الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تخيص كتاب -التنمية حرية -لصاحبه امرتيا صن

أسامة عريوي

2023 / 1 / 29
الادب والفن


وتساءلت ميرتي عما إذا كانت الغاية تتحقق حين "تتملك أقطار كوكب الأرض و كل الثروات ؟"هل تستطيع بذلك أن تحصل على الخلود ؟أجاب الزوج :"لا....فإن حياتك هنا شأن حياة الأثرياء"وقالت الزوجة : "إذن لا أمل في الخلود بفضل الثراء ....إذن ماذا علي أن أفعل بهذا الذي لا يمنحني الخلود؟" .
من نص سنسكرستي











تقديم :

تحت ضوء هذا الحوار الوارد في الفصل الأول من هذا الكتاب،سنحاول أن نعرج بكم في أعماق المعنى من أجل الوقوف على أهم المضامين التي تعكس قوة الأطروحة التي دافع عنها "أمرتيا صن " وللتذكير فإن صاحب الكتاب هو عالم اقتصاد هندي حاز على شهادة نوبل للعلوم الاقتصادية سنة 1998،ومند سنة 1990وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يصدر تقارير سنوية عن التنمية البشرية استنادا لأعمال"أمرتيا صن" وآخرين،وهذا ما يدل على قوة هذه الأطروحة وعمقها النظري ،والتي حاول من خلالها" صن" أن يقدم فهما جديدا للتنمية ينبني على توسيع قاعدة الحريات والقدرات الموضوعية للناس متجاوزا بذلك النظريات التفسيرية الكلاسيكية التي تختزل التنمية في محددات اقتصادية ، وسنحاول من خلال هذا العمل المتواضع أن نقدم لكم لمحة مختصرة عن أهم مضامين الكتاب من خلال الوقوف على فصوله ،مستهلين ذلك بعبارة "صن" :
"التنمية هي عملية توسيع في الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الناس"

الفصل الأول : منظور الحرية
إن السؤال الذي طرحته" ميتريبي" حول إمكانية تحقيق الغاية عندما تتملك أقطار كوكب الأرض وكل الثروات ،هو سؤال جوهري يمكننا أن نبني من خلاله منطلقات فهمنا للفلسفة الاقتصادية للكاتب،وذلك من خلال هذا السؤال:ماذا يمكننا أن نفعل بهذا الذي لا يمنحنا الخلود ؟ حسب" صن" فإن المسألة ليست مسألة خلود ،ولكن المهم هو حياة طيبة جيدة مادام الإنسان على قيد الحياة، بدلا من حياة بائسة تفتقد إلى الحرية ،ويستدل بما قاله أرسطو :"الثروة –كما هو واضح-ليست الخير الذي ننشده ذلك لأنها مجرد أداة نافعة للحصول على شيء آخر "أي أن مسألة النمو الاقتصادي لا يجب أن نجعلها غاية في ذاتها وأنها هي الحلقة الأساسية في كل التغيير بل يجب أن ننظر إلى التنمية على أساس كونها جزء لا يتجزأ من الحرية وتعزيز للحياة بدل تكريس البؤس والفوارق الاقتصادية التي تبيد العمق الإنساني ،إن "صن" من خلال هذا الطرح ,يصور لنا العالم من خلال نظرته القائمة على تصوره للتنمية, على انه عالم يعاني فيه الكثير من الناس من افتقاد الحرية حيث قدم أمثلة لذلك :المجاعات-الحرمان من حق الرعاية الصحية –عدم المساواة بين الجنسين –الحرمان من الحقوق السياسية والمدنية – فقدان الأمن الاقتصادي،هذه الأشكال المختلفة من فقدان الحرية حسب "صن" تاريخيا لم تشهدها المجتمعات التي تبنت نهجا ديمقراطيا حقيقيا وفعالا وركز على أهمية الحرية الفردية والدور الذي يمكن أن تلعبه في التنمية ،حيث انه يتم تقييم نجاح المجتمعات من خلال الحريات التي يتمتع بها أفرادها،وكذلك من خلال فعالية هؤلاء الأفراد، بدل الزج بهم في خانة النجاح أو الفشل انطلاقا من مؤشرات اقتصادية ،على اعتبار أن المزيد من الحرية هو مزيد من النجاح ،وهي تعزيز لقدرات الناس ومساعد لهم للتأثير في العالم .
أشار كذلك "صن" إلى المفهوم الشامل للتنمية والذي يميزه عن باقي الدراسات الاقتصادية الأخرى التي ترتكز على أولوية الدخل والثروة باعتبارهما المؤشر الوحيد للتنمية ،وقدم أمثلة عديدة للرد على هذا الاتجاه ،حيث قال بأن نسبة الدخل بالنسبة للأمريكيين السود تفوق نسبة دخل دوي البشرة البيضاء ،وهم كذلك أغنى بكثير من الناس في الصين أو في ولاية كيرا الهندية،ورغم ذلك فنسبة بلوغهم أعمار متقدمة من السن ضعيفة ،بالمقارنة مع هذه الدول الأشد فقرا ، هذا ما يجعلنا نتحدث على مستويات أخرى من التنمية حسب "صن" بدل تلك المرتبطة بمؤشر الدخل والثروة ,وهي مؤشرات إنسانية مرتبطة بالقدرة والفعالية ونوعية الحياة وهذا الاتجاه هو انحراف عن التوجه الاقتصادي التقليدي ,والذي وجد أسسه الأولية مع "أرسطو" الذي ركز بدوره على القدرة وعلى الازدهار الذي يرتبط بنوعية الحياة وبالحريات الموضوعية ،وهذا ما ذهب إليه كذلك" وليام جيتي" من خلال اهتمامه بقضايا الأمن المشترك والسعادة الشخصية لكل إنسان .
الفصل الثاني : التنمية :الوسائل والغايات
استهل "صن" هذا الفصل بطرحه لوقفين مختلفين حول التنمية، أحدهما ينظر إلى التنمية من زاوية اقتصادية صرفة, والآخر مرتبط بالحوارات والنقاشات العامة ، وكلا الموقفين لا يعبران عن الدور التأسيسي والأداتي للتنمية كعملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الناس ،وهذا النوع من الحريات هو الذي يسهم في رسم معالم الحرية العامة التي يطمح لها جميع الناس في كل المجتمعات والتي تسهم في التنمية ،ومن هذه الحريات حسب "صن"، يمكن إجمالها في الحرية السياسية والتي تكمن في حرية اختيار من يمثلنا ويحكمونا ويسوسنا واختيار الصحف بشكل حر ،كذلك اختيار الأحزاب السياسية وكل ما له علاقة بما هو سياسي... وعلى مستوى آخر التسهيلات الاقتصادية المتمثلة في استفادة الأفراد من الموارد الاقتصادية والانتفاع بها من اجل الاستهلاك أو الإنتاج أو التبادل التجاري و ،أشار كذلك "صن" إلى أهمية الفرص الاجتماعية المتعلقة بالتعليم وبالرعاية الصحية،كما أشار إلى أهمية الشفافية باعتبارها آلية تعكس درجة الصراحة والواقعية داخل المجتمع وهي وسيلة لتدبير المشترك وفق ضمانات تكفل الاطلاع والوضوح والشفافية ،وهي وسيلة لتجاوز اللامسؤولية المالية والمعاملات السرية ، وأخيرا الأمن الوقائي والذي يتخذ بدوره أشكالا متعددة .

الفصل الثالث: الحرية وأسس العدالة
بدأ"صن" هذا الفصل بحكاية رمزية ذات دلالة،وهي حكاية أنابورنا التي تشتمل على عدد من القضايا المهمة والتي يمكننا أن نستخلص من خلالها مجموعة من النقاط المهة التي يمكن إيجازها فيما يلي :
- إن حالة دينو تعكس لنا الفقر من حيث الدخل .
- وحالة بيشانو هي حالة نفعية كلاسيكية ،تركز على قياس اللذة والسعادة .
- أما روجيني فحالته تعبر عن نوعية الحياة ،وهي تعكس نوعيات الحياة التي يمكن ان يعيشها الثلاثة.
من خلال تعقيبه على هذه الحكاية أشار إلى أهمية الأسس المعلوماتية للأحكام القيمية، وذلك من خلال عرضه لمجموعة من النظريات،سنحاول التطرق إليها بشكل مختصر:
1- نظرية المنفعة كأساس معلوماتي :وهي نظرية كلاسيكية تحيلنا على مذهب المنفعة عند" بيتنام" وتعني أن منفعة شخص ما رهن تقدير ما للذته وسعادته ،أي يجب أن نولي أهمية لرفاهية الشخص ويمكن أن نقسم شروط هذا التقييم إلى ثلاثة مكونات أساسية ،أولها العبرة بالنتائج ،ثانيا نزعة الرفاه وأخيرا الإجمالي العام ،ولهذا التيار النفعي نقاط عجز متعددة،تكمن في اللامبالاة في التوزيع,إغفال الحقوق والحريات ,التكيف والاشتراط الذهني .
2- النزعة التحريرية : تحاول هذه النظرية في بعض صياغاتها أن تعرض فئات شاملة للحقوق تتراوح بين حريات شخصية وحقوق ملكية باعتبار أن لها أسبقية سياسية كاملة على السعي لتحقيق أهداف اجتماعية، وليست هذه الحقوق على قدم المساواة مع الأمور التي يمكن لنا الحكم عليها بأنها أمور مرغوب فيها مثل المنافع والرفاه وتساوي النتائج أو الفرص ...الخ،وتساءل: لماذا يتعين أن يكون وضع الضغوط والمتطلبات الاقتصادية الشديدة والتي يمكن أن تكون مسألة حياة أو موت أدنى من ضغوط ومتطلبات الحرية الشخصية ؟ يمكن أن تقع مجاعات مروعة دون حدوث انتهاك للحقوق التحريرية..إن المعوزين من أمثال المتعطلين أو من أصابهم الفقر يمكن أن يتضوروا جوعا لا لشيء سوى أن صلاحياتهم لا توفر لهم طعاما كافيا.
3- البديل: الحياة الواقعية : قدم "صن" بديلا فكريا ينبني على فهم إنساني بالتركيز على حرية انجاز حياة فعلية واقعية يشعر الإنسان بقيمتها ,والبدايات الأولى لهذا التفكير الإنساني كانت مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP) وذلك من خلال نشر تقارير سنوية عن التنمية الإنسانية.
من خلال هذا الفصل ثم استعراض مجموعة من المذاهب التقييمية،من بينها مذهب المنفعة والنزعة التحريرية والعدالة عند راولس ،وكل هذه المذاهب لها خصائصها ،لكن رغم أن القاسم المشترك بين كل هذه المذاهب هو الحريات الموضوعية، إلا انه تبقى إمكانية اعتماد نهج قائم على الحرية نسبية محدودة.
الفصل الرابع : الفقر كحرمان من القدرة
بناءا على ما ورد في هذا الفصل فإن الفقر هو حرمان من القدرات الأساسية وليس تدن في الدخل، لان الدخل لا يولد القدرات على اعتبار أن القدرة تتأثر بمتغير السن والجنس والدور الاجتماعي وبموقع العمل وبالمناخ الذي تسوده الأمراض المعدية،وهذه المتغيرات مهمة نظرا لتأثيرها في القدرات وفي انخفاض الدخل ،وحسب "صن" فان الحرمان النسبي من حيث الدخل يمكن أي يفضي إلى حرمان مطلق من حيث القدرات.


فقر الدخل وفقر القدرة
في هذا الإطار يرى "صن"أن الدخل وسيلة مهمة للحصول على القدرات ،والقدرات هي التي توسع إمكانية أن يكون الإنسان أكثر إنتاجية وقادرا على الحصول على أكبر دخل، وامتلاك المزيد من القدرات يعني المزيد من امتلاك السلطة ، وحسب "صن" فان تحسين نوعية الحياة بشكل مباشر لا يرتبط بتوفير رعاية صحية أو تعليم جيد بل هم مجرد وسائل تسهم في تطوير قدرات الشخص حتى يحصل على دخل أفضل ،لكننا لا نتفق مع هذا الطرح لأنه إذا لم تتوفر الأرضية المناسبة فانه رغم تجويد التعليم والاهتمام بالصحة لا يتحسن الدخل وهذا ما تعرفه دول العالم الثالث وإذا اعتمدنا هذا المنظور فإننا نكون أمام خلط بين الوسائل والغايات.
وفي هذا الفصل هناك كذلك إشارة للعلاقة بين البطالة والحرمان من القدرة وكذلك العلاقة القائمة بين الرعاية الصحية وكثرت الوفايات ،حيث قدم لنا "صن" مثالا لهذا الحقل العلائقي المتشعب من خلال مثال الفقر والحرمان في الهند وإفريقيا جنوب الصحراء على اعتبار أنهما نموذجين للفقر المدقع وإذا اعتمدناهما كنموذج للدراسة يمكننا أن نقيس درجة الحرمان ،ومن خلال هذا النموذج سوف نحصل على صورة أكثر وضوحا ودلالة من المعلومات عن مظاهر الحياة في هذه الأجزاء من العالم وقد خلص "صن"إلى أن التركيز الاقتصادي على فقر الدخل وعدم المساواة في الدخل أدى إلى إغفال مظاهر الحرمان الأخرى المرتبطة بمتغيرات أخرى ، مثل البطالة واعتلال الصحة ونقس التعليم والاستبعاد الاجتماعي،والتركيز على الدخل شائع في الدراسات الاقتصادية ،ومن هنا تكمن أهمية الحرية كعنصر مهم في تحليل السياسات العامة.



الفصل الخامس : الأسواق والدولة والفرصة الاجتماعية
استهل "صن"هذا الفصل بما قاله اتش هكسلي في كتابه "العلم والثقافة":"المصير التقليدي للحقائق الجديدة أن تبدأ في صورة بدعة وتنتهي في صورة خرافة"،في هذا الباب تطرق بشكل تفصيلي إلى مزايا السوق من خلال وقوفه على النتائج التي تولدها الأسواق مثل الدخل أو المنافع واعتبر أن السوق يعكس الحرية وذلك من خلال حرية المعاملات القائمة داخله و التي تنبني على الأخلاق الأولية للتعامل ،والحرية في المعاملات التجارية ،من هنا تبرز لنا أهمية الحرية ,وهذا ما أدى إلى انبثاق مفهوم السوق الحرة والتي أسس لها ماركس من خلال مفهوم حرية العمل،ومنه تكمن أهمية الحرية بالنسبة للعالم.
الفصل السادس : أهمية الديمقراطية
إن مثال غابة سوندربان "الغابة الجميلة" الذي قدمه" صن" يعكس لنا جوهر التناقضات التي تعيشها المجتمعات بشكل عام ،في الوقت الذي تشكل فيه الغابة موستوطنة للأشرس النمور في العالم والمهدد بالاندثار، تشكل كذلك مورد رزق لشريحة عريضة من سكان المنطقة الذين يجنون عناقيد العسل الملكي المتدلية في أشجارها ،وكل ذلك يتم في خوف شديد من النمر ,لكن المثير للجدل أن هناك قانون يمنع صيد النمر رغم الخطر الذي يشكله على أرواح هؤلاء البؤساء ،مع العلم انه يتم الفتك سنويا بأكثر من خمسين شخصا من طرف هذا النمر,وهكذا تحضى النمور بالحماية في المقابل لا يتم حماية البشر ، هنا تكمن قوة الاحتياجات الاقتصادية في كثير من بلدان العالم الثالث ،في هذا الإطار يقدم "صن" نقدا لاذعا لمن يردد خطاب الحرية السياسية و الديمقراطية ,ويعتبر انه من الأجدر أن تعطى الأولية يقينا لاستيفاء المتطلبات الاقتصادية،وفصل "صن" في هذا في محور تحث عنوان الضرورات الاقتصادية والحريات السياسية،والذي من خلاله ابرز نوع العلاقة القائمة بين السياسي والاقتصادي والتي يجب أن تكون بنائية وليست أدائية ،وهناك اتفاق على انك إذا أعطيت للناس حرية الاختيار بين الحرية السياسية والحرية الاقتصادية فإنهم يختارون الثانية .
ومنه تعد عملية تطوير وتعزيز نظام الديمقراطية عنصرا جوهريا في عملية التنمية ،وتتمثل أهمية الديمقراطية في ثلاث فضائل متمايزة:
- أهميتها في طبيعتها الجوهرية.
- إسهاماتها الأذاتية.
- دورها البنائي في ابتكار القيم والمعايير.
الفصل السابع : المجاعات والأزمات الأخرى
يتضمن هذا الفصل وصفا دقيقا للمجاعات والأزمات ,وكذلك حالات الحرمان الشديدة القسوة التي يشهدها قطاع كبير من سكان العالم ,من خلال هذا الوصف ميز لنا "صن" بين الأزمات والمجاعات,وبين مشكلات الجوع والفقر وقدم مثالا لذلك اختزله في الأزمات الأخيرة التي عرفها كل من شرق وجنوب آسيا ,وحسب "صن" القضاء على الجوع يتطلب تفكيرا عاما وملائما من اجل فهم أسباب حدوث المجاعات والشيء الحاسم في تحليل الجوع هو الحرية الموضوعية للفرد وللأسرة لتأكيد ملكيتهم لكمية كافية من الغداء ،عملية التحليل هذه تستوجب تحليلا سياسيا واقتصاديا كذلك ،لان مخلفات الفقر تختلف بكثير عن مخلفات الأزمات والمجاعات،فنقص التغدية والجوع والمجاعات مثلا تتأثر بعمل وأداء الاقتصاد والمجتمع في صورتهما المتكاملة .
ما قدمه لنا "صن" في هذا الباب من خلال التفاصيل الدقيقة الواردة في الكتاب والتي لا يسعنا المقام لذكرها ،كلها مرتبطة أساسا بكيفية تفادي المجاعات واتقاء الأزمات الكارثية،وهو بهذا يعكس لنا قوة أطروحته "التنمية حرية".


الفصل الثامن : فعالية المرأة والتغير الاجتماعي
من خلال هذا الفصل حاول "صن"أن يرصد لنا الجوانب التي كانت مغفولة من قبل فيما يتعلق بحقوق المرأة ، في السابق كان هناك اهتمام بالرفاه فقط ،دون أي إشارة لدور المرأة في التنمية ،لكن أخيرا بدأ الاهتمام بفعالية المرأة لما تلعبه هذه الفعالية من ادوار مهمة في إحداث التغيير ،على اعتبار أن المرأة تعرف مظاهر متعددة من الحرمان وهناك شواهد متعددة تعكس لنا هذا الحرمان من خلال زيادة الوفيات في صفوف النساء في آسيا وشمال إفريقيا ،كما يلحق انخفاض ومحدودية هذه الفعالية أضرارا بالغة بالمرأة ، إن فعالية المرأة لها انعكاسات ايجابية على مستوى الخفض من المظالم التي تتعرض لها المرأة ،بينما رفاه المرأة تتحكم فيه متغيرات متعددة من قبيل :الدخل المستقل ،العمل خارج المنزل،الملكية الخاصة ،القراءة والكتابة ،المشاركة في اتخاذ القرارداخل وخارج الأسرة ،إن عمل المرأة خارج البيت وتحصيل دخل مستقل يكون له أثره الواضح على دعم الوضع الاجتماعي للمرأة داخل البيت وفي المجتمع..إن عمل المرأة خارج البيت غالبا ما يكون مفيدا تعليميا من حيث معايشة المرأة للعالم خارج حدود البيت، ثم يؤكد "صن" على أهمية تمكين المرأة من اتخاذ القرار داخل الأسرة والذي من شأنه أن يحد من وفيات الأطفال وخفض معدلات الخصوبة.
الفصل التاسع : السكان والغداء والحرية
قدم "صن"وصفا دقيقا للأحداث المروعة التي يعرفها العصر الراهن والتي تؤثر في السير العادي للعالم ،هذه المتغيرات تتمثل في المجاعات التي تؤدي الى قتل عدد كبير من الناس عبر العالم ،والغريب في الأمر حسب "صن" هو أننا نستقبله بنوع من التراجيديا والتسامح معه ونقبله وكأنه جزء من خصائص العالم الحديث،وكأنه قدر لا سبيل لتجاوزه،إن المسألة تتطلب التفكير والتدبير بدل ربط الجوع بسعر الغداء والعامل الاقتصادي فقط ، في هذا الإطار تساءل "ص":هل هناك أزمة غداء عالمي ؟وهل المنتج الغدائي العالمي يتناقص قياسا إلى تعداد السكان في العالم ،وكأننا نرى سباقا بين الاثنين ؟.
أجاب "صن" عن هذه التساؤلات من خلال استشهاده بنظرية مالتوس المتعلقة بالسكان ،حيث تنبأ مالتوس بما سيقع نظرا لهذا التزايد المهول للسكان مند عصره إلى اليوم والذي تضاعف فيه عدد السكان ستة أضعاف،كما انتقد "صن" عمليات القسر من اجل الحد من ارتفاع نسبة سكان العالم هذا الارتفاع الذي يهدد الغداء عبر العالم ، معتبرا أن هذه العمليات المتعلقة بتنظيم الأسرة قسريا تنتج عنها أضرارا خطيرة غير انتهاك حرية التناسل فقط ،ونخص هنا بالذكر ارتفاع وفايات الرضع وخاصة في صفوف الرضع الإناث ،وارتباطا بنظرة"صن"التنمية حرية فان حل مشكلة الزيادة السكانية شأنها شأن حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية يتطلب توسيعا في نطاق حرية الناس .
الفصل العاشر : الثقافة وحقوق الإنسان
أضحت قضية حقوق الإنسان في الآونة الأخيرة حسب "صن" تحضى بقدر مهم من الدعم والتأييد ،وأصبح لها نصيب مهم في الخطاب الدولي ،وأصبحت حقوق الإنسان تحتل مكانا مهما في التنمية والتطور ، ومع ذلك نجد انه يوجد نوع من التردد في عمق وجوهر هذه العلاقة التي يمكن أن تربط بين حقوق الإنسان والتنمية ،جوهر هذا التخوف يكمن في دخول منظمات حقوقية على الخط تعطي الناس حقوقهم وواجباتهم في تجاوز للمفهوم الحقوقي المرسوم من طرف الدولة ،وترى هذه النظرية أن البشر بالطبيعة لا يولدون بحقوق الإنسان ،وهم بهذا شأنهم شأن ولادتهم عراة بغير ملابس ومن ثم يتم اكتساب الحقوق عن طريق التشريع تماما مثلما نكتسب ملابسنا عن طريق التفصيل والخياطة ،إن الحديث عن حقوق الإنسان حسب "صن" كانت منطلقاته الأولى من خلال النقد الثقافي حيث يتخذ هذا النقد أبعادا متعددة يمكن إجمالها في النقاط التالية :

- نقد الشرعية - نقد الاتساق المنطقي - النقد الثقافي والقيم الأسيوية.

أشار "صن" إلى التجربة الأسيوية ،واعتبر أن قضية الثقافة وحقوق الإنسان لاختلف في آسيا عن أي مكان آخر ،وان رفض هذا القول على أساس الطبيعة الخاصة للقيم الآسيوية لا يقوى على البقاء أمام دراسة نقدية فاحصة ،من الحري بنا في حدود اهتمامنا بالدعاوى الاستبدادية عن القيم الآسيوية أن نعترف بالقيم التي ناصرتها البلدان الآسيوية في الماضي في شرق آسيا وفي كل آسيا اشتملت على نوع هائل من التنوع .

الفصل الحادي عشر : الاختيار الاجتماعي والسلوك الفردي
أشار"صن" إلى أهمية استخدام العقل ،واستدل بمثال أريسطو وأجاثون الذين أكدوا على أنه يتم بناء الاختيارات على أساس العقل،واستخدام العقل يستوجب وجود مؤسسات ومعايير سلوكية والتزامات قيمية ،لكننا في المقابل نجد تيارا آخار معروف بتيار النزعة الشكية ،عموما هذا التيار لا يولي أهمية للعقل ولكن يؤمن بوجود اختلافات اجتماعية داخل المجتمع الوحيد ،رواد هذا التيار يتبنون فرضية كينيث الشهيرة المعروفة باسم "فرضية الاستحالة"،وتعني هذه الفرضية استحالة إقامة اختيار اجتماعي على أساس عقلاني من خلال الأفضليات الفردية ،أما بخصوص النوع الثاني من الشك فهو ينبني على صورة محددة لمنهج البحث وهذا النوع يؤدي إلى الحصول على نتائج غير مقصودة،لأن ما يعاب على النتائج العقلانية هو كونها نتائج خرقاء،أما النوع الثالث من الشك هو الذي يتناول القيم والمعايير السلوكية الإنسانية ،وحسب هذه النظرية كذلك يستحيل إمكانية التغيير الاجتماعي المبني على أسس عقلانية .
نوه كذلك "صن" في هذا الباب بأهمية السياسات العامة وأدوارها، والتي يمكنها أن تسهم إيجابا في تغيير الحياة العامة،حيث تم اختزالها في الصحافة واستقلال الإعلام والتوسع في التعليم الأساسي وفتح المدارس ،وتعزيز الاستقلال الاقتصادي ،وغير ذلك من المتغيرات التي يمكنها أن تسهم في جعل المواطنين مشاركين في عملية التغيير وليسو مجرد متلقين سلبيين من السهل السيطرة عليهم .
الفصل الثاني عشر :الحرية الفردية التزام اجتماعي
من خلال هذا الفصل الأخير فتح "صن" قوسا مهما ألا وهو قوس المسؤولية والذي حاول من خلاله أن يعري بعض الحقائق التي ننسبها في غالب الأحيان إلى الابتلاء الرباني حتى نتنصل منها ومن كونننا مسؤولين عنها ،هذه المسؤولية التي تعد ضربا من دروب الحرية ،لأننا نحن المسؤولين عن تطوير العالم من حولنا ،على اعتبار أننا نعيش معا في هذا العالم ،وأن كل ما يقع في هذا العالم هو نتاج لسلوكاتنا ،وبهذا المعنى تشكل المسؤولية روح الحرية والتقدير لقيمة الذات الإنسانية الفاعلة التي لا توكل أمرها إلى غيرها ،إن علاقة المسؤولية بالحرية تكمن في مساندة الناس اجتماعيا حتى يتمتعوا بقدر واسع من الحريات ،وهذه الحريات لها جوانب متباينة تتعلق بمجموعة مختلفة من الأنشطة والمؤسسات.




من إنجاز أسامة عريوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع