الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكم الاحتلال الاستيطاني في كتاب - دفاعا عن جميلة- جورج أرنو، جاك فيرجيس

رائد الحواري

2023 / 1 / 26
أوراق كتبت في وعن السجن


محاكم الاحتلال الاستيطاني في كتاب
" دفاعا عن جميلة"
جورج أرنو، جاك فيرجيس
هل يمكن لتقرير صحفي أن ينقذ حياة إنسان، وفي ظل نظام عنصري استعماري استيطاني؟، في هذا الكتاب نجد الإجابة بنعم، يتحدث المحامي الفرنسي "جورج أرنو" عن "جميلة بو حيدر" الصادر بحقها حكم بالإعدام من قبل المحكمة الفرنسية التي عقدت في الجزائر، وكيف انه قدم تفصيلا عن التحقيق التي تم معها ونشره في الصحف وأرسله إلى أكثر من جهة، بحيث أجبر رئيس فرنسا على وقف تنفيذ الحكم الصادر بحقها، هذا ما كان.
في هذا الكتاب نجد العنصرية بكل ما فها من ظلم، عندما تتعامل مع احد المواطنين الخاضعين لدولة الاحتلال، حيث تتعامل معه على أنه مُدان، بصرف النظر عن حقيقة وموضوعية ما نسب إليه من تهم، فالمحاكم العنصرية تخضع لضغط جموع التجمع الاستيطاني أكثر من حرصها على تحقيق العدالة، بمعنى أنها محاكم مستعمر وليست محاكم عادلة أو تسعى لتحقيق العادلة.
من مظاهر عنصرية المحاكمة: "...وهكذا فلم يكن ثمة جزائريون في الجلسات ما خلا سيدة واحدة وهي والدة جميلة بو عزة التي اكتشف أمرها وطردت في الحال.
وهكذا في خلوة لم يشهدها غير الفرنسيين، كان الفرنسيون الجزائريون يسعون إلى جعل القضاة يشعرون بمراقبتهم الشديدة لهم، والمناداة بالقتل التي كانوا يرفعونها ضد المتهمين كانت ترمي إلى فرض الأحكام فرضا" ص37 و38، اللافت في هذا المشهد، أننا في فلسطين نعيشه حتى الآن وبعد أكثر من ثمانين سنة ما زالت قضاء/محاكم الاحتلال يخضعون لسطوة المستوطنين الدخلاء، فالقضاء/المحاكم وجدت لخدمتهم وليس لتحقيق العدالة/القانون.
"جميلة بو عزة" كانت الشاهدة الوحيدة في قضية "جميلة بو حيدر" وحجم التعذيب الذي تعرضت له جعلها تصاب بمرض نفسي، بحيث كانت تقوم بأفعال وحركات وتنطق بأقوال متناقضة، ومع هذا لم تقم المحكمة بتعين لجنة طبية لها لتقوم بفحصها، حيث كان موقف الأطباء لا يقل عنصرية عن جموع المستوطنين الفرنسيين: "... وكان اثنان منهم قد طبباها عندما كانت في مستشفى المجانين منذ بضع سنين.
اعتصم هذان الطبيبان بسرية المهنة، فالجواب الوحيد الذي توصل محامي المجنونة إلى الحصول عليه هو قسمهما لأنه لا يحق لهما الكلام أبدا.
أما الثالث فكان ذلك الخبير الذي كلف بفحصها أثناء التحقيق، فأعلن أن مهمته تأبي عليه الاقتصار على الظواهر... أن مثل هذا الفحص مرهق بالنسبة للزبون ولجيبه" ص43و44، وهذا يشير إلى أن المحكمة لم تكن تهتم بعدالة المحكمة بقدر تلبية رغبات المستوطنين والتخلص من ضغطتهم، حتى لو كان الحكم متعلق بحياة إنسان بريء.
أما طريقة تعامل الأطباء مع الشاهدة فكانت قاسية وغير مهنة، تقول "جميلة بو عزة" عن حالتها وكيف وصلت إلى حافة الجنون: "..كانت تحقن في مستوصف السجن كل يوم حقنتين الواحدة عند الصباح والأخرى في المساء.
واستنتجت جميلة بو عزة قائلة:
ـ منذ ذلك الحين تغيرت تغيرا شديدا حتى أني لم أعد نفس الشخص الذي كنته من قبل" ص49، من هنا، كانت الشاهدة أيضا ضحية النظام العنصري، وبعد أن أصيبت بمرضها النفسي، بقيت المحكمة مصرة على أن تكون الشاهدة الوحيدة في قضية "جميلة بو حيدر" رغم عدم أهليتها الصحية والنفسية.
التعذيب
التعذيب تحدثنا "جميلة بو حيدر" عن طريقة التعذيب التي تعرضت لها على يد رجال المظلين والشرطة الفرنسية: "ولم يترددوا في ضربي بقبضات أيديهم لحملي على الكلام، وفي ذات يوم وضعني ملازم اشقر ضخم يضع نظارات بيضاء، عارية أمام الضباط الثلاثة ورجال الشرطة، واثنين من المظلين بقبعتين حمراوين، وجعل يلامسني أمامهم ملامسات داعرة قائلا أنه سيأتي بسنغالي استخدم عدة مرات مع نساء مسلمات.
...ربطوني إلى مقعد بعد أن وضعوا بعناية خرقا رطبة تحت الأغلال عند المعصمين والذراعين، وعلى الصدر والفخذين والكعبين والساقين.
ووضعوا عندئذ أسلاكا كهربائية في عضوي التناسلي وفي أذني وفي فمي، ودخال يدي وعلى فم النهدين وجبهتي.
وفي18 و ضربت من جديد، وربطوا إبهامي بسلك حديدي، وسيروا التيار الكهربائي.
وفي 19 تابعوا التعذيب، وأصبح جرح صدري كله مفتوحا.
....وتجد جميلة بو حيدر أخاها الصغير "هادي" البالغ من العمر أحد عشر عاما، وأخوي يوسف وابن أخته "معتقلي" وعمرة أربعة عشر عاما، وقد استجوبوا جميعا" ص59-61، هذه هي محاكم الاحتلال الاستيطاني الذي يسعى لقتل وتشريد ومحو الشعب الأصلي وإيجاد تجمع آخر ليس له أي تاريخ أو ارتباط بالمكان، بالجغرافيا، بالمجتمع.
وقبل صدور الحكم عليها تخاطب المحكمة بهذا القول:
" أيها السادة أني اعلم أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، لأن الذين تخدمونهم متعطشون للدم.
ومع هذا فأني بريئة، ... الحقيقة هي أني أحب وطني وأريد أن أراه حرا، ولذلك فأنا أؤيد جبهة التحرير الوطني وهذا وحدة هو السبب الذي من أجله سوف تحكمون علي بالإعدام، مثلما قتلتم إخواني بن نهدي وبو مندل وزدور".
ولكن لا تنسوا أنكم عندما تقتلوننا إنما تقتلون شرف بلادكم وتقاليدها التحررية، ... ولا تنسوا أيضا أنكم لن تتمكنوا من منع الجزائر من الفوز باستقلالها، إن شاء الله" ص87و88،
بهذا الشموخ وهذه القول البليغ ختمت "جميلة بو حيدر" مرافعتها" وصدر
الحكم بإعدامها فضحكت ردا على مهزلة محاكم الاحتلال.
يقوم المحامي بنشر محضر المحاكمة وما فيه من تفاصيل عن حالة الشاهدة "جميلة بو عزة" ويرسله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى الصحف، فتقوم الدنيا على فرنسا وعلى محاكمها، فيصدر قرارا من رئيس فرنسا "كوتي" بعدم تنفيذ حكم الإعدام، وهكذا انتصرت جميلة بو حيدر وانتصر الجزائر على ظلم وحكم فرنسا الجائر.
الكتاب من منشورات دار العلم للملاين، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1958.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|


.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي




.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل


.. قد تصدر مذكرات اعتقال لنتانياهو.. ما هي الجنائية الدولية؟




.. حالة -إسرائيل- مزرية ونتنياهو في حالة رعب من إمكانية صدور مذ