الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي مصير لنفائس الكتب النادرة؟

رضي السماك

2023 / 1 / 26
الادب والفن


مصير نفائس الكتب النادرة/ رضي السمّاك/
كتاب " الحداثة الممكنة.. الشدياق والساق على الساق ..الرواية الأولى في الأدب العربي الحديث" للأستاذة الأدب الإنجليزي والناقدة المصرية الراحلة رضوى عاشور( زوجة المناضل الفلسطيني مريد البرغوثي واُم الشاعر الشاب تميم البرغوثي) هو من أفضل الكتب التي سلطت الأضواء على العالم الكبير والمجدد اللغوي أحمد فارس الشدياق صاحب كتاب " الساق على الساق فيم هو الفارياق" وعلى الرغم من تحفظنا -منهجياً- على مصطلح " الحداثة"، من حيث هو مفهوم واسع فضفاض يمكن إطلاقه على عواهنه في الكتابات والمؤلفات، إذ يمكن استخدامه حتى في العلوم الطبيعية بهذا المفهوم من جهة تطورها "حداثياً" أو حتى إطلاقه؛ للمقارنة بين شتى المجتمعات لقياس مستويات تطورها الحضاري والعمراني، بل وفي مختلف ضروب التطور "الحداثي" الأخرى، فإنه إذا صح توظيفه في مختلف الدراسات الإنسانية والأنثربولوجية، فهو بحاجة -في تقديرنا- إلى ضبط أكبر مُحكم الدلالة في الكتابات والدراسات السياسية التي تتبنى المادية التاريخية منهجاً ، وبالتالي ضرورة تسييج دلالاته، بربط "الحداثة" سياسياً بتطور البنية الاجتماعية وما يدور في المجتمعات المعنية -موضع الدراسة- من صراعات طبقية، ومن ثم انعكاسها على مدى تطور البنية الاجتماعية السائدة، فلا يكفي مثلاً أن نكتب عن تطور الحداثة في بلد من بلدان النفط الخليجية دون تلمس طبيعة البنية الاجتماعية السائدة فيه وما يدور في القُطر المعني من صراعات قبلية وطبقية ومن فساد وأستبداد في قمة الهرم الاجتماعي . على أننا قبل أن نخوض بالتحليل في كتابي الشدياق وعاشور ، سنتناول لماماً ما أثارته الأخيرة في نهاية مدخل دراستها من قضية مزمنة مؤرقة تثير الأسى الشديد، وهي على درجة من الأهمية، وما برح العرب يعانون منها منذ فجر الحضارة العربية الإسلامية،ألا هي ضياع أو تضييع نفائس الكتب النادرة- حرقاً أو إهمالاً- أو التخلص منها إعداماًجهلا بقيمتها الاستثنائية.
تروي عاشور بأنها أثناء جمع مصادر دراستها عن الشدياق وجدت في مكتبة كلية الآداب بجامعة عين شمس نسخة نادرة من كتابه " الساق على الساق " طُبعت في القاهرة مطلع القرن العشرين، وظنت مطمئنة بأنها ستعود لاستعارتها لاحقاً، وعندما عادت إليها بعد فترة وجيزة صعقت لاختفائها، ليس بسبب إعارتها، لكن لأنه من عادة المكتبة أن تتخلص دورياً من الكتب القديمة؛ لإفساح حيزها لكتب جديدة، سيما الكتب المهترئة! هذه الواقعة ذكرتني بواقعتين مشابهتين: الأولى عندما رأيتُ باُم عيني في إحدى المرات مسؤول المكتبة العامة التي تخدم مدينتنا "جدحفص" في البحرين يُكلف أحد العاملين فيها برمي مجموعة من الكتب والدوريات- القديمة نسبيا وغير البالية- في برميل القمامة، ففكرت بإثناء المسؤول عن فعلته، ولكن عدلت عن ذلك، فلا فائدة من مجادلته بأهمية تلك الكتب النفيسة النادرة، وخصوصاً إذا ما كانت لديه توجيهات من أعلى ، ورغم سعادتي بالظفر بتلك النفائس، إلا أن سؤالاً ظل يؤرقني عما سيظن بي يا تُرى من ستؤول لهم هذه الكتب والدوريات بعد مماتي وعلى صفحاتها ختم إدارة المكتبات العامة بوزارة التربية والتعليم ! أما الواقعة الثانية التي عاينتها شخصياً فكانت أمام بوابة المكتبة العامة بجامعة البحرين، حيث أعتدت البقاء في المكتبة أثناء محاضرات ابنتي الصغرى هدى طوال سنوات دراستها بعد توصيلها للجامعة، فكان أن حضرت عندي ذات يوم بعد انتهاء محاضراتها إلى داخل المكتبة ، وإذا بنا نشاهد بعد خروجنا من باب المكتبة كومة هرمية من الكتب مكومة تكويما فوضوياً -ككومة الحجارة- على ظهر شاحنة تُعرف لدى البحرينيين ب " سكس ويل"، سألت أحد مسؤولي المكتبة المناوبين حينها، فأخبرني وهو يبتسم ابتسامة غير خافية الدلالات بأن مصيرها جهنم وبئس المصير، أي المحرقة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته