامل. لم تكن روسيا تبدو سيئة للغاية، بالنظر إلى فعالية ضربات مدفعية رشاش التقطيع ضد المواقع المحصنة الأوكرانية، والانسحابات المخطط لها مؤخرا أو الحرب الموضعية، مما أدى إلى انخفاض الخسائر أثناء تحطيم قوة النيران الأوكرانية الذابلة. يعتقد الغرب الجماعي أنه يحمل ورقة الحرب بالوكالة عن أوكرانيا. تراهن روسيا على الواقع، حيث الأوراق الاقتصادية هي الغذاء والطاقة والموارد وأمن الموارد والاقتصاد المستقر. وهذا يترجم إلى أن كل شيء يتضخم فيما يتعلق بمشروع تدمير أوروبا. إلغاء التصنيع وتجميد وحرق الخشب مع مباركة "مصادر الطاقة المتجددة" في مذبح القيم الأوروبية.
وفي الوقت نفسه، وكأن الاتحاد الأوروبي المنتحر في مجال الطاقة لم يكن مضطرا لمواجهة هرم من المحن، فمن المؤكد أنه يمكن أن يتوقع أن يطرق أبوابه ما لا يقل عن 15 مليون أوكراني يائس يهربون من القرى والمدن التي لا طاقة كهربائية فيها. محطة السكك الحديدية في خيرسون - المشغولة مؤقتا - هي مثال بياني، يظهر الناس يهرعون باستمرار للتدفئة وشحن هواتفهم الذكية. المدينة ليس بها كهرباء ولا تدفئة ولا ماء. التكتيكات الروسية الحالية هي النقيض المطلق للنظرية العسكرية للقوة المركزة التي طورها نابليون. ان هذه الحرب جنة للصوص الأوليغارشي اللذين يتغلغلون في جهاز الاستخبارات / الأمن الأنجلو أمريكي بذريعة انهم لا يستطيعون تحمل خسارة حرب أخرى في حلف شمال الأطلسي، وعلى رأسها ضد "التهديد الوجودي" روسيا. اختار الغرب الجماعي عمدا عدم تمويل الثقب الأسود. معظم حقن صندوق النقد الدولي سرقت ببساطة من قبل الأوليغارشية، وتم نقل المسروقات إلى خارج البلاد. كان هؤلاء اللصوص الأوليغارشيون بالطبع "محميين" من قبل المشتبه بهم المعتادين.. من المهم دائما أن نتذكر أنه بين عامي 1991 و1999 سرق ما يعادل ثروة الأسرة الحالية بأكملها في روسيا ونقلها إلى الخارج، معظمها إلى لندن. الآن يحاول نفس المشتبه بهم المعتادين، تدمير روسيا بالعقوبات. الفرق هو أن خطة استخدام أوكرانيا كمجرد بيدق في لعبتهم لا تعمل. وان دور بوتين لا تختلف عن دور الطبقات السياسية الحاكمة في الشرق الأوسط للتعامل مع أعداء الاوليغارشية أينما كانت مؤثرة لتوازناتها.. ألاوليغارشية التي تحكم العالم ستنفرد في سعيها لدعم أمريكا لمواجهة التنين الصيني، الذي سيجد نفسه منفردا في هذه المواجهة، منهارا بلا أسواق واستثمارات مالية خارجية، في عالم تحكمه سطوة الاوليغارشية من خلال عملائها من رؤساء جاءت بهم الى السلطة في هذه اللعبة الكبيرة ووفرت لهم سبل البذخ والحكم كملوك.. وتبقى الشعوب ضحية لهذه المؤامرات الكارثية، في ظل عالم يتشكل من جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تعد نظرية بل المؤامرة اصبحت حقيقة
سامي الخياط ( 2023 / 1 / 21 - 04:10 )
المقالة جيدة من حيث انها اوضحت الدور الكبير الذي لعبته CIA في اندلاع هذه الحرب و جر روسيا الى حرب مع اوكرانيا ، روسيا دخلت مضطرة الى الحرب بعد صبرها لمدة 8 سنوات على الانقلاب الذي دبرته CIA و اصرار الغرب على تحويل اوكرانيا الى دولة معادية لروسيا و قمع الاوكرانيين الناطقين بالروسية في مقاطعة الدونباس ، الاعلام الغربي المسيطر عليه من قبل العصابة التي تحكم الغرب تحاول تصوير بوتين كشخص متعطش لإراقة الدماء مثلما فعلوا مع ميلوسيفيتش الرئيس اليوغسلافي السابق و تصوير الدول الغربية على انها دول راعية للديموقراطية ، زيف ادعائات الدول الغربية و كذب ايمانهم في حرية الشعوب في اختيار زعماءهم يتبين عندما تفوز احزاب لا تدور في فلك النخبة المسيطرة على الحكم في الدول الغربية و هدا ما رأيناه حدث عند فوز السياسي القومي النمساوي هايدر في انتخابات ديموقراطية حيث قطعت جميع دول الاتحاد الاوروبي علاقتها مع النمسا ، و كذلك تشويه الاعلام الغربي لصورة الاحزاب الوطنية التي ترفض الدوران في فلك العصابة الحاكمة في الغرب و وصفها باليمين المتطرف


2 - ّهل يعقل
د. لبيب سلطان ( 2023 / 1 / 21 - 11:12 )
لم اكن اتصور يوما ان من يدعي الماركسية واللينينية انه
سيناصر حربا توسعية ضد شعب امن مجاور
ان يناصر قوميين متطرفين مثل المستشار الالماني ذو التوجهات النازية
من يدافع عن اية الله كقوة ناهضة مناهضة للامبريالية
متى صارت هذه ماركسية لينينية ..واذا كانت هي كذلك فما الفرق بينها واي فكر متخلف يبرر
حربا وحشية لديكتاتور سخيف ورط شعبه والعالم كما حال بوتين
واين اختفت المشاعر الانسانية تجاه شعب يعيش بدون كهرباء ومدنه وبيوته تدمربالصواريخ يوميا و ادعى بوتين جاء يخلصهم من النازية. وهو لايمارس الا اعمال النازية ولايتقول الا باقوالها
انها صحوة ضمير قبل العقل على الاقل وولكنها لنتصحى لان العقل المؤدلج يقتلها هي الاخرى ..بعد العقل انه تشويه لصورة وجوهر ومشاعر الانسانالطبيعية لاغير


3 - ألمستشار نمساوي وليس الالماني
د. لبيب سلطان ( 2023 / 1 / 21 - 16:04 )
اردت تصحيح ماورد في التعليق اعلاه ان المقصود هو المرشح الفاشل هايدر كمستشار للنمسا ورفضه البرلمان الاوربي لخلفيته الفكرية النازية، وليس كما ورد خطأ المستشار الالماني .


4 - نظرية المؤامرة نقيض العلم
منير كريم ( 2023 / 1 / 21 - 20:08 )
الاستاذ المحترم محمد رياض اسماعيل
نظرية المؤامرة نقيض العلم لانها
اولا هي فرضية وتخمين ليس الا
ثانيا لايوجد برهان عليها
ثالثا ممكن توجد عدة نظريات مؤامرة حول نفس الموضوع
رابعا نظرية المؤامرة تهمل كليا الظروف الموضوعية وتبدل هذه الظروف
نظرية المؤامرة تكثر عند الدينييين والمؤدلجين
شكرا

اخر الافلام

.. سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا




.. الولايات المتحدة.. التحركات الطلابية | #الظهيرة


.. قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة جبل بلاط عند أطراف بلدة رامية ج




.. مصدر مصري: القاهرة تصل لصيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخل