الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك الزيارة الألمانية للسوداني.. -المجهول- غربياً و -البسيط- دولياً

مسار عبد المحسن راضي
(Massar Abdelmohsen Rady)

2023 / 1 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


زيارة رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، إلى ألمانيا، يبدو إنها كانت إعلاناً للحرب، لتصفية خصوم داعميه من "الإطار التنسيقي" و الميليشيات الموالية لإيران، و لم يكُن هناك أفضل، من اتخاذ النفط و الغاز، عربةً مُدرَّعة، ضِدَّ ردود الفعل المتوقعَّة؛ التي بدأت تتجمعُ غيومها، بدعوة زعيم التيار الصدري، أنصاره للمواظبة على حضور صلاة الجمعة (المونيتور الأمريكية، 13 يناير)، كأداة سريعة للتحشيد. رئيس الحكومة، شكى أمام وسائل إعلامٍ أمريكية، الفيل الصدري؛ الذي يحتلُ غرفة قراره السياسي.
إعلان التصفيات في الزيارات الخارجية تقليد مالكي
صحيفة وول ستريت الأمريكية (15 يناير)، نقلت عن السوداني: " قُدرته على المناورة مُقيَّدة بالسيد الصدر؛ الذي يستطيع تحشيد آلاف المتظاهرين، وأعضاء ميليشيات مُسلَّحة ضد الحكومة". كان التصريح، موافقةً ضمنية من فريق الإطار السياسي، الداعم له (وكالة أخبارٍ محلية، 15 يناير)، و بحثاً عن ضوءٍ أخضر، من عواصم القرار الغربية، و واشنطن في مُقدِّمتِها، للبدء في تصفية الساحة السياسية العراقية.
السيد نوري المالكي، رئيس الحكومة الأسبق، أوَّل من استخدم ملف الطاقة، للحصول على مساحة واسعة أمريكياً، للمناورة في السياسات الداخلية. السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، كان الفائز الأول في هذهِ اللعبة. اللعبة بدأت بإعلانه عن جولة تراخيص نفطية جديدة في 2011.
الخدمات الصحافيَّة، التي قدَّمتها صحيفة الواشنطن بوست له، قدَّمته كمُخلِّصٍ أمريكي، روَّجها شامان جماعات الضغط الأمريكية. تحديداً، لوبي الأخوين بوديستا (مقالي المنشور في نوفمبر 2013، القدس العربي)، و الذي لديه جذرٌ عميق مع الحزب الديموقراطي الأمريكي.
الرئيس السوداني، مجهول بـ : التمام و الكمال في الغرب، و لديه سمعة دولية بسيطة (وول ستريت). صحيفة بيلد الألمانية، و التي تُعتبر بحسب تقييمات بلادها، بأنها من أشهر الصحُف الصفراء ، أوسعها انتشاراً، و الأكثر تأثيراً، عرَّفتهُ سياسياً و بدون حرج: "المسؤول الأهم، في بلادٍ فرَّ منها مئات آلاف اللاجئين؛ الذين جاءوا إلى ألمانيا".
يبدو ذلك للوهلة الأولى، خطئاً ارتكبهُ المكتب الإعلامي، في رئاسة الوزراء، أو عرض عضلاتٍ من الصفراء الألمانية، المعروفُ عنها، اتِخاذُ مواقفٍ عدائية، ضد اللاجئين في بلادها، خاصَّةً العربُ منهم. ربّما كان ذلك مُرجَّحاً، لو كان اللقاء على الأراضي الألمانية، لكنه جرى في العراق، و نُشِر في 9 يناير الجاري، أي قبل أربعة أيّام، من لقائه بالمستشار الألماني، أولاف شولتس، في الـ 13 من يناير.
الأرجح إنَّ ذلك كان لحرف الأنظار مؤقتاً، عن المؤشِّر الأمريكي، في بوصلة طموحات السيد السوداني و "الإطار التنسيقي". الفائدة الأُخرى، إنَّ طبيعة النشر، في الصحُف الصفراء، تحمِلُ بعضاً ليس بالقليل، من سمات منصات السوشيال ميديا: مُنحازة لوجهةِ نظرٍ ما، و تُسبب دوشة إعلاميّة، تنتهي سريعاً، لكن اللاعبين الرئيسيين يعلَقون في الذاكرة لفترةٍ أطول. اعتقد إنَّ الضجة كانت الهدف.
لغز الغاز
السيد السوداني، بيَّن أيضاً في لقاءه المستشار الألماني، إنَّ العراق قادر على تجهيز البلد المُضيف و أوروبا بالغاز، بعد أن فطموا أنفسهم بتشجيعٍ أمريكي، عن الغاز الروسي.
العراق، يُعاني أصلاً من انقطاعاتٍ، في تجهيز الطاقة الكهربائية لمواطنيه، و هو يحصلُ على الغاز من إيران، بأسعارٍ تفوق سعر السوق مرَّتين. السؤال إذاً: من أي مصدر سيحصل العراق على الغاز كي يبيعه لألمانيا و دول أوروبية أُخرى؟
