الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في رثاء محمد أبو الغيط
مازن كم الماز
2023 / 1 / 28مواضيع وابحاث سياسية
عندما مات محمد أبو الغيط كنت أعرفه قليلًا فقط لكن رثاءه في كل مكان دفعني لأبحث أكثر عنه و أخيرًا انتهيت إلى مقابلاته مع ناشطين مصريين ، كنت بحاجة أيضًا لشيء مختلف ، لأشياء ، توقعتها ، انتظرتها من الرجل ، و من الناشطين و من أحاديثهم ، باحثًا عن كل أحلامنا و آمالنا التي فجرتها ثورة تونس و بعدها مواجهات ميدان التحرير قبل أن تتوه و نتوه معها … في مقابلته مع الاقتصادية سلمى حسين يتساءل أبو الغيط عن معنى العدالة الاجتماعية ، ثالث ثالوثنا المقدس ، لأكتشف على الفور أن طرح هذا السؤال ورطة و الجواب عليه معقد ، يتساءل أبو الغيط : يعني كلنا نبقى زي بعض ، و بعد حيرة ممضة نكتشف أن العدالة الاجتماعية تعني أن يكون لدينا شوارع نظيفة و مدارس جيدة و أن يوجد تكافؤ فرص بين أكبر عدد من الناس ، و تعيد اكتشاف ما كنت قد اكتشفته من قبل : أن إطلاق الشعار أسهل بكثير من فهمه و أن هذا هو أيضًا أسهل بكثير من العمل لتحقيقه … و تكتشف تدريجيًا من الحوار أن العدالة الاجتماعية المقصودة تعني حصول مواطنينا على نفس الحقوق أو الحماية الاجتماعية التي يتمتع بها مواطنو المجتمعات الأوروبية المتقدمة ، و تكتشف ، مرةً أخرى ، ما اكتشفته الجماهير بعد تلك الثورات ، أن هذا الشعار و غيره سيبقى مجرد أماني بالنسبة للكثيرين ، و مجرد يافطة بالنسبة للبعض ، مجرد يافطة لا أكثر ، لا يهمهم منها سوى أحرفها ، ترتيبها ، و معناها السطحي ، منطوقها ، دون أي مضمون ، دون أي معنى … ثم يأتي دور الناشط الحقوقي محمد سلطان ، الناشط الحقوقي ، المصري الأمريكي ، ابن واحد من أهم قيادات الإخوان المسلمين الذي عاش و درس و عمل في آمريكا ، و سرعان ما أكتشف أن هذا الناشط الحقوقي الإخواني أو اللايت إخوان كما يقدم نفسه ، كان خاله لواء في الشرطة المصرية التي اعتقلته و ابن عم والده لواء في جيش عبد الفتاح السيسي و عمه كان مسؤول الحزب الوطني في قريته بالمنوفية ، و تتفاجئ من عدد أبناء الإخوان و الشيوخ و حتى الناشطين الحقوقيين الذين يدرسون في أميركا و الغرب و من أن الكثير من أولاد مناضلي هذه الأيام ، أو الناشطين ، قد ورثوا عداءهم للاستبداد عن آبائهم و أمهاتهم و أنه كما يورث المستبد ابنه العرش و كما يورث الضابط أولاده بزته العسكرية يورث معارضوهم "هواجسهم بالفقراء و المسحوقين" لأولادهم و أنهم في غمرة نضالاتهم لتحسين هذا العالم فإنهم يتصرفون كأي أبوين طبيعيين من الطبقة الوسطى فيرسلون أولادهم ليحصلوا على أفضل تعليم ممكن كمفتاح ضروري لحياة جيدة مقارنةً بالفقراء الذين يدافعون عنهم ، و كما يورث الاستبداد تورث معاداته أيضًا و كما تورث الأموال الطائلة تورث معاداة الاستغلال ، ثم يأتي دور الإضراب الشهير عن الطعام الذي قام به هذا الناشط الحقوقي في سجون السيسي ، معجزة إنسانية و ربما دينية أو ما ورائية بكل المقاييس ؛ فهذا الناشط الحقوقي هو صاحب أطول إضراب عن الطعام ، 489 يومًا ، أين الإعجاز في هذا ، في عام 1981 توفي بوبي ساندز عضو الجيش الجمهوري الإيرلندي بعد إضراب عن الطعام استمر 66 يومًا ، و توفي سبعة اخرون بعده ، لكن محمد سلطان أضرب عن الطعام أكثر مما فعل بوبي بسبع مرات و نصف ، المصيبة أن سلطان لا يرى حجم المهزلة أو المسخرة في صراعه هذا ، أو نضاله هذا ، مع نظام السيسي ، النمط الذي سيكرره ثوار مثل محمد علي و دعاة زلزال 11 - 11 الخ ، لا يراه و لا حتى يشعر به ، و لا حتى يبتسم و هو يتحدث عن إضرابه الخارق الماحق ، لا هو و لا محاوره محمد أبو الغيط … كان أبو الغيط هو من لفت نظر محاوره الناشط الحقوقي إلى أن صورته يتناول البيتزا ليس فيها ما يشين ، فهو لم يشرب المخدرات أو يرتكب مخالفة أخلاقية ، و يصادق سلطان على كلام محاوره ، فإذا كان قد تمكن من "خداع" أجهزة السيسي الأمنية فهو إذًا برنس ، و مرة أخرى يفوته و يفوت أبو الغيط حجم الكوميديا السوداء في كل هذا ، ابن قيادي إسلامي يدرس و يعيش في أميركا رأس الكفر في العالم ، "يضرب" عن الطعام لأكثر من عام ، و أخيرًا يلوذ بالمحاكم الأميركية بدلًا من إلهه و إله أبيه لينتقم من خصومه و يلاحقهم كأي ملحد في هذا العالم ، كملحد عادي لا يؤمن بأي إله ، مع فارق واحد : أن محمد سلطان و أبيه يستخدمان إلههما ، ربهما ، فقط ليخدعوا المساكين الذين يصدقون ما يقوله محمد و أباه عن إلههما … دفعني محمد أبو الغيط للتساؤل لكن لا عنه بل عنا ، من نحن و من هم ، و ماذا كنا نقصد بالعيش و الحرية و العدالة ، و ماذا فهمنا منها و كيف فهمها الناس الخ الخ
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. التحديات المصيرية في سوريا.. بين الحوار والميليشيات! | #رادا
.. حريق في سجن حلب المركزي يؤدي إلى إتلاف وثائق وسجلات رسمية
.. أزمة سياسية تتصاعد في كوريا الجنوبية.. ماذا يحدث؟
.. هل تقبل فصائل المقاومة في غزة بصفقة تبادل جزئية؟
.. طفل مصاب يودع والده الشهيد إثر قصف إسرائيلي على دير البلح