الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواسب تراجيدية في الذاكرة

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 1 / 23
سيرة ذاتية


في عام 1958 كنت تلميذا في الصف الاول الابتدائي بمدرسة الرشيد، التي لا زالت موجودة قرب سوق خمسين حوش، وكان مديرها وقتذاك الاستاذ عبدالوهاب النعمة، الذي يسكن بيوت (china camp). .
كانت المدرسة تجمع بين ابناء كبار الموظفين في الموانئ وابناء العمال والطبقة الفقيرة. وكنت من ابناء الطبقة المسحوقة. كانت ملامح الفقر واضحة من ملابسي الرثة، وحذائي الممزق، وشعري المنكوش. كنت اعاني من الفقر والجوع ونقص التغذية بسبب ظروفنا المعيشية البائسة. .
التصق في ذاكرتي تلميذان فقط من تلك المرحلة، بينما تبخرت أسماء معظم التلاميذ. .
أتذكر التلميذ (مؤمن محمد فاضل الريفي) الذي يتصدر الآن قائمة أطباء العيون والجراحين، ويقيم في البحرين. اتذكره دائما لأنه كان مثالا للتلميذ الودود الخلوق المتفوق المواظب. واتذكر التلميذ (سمير عبدالوهاب النعمة) الذي كان حقوداً نزقاً مدللا مشاكساً متعالياً على التلاميذ الفقراء. من دون ان يحاسبه احد لأنه الابن المدلل للمدير. .
ثم انتقلت من مدرسة الرشيد إلى مدرسة الخورنق الابتدائية، وكانت مبنية بالقصب والبردي، وجميع تلاميذها من طبقة تعيش تحت خط الفقر، لكنني كنت مميزا في مادة الرسم، وامتلك موهبة فطرية في التعبير الانطباعي، فاحتضنني الأستاذ (طه التميمي) رحمه الله، وهو ابن عم الفنان (جاسم محمد عودة التميمي). فشجعني الاستاذ (طه) على مواصلة الرسم والمشاركة في المعارض التي تقيمها مديرية تربية البصرة على قاعة متوسطة المعقل التي كانت قريبة من اعدادية المعقل للبنات، وهي غير موجودة الآن. .
كانت لوحاتي تحصد الجوائز الأولى بلا منافس، وكان لابد من تواجدي في الركن المخصص لمدرستنا، لكن التلميذ (سمير ابن المدير) ظل يحرّض ضدي مدير القاعة دونما سبب، فيطردني خارج المعرض، لأخرج مهزوماً منكسراً، بانتظار مجيء الاستاذ (طه التميمي) الذي يعيدني إلى القاعة بوجهي المبلل بالحزن والخذلان والتعاسة. .
جميعنا تُشكِّلنا أحزاننا وخبرات مراحلنا الأولية، لكن ثقتنا بانفسنا ولوحاتنا هي التي نتفاخر بها عندما نكبر، فيتحدث عنا مَن حولنا بالإعجاب. .
لقد أتيت من فقر مدقع، فلم يكن لي خيار إلا الصعود والتألق. .
والحديث عن أوجاعنا المعقلية ذو شجون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية