الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموازنة المالية لنظام الملالي في خدمة القمع

عبد المجيد محمد
(Abl Majeed Mohammad)

2023 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يعد مشروع قانون ميزانية النظام الإيراني للفترة 2023-2024، الذي قدمه رئيسه إبراهيم رئيسي إلى مجلس شورى الملالي، مؤشراً قوياً آخر على تفاقم إفلاس الثيوقراطية.
لقد كان رئيسي ينوي تقديم ما يسمى بـ (خطة التنمية السابعة) قبل تسليم مشروع قانون الموازنة إلى مجلس شورى الملالي، لكنه لم يفعل.
وقد تم الكشف عن هذه الخطط مع الكثير من الجعجعة الإعلامية والتطبيل، ولكن من ناحية الممارسة العملية فإن هذه الخطط المعلنة لاتوجد أية فائدة منها على أرض الواقع سوى أنها مجرد غطاء من الدخان يُراد له تغطية الإخفاقات الاقتصادية الكارثية للنظام!
وحسبما ذكرت صحيفة (شرق) اليومية في 7 كانون الثاني/ يناير إن :" العديد من مشاكل البلاد لاتحتاج إلى خطط متتالية، بل بحاجة إلى إجراءات من قبل النظام الحاكم، الحكومة تفشل في دفع رواتب موظفيها ... لذا فهي حرفياً لا تمنح سنتاً للإنفاق على خطط التنمية".
وأثار رفض رئيسي تقديم خطة التنمية ضجة كبيرة في برلمان النظام، حيث رفض النواب المختارون تقييم مشروع قانون الموازنة إلى حين استلام (خطة التنمية).
ثم قام رئيسي - الذي يفتقر الى الأفكار الاقتصادية أو الأساس المنطقي المقنع لمشروع قانون الموازنة - بالتملّق الى النواب بشكل مثير للشفقة محاولاً حثّهم على التصديق على ما وصفهُ بـ "أفضل مشروع قانون للميزانية حتى الآن" بينما تعهد بـ "تقديم خطة التنمية السابعة بسرعة".
وفي سلسلة أكاذيبه للدفاع عن خطته للميزانية، زعم رئيسي أن مشروع القانون "يركز على العدالة". ومع ذلك، ليس من المستغرب أن تكشف نظرة فاحصة على مشروع القانون هذا أنه يركز على الخداع والازدواجية ومُعبّأ بمزيد من التدهور الاقتصادي والبؤس والفقر للإيرانيين البسطاء.
وفي حال التصديق عليه، سيزيد مشروع قانون الموازنة "الأجور بمعدل 20٪" و "المعاشات التقاعدية بمعدل 10٪". هذه الأرقام هي بشكل مؤسف وراء معدل التضخم المذهل في إيران.
حتى لو أخذنا في الاعتبار الرقم المصمم لهندسة النظام لمعدل تضخم بنسبة 40٪ (وهو أمر متحفظ للغاية)، فمن المقرر أن تنخفض القوة الشرائية للموظفين والمتقاعدين بنسبة لا تقل عن 24 و 34٪ على التوالي.
وفقاً لهذا القانون، سيكون الحد الأدنى للأجور حوالي 70 مليون ريال أو 155 دولاراً شهرياً (بناءً على سعر الصرف الحالي في السوق).
في غضون ذلك، حددت وزارة العمل التابعة للنظام خط الفقر بنحو 150 مليون ريال، أو 335 دولاراً شهرياً.
وبما أن النظام لايستطيع تمويل آليته القمعية الهائلة بالكامل، فقد زاد الضرائب بنسبة 66٪، مما أدى إلى توليد 21 مليار دولار إضافية من دخل الدولة.
وفي الوقت نفسه، فإن المؤسسات المالية الضخمة التي يمتلكها المرشد الأعلى علي خامنئي (التي تمتلك أصولاً تقدر بمئات المليارات من الدولارات) معفاة من الضرائب، وهم يتلقون نصيب الأسد من موازنات الحكومة!
في البلدان الديمقراطية، تعمل الضرائب كآلية تمويل أساسية لتحسين الخدمات العامة، لكن في إيران، تستخدم الدكتاتورية الضرائب لتمويل أنشطتها غير المشروعة وغير الإنسانية، مثل تعزيز قواتها المسلحة بقصد قمع المواطنين محليًا أو تصدير الأصولية الدينية والإرهاب إلى الخارج.
ونظراً لأن الشعب الإيراني مجبر على تحمل زيادة كبيرة في الضرائب وسط الأزمة الاقتصادية في البلاد، فإن حرس الملالي أو ما يعرف بـ (ميليشيا الحرس الثوري) سوف يتمتع بدخل أعلى مصدره ميزانية الدولة لتمويل أعمالهم المزعزعة لاستقرار المنطقة بالإضافة إلى قمعهم للانتفاضة المستمرة داخل إيران.
وتتميز فاتورة ميزانية رئيسي للسنة المالية التالية التي تبدأ في مارس 2023 بزيادة هائلة بنسبة 131٪ لتخصيصات حرس الملالي، من حوالي 1.24 مليار دولار إلى حوالي 2.89 مليار دولار. وتأتي هذه الميزانية الرسمية بالإضافة إلى تدفقات الدخل "غير الرسمية" لحرس الملالي منذ سيطرة التنظيم الإرهابي على اقتصاد البلاد.
ويعتمد الاقتصاد الإيراني إلى حد كبير على النفط، لقد دمرت كل من الثيوقراطية الحالية ودكتاتورية الشاه السابقة قدرة البلاد على تنويع اقتصادها.
لذا، ستكون ميزانية طهران بالتأكيد في المنطقة الحمراء، حيث يتقلب سوق النفط بعد عام من جائحة كورونا والآن الحرب في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، سيستمر فساد الدولة والعقوبات الدولية في جعل عجز النظام يتفاقم.
وزعم رئيسي يوم الاثنين أن حكومته لن تواجه عجزا في الميزانية، مضيفا "لن نقترض أي أموال من البنك المركزي". في غضون ذلك، في 8 كانون الثاني/ يناير، نقلت صحيفة اعتماد الحكومية عن النائب محمد رضا بور ابراهيمي اعترافه بأن ميزانية رئيسي ستؤدي إلى عجز كبير بنحو 9.7 مليار دولار، وقدرت بعض وسائل الإعلام الحكومية العجز المحتمل عند 11.4 مليار دولار.
كل هذا يفضح إفلاس النظام وعدم قدرته على الاستمرار في آلية القمع والإرهاب، وباختصار شديد: لقد أسقطت الموازنة المالية ورقة التوت عن عورة نظام الملالي! ومع استمرار الانتفاضة في جميع أنحاء البلاد على الرغم من محاولات الملالي سحقها، فإن الاحتياطيات الاستراتيجية للثيوقراطية الحاكمة تجف بسرعة، مما يسرع من زوالها المؤكد.
*كاتب حقوقي وخبير في الشؤون الإيرانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة