الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب البعث العربي الإسراطيني !

علاء الزيدي

2003 / 6 / 1
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 

ليس من المنطقي اعتبار حزب البعث العراقي الساقط تجمعا يمكن أن ينتهي بين يوم وليلة بمجرد حظره في العراق . فهذا الحزب العريق الذي أسسه رجل مازال غامضا رغم وضوح اسمه في عين غرابته ( العفلق لغة : هو الجهاز التكاثري لأحد الجنسين ، راجع المعاجم ) حزب ذو جذور ضاربة العمق في الشخصية العروبية . بل ربما يمكن القول أن معظم العروبيين عفالقة . ما هذا رجم بالغيب ، إنما هو ترجمة لواقع قائم من غير الممكن إنكاره .
وبعيدا عن تأكد صحة الاتهام الموجه إلى معظم العروبيين بتسلمهم كوبونات نفط وحليا ذهبية وسيارات مرسيدس و تويوتا وأرصدة مالية من صدام حسين شخصيا ، ومن هؤلاء أغلب الناصريين في مصر وفي مقدمتهم ولدا جمال عبد الناصر ، يلاحظ أن أساليب الدعاية العروبية المسيطرة على وسائل الإعلام في العالم العربي وخاصة القنوات التلفزيونية الفضائية لا تختلف منهجيا وأسلوبيا عن الإطار التقليدي المعهود في حزب البعث ، مع جرعة مضافة من المزايدات الغوغائية !
ولو أردت ضرب أمثلة لأدميتها من كثرة الضرب على مسالمتي و لا عنفي ، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ، من هنا يحلو لي أن آتي بالمثال التالي ممسكا بتلابيبه :
إبن الشيخ أسعد بيوض التميمي إمام المسجد الأقصى بالقدس سابقا قال على شاشة قناة الجزيرة التي تبث من قطر أن المقابر الجماعية التي اكتشفت في جنوب العراق ووسطه هي لمواطنين سنة قتلهم الشيعة في انتفاضة 1991 التي أسماها بالغوغاء . هذا الرجل مثال واضح على الوراثة العروبية الصادقة  والامتداد الماهيوي للحزب المنحل ما يجعلني شبه واثق من أنه عفلقي وإن لم ينتم ، بشكل قد يستحق معه الملاحقة الشعبية العراقية الاستئصالية !
لماذا تراني مؤكدا ذلك ؟
في حزب البعث السابق اعتيد على التوجيه الدعائي وفق أسلوب الشائعات المعروف في الوسط الإعلامي المتخصص . فالحقائق الثابتة والصارخة تتعرض إلى أشواط معقدة من التشويه عبر التسوية Leveling  والشحذ Sharpening  ثم الاستيعاب Assimilation   ، لتصل المعلومة أو النبأ إلى المتلقين شيئا آخر يخدم الهدف الرئيس .
في مثال بيوض مورست التسوية عبر التركيز على إيجاز الشائعة وتركيزها أثناء النقل تمهيدا لزرعها في الأذهان بيسر وإن أبطل مفعولها اللعاب المتطاير على وجه الصديق الأخ صادق الموسوي فضلا عن الزعيق الذي كاد أن يكون نهيقا !
تم هنا في " المقابر الجماعية هي لسنة قتلهم الشيعة أثناء انتفاضة الغوغاء " حذف كل العناصر الجانبية مثل العدد والكيفية والتفاصيل والأسماء ومن أين عرف بيوض ذلك وهو ليس عراقيا وغير ذلك ، وتم تحوير المحور من " هي لشيعة قتلهم النظام أثناء انتفاضة آذار الشعبانية 1991 " إلى ما سمعناه .
وراء هذه التسوية كمن هدف أمدحه إن قلت بخبثه فحسب هو أن الرواية الموجزة والمركزة يمكن غالبا تناقلها بأمانة . أما التفاصيل المتشعبة الكثيرة فتضعف هذا الهدف . فلو قال أحد أن الفلسطينيين – مثلا – لم يبيعوا أراضيهم إلى اليهود قبل عام نكبتهم 1948 ووضع نقطة وراء أرقام العام ، لكان ذلك أفضل بغية الإقناع مما لو بدأ بشرح كيفية رفض البيع وتفاصيله ، ولا يهم بعد ذلك أن يكون ثمة بيع أو رفض أصلا ، أو كانت هذه الجملة مجرد شائعة سمعناها وتناقلناها . أو هي حقيقة واقعة تم التلاعب بها وإلى آخره . هكذا هي التسوية في الشائعات .
و ماذا عن الشحذ ؟ هو إسقاط الكثير من التفاصيل التي لا تخدم الهدف من وراء الإشاعة . فلم يتطرق  بيوض  إلى كون الجنوب والوسط العراقيين شيعيين غالبا فمن أين جيء بإخوانهم السنة لقتلهم . أخشى أن يتسبب هذا الكلام البيوضي في تشكيكنا بالتهويل الذي يصاحب استعراض فظائع الاحتلال الإسرائيلي مما لا نراه على الشاشة الفضائية و نسمعه فقط من الرنتيسي والعتريسي وهنية وغيرهم . في أوطان الآخرين نرى مقاتلين يقتلهم مقاتلون ، من الطرفين ، وحينما يستشهد بريء مثل الطفل الدرة تساهم حتى هذه الأصابع التي تضرب على الآلة الكاتبة الآن في الطرق على رؤوس المعتدين بمقالات من حديد . لكن ما حدث عندنا لا يؤين بأين ولا يكيف بكيف إلا في عراق صدام العروبي البعثي العفلقي . لقد قتلت عمتي – أم زوجتي – بقرار إعدام رسمي لأنها أطعمت ولدها المختبىء عن أعين المخبرين . أخذت له طعاما طيبا ، فكبست في المخبأ ، فأعدما مع ولدها الثاني بقرار حكومي سيظل يلعن العروبة  المنافقة ما أمد الله في عمر الدنيا . هل حصل عنكم كهذا في إسراطين ؟ تقولون هدم بيوت الاستشهاديين ؟ في بلدتي هدم بيت " أبو زهراء الشطري " وجميع بيوت أقاربه وقتل وسجن أهله ثم اغتيل هو في إيران ، كل ذلك لمجرد محاولة لاغتيال عدي صدام . أليست كفتنا أكثر رجحانا !
و يبقى الاستيعاب ، وهو دمج عناصر الإشاعة دون تعداد الأشياء واحدا واحدا . مثلا ، يوصف مئات الآلاف من الشيعة بأنهم سنة قبع رفاتهم في المقابر الجماعية عقدا أو اثنين . ما الحاجة لذكر الأسماء ومساقط الرؤوس ومحال السكن . بالأمس حصد عزيز صالح النومان الذي قبض عليه التحالف الحاكم في بغداد مؤخرا أرواح المئات من منتفضي صفر 1977 ، وقيل في التبرير ( في ألفباء الأستاذ حسن العلوي ) أن هؤلاء الأبرار فرخجية ، وتنوسيت خدماتهم الخيرية للمجتمع وورعهم وتقواهم ومواكبهم الحسينية التربوية ، أو ديست تحت الأقدام ، وها هم العروبيون يسيرون على ذات النهج الدعائي ، يالها من شجرة خبيثة اجتثت في الأرض مالها من قرار !
إن ثمة ، أيضا ، مماثلة للاستيعاب مع التوقع . وهو تغيير التفاصيل أو استيرادها لدعم الفكرة البسيطة التي يحتفظ بها المستمع في ذاكرته . إن كثيرا من الفقرات تتشكل لتساند عادات المتلقي في التفكير . والمتلقي هنا هو الجماهير العروبية المناوئة لكل ماهو عراقي .
هي الجماهير ، ذاتها ، التي ستكون – تقول المواريث – جيش السفياني الذي سيغزو العراق لإطاحة حكمه الوطني . هذه الجماهير تميل إلى تصديق رواية ظالمية العراقيين لا مظلوميتهم . وعلى أساس ذلك تمت ممالأة الميل الجماهيري العروبي في صناعة الإشاعة البيوضية الظالمة إياها .
و أزيدكم من الشعر بيتا ، أن هناك نموذجا فقاعيا آخر للامتداد العروبي لحزب البعث المتهاوي ، اسمه الزميل " نصر المجالي " .
لكن ، ماعندي وقت الآن للتفصيل أكثر . تابعوا أنتم واحكموا !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة الصدر للسياسة تقترب.. كيف تلقى دعما من السستاني؟ | #الت


.. تونس..مظاهرة تطالب بتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية|#غ




.. الهجوم الإسرائيلي على رفح وضع العلاقات المصرية الإسرائيلية ع


.. تحقيق إسرائيلي يوثّق انتحار 10 ضباط وجنود منذ بدء الحرب




.. قوات الاحتلال تطلق قذائف على صيادين في البحر