الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعر الصرف في مصر بين الزاحف والتعويم

احمد البهائي

2023 / 1 / 23
الادارة و الاقتصاد


لا مفر من قيام البنك المركزي في اجتماعه القادمة من رفع أسعار الفائدة ، على الرغم من قيامه مؤخرا برفع أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس دفعة واحدة ، وايضا قيام بنوك حكومية بإصدار شهادات إدخال أجل سنة بفائدة تصل إلى 25%، وذلك كله بهدف كبح التضخم ، وحسب البيانات الرسمية أعلن البنك المركزي المصري، إن معدل التضخم الأساسي في البلاد ارتفع إلى 24.4% على أساس سنوي في ديسمبر 2022، من 21.5% في نوفمبر، مع ذلك أسعار الفائدة على الودائع مازالت بالسالب ،التي يجب ان تكون في مثل تلك الظروف والأوضاع الاقتصادية عند 25% على الأقل .
* الدولرة باتت تهيمن على كافة جوانب الاقتصاد الوطني،بل وأصبحت قريبة من مؤسسات الدولة وخاصة النقدية والمالية ، وهذا هو الأخطر على الاقتصاد الوطني ان تتحول من وصفها دولرة جزئية الى دولرة رسمية كاملة ،فقد أصبحت المضاربة على الدولار العنوان العريض للاقتصاد ، وخاصة الاقتصاد الموازي حيث اسواقه تتعامل وان التضخم تجاوز 30% ، وهذا يؤكده أن سعر الدولار اصبح بين 33-38 جنيه.
*ارتفاع السيولة المحلية بكامل مكوناتها، لتقترب من 7 تريليون جنيه مصري وخاصة ارتفاع مكون النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي والودائع الجارية بنسب مقلقة تعدت 18% من الناتج المحلي، مما ترتب عليه في ظل السياسة المالية التوسعية الخاطئة التي اتبعتها الحكومة خلال الفترة السابقة إلى زيادة حجم الإنفاق الحكومي وارتفاع نسبة النفقات العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ، كما شهدت الفترة السابقة ارتفاع معدلات الاستهلاك النهائي الكلي (الاستهلاك النهائي العام والاستهلاك النهائي الخاص) وارتفاع نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية.
*ارتفاع حجم التسهيلات الائتمانية بكامل مكوناتها وخاصة الحكومية ، الممنوحة من قبل البنوك لتصل الى 4 تريليون جنيه مصري لتتجاوز 50%من إجمالي الناتج المحلي.
*قيام الفدرالي الأمريكي مؤخرا برفع الفائدة بواقع 50 نقطة أساس لتصل الى 4.50% في الوقت الذي تم فيه خفض العملة الوطنية بمقدار 70% رسميا و115% في السوق السوداء.
* فشل السلطة النقدية في تحديد سعر صرف توازني مع الدولار قائم على تعادل القوة الشرائية بين العملتين نتيجة تجاهلها حركة رؤوس الأموال الذي قامت بتحريرها تحريرا كاملا ، وأن أسواق الصرف تسودها شروط المنافسة الكاملة البعيدة عن الأسود الموازي ،كل هذا يضع صانع السياسة النقدية في موقف صعب للغاية، لنعود ونقول كل هذه الاختلالات نتيجة إصدار قرارات غير مدروسة وبعيدة كل البعد عن واقع الرشد النقدي والمالي المستقبلي .

مع ذلك يجب عدم المخاطرة او المجازفة بترك العملة الوطنية “الجنيه” تسبح في بحر التعويم سواء كان بعمقه الموجه او الحر كما يطالب به البعض ، حيث اسواق الصرف المصرية غير عميقة و ضعيفة ومحدودة النشاط لا تتمتع بالسيولة الكافية لا تخلو من المضاربة وغير قادرة على تحديد سعر العملة الوطنية بشفافية ، عملية الاختيار لنوعية نظام الصرف تعتمد على عدة عوامل في مقدمتها الأهداف الاقتصادية التي يسعى إليها راسم السياسات المالية والنقدية للنهوض بالاقتصاد، وطبيعة الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني الواقعة منها والمستقبلية ،بالاضافة الى خصائصه الهيكلية ، فعندما تتغير الأهداف وطبيعة الصدمات وخصائص الاقتصاد تجد كلها أمور تتطلب تغييرا في تحديد نظام الصرف المناسب والامثل للاقتصاد الوطني ،* رغم ما يقال عن حجم الاقتصاد المصري فحجم الاقتصاد ليس كبيرا ،بنظرة سريعة على توزيع الناتج المحلي الإجمالي على القطاعات الثلاث الأهم تجد ان القطاع الخدمي يلتهم 56% منه بينما قطاع الصناعة 28% وقطاع الزراعة 11%، حيث اقتصادا ريعيا وليس متنوعا يفتقر الى تخصصات متعددة داخل الاقتصاد بمعنى محدودية في “ تنوع الأنشطة والقطاعات والصناعات وعدم وجود روابط قوية بين الصناعات نفسها أي روابط جذب أمامية “، وضعف حجم الإنتاجية ورقم الصادرات فيه هزيل للغاية الذي قدر ب 54 مليار دولار منها صادرات بترولية 18 مليار دولار ،بالتالي أصبح الاقتصاد الوطني أكثر حساسية للتقلبات التي تسببها العوامل الخارجية ،* وبنظرة سريعة على مؤشرات التضخم العالمية تجد أن معدلات التضخم المحلية اعلى بكثير عن المعدل العالمي حيث التضخم في مصر مزمن مركب هيكلي،* وجود قطاع مالي غير متطور بشكل كامل حيث البنية التكنولوجية والأسواق المالية غير مكتملة النمو تجعل الحكومة والبنك المركزي والبنوك التجارية والمؤسسات المالية وقطاع الأعمال الغير مصرفية غير قادرة على إعداد سياسات وإجراءات داخلية احترازية للتعامل مع مخاطر سعر الصرف وخاصة المخاطر المتعلقة بالأصول والخصوم من العملة الأجنبية ،* انخفاض درجة المصداقية في صانع السياسات المالية والنقدية وخاصة في الامور المتعلقة بحركة حساب رؤوس الأموال ، والدين العام نسبته من الناتج المحلي الإجمالي ومكوناته وخاصة الدين الخارجي منه الذي أصبح مدون تحت بند الديون "المتفاقمة "، وبمعدلات التضخم وطرق مكافحتها .

غير أنه من الأفضل الآن في مصر البدء اتباع منهج التحول التدريجي وخاصة إذا كان البلد يفتقر إلى الإطار المؤسسي الملائم، بما في ذلك السوق العميقة للنقد الأجنبي والقدرة على رصد وإدارة مخاطر سعر الصرف؛ فهناك احتمالات كبيرة لتعرض مصر لتقلبات مفرطة في سعر الصرف إذا ما اتبع منهجا سريعا جدا في التحول.
اذا،بعد كل ما شاهدناه من دراما نقدية طوال الاسابيع الماضية، الافضل والمناسب الان اتباع نظام سعر الربط الزاحف او المتحرك ،كل ما نطلبه من صانع السياسة النقدية في مصر في ظل تلك الظروف الاقتصادية السيئة الناتجة في المقام الاول عن سياسات خاطئة من السلطة النقدية والماليه ، عدم اللجوء مباشرة الى الانظمة المعومة ، بل الاتجاه الى نطاق تقلب زاحف او متحرك دالته التضخم ، يمكن من خلاله تعديل قيمة العملة استجابة للتغيرات في مؤشرات محددة على راسها التضخم مقارنة بالشركاء التجاريين والماليين والفروق بين التضخم المستهدف والمتوقع بحيث تكون عند مستوي نطاق التحرك اقل من او يساوي ±5% ، كنظام وسيط لتحرك نحو صرف مرن متحرك حتى ينحسر الاختلاف بين اهداف سعر الصرف واستهداف التضخم يكون بجانبه "متوسط مرجح للعملات"،المطابق للحالة المصرية الان هو التحول الى نظام الربط الزاحف او المتحرك مقابل سلة من عملات بدلا من الدولار حتى يمكن تقليل فرص نقل الصدمات الخارجية الى الاقتصاد المصري،ومن احتمالات تعرض سعر الصرف للتحركات الغير سوية المتوقعة في سعر العملة الواحدة الدولار،وتتألف سلة العملات من متوسط مرجح لعملات اهم الشركاء التجاريين لمصر ومن هنا تستطيع مصر الاحتفاظ بقدرتها التنافسية الخارجية في حالات اختلاف معدلات التضخم في مصر عن معدلات التضخم لشركائها التجاريين ومن هنا سيتوفر لمصر نتيجة التحول الى نطاق الزاحف قدر اكبر من المرونة في سعر الصرف وزيادة استقلالية السياسة النقدية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف


.. احتجاجات مناهضة للسياسات الاقتصادية في الأرجنتين




.. محمد العريان لسكاي نيوز عربية: مصر أمام نقطة حاسمة عليها الا


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024




.. باريس تأمر الشركات المصنعة بإعطاء الأولوية لإنتاج صواريخ أست