الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


25 يناير 2011

محمد حمادى
كاتب رأى حر مصرى

2023 / 1 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تحتفل مصر فى هذه الأيام بذكرى غالية على كل مصرى وهى الذكرى 71 لعيد الشرطة الباسلة ، فهذا اليوم يخلد ذكرى شهداء موقعة الإسماعيلية عام 1952 التى دارت بين الشرطة المصرية بأسلحتهم البدائية التقليدية ضد العدو الإنجليزى المحتل بأسلحته الحديثة معركة غير متكافئة لكن اليقين فى الله ورفع راية الوطن كانا الداعم الرئيسى فى تلك المعركة.
ولكن هناك حدث تاريخى اخر يدور الصراع عليه حتى هذه اللحظة في وسائل الاعلام والوسائط الاجتماعية بين من ينظرون إلى 25 يناير2011 والايام التالية له حتى اضطرار الرئيس السابق حسني مبارك للتخلي عن السلطة في 11 فبراير 2011 على أنها فترة ثورة مكتملة الأركان لم تحقق أهدافها حتى اليوم، يري آخرون أن ما حدث لم يكن سوى محض مؤامرة شاركت فيها أطراف داخلية وخارجية عديدة.
وقف شباب مصر المتعلم والمثقف عندما رأى العالم كله من حوله يتقدم ويزدهر ويتطور ويشاهد مصر تحت ادعاء الاستقرار تسبقها دول ودويلات من المنطقة ومن القارة السمراء.. وحصيلة التنمية المزعومة وقتها استفاد منها طبقة محدودة جدا.. والأشد من ذلك والذى دفع الشباب للخروج فى 25 يناير هو ما تم من استهانة واستهزاء بمطالب الشعب، وما حدث بعد ذلك من ركوب تيارات سياسية بعينها وعلى قمتها «الإخوان» للوصول إلى الحكم وما أعقبه وما قام به هذا التيار من فشل ذريع فى إدارة الدولة والأكثر رعبا هو الوصول بالدولة المصرية الى حافة الحرب الأهلية والتهديد المباشر للشعب.. إما هم أو الإرهاب.. وهو ما حدث بعد ذلك ولمسه الشعب المصرى.
كانت الدعوات تطالب بالتجمع فقط من أجل إظهار الاحتجاج على بعض السياسات الاجتماعية والأمنية لنظام الحكم وحصرت مطالبها في تحسين الأوضاع المعيشية ومعالجة مشكلات البطالة للشباب، وكبح الممارسات العنيفة التي تنتهجها الشرطة ضد المواطنين.
فقد عكست الأوضاع الاقتصادية فى السنوات السابقة على الثورة، كما تناولتها العديد من التحليلات والدراسات، مزيجا من النمو الاقتصادى المرتفع من ناحية، وتزايد فى معدلات الفقر والهشاشة الاجتماعية من ناحية اخرى، وزيادة التفاوت الاجتماعى، والجغرافي فى ظل منظومة من الفساد والمحسوبية. بل إن سنوات النمو الاقتصادي المرتفع ذاتها (2004-2009) قد ارتبطت بشكل مباشر بارتفاع نسبة الفقراء فى مصر بمقدار 2% ، حيث ارتفعت نسبة المواطنين تحت خط الفقر فى تلك الفترة من 19,6% إلى حوالى 21,6%، كما تضاعفت نسبة الفقر المدقع لتصل إلى 6% خلال نفس الفترة. واستمرت معدلات الفقر فى الازدياد فى الفترة التى أعقبت الثورة لتصل إلى ما يقرب من 28% فى عام 2015. (بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك- الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يوليو 2016).
ومع تدهور الأوضاع بعد الصدامات العنيفة بين الشرطة والمتظاهرين خاصة في اليوم الرابع لاندلاع الاحتجاجات، وبعد انسحاب الشرطة من الشارع وحلول الجيش محلها بهدف حفظ الأمن واستعادة الهدوء سارت الاحداث في اتجاه مغاير وظهرت شعارات "عيش - حرية - عدالة اجتماعية "، "الشعب يريد إسقاط النظام".
وعلى حين كان شعار "عيش-حرية-عدالة اجتماعية" يتسم بالعمومية والغموض، كان شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" محددا ودقيقا في أهدافه وإن افتقد الإشارة إلى البديل الذي يمكن أن يكون مطروحا في أعقاب سقوط النظام، واتسم في جانب منه أيضا بالغموض وتجاهل سؤال وماذا بعد ان يتحقق الهدف؟ كان هذا التناقض بين ما تؤيده الأغلبية من المصريين من مطالب لا تصل إلى حد إسقاط النظام، وبين تيارات سياسية ذات أيدولوجيات متنوعة وتسعى لإسقاط النظام دون الاتفاق على البديل الذي يرتضونه هو السبب المباشر فيما آلت إليه الاحتجاجات أو "الثورة" من تمزق وتشتت بين كافة القوى "الثورية" وعدم استقرار أدى إلى مزيد من الشعور بوطأة سوء الأوضاع الاقتصادية-الاجتماعية، وتفاقم عدم الشعور بالأمن لفترة امتدت حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في يونيو 2012.
ولعبت التدخلات الدولية والإقليمية في الأزمة التي واجهها نظام مبارك دورا لا يمكن تجاهله في زرع الشكوك داخل نفوس أغلب المصريين من أن ما يحدث وان كان له دواعيه المحلية، فأن أهدافه ربما تتجاوز ذلك إلى تحقيق بعض القوى الخارجية لأهداف أخرى لا تحظى بالضرورة بالقبول من أغلبية المصريين.
بمعنى أكثر وضوحا لم تحقق الثورة أهدافها، ليس بسبب ما يسميه البعض بمؤامرات الثورة المضادة أو قوة الدولة "العميقة"، ولكن بسبب الاضطراب في تعريف محتوى الاحتجاجات منذ بدايتها، والتضارب في تحديد أهدافها من قبل من شاركوا فيها من النخب السياسية وجمهور المحتجين، على حد سواء، جنبا إلى جنب مع التخوف من مؤامرات خارجية تضر بمستقبل البلاد في المدى البعيد.

ورغم ذلك لا يمكن إنكار أن 25 يناير 2011 قد حقق هدفا مهما للغاية وهو وقاية البلاد من احتمالات الانقسام في مؤسسات الدولة وربما حماها أيضا من تدهور الأوضاع إلى شبه حرب أهلية اذا ما نجح الرئيس السابق حسني مبارك في تمرير مشروع التوريث.

ورغم كل هذا فاحتفال المصريين بشبابهم النقى الطاهر؛ سواء من أبناء الشرطة فى25 يناير 1952 أو من أبناء 25 يناير 2011 هو معنى واحد، وأساس هذا المعنى هى مصر وحب تراب هذا الوطن والاستعداد الكامل للتضحية بكل غال حتى الروح فى سبيل الحفاظ عليه والحفاظ على كرامته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري


.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي