الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخرج الفظائع

دلور ميقري

2023 / 1 / 21
الادب والفن


1
بعد نحو عقدين من إنتاج فيلم " ارحم دموعي "، قام المخرج حسن الإمام بتقديم فيلم عن نفس القصة؛ وهوَ " حب وكبرياء ". إن إعادة انتاج أفلام قديمة، كان شيئاً مألوفاً في سينما عقد السبعينيات. حتى هنري بركات، فإنه أخرجَ فيلم " أذكريني "، عام 1978، وكان عن نفس قصة فيلم " بين الأطلال "، انتاج عام 1959، للمخرج عز الدين ذو الفقار ومن بطولة فاتن حمامة. مما له مغزاه، أن الفنانة نجلاء فتحي، بطلة فيلم " أذكريني "، ستلعب بطولة فيلم حسن إمام؛ " حب وكبرياء ".
إلا أن حسن الإمام، من ناحية أخرى، نسبَ قصة " حب وكبرياء " للمؤلف يوسف عيسى والسيناريو لمحمد مصطفى سامي. هذا مع العلم، أن فيلم إمام هوَ نقلٌ حرفيّ تقريباً لسيناريو فيلم " ارحم دموعي "، الذي نوهنا في مقالة سابقة بأنه لهنري بركات نقلاً عن رواية فرنسية!
حسن الإمام ( 1919 ـ 1988 )، كان من أسرة غنية، هيأت له سبل التعليم في مدارس راقية، فاتقن الفرنسية والإنكليزية. كان يعشق السينما منذ صغره، فلما أنهى دراسته الثانوية عرضَ على الفنان يوسف وهبي أن يعمل معه كمترجم للنصوص المسرحية الأجنبية. بعدئذٍ صار مساعده في الإخراج، وتعرف من خلاله على أبرز صانعي السينما المصرية؛ كأحمد بدرخان ونيازي مصطفى وهنري بركات. عام 1947، أخرج إمام باكورة أفلامه، " ملائكة في جهنم ". كان فيلماً يغلب عليه الرومانسية. ثم تابع إخراج هكذا أفلام؛ وكان منها " اليتيمتين "، الذي رسّخ اسمه في وجدان محبي السينما في عقد الأربعينيات. كلا الفيلمين، كانا من بطولة فاتن حمامة. سيدة الشاشة، وكانت في عمر المراهقة آنذاك، ستؤدي لاحقاً أدوار البطولة في عدد كبير من أفلام إمام، وكونت في بعضها ثنائياً مع الفنانة شادية.
استمر إمام في منهجه الفني، الرومانسي، طوال العقد التالي وإلى بداية الستينيات، حيث أخرجَ فلمه؛ " الخطايا "، بطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي، الذي احتل المرتبة 93 في قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. من بعد، ازداد انغماس إمام في السينما التجارية، ولعله لم يقدم فيلماً جيداً غير " 3 لصوص "، انتاج عام 1966، عن ثلاث قصص لإحسان عبد القدوس. وفي تلك الفترة أيضاً، لاحَ كأنه يريد تأريخ سيَر حياة راقصات مصر، فقدم سلسلة من الأفلام؛ مثل " شفيقة القبطية "، " دلال المصرية "، " امتثال "، " بمبة كشّر " ، " بديعة المصابني " و" سلطانة الطرب ".

2
في حقيقة الحال، أنه في فيلم " حب وكبرياء "، فالحوار تقريباً هو ذاته، الذي سمعناه في الفيلم الآخر؛ " ارحم دموعي ". بيد أن طريقة عرض المشاهد، كانت مختلفة ولا شك.
شارة فيلم " حب وكبرياء "، تترافق مع موسيقى للمؤلف فؤاد الظاهري، الذي يتعهد تلحين بقية المشاهد. في خلال عرض الأسماء، تنتقل الكاميرا بين حدائق المنتزه في الإسكندرية وشاطئها، أين يتبادل القبلات، عادل ( الفنان حسين فهمي ) مع زيزي ( نجلاء فتحي ). وفي نهاية الشارة، نراها تقرأ رسالة، مرسلة منه حيث كان يدرس في أوربا.
المشهد الأول، يعرض أول لقاء بين زيزي وصاحب المصنع المجاور، حسين ( الفنان محمود ياسين ). ونراها غاضبة لأن سيارة المصنع متوقفة بمنتصف الطريق، وهي تريد المرور بسيارتها مع صديقاتها. واضح أنها أثارت اعجابه. تنتقل الكاميرا إلى فيلا والد زيزي ( الفنان عماد حمدي )، وكان مجتمعاً مع والد حسين ( الفنان حسين عسر )، الذي يرغب في شراء قطعة أرض من عزبة الأول لتوسيع المصنع. يعتذر والد زيزي، بأنه لا يرغب بالصفقة. تدخل زيزي إلى الصالة، وعقب مغادرة الضيف تقوم بفتح المسجل على لحن غربي. لتبدأ بالرقص، ومن ثم يشاركها شقيقها أحمد ( الفنان سمير صبري ). ما لبث أن حصل منها على مفاتيح سيارتها، ليتجه إلى ساحة على طرف المدينة، كي يلتقي مع شقيقة صاحب المصنع، فاطمة ( الفنانة مديحة سالم ). ثم يظهر والدها وهو يصلي، ومن ثم يخبر حسين بأن صاحب العزبة المجاورة رفض الصفقة.
فيلم " حب وكبرياء "، كانت شارته فجّة، توحي بعلاقة جسدية بين زيزي وعادل، بما يتناقض مع ما سيعرفه مُشاهد الفيلم لاحقاً. أما المكان، فقد كان مدينة الإسكندرية نفسها؛ ويبدو كأنه بالقرب من شاطئ العجمي. مشهد رقص زيزي وشقيقها، كان أيضاً من " تقاليد " المخرج حسن الإمام، التي كان يحرص عليها أكثر من حرصه على مضمون الفيلم. لم يكن أيضاً غريباً على عقليته، اقحام مشهد الصلاة، المتناقض مع مشهد القبلات الحميمة. وفي هذا الفيلم، كما في معظم أعمال المخرج، يجب على الممثل أن يغني حتى لو لم يكن صوته جميلاً. هذا التقليد، سيأخذ به الكثير من مخرجي الأفلام التجارية. لدرجة أن محمود عبد العزيز وأحمد زكي، تم تداول كاسيتات بصوتيهما. ثم ظهر أخيراً محمد رمضان، بموهبته في مشاهد العنف والتحشيش وبصوته الجعر!
من ناحية أخرى، فإن طريقة توجيه المخرج للممثلين، المتسمة بدفعهم للمبالغة في الأداء، نراها في العديد من مشاهد الفيلم؛ كما في ردة فعل والد زيزي حين علم بفشل مشروع استثمار في الصحراء. وأين الأداء الجميل، الهادئ، لشكري سرحان وزهرة العلا، اللذين ظهرا كحبيبين في فيلم " ارحم دموعي "، من الأداء المتشنج لكل من سمير صبري ومديحة سالم؟
كذلك الأمر مع أداء حسين فهمي، الذي كان آنذاك ما زال ضعيفاً في التمثيل. وقد ظهرَ في المشاهد التالية مع كوثر ( الفنانة مديحة كامل )، وكانا قادمين على نفس الرحلة من أوربا إلى الإسكندرية. مديحة كامل، المعروفة كفنانة موهوبة، وجَّهها المخرج في الفيلم ليبدو دَورها غاية في الركاكة والخفّة؛ بالأخص عندما كانت تبدي عداوتها لزيزي.
عادل، ما لبث أن عرف من والد زيزي أنه على وشك الإفلاس، فيسافر إلى القاهرة كي يضع خدماته رهن يسري بيه ( الفنان صلاح نظمي )، والد كوثر؛ وما أسرع أن اقترن بها. تقرر زيزي السفر إلى القاهرة مع شقيقها، لكي تعرف سببَ عزوف عادل عن الاتصال بها. وهناك في فيلا يسري بيه، تفاجأ بعرس عادل وكوثر. هذه الأخيرة، عندما سخرت من زيزي كونها خطفت خطيبها، فإن الأخرى تدور بعينيها بين المدعوين بحثاً عن حسين. ثم اتجهت إليه واصطحبته إلى حيث تقف كوثر: " هذا هو خطيبي! ".
على عكس تصرف آمال في الفيلم الآخر، " ارحم دموعي "، نرى زيزي تسلم نفسها في ليلة الدخلة لكي تثبت عذريتها. مشهد صفعها من قبل حسين، كان هوَ أيضاً تأكيداً على ما جدّ في المجتمع المصري من تغيرات في خلال عقدين من الزمن.
تعليقاً على تلك المشاهد، أقول أن سير الأحداث في فيلم " حب وكبرياء " كان بعيداً عن المنطق والواقعية، وذلك مقارنة بمثيله في فيلم " ارحم دموعي "؛ بالرغم من أن الحوار في كلا الفيلمين كان متشابهاً وأحياناً متطابقاً حرفياً.
ملاحظة أخيرة، أن نجاح فيلم " حب وكبرياء "، جماهيرياً وتجارياً، مرده برأيي للأداء المتمكن لكل من بطليه، نجلاء فتحي ومحمود ياسين.
لقد استحقَ هنري بركات، لقبَ " شيخ المخرجين ". أما حسن الإمام، فإنهم أطلقوا عليه لقب " مخرج الروائع ". وباعتقادي، أنه يستحق عن معظم أعماله، السطحية والتجارية، لقبَ: مخرج الفظائع !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05