الرئيس السوداني، خفف ورديَّة هذا الوعد، واثناء اللقاء، بالإشارةِ إلى إنَّ معظم طاقة العراق الغازية، هي من النوع " المصاحب لاستخراج النفط"، و الذي يحتاجُ لاستثماراتٍ كبيرة. الترجمة العمليَّة لما قالهُ الرئيس، هو إنَّ الخلافات بين فريق داعميه السياسي و حكومة إقليم كردستان العراق، فيما يخصُّ تصدير الغاز من الإقليم (7 مايو 2022، الجزيرة) إلى أوروبا، قد انتهت، لأنها أصبحت بلا فائدة! و لم تبقى عقبة إلَّا السليمانية.
الحكم عموماً في هذا الإقليم العراقي، يتوقف على كيمياء العلاقة ما بين الديموقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، إضافة إلى إنَّ ولادة الأنابيب الناقِلة للغاز، يجب أن تكون في أرض الثاني. لا اعتقد إنَّ الحديث عن قانون النفط و الغاز و إمكانية تشريعه الآن، بعد مرور ثمانية عشر عاماً (2005) سيتحقق، لكنه غطاء جيَّد، لتمرير اتفاقات مستحيلة، بعد تبخيرها بالدستور العراقي!
هذا يفسِّرُ لنا أيضاً، سبب ظهور مستشار الرئيس بايدن لشؤون البنى التحتية في العالم و الطاقة، السيد إموس هوكستاين – لفظ الاسم حرفيَّاً في الإنجليزية – في اللقاء الذي جمع السوداني، السفيرة الأمريكية إلينا رومانوسكي، مستشار الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك (وكالة أخبار محلية، 16 يناير).
هوكستاين المعروف بـ "رجل بايدن"، دائماً ما استطاع إنجاز صفقات، تبدو صعبة جدّاً، مثل ترسيم الحدود البحرية بين "إسرائيل" و لبنان، و كذلك بين الأولى و المملكة الأردنية الهاشمية. خلفيّته الإسرائيلية، و عمله في جيش دفاع الاحتلال – قسم العلاقات الخارجية – و صعوده السلس على سُلَّم الحكومات الأمريكية، بعد هجرته إلى الولايات المتحدة (22 أكتوبر 2022، صحيفة تايم نيوز)، يُنبينا باحتمالِ ارتفاع وتيرة إنجاز أنبوب البصرة – العقبة، وما يعنيه ذلك من احتمالات تعاون طاقويَّة متعددة الجنسيات في المستقبل!
فكرة هذا الانبوب "سياسية" أكثر منها اقتصادية. احمد موسى جياد، و هو خبيرٌ عالمي في شؤون النفط و الطاقة – بيَّن ذلك لي قبل سنين - و هو نرويجي من أصولٍ عراقية. السيد ماكغورك، عبَّر بدوره، عن فرحة بلاده، بما اتُفِق عليه في مؤتمر بغداد الثاني، و الذي عقِد في عمّان، مُشيراً إلى أهمية تطوير البنى التحتية المشتركة بين العراق و المنطقة. الأرجح إنّهُ كان يعني أنابيب نفط و غاز.
الصفقة الكُبرى
لقاء السوداني، بـ هوكستاين، رغم خلفيَّاته، و التي قد توقِعُ المتواصلين معه، تحت طائلة القانون العراقي، لتجريمه التعاون أو التطبيع مع "إسرائيل"، بأي شكلٍ من الأشكال (الإطار التنسيقي كان راعياً مهماً في تمرير القانون بالمناصفة مع التيار الصدري). يجعلنا نضع علامة استفهام محقونة بـ "بوتاكس" تعجُب، يكفي لنفخِ شِفاه كُل العالم.
السوداني و فريقه السياسي، ينتظرون على الأرجح، ردَّة فعل الصدر وأنصاره، للقضاء على اعتماده الدولي، و تثبيته في الإطار التالي: زعيمٌ لجماعةٍ ذات أعدادٍ مُعتبرة، من إحدى الطوائف العراقيَّة لا أكثر. نتائج انتخابات مجالس المحافظات العراقية القادمة؛ ستُخبرنا بدورها، عن طبيعة الحكومة القادمة و حجم هذه الصفقة، العابرة لفيينا و الأطلسي.
تزامن أيضاً حضور قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، للاحتفال السنوي بمقتل ( استشهاد بحسب أدبيات الجماعات الموالية لإيران) السيدين قاسم سليماني و أبو مهدي المهندس، في الثالث من يناير، مع عودة الرئيس السوداني، من ألمانيا، و لقاءه المسؤولين الأمريكيين في بغداد (وكالة أخبار محلية، 16 يناير). أو ربّما عُرفاناً لاعترافه: الخليج العربي هو خليج فارسي (وول ستريت).
تحميض كُل ما تقدَّم بالكاميرا الألمانية، يُنتِجُ معرض سيناريوهات، تتجهُ خطوطها الدقيقة، نحو تحقيق مصالح كُل اللاعبين في العراق، لكن مصالح البلاد العُليا، لن تكون مضمونة أبداً، بوجود لاعبين داخليين، مستعدين أبداً، للانحيازات الحادة، إقليمياً و دولياً، و اتهام المُعارضين لهم بأنهم "أولاد سفارات"، إشارة إلى أنهم يأخذون أوامرهم من سفارات الدول الأجنبية في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة