الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم وحشي

حواس محمود

2023 / 1 / 27
الادب والفن


متعب أنا في لحظات قهر إنساني متواصل ، متعبة حياتي ، كل ما أراه لا أستطيع أن أتصرف تجاهه بما يريح ضميري وإنسانيتي ، جبلت على الشفافية والصدق وكره الكذب والخداع ، وهي صفات تعلمتها عندما كنت صغيرا ، وبقيت على تلك الصفات مع تغيرات طفيفة على حواف تلك الصفات دون المس بجواهرها ومكنوناتها ، عالم وحشي ، عالم فيه الإنسان تمرس على الكذب والنفاق والخديعة واللف والدوران والأنانية والاستعراضية وتجاهل الآخرين وإهمال حقوقهم ، كيف لي أن أصدق نفسي وصدقي وأزداد إيمانا بالله وقوته وجبروته وعدالته ومن يتحدث باسمه ليلا نهارا يمارس بما حرمه الله نفسه ، كيف لي أن أرتاح وأهدأ إذا كانت الفتاوى الدينية تصدر من هنا وهناك وتحلل قتل المسلم بيد المسلم بحجج وذرائع شتى ليس لشيئ بل لأمر تداخلت فيه السياسة بالدين ، كيف لي أن أجد الحياة سليمة معافاة والفتاوى تؤدي إلى نحر البشر من أديان وطوائف وقوميات شتى في الغرب والشرق من عالم تلوث بالسياسة وتحول إلى عالم أشبه ما يكون بعالم شريعة الغاب فالقوي يذبح الضعيف والكبير يحتقر الصغير والمتعصب يفتك بالمتسامح ، كيف لي أن أهنأ وأنا ان سرت في مدينة عربية مسلمة لا أضمن حياتي بسبب تفجير مفاجئ قد يصيبني في غفلة من الزمن ، وإن لم يصبني سيصيب أخي الإنسان المسلم أو المسيحي أو العربي أو الكردي أو الآشوري أو الدرزي أو الأرمني أو البربري أو ....الخ
أنا ألآن أقف أمام مسافة فاصلة فارقة ما بين العودة للحياة الطبيعية الآمنة الهادئة أو الاستمرار في المشي في حقل الألغام هذا الحقل وضعه الإنسان نفسه لنفسه ، فأخبار القتل طاغية على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ، لقد قمنا بإعلاء قيمة القتل إلى الفضاء وبقيت عقولنا وقلوبنا تحت قشرة الأرض ، لم نستطع الإرتقاء بهذه العقول والقلوب إلى مستوى التعامل البشري الأرضي العادي البسيط ، وما بين العودة للحياة الطبيعية الهانئة البسيطة المتسامحة ، والإستمرار في الطريقة الوحشية في التعامل البشري تكمن المسألة فالإستمرار يعني الركض إلى الهاوية وخسارة البشر بقتلهم وخسارة الحضارة بفقدها وخسارة التطور بكبحه وخسارة الحياة بدفنها فأي الطريقين أضمن للإنسان في منطقتنا التي تغلي وتمور وتضطرب هنا وهناك بتفجير هنا وقمع هناك واعتقال هنا وتشريد وتهجير هناك ، لقد أصابتنا لوثة السياسة فلم نستطع أن نقاومها بثقافتنا التي تعلمناها في كبرنا وتربيتنا التي تعلمناها في صغرنا وفطرتنا التي جبلنا عليها منذ أن وطأت أقدامنا هذه الأرض .
أنا حزين في هذه اللحظة التاريخية الفارقة ولكنني أدق ناقوس الإنذار والخطر لكل من تغطرس بجبروته السلطوي ومن غسل دماغه وتأثر بفتوى دينية قاصرة جاهلة ومن تربى على الحقد والضغينة وكره الآخرين من ألسنة أخرى وقوميات أخرى ومذاهب أخرى وأديان أخرى ، أقول حاولوا العودة لإنسانيتكم لكيلا نقتل بعضنا بعضا وبالتالي نضعف ويأتي الآخرون ليقطفوا ثمار اقتتالنا وضعفنا فكونوا حذرين وعودوا لرشدكم قبل أن يأتي الحريق ليلتهمنا جميعا دون تمييز .
......................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى