الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية لعنة الأمريكان

سعد العبره

2023 / 1 / 20
الادب والفن


أعدُّ رواية رواية لعنة الأمريكان للروائي نعيم آل مسافر وثيقة مهمة إذ تابعتْ وسجّلتْ متغيّرات كثيرة عاشها الشعب العراقي وهذه المتغيّرات وإن كانت غير خفية على القارئ إلا إن شعور الكاتب بالخوف من نسيانها إزاء ما يمر به العراق من تحولات سريعة إضافة لظهور جيل جديد لم يعش بعض تلك التفاصيل فرض على الكاتب إخلاء مسؤوليته كمثقف من خلال هذه الرواية القصيرة التي هي أشبه بفيلم تسجيلي.
أسماها (لعنة الأمريكان) وهذا العنوان الواضح هو الثيمة التي ترافق القارئ طيلة الرواية من خلال تأكيد الكاتب على فكرة يعتقد بها وربما يشاركه بها كثيرون وهي إن أساس الخراب الذي يعيشه هذا البلد منذ عقود إلى يومنا الحاضر هو السياسة الأمريكية، ولحظتُ ذلك في أول عبارة في الرواية (أسقطوا التمثال برافعة ثقيلة ووقفوا متفرجين..) وهذه إشارة واضحة إلى دور أمريكا في المشهد إذ نراها فاعلا مرة وجمهورا مرة أخرى. كذلك أشار الكاتب إلى إن التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 لم يكن تغييرا جذريا وهذا ما كرره الكاتب كثيرا من خلال عبارة (بقاء ساقي التمثال) بمعنى إن أمريكا ليس لديها نية صادقة بالتغيير،كذلك هي إشارة إلى إن إقصاء أي حزب حاكم لعقود من السلطة لا يكون تغييرا شاملا ما دامت له جذور في الواقع ممتدة لسنين وهذه الجذور قد تخضر إذا وجدت الحاضنة الملائمة لا سيما (نحن مثل قلوب السمك ننسى بسرعة) ويقول أيضا في إشارة لطيفة (أمّا الملابس الخضراء الداكنة فما زالت مخبأة في النفوس قبل الدواليب).
فضح الكاتب ما هو مفضوح من خلال تصويره السردي للجرائم التي ارتكبها النظام السابق من خلال أبشع صورة وهي دفن الأحياء من الآباء والشباب والأطفال بل حتى الدمى، ولم يكتفِ بهذا الوصف إذ ذكر المناطق التي تحتوي على مقابر جماعية حتى إنّه جعل أحدى عتبات الرواية بعنوان (قائمة المقابر) وكأنّه يريد أن يرفع لافتات عليها وهو بلسان المواطن العراقي يتمنى أن تأتي حكومة جديدة تجعل من هذه الأماكن متاحف وتشيّد عليها مسارح ومكتبات( لتكون شاهد عصر للأجيال القادمة).
في صفحة (7) يقول: (إن أغلب المشاهدين وهم يراقبون الأحداث يحملون بأيديهم أوراقا مطوية) ولعل هذه الإشارة لأمنيات مطوية أو مؤجلة منذ زمن في داخل المواطن العراقي المتشوق للتحرر أو أنّه يؤكد على نسيان العراقيين في لحظة الحدث ما سبق تلك اللحظة من حروب وحصاريات وتعذيب فهم قد انشغلوا بالفرحة وتناسوا كل آلامهم دفعة واحدة.
ووجدت ذات المعنى في العتبة الأولى (قائمة غذائية) والتي تشير إلى التفكير البسيط للمواطنين وانشغالهم بجزيئات بسيطة والتلاعب بهم بواسطة شعارات وهمية لإشغالهم عن الذي يجب أن يكونوا عليه إزاء الحدث المهم الذي سينقلهم إلى واقع جديد وإشغالهم عن التفكير في مستقبلهم ومستقبل بلادهم المجهول.
كذلك أجاد في وصف بعض البعثيين او الفكر البعثي عموما من خلال شخصية (أبوعروبة الذي يحمل على زنديه من الجانبين عدة أقلام مع إنّه لا يعرف الكتابة)
يعود الكاتب فيروي لنا نكتة الحشرة والصرصار وطريقه تكاثر الحشرات وهذه النكتة مرتبطة جدا بعبارة ساقي التمثال المتكررة وهذه هي الحاضنة التي كان بطل الرواية مدركا لها خائفا منها منذ أن رأى الجماهير لاهثة بفرحتها،مزدحمة أمام (استنساخ الحرية) وأجد في هذا الاسم إشارة ذكية للدكاكين الإعلامية التي رافقت التغيير،ومن جانب آخر يشير إلى أن الحرية الجديدة مستنسخة،ونحن نعرف أن النسخ عادة ما تكون أقل وضوحا،وهذا ما يدل على ضبابية المشهد السياسي وعلى الفوضى التي أدركها المواطن الواعي قبل غيره لحظة التغيير.
ولا ينهي روايته قبل أن يبيّن حياديته من خلال عودة (النقري) لكرسي الحكم مجددا،كذلك إشارته لما عاناه العراق ما بعد التغيير من حروب جديدة بعد أن خصص عتبة من روايته لأكبر مجزرة ما بعد 2003 وهي مجزرة سبايكر.
كذلك،أشار للتظاهرات المطالبة بالخدمات التي عمّت البلاد،وكيف جوبهت من قبل الأحزاب،والدور الذي لعبه حماية (تأميم) لخلط الأوراق بين الفريقين (حتى رأيته ملقى على الأرض وأحد حماية تأميم يقوم من فوقه وهو يخفي سكينا تحت إبطه.حاولت الإمساك به لكنّه اختفى مني بالزحام)،وهنا يصور لنا (الطرف الثالث) الموجود بيننا دائما،وسيبقى ما دامت ساقا التمثال قائمتين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في