الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصالح والمصلح ونظام الحكم

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


أحد الرسامين رسم لوحة كان يعتبرها أجمل لوحة رسمت لفنان وأراد هذا الرسام أن يعرف رأي وذوق الآخرين من الناس بها فوضعها في إحدى الساحات العامة وكتب على قصاصة من الورق ووضعها بجانب الصورة قال فيها (من رأى خللاً أو ملاحظة في هذه اللوحة فليضع إشارة حمراء عليها) وعاد الرسام في اليوم الثاني فوجد الصورة ملونة جميعها بالخطوط الحمراء لدرجة طمست وشوهت اللوحة بكاملها فأصابه اليأس والإحباط وذهب إلى معلمه يشكو له ما حدث باللوحة وقرر ترك عملية الرسم ... فهدأه المعلم وطيب خاطره وقال له ضع اللوحة في نفس المكان وبجانبها فرشاة وأصباغ مختلفة مع قصاصة ورق أكتب عليها (من رأى خللاً في هذه اللوحة فليمسك الفرشاة وألوان الصبغ وليصلح الخلل) وعاد الرسام في اليوم الثاني فلم يجد أية إشارة على لوحة الرسم فذهب إلى معلمه وأخبره عما حدث فقال له المعلم (كثيرون يرون الخلل في كل شيء وينتقدون ولكن المصلحون قليلون ونادرون).
من خلال هذه الصورة إن كثير من المسؤولين يتكلمون عن الإصلاح ويطلقون الوعود والنتيجة لا يفعلون سوى القشور والظواهر بعكس المصلح الذي يحمل بيده اليمنى المعول ليهدم سلبيات الماضي وباليد اليسرى يحمل البناء والإعمار.
إن الصالح هو الذي يوعظ ويقدم النصائح يدعو إلى الإصلاح أما المصلح لا ينتقد ولا يسخر بالآخرين ولا يؤشر ويشاهد الخطأ ويتركه وإنما يهدم ويبني محله الإبداع والصالح والمشاريع الإنتاجية التي ينتفع منها أبناء الشعب.
إن الظاهرة العراقية منذ أن تكونت بعد عام / 2003 كان جميع حكامها من الإصلاحيين كان نهجهم وسلوكهم من حيث الشكل متعدد الجوانب أما المضمون فكان يقوم على صيغة واحدة (المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية والتوافقية المصلحجية الأنانية) وقد أفرزت هذه القاعدة المآسي والقهر والحرمان وعاش من خلالها الشعب في أجواء الأزمات القاتلة التي أوصلت العراق إلى ما نحن عليه الآن وإذا كانت حكومة السوداني تختلف من حيث الشكل والمظهر فإنها تلتقي معهم من حيث المضمون والواقع من خلال المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية والتوافقية المصلحجية ولا زال السوداني غير مستقل بالرأي وطبيعة الحكم فهو يتشاور ويتحاور مع الإطار التنسيقي عن كل صغيرة وكبيرة .. إذن كيف يمكن أن نثق ونصدق بالنهج الإصلاحي الذي يسلكه السوداني من خلال تجربة عشرون سنة من الحكم وإذا كانت كابينته الوزارية ونوابهم ومستشاريهم هم من نفس البيئة التي نشأ وترعرع من خلالها السوداني وأبسط شيء نطالب السوداني به هو الالتزام بالوعد الذي قطعه على نفسه بإجراء الانتخابات المبكرة ؟.. إن السوداني تعهد بهذا الموعد إلا أن الإطار التنسيقي رفضه وجعل الانتخابات أعضاء مجلس المحافظة فانقلب السوداني على كلامه وموعده وسار في خط الإطار التنسيقي وعلى ضوء هذه العملية كيف نصدق بإنجاز الأعمال الأخرى التي تصب في مصلحة العراق وطن وشعب إذا كانت تسبب أضرار وتتصادم مع مصالح ومكاسب الإطار التنسيقي ...؟ والموقف الآخر عندما تحول مكافحة الفساد الإداري إلى شعارات فقط عندما وصل السوداني إلى الخطوط الحمراء التي وضعها الإطار التنسيقي ... وكلاء الوزارات والاستشاريين والمحافظين جميعهم جرت الموافقة عليهم حسب المحاصصة الحزبية ... إذن أين الرأي المستقل للسوداني ؟.
صحيح أن حكومة السوداني سوف تقوم ببعض الإصلاحات الخدمية ومعالجة البطالة وشؤون أخرى وغيرها التي لا تمس مصالح الإطار التنسيقي وتجاوز الخطوط الحمراء.
إن الشعب العراقي يطالب بإجراء انتخابات مبكرة نيابية هي التي تحدد وتفصل لمن يكون الفوز والنتائج ... كما أن الشعب العراقي يطالب بحاكم مصلح وليس إصلاحي لأن المصلح يحمل راية الإصلاح والتغيير وبناء العراق الجديد الذي يصب في مصلحة العراق وطن وشعب والمجرب لا يجرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا