الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقارب من نوع خاص

مازن الحسوني

2023 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من عاش بالغربة لسنوات طويلة وأبتعد مجبرأ عن أهله ولا يستطيع التواصل معهم يحتاج لبناء علاقات أجتماعية جديدة تدير المهام التي كانت العائلة تضطلع بها .
هذه العلاقات والتي تصل الى هذا المستوى من الثقة والحد وتأخذ دور الأهل ليس بالهين الحصول عليها .
لكني هنا عشت حالتين جعلتني لحد اللحظة سعيدأ وفخورأ بهذه العلاقات.
الحالة الأولى :
كانت في الشام (دمشق)عام 1986 يومها كنت نصيرأ مع الكثير مثلي من الأنصار .
بسبب عملي الأنصاري كنت أتردد ما بين الشام والقامشلي التي كانت منطلق عملنا الى ربوع كردستان .
كان لي أصدقاء أثنين وهم من الأنصار مثلي ولدينا علاقة مودة وأحترام كبيرين منذ بداية الثمانينات في عملنا الأنصاري .
أرتبطوا بعلاقة حب وارادوا الزواج في الشام لكن رغبتهم هذه قابلها البعض من بيده القرار الحزبي بتلك الأيام هناك بالرفض لأسباب عديدة مختلفة ولكن الغالب عليها هو الأختلاف الديني بين الطرفين (هي مسلمة وهو مسيحي) .
لهذا السبب لم يستطيعوا أن ينجحوا بمسعاهم ذلك خاصة وأنها ارادت أن يكون زواجها عبر الموافقة من لدن من هي تعيش بينهم (أقصد هنا الأنصار والشيوعيين) .
كنت في أحدى المرات قادم الى الشام لأجل عمل حزبي وهناك التقيت بها وعرفت قبل هذا اللقاء بقضيتهم الشائكة وطرحت عليها ما تريده لأجل أن يتم زواجهم دون الألتفات لرفض الأخرين ؟
عندها طرحت قضية العلاقة الطيبة والثقة المتبادلة بيننا وهي التي تعتبرني بمثابة أحد أقاربها.
تعاطفت معهم ومع رغبتهم في الزواج والعيش المشترك .
طلبت هي من حبيبها أن يخطبها مني لأني أنا بمثابة خالها هنا بعد أن أنقطعت صلة التواصل مع الأهل.
في جلسة بسيطة مع بعض الأصدقاء طلب مني هذا النصير على أعتباري خالها الأرتباط بها وفق الضوابط المدنية .
ذهبنا في اليوم التالي الى المحكمة السورية وهناك جرى تسجيل عقد زواجهم وبمهر لم يتجاوز ليرة سورية واحدة فقط .
لابد أن أذكر بأنه جرى تسجيل عقد زواجهم وفق الوثائق الغير عراقية (يمنية) والتي كانت هي الوحيدة التي يمتلكونها بذلك الوقت وهو كان يمتلك تلك الوثيقة ومسجل فيها كونه مسلم ولهذا لم نجد أية صعوبة بتسجيل عقد الزواج.
الحالة الثانية:
عام 1988-1989 كنت أدرس في مدينة خاركوف الأوكرانية وهناك تعرفت الى بعض الأصدقاء العراقيين ومنهم من كانوا أنصار أو غيرهم من الشيوعيين .
كانت بين هذه المجموعة شابة جميلة الشكل تكونت بيننا علاقة مودة وأحترام لأني أعرف والدها من قبل بسبب عملنا الأنصاري رغم أني لم التقيه قبلها ولكن كل منا يعرف عن الأخر الشئ الكثير.
هذه الشابة كنت بالنسبة لها كالأخ الأكبر خاصة وأن الغربة والوحدة بالنسبة للشاباتهناك أصعب بكثير من الشباب في مثل هكذا بلدان .
بدوري كذلك كنت أشعر بمسؤولية أزاءها وأزاء بقية الرفيقات بتلك الظروف وهو نفس الشعور الذي كان يحمله العديد من رفاقنا هناك.
أرتبطت هذه الشابة بعلاقة حب مع أحد شبابنا الذين تجمعني معه كذلك علاقة مودة وأحترام كبيرة .
تحدثت مع الشاب بعد أن عرفت بتلك العلاقة وأخبرته أن كان جادأ بعلاقته فاهلأ وسهلأ وسأسعى لدعم هذه العلاقة وان لم يكن جادأ فليبتعد عنها مباشرة وليلعب مع الأخريات الكثر .
الشاب أخبرني بجديته بهذه العلاقة ويرغب بالأرتباط بالشابة ولكن لا يعرف كيف يبتدأ .
بدوري تحدثت مع الشابة وأخبرتها برغبة الشاب وأجابتني بأنها كذلك ترغب بهذا الأرتباط ولكن عليها أن تتواصل مع الأهل رغم صعوبة المهمة بسبب ظروفهم الصعبة في أيران .
بعد فترة من الزمن وصلتها موافقة الأهل طالما أنني أعرف الشاب وأثق به (أخبرت والدها بأني أمنحه الثقة الكاملة ) وسأكون أنا بمثابة ولي أمرها هناك .
الشاب وبجلسة بسيطة طلب يدها مني كولي لأمرها في ذلك المكان بناءأ على رغبة أهلها .
الشاب بدوره لديه أهل في طهران زاروا أهل الشابة وقاموا بما تتطلبه الآعراف بمثل هكذا قضايا من دون أن تطلب عائلة الشابة أية أموال كمهر للزواج.
أهل الشابة لحد هذه اللحظة يعتبروني كواحد منهم ويشكرون تلك المواقف في تلك الظروف الصعبة لأبنتهم .
كلا العائلتين تجمعني بهم علاقة من نوع خاص لحد هذه اللحظة رغم تباعدنا الجغرافي .
اليوم وبعد ما يزيد عن ثلاثين عامأ على تلك الأحداث أجدني سعيدأ جدأ وفخورأ بتلك اللحظات التي أصبحت فيها قريبأ لناس لا تربطني معهم رابطة قرابة حقيقية ولكن ربطتني معهم أقوى من هذه الرابطة .
رابطة الثقة والفهم والجرأة في أتخاذ المواقف الصحيحة رغم صعوبتها .
رابطة الأيمان بالعلاقات الأنسانية الجميلة رغم الصعوبات الأجتماعية المعرقلة لهذه العلاقات.
رابطة الأختيار الصحيح لتحمل المسؤوليات امام هذه الراوابط.
اليوم أعتز كثيرأ حين ارى ثمرة تلك العلاقات والموقف المساند لها ،عوائل جميلة ناجحة بكل المقاييس من حيث المودة التي تجمع أصحاب هذه العوائل وأولادهم الذين جاؤا نتيجة هذه العلاقات الحلوة.
اليوم أعتز أن لي أقارب كنت لهم وكانوا هم بالنسبة لي عوضأ حميدأ عن ما فقدته من علاقة مع أقاربي .
اليوم أقول أن صلة القرابة لا تحددها فقط الأرتباطات الجينية وأنما هنالك روابط أخرى أهم وأقوى منها أحيانأ الا وهي الروابط الأنسانية الصادقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماكو مهر بس هل شهر والقاضي نذبه بالنهر
طلال بغدادي ( 2023 / 1 / 25 - 16:55 )


كان من الممكن تبسيط الكثير من الاجراءات.

الكثير من الرفاق والرفيقات التزموا بشعار الحزب وتجاوزوا تقاليد اجراءات الزواج …

اخر الافلام

.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت


.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث




.. بوركينا فاسو تطرد دبلوماسيين فرنسيين في خطوات لتصفية الوجود


.. الرئيس الإيراني: عملية الوعد الصادق كانت خطوة ضرورية وتعتبر




.. لماذا غرقت دبي في الفيضانات؟