الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثالث - 21 كانون الثاني/يناير 2023

الطاهر المعز

2023 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


يتضمن هذا العدد فقرات عن الإقتصاد السياسي، بعبارات مُبَسّطة، منها فقرة عن خفايا عبارة "استقلالية" المصارف المركزية التي يشترطها الدّائنون، كما الحال في تونس ومصر التي تحل ذكرى استبعاد رَئِيسَيْهما الأسْبَقَيْن هذا الشّهر، وفقرات عن الإنفاق الحربي الأمريكي، وفقرة عن التقرير الذي تُصْدِرُهُ منظمة "أوكسفام" في كانون الثاني/يناير من كل عام، عن الثراء الفاحش لمجموعة صغيرة، يقابله فقر مدقع لملايين البشر، بمناسبة "المنتدى الإقتصادي العالمي" المعروف باسم "منتدى دافوس" وهو أحد المؤتمرات الدّورية للأثرياء، وتَضَمّن العدد الثاني من نشرة "متابعات" بضعة فقرات بعنوان "البرلمان الأوروبي بُؤرة فساد"، ولا تزال التّداعيات مستمرة، فقد أشارت وسائل الإعلام إلى اكتشاف الشرطة في بروكسل حقائب مليئة بمئات الآلاف من العملة (يورو) نقدًا، جاءت من سلطات المغرب وقَطَر، كما يتضمن العدد الثالث فقرات عن بزنس كرة القدم وعن اقتصاد إفريقيا وعن ارتفاع ثروات الشركات والأفراد الأثرياء، في ظل تذمّر الأُجَراء والفُقراء من ارتفاع الأسعار والتّضخّم وانخفاض القيمة الحقيقية للأُجُور وفقرة عن مُغالطات وحِيَل الشركات المنتجة لمبيدات الأعشاب، التي يُشتَبَهُ في إنها مُسَبِّبَة للسّرطان، وفقرة تتضمن محاولة تبسيط مفهوم رأس المال المالي، كما يتضمن العدد فقرات عن تونس ومصر وبعض الوضع العربي، وفقرة عن العُمّال غير النّظاميين بفرنسا، في ورشات إنجاز البُنية التحتية للألعاب الأولمبية بباريس ، وفقرات متنوعة أخرى.
عرب:
ورد بالعدد الأول ذِكْرُ تقرير لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا(إسكوا) الصادر بنهاية العام 2022 وهذا مُلخّص للتقرير الذي أَكَّدَ ارتفاع مستويات الفقر في الوطن العربي سنة 2022 مقارنة بسنة 2021، ليصل عدد الفقراء إلى ما يقارب 130 مليون إنسان، أو ما يُعادل ثُلُثَ السّكّان (دون احتساب دُويلات الخليج وليبيا)، ويتوقع التقرير ارتفاع معدّلات الفقر لتصل إلى 36% سنة 2024، كما سجل الوطن العربي معدلات قياسية عالمية للبطالة بلغت 12% سنة 2022، وبلغت معدلات التضخم 14%...
التعليق: لا يمكن فَصْل هذا الوضع الكارثي عن التّدخّلات العسكرية الأجنبية التي يتعرض لها الوطن العربي، منذ العقد الأخير من القرن العشرين (العراق وليبيا وسوريا واليمن ولبنان ) فضلاً عن آثار فترة الإستعمار المباشر، منذ القرن التاسع عشر، وما يعتري الفترة الحالية من إثارة المشاكل الدّاخلية وتشجيع المبادرات الإنفصالية الرّجعية التي لا ترمي إلى تقرير المصير بل إلى تحويل جزء من السودان أو العراق أو سوريا إلى قواعد عسكرية أمريكية وأطلسية، دون إهمال دَوْرِ الحُكّام العُملاء، كوُكَلاء مَحَلِّيِّين للقوى الإمبريالية...
مصر - الشعب بين فَكّيْ كمّاشة، الفقر والإستبداد
سيطرت الأوليغارشية المقربة من جمال مبارك (ابن حسني مبارك) والجيش على الاقتصاد المصري إلى غاية انتفاضة 2011، ومنذ العام 2013، شرع نظام اللواء عبد الفتاح السيسي في إطلاق مشاريع البنية التحتية الكبرى، بحجة "تحديث مصر" (توسيع قناة السويس والعاصمة الجديدة والمدن الجديدة الأخرى والمتحف الكبير، وما إلى ذلك) وعهد بإنجاز هذه المشاريع للشركات التابعة للجيش، وهي في معظمها مشاريع غير منتجة، ولا تشارك في الحد من البطالة والفقر، وتتطلب مبالغ كبيرة من التمويل اقترضتها الدولة من دويلات الخليج ومن الصين، قبل اكتشاف رواسب كبيرة من الغاز، بداية من سنة 2015، وهي مشاريع مربحة فقط على المدى الطويل بسبب صعوبات التشغيل، لكنها شجّعت صندوق النّقد الدّولي على إقراض الدولة، في كانون الأول/ديسمبر 2016، مبلغ 12 مليار دولار، مقابل شروط، منها تخفيض دعم الوقود والغذاء، وتنفيذ برنامج إصلاحات هيكلية، منها تخفيض قيمة العملة المحلية (الجنيه المصري)، وهو ما أدّى إلى ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة، بما في ذلك القمح ومشتقاته.
كانت جائحة "كوفيد -19"، سنة 2020 و 2021، بمثابة الكارثة الضربة التي حرمت حكومة مصر من المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي: السياحة ورسوم حركة مرور السّفن عبر قناة السويس.
أما في سنة 2022، بمجرد اندلاع الحرب في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، هرب رؤوس المال الأجنبية المودعة بمصر، نحو الولايات المتحدة التي رفع الإحتياطي الإتحادي (المصرف المركزي) بها سعر الفائدة، مما أدى إلى تفاقم عجز العملة الأجنبية في المصرف المركزي بمصر والبلدان "النامية" المُماثلة، وعجز ميزان المدفوعات، واعتبارًا من شهر آذار/مارس 2022، لم يعد لدى الدولة المصرية ما يكفي من العملات الأجنبية لتسديد ثمن الشحنات المتراكمة بالموانئ، والتي تنتظر التسوية، وبلغت قيمة البضائع المجمدة أكثر من 10 مليارات دولار، واضطرّت الحكومة إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 9 مليارات دولار، لكن صندوق النقد الدولي يوافقْ سوى على 3 مليارات دولار، وشدّد شُرُوطَه مُطالِبًا بإصلاحات أكثر صرامة من المرة السابقة (2016)، ومنها إنهاء تدخلات البنك المركزي في سوق الصرف الأجنبي لدعم الجنيه، فضلا عن خصخصة القطاع العام، بما في ذلك الشركات التابعة للجيش، وقد يُؤَدِّي تنفيذ هذا الإجراء إلى تهديد استقرار النظام الذي يُعتبر الجيش الضامن الأساسي، والمُستفيد من استمرار الحُكْمِ الإستبدادي والفاسد.
توقف المصرف المركزي المصري عن دعم الجنيه المصري منذ الرابع من كانون الثاني/يناير 2023، تطبيقا لأوامر صندوق النقد الدولي، الأمر الذي تسبب في هبوط كبير لقيمة الجنيه، فقد كان الدولار يساوي 7 جنيهات مصرية سنة 2013 (العام الذي تولى فيه اللواء عبد الفتاح السيسي السلطة) وأصبح الدّولار يُساوي 31 جنيهاً يوم الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير 2023.
ارتهن اقتصاد مصر منذ حَكَمها محمد أنور السّادات، قبل خمسين سنة، إلى صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والدّائنين بالدّاخل والخارج، وشكّلت الدّيون تِعِلّةً لاحتلال مصر من قبل بريطانيا سنة 1882، ولئن اختلفت ظروف النصف الثاني من القرن التاسع عشر وظروف العقدَيْن الأولَيْن من القرن الواحد والعشرين، فإن وضع مصر، أكبر دولة عربية، مُخيف، إذْ يتسم الوضع الاقتصادي بارتفاع كبير في قيمة الدين العام (ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي) وارتفاع كبير في الأسعار ونسبة التضخم، ونقص المعروض من السلع الأساسية في الأسواق، وتقنين توزيعها، كما يتّسم الإقتصاد المصري باعتماده على قطاعات ريعية وغير منتجة، مثل المحروقات (الغاز) والسياحة وعائدات قناة السويس، أو تحويلات حوالي 12 مليون من المهاجرين المصريين، أما اللواء عبد الفتاح السيسي فيؤكّد أن الصعوبات الاقتصادية في البلاد هي نتيجة عوامل خارجية، مثل وباء Covid-19 والحرب في أوكرانيا، ولا يعترف بالعوامل الداخلية، ويُطالب المصريين الفقراء للغاية بالكف عن محاولة اقتناء اللحوم (التي لا يستطيعون شراءها أصلاً) والإقبال على أكل أقدام الدجاج، واكتفى بهذه "النّصيحة" الموجّهة للفقراء فقط، في إحدى خُطَبِهِ الأخيرة، ولم يعلن عن أي خطة لإنعاش الاقتصاد...
تونس، في ذكرى رحيل الجنرال زين العابدين بن علي 14 كانون الثاني/يناير 2011- 2023
كان زين العابدين بن علي يُمثّل رمْزًا لمنظومة حاكمة بفروعها الإقتصادية والسياسية والأمنية والإعلامية، ولم يكن رحيله إيذانا بوضع حدٍّ لحكم النّظام برمّته، بل تكفّل مُمَثّل الإمبريالية الأمريكية بتصميم وهندَسَة المرحلة اللاحقة، بإدخال بعض التغييرات الشّكلية منها تغيير زين العابدين بن علي برئيس حكومته محمد الغنوشي، أو بدساترة عريقين مثل فؤاد المبزع والباجي قائد السبسي، والإبقاء على نظام التبعية السياسية والإقتصادية، وهو ما حصل إثر انتخابات ديمقراطية فاز بها حزب الدّين السياسي الذي أكثر ثراءً وأكثر تنظيمًا من الأحزاب الأخرى (يمينها ويسارها) وكان الأكثر "جَدَارةً" بالسّهر على مصالح رأس المال الأجنبي، ولما انتهى "احترق" الإخوان وانتهى دورُهُم، تم استبدالهم، لكن البلاد غرقت في الدّيون والفوضى وارتفعت نسبة البطالة والفقر وارتفعت الأسعار وانخفضت القيمة الحقيقية للرواتب ودَخْل الفئات الكادحة من أُجَراء وفلاحين صغار وحرفيين... تَفرض علينا مرحلة 2011- 2023 طرح أسئلة مُلِحّة، منها: كيف يمْكِن تجنّب ما حصل من التفاف على نضالات الكادحين والفُقراء والمُعطّلين عن العمل وتلافي الإنتكاسات التي تَلت المَدّ الثوري في كانون الثاني/يناير 1978 و 1984 و 2011؟
اقتصاد إفريقيا 2023
ارتفعت احتياجات التمويل في قارّة إفريقيا، لتلبية الإحتياجات الأساسية، في ظل التضخم وتشديد شروط التمويل في الأسواق الدولية، وارتفاع نسبة الفائدة على القُروض، فضلاً عن شروط صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والقروض الثنائية مع دول الإتحاد الأوروبي أو أمريكا الشمالية، وتُقَوّضُ هذه الشّروط سيادة الدّول على أراضيها وثرواتها...
قدر صندوق النقد الدولي، سنة 2021، الإحتياجات التمويلية لقارة إفريقيا بأكثر من 400 مليار دولار للفترة 2021-2025، وهو مبلغ يقِلُّ عن الواقع، بما لا يقل عن خمسين مليار دولارا سنويا، لأنه لا يتضمّن التضخم المستمر والإنفاق "الطارئ وتأثيرات التغيير المناخي، وانعدام الأمن الغذائي الذي تفاقم منذ 2021، حيث لا تتمكن العديد من البلدان في إفريقيا جنوب الصحراء من تلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبها...
يُواجه اقتصاد قارة إفريقيا العديد من التحديات منها ارتفاع مستوى الدُّيُون في ست وثلاثين بلد إفريقي، والفقر والبطالة ونقص الإستثمارات ورداءة البُنَى التّحتية، رغم الثروات الهائلة التي تنهبها الشركات العابرة للقارات والدّول الغنية، وتأثّر اقتصاد إفريقيا بجائحة كوفيد-19 فأصاب الرُّكود اقتصادها الذي انخفض سنة 2020، ثم عاد إلى النّمو سنة 2021، بنسبة 4,3% (وجب مراعاة التفاوت بين البلدان) وهي نسبة ضعيفة في البلدان التي لا تُنتج التقنيات أو المواد المُصنّعة ذات القيمة الزائدة المرتفعة، ففي البلدان الفقيرة أو التي تعتمد على الزراعة والمواد الأولية، وجب أن تتجاوز نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي 6% لاستيعاب الوافدين الجدد على "سوق العمل"، في ظل نمو ديموغرافي يتجاوز 2,5% ( كنسبة مُتوسّطة) مقابل 1,1% كمُعدّل عالمي، وفي ظل انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب قاعدة بيانات صندوق النقد الدولي للسنوات 2020 و 2021 و 2022 وتوقعات 2023، ومن هذه التّوقّعات، نُمو اقتصاد السنغال والنيجر ورواندا وساحل العاج وبنين وتوغو بنسبة تتراوح بين 4,4% و 4,8%، لكنها ليست كافية لمعالجة انخفاض دخل الفرد والفقر والبطالة، كما إنه غير كاف لتحسين وسائل حصول المواطنين على الغذاء والطاقة ومياه الشُّرب والرعاية الصحية والخدمات الأساسية، كما لا تكفي نسبة النمو للإستثمار في البنية التحتية وخلق الوظائف الخ، إذا افترضنا جدلاً حُسن التصرف في الموارد، ويكمن الحل في سيطرة الدّول (والمواطنين) على الثروات المحلية واستغلالها بصورة عقلانية لاستثمار عائداتها في تأمين الغذاء والدّواء وتنمية البلاد.
فرنسا - عمال غير نظامِيِّين في مواقع البناء لدورة الألعاب الأولمبية في باريس، ضمن شبكة استغلال فاحش
يتم تجنيد المهاجرين غير النظاميين من قبل مقاولين من الباطن بتكليف من مجموعات البناء الفرنسية الكبرى لبناء أو تطوير المواقع التي سوف تحتضن الألعاب الأولمبية بباريس سنة 2024، ورغم فتح تحقيق قضائي (صيف 2022)، يستمر استخدام العمال غير النظاميين بشكل مُكثَّف.
قاد مجلس مدينة باريس حملةً (خريف 2022) لمقاطعة مونديال قطر، وتظاهرت عمدة باريس (من الحزب "الإشتراكي") وأعضاء مجلسها بالخوف على مصير عشرات الآلاف من العمال المهاجرين العاملين في بناء الملاعب، بقَطَر، في حين يعمل آلاف العمال المهاجرين، بمن فيهم مهاجرون- رفضت الحكومة مَدّهم بأوراق إقامة قانونية- في مواقع البناء الخاصة بدورة الألعاب الأولمبية للعام 2024 التي تنظمها مدينة باريس، وكذلك في الوضع مواقع البناء في مشروع "باريس الكُبْرى"، حيث يتم تشغيل واستغلال هؤلاء العمال مِنْ قِبَلِ مقاولين مُتعاقِدِين من الباطن، لهم عُقُود مع أكبر شركة للبناء والأشغال العامة وأعمال البنية التحتية، ويتم تشغيل العديد من العمال الأفارقة (من شمال وجنوب الصحراء) بعد اتصال هاتفي أو عند حضورهم في الصباح أمام مواقع البناء، فيأتي رئيس عُمّال الموقع ويختار من يريد توظيفهم بأجور هزيلة وظروف عمل سيئة.
في موقع القرية الأولمبية (المصممة لاستيعاب 14000 رياضي والطواقم المصاحبة لهم)، بالقرب من باريس، يشغل المهاجرون غير النّظاميين، من جنسيات أفريقية مختلفة، الوظائف الأكثر خطورة، دون أي تدابير أمنية، فلا خوذات ولا ملابس وأحذية أمان، مقابل حوالي 80 يورو في اليوم، ويتمثل العمل في حمل أكياس من الأسمنت طوال اليوم على عدة طوابق، وحفر الأرض ونقل خلطات الإسمنت... وقد يصل عدد ساعات العمل إلى 13 ساعة في اليوم، دون احتساب وتسديد أجور العمل الإضافي، ولا أيام العطل الرّسمية ولا حق للعمال في إجازة، وعندما يطلب العمال كشوف المرتبات، يتم فصلهم، وفق الشهادات العديدة التي وثّقتها النقابات العُمّالية، وأعلمت بذلك مكتب تفتيش ومراقبة العمل التي أجْرَتْ عمليات تفتيش للمواقع وكشفت عددًا هامًّا من الإنتهاكات، لكن الشركات المعنية تعمل تحت رعاية مؤسسة عامة (عُمومية) يرأس مجلس إدارتها رئيسة بلدية باريس "آن هيدالغو" من الحزب "اشتراكي"، ما جعل من ملاحظات النقابات والمكتب المركزي لتفتيش العمل، تبقى حبرًا على وَرَق ...
بعد عدة أشهر، في حزيران/يونيو 2022، أمرت المحكمة بفتح تحقيق في "توظيف الأجانب بدون وثائق إقامة، ما يدخل في باب اقتصاد الظّل، من تصميم وتنفيذ عصابات منظمة"، وبعد ما يقرب من سبعة أشهر من قرار المحكمة، لا تزال التحقيقات جارية وهناك المزيد والمزيد من العمال المهاجرين يعملون في مواقع البناء في الموقع الأولمبي ومشروع باريس الكُبْرى، بدون وثائق إقامة وتصاريح عمل، ويقول النقابيون إن هذه ممارسات شائعة لعقود من الزمن، تتمثّل في التوظيف غير المعلن للعمالة الرخيصة الذين يؤدون أكثر المهام الشاقة وغير المُجْزِيَة في مختلف القطاعات التي هجرها الفرنسيون ولا يمكن نقلها إلى آسيا أو إفريقيا، مثل البناء والتموين والفنادق والمطاعم والخدمات اللوجستية والتنظيف وتصفيف الشعر والتجارة والعمل في منازل الغَيْر، ورعاية الأطفال أو المُسِنِّين، إلخ. إنها شبكة تخصصت في استغلال العمال غير النّظامِيِّين، برعاية مُؤسّسات الدّولة التي تُساعد قوانينها وممارساتهاعلى زيادة ربحية شركات أشغال البناء والتجارة والضيافة إلخ، لكن العُمال غير النّظاميِّين اكتسبوا خبرات نضالية، على امتداد خمسة عُقُود، وشارك المئات منهم، باستقلالية، في "مسيرة التضامن" بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين ، يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 2022 في عدة مدن فرنسية.
مناخ مُنْتَدَى دافوس 2023
ساهَمَ ارتفاع أسعار الوقود والمَواد الغذائية في زيادة الفقر، ما أدّى إلى إطلاق تأجيج الإحتِجاجات العُمّالية في معظم مناطق العالم، من كوريا الجنوبية بآسيا إلى الولايات المتحدة، خلال العام 2022، وكذلك إلى تغيير حكومات عدد من الدّول، بآسيا (سريلانكا) وأوروبا (بريطانيا) وأمريكا الجنوبية (بيرو وكولومبيا)، وتخشى المؤسسات المالية الدّولية (صندوق النقد والبنك العالمي) وبعض الأثرياء ومنظماتهم (منتدى دافوس) أن يُؤَدِّيَ غضب الفُقراء والأُجَراء إلى تغيير جذري، لذلك يُطالب بعض الأثرياء بترفيع الضريبة على الثروات، لتضييق الهُوّة بين الأثرياء والفقراء، ولو مُؤَقّتًا، وهو مُقتَرَح لا يُعالج الفَقْر وإنما يُبْعِدُ شَبَحَ الإنتفاضات والثّورات خلال السّنوات القليلة القادمة، لأن خُبراء رأس المال يتوقّعون مزيدًا من الصعوبات والضَغوط على الأسَر، خلال سنتَيْ 2023 و 2024، في جميع أنحاء العالم، ويتوقّع صندوق النَقد الدولي أن تكون سنة 2023 سنة رُكُود نحو ثلث الاقتصاد العالمي، مع بقاء مُعدّل التّضَخّم مرتفعا، أي استمرار زيادة أسعار السّلع والخدمات الأساسية...
في هذا المناخ الإقتصادي، وفي ظل الحرب في أوكرانيا، ينعقد "المنتدى الإقتصادي العالمي" (مؤتمر الأثرياء) في دافوس بسويسرا، لمدّة أسبوع، بداية من السادس عشر من كانون الثاني/يناير 2023، بمشاركة أكثر من 2500 مندوب عن الدّول والمؤسسات المالية وغيرها، واعتَبَرَ التقرير السّنوي لتقدير المَخاطر العالمية، الصادر عن المُنتدى الاقتصادي العالمي "تُشكّل أزمة كلُفة المَعيشة أكبر تَهديد للاستقرار سَنتَيْ 2023 و 2024، لأنها قَدْ تؤدي إلى زيادة الفقر والجوع والاحتجاجات العَنيفة وعَدَم الاستقرار السياسي وحتى انهيار بعض الدُّوَل"، ويعتقد مُعِدُّو التّقرير: "لَنْ يتم احتواء الاضطرابات الاجتماعية وعَدَم الاستقرار السياسي بسهولة، في البلدان ضعيفة أو مُتوسّطة الدّخل، ما قد يشكل تهديدات خطيرة للعديد من الأنظمة السياسية في جَميع أنحاء العالم".
تعْكِسُ نوعية المُشاركين طبيعة المنتدى كمؤسسة للأغنياء لبحث مشاكل الأغنياء والبحث عن حُلُول لها، على حساب الفئات الأخرى (الأغلبية)، ومن هؤلاء المُشاركين في منتدى 2023، نحو 56 وزير مالية و 30 وزير تجارة و 19 من محافظي المصارف المركزية والمديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية ورئيسة صندوق النقد الدولي ورئيس البنك العالمي، و 60 مديرًا تنفيذيًا من جميع القطاعات وكبار موظفي الشركات متعددة الجنسيات من جميع القطاعات ومن مختلف أنحاء العالم...
من جهتها تتوقّع منظمة ‘أوكسفام’ غير الحكومية وقوع 263 مليون شخص إضافي في دوامة الفقر نتيجة جائحِة كوفيد - 19، والتضخم، والحرب في أوكرانيا، ما قَدْ "يؤدي إلى تَزايُد عَدَم المُساواة والفقر المدقع وإلى اتساع الفوارق بين ذوي الدَخل المنُخفض الذين يَتَحَمَّلون العِبء الأكبر لارتفاع تكاليف المَعيشة، والأثرياء الذين ارتفعت قيمة ثرواتهم خلال الأزمة..."
عالمهم غير عالمنا:
بينما يُعاني العاملون الأُجَراء من ارتفاع الأسعار والتّضخّم، يجني الأثرياء، من مالكي الأسهم أرباحًا ضخمة، من عَرَقِ الكادحين، فقد ارتفعت قيمة أكبر عشر علامات تجارية في العالم (ثمانية منها أمريكية) لتصل إلى 1,55 تريليون دولار، بنهاية سنة 2022، بحسب بيانات "براند فاينانس غلوبال 500"، وتتصدّر شركة أمازون للبيع بالتّجزِئَة عن بُعْد قائمة الترتيب بحوالي 300 مليار دولارا من الإيرادات، تليها "أبل" بنحو 297,5 مليار دولار، وشركة غوغل في المركز الثالث، بنحو 281,4 مليار دولارا...
تراجعت قيمة شركات التكنولوجيا، لكن بقيت قيمتها مرتفعة، مثل "سامسونغ" بقرابة مائة مليار دولار، وفيسبوك (59 مليار دولارا) وغيرها، يتصدّر قطاع التكنولوجيا ( بقيمة 1,2 تريليون دولارا) قائمة أكبر 500 علامة تجارية وقيمتها ( قيمة الخمسمائة شركة) نحو ثمانية تريليونات دولار، تستحوذ 200 شركة أمريكية على نصف هذه القيمة الإجمالية، فيما فاقت قيمة قطاع البيع بالتجزئة، ضمن قائمة الخمسمائة شركة، تريليون دولارا، يليه قطاع المصارف ب986,5 مليار دولار...
على مُستوى الأفراد الأثرياء، ارتفعت ثروات عشرة منهم ( تسع رجال وامرأة واحدة) بقيمة 159,4 مليار دولار (بنسبة 53% من 299,4 سنة 2021 إلى 458,8 مليار دولارا سنة 2022 )، وتركز الإرتفاع في قطاعات الطاقة (أربعة مليارديرات) والمال (مليارديران) وتتصدّر الجنسية الأمريكية هذه القائمة بنسبة 50% من أثرى أثرياء العالم العشرة الذين تصدروا الارتفاع في ثرواتهم، وثلاثة من فرنسا، وواحد لكل من الهند والصين.
ماذا تُخْفِي عبارة "استقلالية" المصارف المركزية
وزّع الإحتياطي الإتحادي الأمريكي ( المصرف المركزي) أثناء الإنهيار الإقتصادي لسنة 2008/2009، نحو 9,4 تريليون دولارا من المال العام، لفائدة القطاع الخاص ( المصارف والشركات الكبرى)، ووزّعت خَمْسُ مصارف مركزية ( الولايات المتحدة وكندا والإتحاد الأوروبي وإنغلترا واليابان)، حوالي عشرة تريليونات دولارا سنتَيْ 2000 و 2021، لدعم الأسواق المالية، خلال انتشار وباء كوفيد-19، أي إن المصارف المركزية والحكومات قرّرت، دون الرّجوع إلى الشّعوب، مُصادَرة وإنفاق ما يُعادل عشرين تريليون دولارًا لإنقاذ المنظومة المالية، خلال 13 سنة، فيما فقد الأُجراء والكادحون وظائفهم ومصْدَر دخْلِهم، ولم يتم "إنقاذهم"...
ادّعى مجلس الإحتياطي الإتحادي الأمريكي أن الأموال التي بَدّدها سوف تُحقق الحدّ الأقصى للتوظيف واستقرار الأسعار وخفض معدّلات الفائدة على القُروض (الدّيون) لفترة طويلة، لكن حَصَل العكس، فلم يتم توظيف من فَقَدُوا وظائفهم ، قبل جائحة كوفيد-19 أو خلالها، بلكانت الحرب في أوكرانيا تعلّةً لتسريح العُمّال، وارتفاع أسعار الطّاقة والغذاء والسّلع والخدمات الأساسية، ما أدّى إلى ارتفاع نسبة التّضخّم التي كانت ذريعة لرَفْع معدّلات الفائدة التي تُسبّب الرُّكود وإفلاس الشركات الصغيرة (أي إعادة هيكلة الإقتصاد والأسواق)، وارتفاع مُعدّلات البطالة، بالتوازي مع ارتفاع أرباح المصارف بارتفاع نسبة الفائدة على القُروض العقارية والإستهلاك (أقساط قروض شراء السيارات أو التجهيزات المنزلية وغيرها) وارتفاع إيجار المسكن...
خلاصة القول إن المصارف المركزية جزء من المنظومة الرأسمالية المُعاصرة، وأداة رأسمالية تحمي الأثرياء، على حساب العاملين والفُقراء، ولا تخضع للمُساءَلَة، بذريعة "الإستقلالية" و"حماية القرار الإقتصادي والمالي من التّدخّل السّياسي" فأصبحت تعمل بشكل مُستقل عن الأجهزة الحكومية في الدول الرأسمالية المتطورة، وتخضع مُباشرة لأوامر صندوق النقد الدّولي في البلدان الفقيرة، ورغم تغيير شكل الحكومات فإن في معظمها تُمثّل أداة النّظام الرأسمالي، وتُنفق تريليونات الدّولارات لمكافأة المُضاربين المُتسبّبين بالأزمة (أزمة الرهن العقاري بالولايات المتحدة سنة 2008) ما يُوسّع من الفجوة الطبقية وعدم المُساواة...
إن النظام الرأسمالي نظام غير مستقر، وتُمثّل الأزماتُ (فترات ازدهار تليها فتراد ركود أو انهيار ) جزءًا من طبيعته، كما إنه قادرٌ على مُخالفةِ قواعِدِهِ وعلى التّراجُعِ عن "الإصلاحات" التي يُقِرُّها للخروج من الأزمات ( مثل الإصلاحات التي تَلت أزمة 1929- 1933) ويتميز النظام الرأسمالي بتركيز الثروات لدى عدد قليل من الأفراد، على حساب الأغلبية الساحقة من المواطنين، وتتحكّم هذه الأقلية في السلطات السياسية والإعلامية ( أداة نشر الإيديولوجيا الرأسمالية) والمؤسسات الرّسمية...
أخْطَأَ نواب الجبهة الشعبية بتونس عندما دعموا القانون الذي أقَرَّ "استقلالية" المصرف المركزي، بينما عارضَهُ نواب الإخوان المسلمين (النهضة وشركاؤها)، وإن كانت دوافع معارضتهم غير مَبْدَئِيّة، لأنهم لا يريدون غير استمرار سيطرتهم على السّيولة المتوفرة ونهبها لصالحهم، بذريعة التّعويض على ما فات.
أما الحَلّ فلا يكمن في إقرار إصلاحات مالية واقتصادية مُؤقّتة أو عملية إصلاح بعض الدّمار، بل يكمن الحل في محاربة النظام الرأسمالي برمّته، شريطةَ أن يكون البديل في خدمة الأغلبية وتحكّم المُنْتِجِين في اتخاذ القرار وتنفيذه ومتابعته، ليُلَبِّيَ مصالح الأغلبية، بدلاً من خدمة الأقلية...
رأس المال المالي
يُقدّرُ حجم الاقتصاد العالمي، سنة 2021، (الناتج المحلي الإجمالي العالمي لجميع دول العالم ) بنحو 96,1 تريليون دولارا، ويتمّ، يوميًّا تداول مبلغ 9,68 تريليون دولارا من الأدوات المالية (عملات أجنبية وسندات وأسهم ورِقاع...)، أي إن حجم تداول العملات الأجنبية والأسهم والسندات ومشتقاتها، خلال عشرة أيام فقط، يُعادل حجم الاقتصاد العالمي ل365 يومًا، فيما يبلغ حجم الديون المستحقة على الحكومات والشركات والأسر في العالم 305 تريليون دولار، أي أكثر من 3,5 أضعاف قيمة جميع الأنشطة الاقتصادية المنتِجَة في العام، ويتجاوز حجم تداول الدّولار فقط (أو حوالي 86% من حجم جميع عمليات التّداول بالعملات الأجنبية) حجم إنتاج جميع دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة والصّين...
عندما نتمعّن في هذه الأرقام نستنتج أن هناك خلل، فلا تخضع "صناعة المال"، أي المُضاربة، لمنطق الإقتصاد الحقيقي، لأن حجم السّوق المالية يتجاوز حجم قيمة الإنتاج العالمي بكثير، أي إن قيمة عمليات المُضاربة المالية أضْخَم بكثير من حجم الإقتصاد الحقيقي، وإن رأس المال المالي لا يخلق القمية ولا يخلق المال، بل يُصادره من المُنتجين، ويُضارب بجُهْد العاملين، فكيف يمكن لفئة قليلة من المُضاربين جَمْعَ قيمة عام كامل من جميع المُنتجات والخدمات العالمية، خلال عشرة أيام فقط؟
تُسَبّبُ المُضاربة المالية تكدّس ثروات لا تُضاهي قيمة إنتاج، ما يُخفّض حجم الإستثمار في الإقتصاد الحقيقي، بسبب عدم تحقيقه نفس المستوى من الرّبح، فيتم تحويل المزيد من الأموال إلى المضاربة التي تعني المزيد من تدفق الأموال التي لا يحتاج المُستفيدون الأثرياء استخدامها للإستهلاك الشخصي، إلى أن تنفجر "الفُقّاعة"، أي غلاف رقيق مملوء بالهواء، وعندما يتم الإنفجار تدعم الحكومات والمصارف المركزية الشركات والمصارف...
تلجأ شركات الإنتاج والخدمات إلى إنشاء شركات تابعة لها في الخارج وتحويل الأرباح إلى الخارج لتجنب تسديد الضرائب، وإلى عمليات التسريح الجماعي للعمال بالدّول الرأسمالية المتطورة، ونقل الصناعات الملوّثة والتي تتطلب عمالة كثيفة إلى البلدان الفقيرة، حيث الأجور المنخفضة وغياب تطبيق قوانين العمل، وقوانين احترام البيئة، ما يُؤدّي إلى ابتزاز عُمال دول "المركز" وتهديدهم بخفض الرواتب (مُقابل رَفْع رواتب المُديرين التنفيذيين)، لتنخفض حصة العُمّال وتزداد حصة رأس المال من الإنتاج، وتلجأ العديد من الشركات الكبرى إلى حيلة أخرى لتعظيم الأرباح، تتمثل في إعادة شراء أسهمها (بثمن أعلى من سعر التداول، أحيانًا)، لينخفض عدد مالكي الأسهم وزيادة حجم الأرباح الموزعة، ما يجعل من المُضاربة قطاعًا طُفيليا، ذا مخاطر كبيرة على القطاعات المنتجة لأنه يُجَفِّفُ عنها الإستثمار الذي يُحقق أرباحًا أقل من المضاربة، باستثناء قطاعات الإبتكارات، مثل التكنولوجيا الحديثة، ذات القيمة الزائدة المرتفعة، التي تجتذب الإستثمارات لأن عدد الشركات في العالم قليل وتُحقق هذه القطاعات أرباحًا مرتفعة، ومعظم هذه الشركات أمريكية، مثل آبل وغوغل...
بينما استفاد الأثرياء والشركات متعددة الجنسيات من جائحة كوفيد-19، ارتفع حجم الدّين العام في العالم، من حوالي 70% من إجمالي الناتج العالمي سنة 2007 إلى 124% من إجمالي الناتج العالمي سنة 2020. ومن ناحية أخرى، ويمثل 40% من إجمالي الدّيْن العالمي، إذ يمثل الدّيْن الخاص (الشركات الخاصّة والأفراد) 178% من الناتج الإجمالي العالمي، سنة 2020، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي...
يتشكّل الرّبح من الفارق بين الإنتاج المرتفع للعاملين بالإقتصاد الحقيقي، والأجْر المنخفض الذي يُسدّده المُستفيد من الإنتاج، فضلا عن الإعفاء من الضريبة الذي يتمتع به الأثرياء
هل يمكن إصلاح منظومة رأس المال وجعلها مُنْصِفًةً للعاملين؟
ينفد بعض الباحثين بالمجال الإقتصادي من ذوي الإتجاهات الديمقراطية الإجتماعية ( بيكتِّي أو ستيلغليتز...) بعض مظاهر "إجحاف" الرأسمالية ، مثل بعض الزيادات في الضريبة على الميراث أو على الثروات المرتفعة، ويقترحون بعض الإصلاحات الطفيفة التي لا تَمَسُّ جوهر الرّأسمالية المُتمثل في الإستغلال والعُنف الدّاخلي، وكذلك الخارجي، من خلال الإستعمار وشن الحروب لنهب ثروات البلدان الأخرى واضطهاد شعوبها، بل واستعبادها، لذا فالرأسمالية هي منظومة شاملة وعدوانية وعنيفة، تأسّست على أنقاض العبودية لتستبدلها باستعبادٍ من صنف آخر، يتمثل بالعمل المأجور والإستغلال الذي ترعاه مؤسسات جهاز الدّولة، لأن هدف الرأسمالية هو مراكمة الثروة والسُّلْطَة، ما يزيد من عدم المُساواة، وتُبَيِّنُ الأرقام المنشورة من قِبَل المُؤسسات الرأسمالية أن المُساهمين في الشركات المُدْرَجَة بالبورصة في اليابان والإتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية حصلوا سنة 2021 على 2,75 تريليون دولارا من العوائد السنوية، وأن متوسط أجر الرؤساء التنفيذيين بالولايات المتحدة يتجاوز 700 مرة من متوسط أجر موظفي نفس الشركات التي يُدِيرُونها، والذين يعانون من ضعف الرواتب، مقارنة بالزيادات المتتالية للأسعار، ورغم ارتفاع الأرباح سنة 2020، يُحاول الرأسماليون تسريع وتيرة العمل وتسريح العمال وتجميد الأُجُور أو خَفْضِها، لزيادة الإنتاجية وأرباح مالكي الأسهم الذين لا يُنتِجُون، بل يتاجرون ويُضاربون بالأسهم والسندات والمشتقات والأوراق المالية الأخرى، ويبتكرون باستمرار أدوات جديدة لزيارة الربح.
إن هذه المدفوعات الضخمة للمضاربين الماليين وتوزيع نحو 90% من الأرباح على المساهمين تؤدّي إلى زيادة الفوارق الطبقية (التفاوت في الدّخل)، وإلى تخفيض الإنتاجية، وتعطل ديناميكية نمو الشركات التي تربط بين إنتاجية القوى العاملة وأجورها، وتؤدّي إلى عدم الاستقرار الوظيفي، وفق دراسة نشرتها "مؤسسة روزفلت" التي قدّرت هذه المدفوعات الضخمة لعمليات إعادة شراء الأسهم والأرباح بالولايات المتحدة بنحو 6,32 تريليون دولارا، سنة 2021، ساهمت في زيادة ثروة نسبة 10% من السكان الأمريكيين الذين يمتلكون نحو 85% من أسهم الشركات المُدْرَجَة بالبورصة، وأهمها المصارف (التي حصلت على عشر تريليونات دولارا من المال العام، سنة 2000، خلال اشتداد جائحة كوفيد 19) وشركات التعدين وشركات النفط والغاز، حيث أنفقت أربع شركات نفط (شيفرون وإكسون موبيل وشال وبي بي ) على أكثر من 41 مليار دولارا من أرباحها لسنة 2021 على إعادة شراء أسهمها، وفق تقرير "معهد دراسات السياسة" الذي أكّد أن الراتب السنوي للرئيس التنفيذي لمتاجر "وولمارت" يفوق الراتب السنوي لألف عامل بنفس الشّركة، بعد زيادة الحد الأدنى من 7,25 دولارا إلى تسعة دولارات عن كل ساعة عمل، وهو عَيْن الحَيْف الطّبقي، والعُنْف الإقتصادي والإجتماعي، فضلاً عن العُنف المُسَلّح واستخدام الشرطة والجيش والميليشيات لقمع أي محاولة من قبل العمال لتنظيم أنفسهم من أجل الدّفاع عن حُقُوقهم، داخل كل بلد. أما خارج الحدود، فإن الرأسمالية لا تزال تستخدم الجُيُوش للسيطرة على الثروات أو على المواقع الإسترتيجية للبلدان، كما تستخدم القوة "الناعمة" من خلال الأسواق المالية، لقهْر وإذلال الطبقة العاملة والشّعوب وفرض النظام الرأسمالي على العالم...
العلاقات الحميمة بين المؤسسات الأكاديمية ومُجَمّع الصناعات العسكرية الأمريكية
سبقت الإشارة، في عدد سابق من نشرة "مُتابعات"، إلى سَحْب ورفض كلية كينيدي بجامعة هارفارد مُقترح منح "زمالة عُلْيا" في مركز "كار" لسياسة حقوق الإنسان بالمدرسة، لمدّة سنة، ل"كينيث روث"، الرئيس السابق لـ "هيومن رايتس ووتش" (بعدما تمت الموافقة على المنحة) بسبب انتقاده لسياسات الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة سنة 1967 ( الضفة الغربية وغزة )، وليس كل فلسطين، وللتّذكير فإن "المانحين" من الأثرياء، أنصار الكيان الصهيوني والإستعمار الإستيطاني، ومُستشاري الشركات التابعة لجامعة هارفارد، مارسوا ضُغُوطًا على عميد الكُلِّيّة، ودَعَوْا إلى استقالته، وهذه ليست الحادثة الأولى من نوعها، حيث سبق (قبل ست سنوات) أن ضَغَطَ مدير وكالة الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) آنذاك "مايك بومبيو" على نفس العميد، ليَسْحَبَ عرض الزّمالة إلى "تشيلسي مانينغ"، الذي سَرّب حجمًا ضخمًا من الوثائق العسكرية والدبلوماسية الأمريكية، ومن ضمنها أَدِلّة على جرائم حرب...
تدعم جامعة هارفارد السياسات الخارجية الأمريكية دعْمًا مُطْلَقًا، وتتلقى الجامعة (التي تضم مدرسة كيندي) دعمًا ماليا وسياسيا كبيرًا من الرأسماليين الصهاينة، وكذلك من آل سعود، ودعمت الجامعة الإستراتيجيات العسكرية الأمريكية، لا سيما في المشرق العربي، ودعمت الكيان الصهيوني بصورة مُطْلَقَة، وتُؤْوِي مدرسة كيندي مؤسسة وكْسْنِرْ ( Wexner )، التي ترعى حضور الكبار الضّبّاط الصهاينة وخبراء "الأمن القومي" في برنامج درجة الماجستير في الإدارة العامة بجامعة هارفارد التي تُنظّم رحلات منتظمة لطلاب مدرسة كينيدي إلى فلسطين المحتلة والسعودية، وتدعم أي عدوان عسكري أمريكي وأي "عُقوبا" أو حصار أو حَضْر أمريكي، وتُقصِي أي مُنْتَقِدٍ للإيديولوجيا السائدة وللنظام السياسي الأمريكي وقراراته وبرامجه ومُخَطّطاته، ضمن التزامها "بالخطوط العريضة للأمن القومي والسياسات الخارجية للولايات المتحدة"، مُقابل الدّعم السّخي من مُجمّع الصناعات العسكرية ومن وزارة الحرب (بنتاغون) ووكالة الإستخبارات المركزية (سي آي إيه) لمدرسة كينيدي ولجامعة هارفارد، وكانت مدرسة كينيدي قد أعدّت دراسة عن توقّعات انهيار الإتحاد السوفييتي (لم تُنْشَر رسميا في حينها ) بالتعاون مع وكالة الإستخبارات المركزية التي مَوّلَت الدّراسة، بناءً على عدد صغير من الوثائق التي اختارتها وكالة المخابرات المركزية، ولم تتضمن الدّراسة أي رأي مخالف أو ناقد لتحليل وكالة المخابرات المركزية، بحسب شهادة "ملفين أ. غودمان"، وهو مُدَرِّس بجامعة "جونز هوبكنز" ومؤلف كتب عن "الأمن القومي"، ومحلل سابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية...
بزنس الرياضة:
أصبحت كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية بنحو أربعة مليارات شخص يُتابعونها ونحو 270 مليون شخص يُمارسونها حول العالم، وتحوّلت بذلك إلى بزنس كبير مُزْدَهِر، بلغت إيراداته 355 مليار دولارا، سنة 2021، وارتفعت سنة 2022 إلى نحو 502 مليار دولارا، بفضل كأس العالم التي رفعت قيمة مبيعات حقوق النشر الإعلامي (حوالي 53% من إجمالي الإيرادات) و"الرّعاية"، فضلاً عن إيرادات القطاعات المُتّصلة بالرياضة، كالسياحة (بمعدّل 600 ألف زائر إضافي، خلال شهر واحد، سنوات كأس العالم) والنقل والاتصالات، ويُتوقّع أن تبلغ الإيرادات 826 مليار دولار، سنة 2030 ...
استفاد الإتحاد الدّولي لكرة القدم (فيفا) من ارتفاع العائدات ( 6,4 مليارات دولارا بين دورتَيْ كأس العالم 2018 – 2022) وبلغت حصّة "فيفا" 766 مليون دولارا، سنة 2021 ولم تُنْشَرْ بعد أرقام 2022، لكنها قد تتجاوز 900 مليون دولارا، من حقوق البث التلفزيوني وحقوق التسويق ورُخَص حقوق التجارة والألعاب الإلكترونية ورسوم العقود ومبيعات الأُصول والتذاكر...
على مستوى الأندية، بلغت قيمة أكبر عشرة أندية لكرة القدم نحو أربعين مليار دولارا، وقُدّرت قيمة الإيرادات الصافية لأكبر عشرين ناديا بقيمة عشرة مليارات دولارا، ما اجتذب مُستثمرين أثرياء، لا يهتمون بالرياضة أو بكرة القدم، ولكنهم يبحثون عن الرّبح، وأصبحت بعض نوادي كرة القدم مُدْرَجَة في البورصة، كأي شركة في أي قطاع اقتصادي أو مالي، كما اختصّت بعض القنوات التلفزيونية ببث الأحداث والمباريات الرياضية، وقدّرت إيرادات عشرين قناة عالمية بنحو 28 مليار دولارا سنويا، وتستحوذ كرة القدم على نحو 34% من مجمل إيرادات قطاع الرياضة (سنة 2021) كالمعدات الرياضية التي تُقَدَّرُ قيمة إيراداتها بنحو 143 مليار دولار والملابس الرياضية بنحو 179 مليار دولار، وقد تصل إيرادات الملابس إلى 249 مليار دولار سنة 2026...
تستفيد نسبة قليلة من مشاهير اللاعبين من زيادة إيرادات رياضة كرة القدم، وقدّر مُتوسط أجور أشهر عشرة رياضيين بنحو ثلاثين مليون دولارا سنويا للفرد، تُضاف لها مبالغ أخرى من الإشهار ورعاية الشركات وغيرها، لتصل إيرادات "مبابي"، على سبيل المثال، لاعب كرة القدم بنادي باريس سان جرمان إلى 128 مليون دولارا، سنويا...
جرائم بدون عقاب
يُحاول المدافعون عن سلامة المحيط والعُمّال والمزارعون استصدار أحكام قضائية تُؤَكّد الأضرار التي ألحقتها المواد الكيماوية المستخدمة في صناعة التبغ أو المبيدات بالبشر والمُحيط والنباتات والمياه، لكن شركات الكيماويات الزراعية تُحصِّن نفسها من خلال توظيف شركات العلاقات العامة وشركات التسويق وشركات الإستشارات القانونية التي تُتْقِن عمليات الإلتفاف على القوانين القليلة لإخفاء المخاطر التي يُسببها التدخين، مثلاً أو مبيدات الحشرات ومبيدات الفطريات والقوارض التي تصنعها شركة "مونسانتو" (اشترتها شركة "باير")، وقبل "مونسانتو"، سبَقَ أن جَنّدت شركات صناعة التبغ ، مثل أنغلو أميركان أو شركة بيغ توباكو باحثين وأطباء، منذ النّصف الأول من القرن العشرين، ادّعوا إن التّدخين مُفيد للصّحّة، وأوْصوا بالتدخين لمرضاهم، وأصبح توظيف الباحثين والأطباء المُرتزقة تكتيكًا تَنْتَهِجُهُ شركات العلاقات العامة التي قدّمت المُبيد الكيماوي "غليفوسات"، بتواطؤ من الحكومات، كمنتج ثوري، مُفيد للأرض ويزيد من إنتاجية ومن جودة الأرض والحيوانات والبُذُور، ولم يتمكّن المُزارعون والمُدافعون عن سلامة البيئة من إدانة الشركة المُنتِجة، رغمالتقرير الذي نشرته منظمة الصحة العالمية سنة 2015 ورغم تحذيرات الوكالة الدولية لأبحاث السّرطان، بل نجحت "مونسانتو" في التّأثير على مُفوضية الإتحاد الأوروبي (السّلطة العُليا التي تتشكل من مُمثّلي كافة حكومات بلدان الإتحاد) والتي لم تُصدر حتى الآن (بداية سنة 2023) أي قرار يَحْظر استخدام المُبيدات، رغم الأضرار التي ألحقتها المُبيدات بالأراضي وبالمُزارعين، ولجأت "مونسانتو" منذ 2016 إلى ما لا يقل عن ثلاث شركات "علاقات عامة" لتنفيذ حملة دعائية واسعة النطاق في أوروبا، وخصوصًا في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا، لتأمين تجديد الترخيص لغليفوسات، وهو المكون الرئيسي لمبيد الأعشاب، وكانت مونسانتو والشركات الأربعة التي أنشأتها أو التي وَظّفتها لخدمتها حاضرة بكثافة وفاعلة بقوة، منذ سنة 2016، من خلال إعلاميين محترفين وباحثين وعُلَماء، في المعارض والتظاهرات والأحداث الزراعية وأسواق المزارعين في جميع أنحاء أوروبا، لتلافي تقييد استخدام مادة "غليفوسات "، دون أن يظهر اسم شركة مونسانتو أثناء تلك الفعاليات، لتبدُو الحملة وكأنها شعبية وقاعدية انبثقت من المُزارعين، بل إن بعض الشركات التي وظّفتها ( اشْتَرَتْ خدماتها) أو أنشأتها "مونسانتو"، منذ سنة 2010، مثل المجلس الأمريكي للعلوم والصحة، أو موقع أكاديميك ريفيو، تقدم نفسها للجمهور وللحكومات كسلطات مستقلة معنية بمبيدات الآفات والكائنات المعدلة وراثيًا، وأدّت هذه الحملة المُساندة لمبيد الأعشاب "غليفوسات" إلى موافقة المفوضية الأوروبية رسميًا، في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2022، على "تمديد مُؤقت" لاستخدام مبيد الأعشاب "غليفوسات"...
قاموس الحرب
بَرَعَتْ وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية في تطويع معاني الكلمات، خصوصًا منذ بدايات القرن الواحد والعشرين، وبالأخص منذ الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، أو ما أطلقت عليه الدّعاية الأمريكية "الحرب على الإرهاب"، وابتكرت وزارة الحرب والمخابرات والإعلام (الدّعاية) عبارات اصطلاحية عسكرية خادعة، لتبرير العدوان الذي أصبح "تدخّلا إنسانيا"، منذ العقد الأخير من القرن العشرين (يوغسلافيا والصّومال) والإغتيال الذي سُمِّيَ "ضربات انتقائية"، وتشبيهها بالعمليات الجراحية التي تُؤَدِّي إلى شفاء الجسد، والتعذيب الذي أصبح "استجوابًا مُعَزّزا"، لكن خارج الحدود التي يُطبق بها القانون الأمريكي، وأصبح اغتيال المدنيين وقصف تجمعات الناس في الأعراس والجنازات مُجَرّد "أضرار جانبية"، بدل اعتبارها جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حَرب تسببت في قتل ونزوح وتجويع ملايين المواطنين في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن والصومال وليبيا ومالي وغيرها...
من مقومات القُوّة الأمريكية
شاركت الولايات المتحدة بشكل متأخر الحَرْبَيْن الإمبرياليّتَيْن، خارج أراضيها، فدُمِّرَتْ أوروبا وأصبحت أمريكا الشّمالية مُزَوِّدًا رئيسيا لها بالتجهيزات والسّلع المُصنّعة والسّلاح، وتضرر الإتحاد السوفييتي من الحرب العالمية الثانية وخسر أكثر من 25 مليون ضحية، لكنه تمكّنَ من دحر النازية وتحرير أوروبا، من ستالينغراد حتى برلين، ما جعل الولايات المتحدة تعمل على لَجْم الإتحاد السوفييتي، رمز الشيوعية، العدو الإيديولوجي للرأسمالية، وهندسَت الولايات لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، قبل نهايتها بأكثر من سنة، فأشرفت على تأسيس الأمم المتحدة وصندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، خلال لقاء بريتن وودز ( 1944) الذي أسّس لسيادة الدّولار المُقَوّم بالذّهب (الذي صادرته الولايات المتحدة خلال الأزمة الكبرى 1929 – 1933) حتى قرار فَكّ ارتباط الدّولار بالذّهب، سنة 1971 وبذلك سيطرت الولايات المتحدة، من خلال الدّولار على أسعار المواد الأولية والمحروقات وعلى حركة التَّبادلات التجارية العالمية والتحويلات المالية الدّوْلية...
الإنفاق العسكري الأمريكي
برّرت "استراتيجية الدّفاع القومي" التي أصدرتها وزارة الحرب الأمريكية في تشرين الأول/اكتوبر 2022، الإرتفاع المُطرد لميزانية الحرب، وإطلاق الحروب العدوانية المستمرة التي تجاوزت كلفتها ثمانية تريليونات دولارا، "دفاعًا عن الحرّية والدّيمقراطية في العالم"، ضمن حملة لتبرير الزيادات الكبيرة والمستمرة في الميزانية الحَرْبِيّة الأمريكية ( وهي ركيزة حلف شمال الأطلسي) وتبرير العدوان على شعوب أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا والصومال واليمن، مع الإشارة إلى بلوغ الميزانية الحربية المُعْلَنة لسنة 2023 858 مليار دولارا، دون احتساب الأبواب غير المُعلنة (الإستخبارات والقوات الخاصة والرواتب والرعاية الصحية للمتقاعدين...) ما يرفع الميزانية السنوية الحقيقية إلى نحو تريليون دولارا، قد تُضاف لها مبالغ أخرى أثناء التعديلات عند مناقشة الميزانية التّكميلية.
تُفيد وثيقة "استراتيجية الدفاع القومي" إن الصين هي التهديد الأكبر لأمريكا، فيما تُشكل روسيا تهديدًا خطيرًا في أوروبا، حيث مركز ثقل حلف شمال الأطلسي والقواعد العسكرية الأمريكية، خصوصًا في ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا واليونان، وتُشكل إيران وكوريا الشمالية تهديدات وجب وضع حدّ لها، فيما تستمر "الحرب على الإرهاب"، وتُدْرِجُ السّلطات الأمريكية حروبها العدوانية ضمن سياسة "الرّدع" أي الهجومات الإستباقية لدَرْءِ خَطَرٍ مُحتمل أو افتراضي (غير حقيقي، أو غير واقعي) قد تقوم به بعض الدّول أو الكيانات التي أنشأتها الولايات المتحدة أحيانًا، وكان إلقاء قُنْبُلَتَيْن نووِيّتَيْن على المُدُن اليابانية (هيروشيما وناغاساكي) في السادس والتاسع من آب/أغسطس 1945، من باب "الرّدع" والحرب الإستباقية أيضًا !!! ويتكرّر الأمر والحروب الهادفة للهيمنة منذ قرابة ثمانية عُقُود، وتضخيم الميزانية الحربية وإيرادات مُجَمّع الصناعات العسكرية الأمريكية...
عن ( Bracing Views ) المدونة الشخصية ل"وليام آستور"، ضابط متقاعد بالقوات الجوية الأمريكية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص