الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في العقل الامني

حواس محمود

2023 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


في عام 1986 حدثت مظاهرة كبرى في دمشق عندما منع النظام عن كرد دمشق الانتقال عبر حافلات الى أماكن الاحتفال بعيد نوروز وهو العيد القومي السنوي للكرد، الذي يجرى في كل عام دون مضايقات أو منع يذكر لكن على غير المعتاد جرى منع هذا الاحتفال بالعيد مما أدى الى غضب الشارع الكردي بدمشق فخرج للاحتجاج متوجها الى القصر الجمهوري بدمشق وعندما اقترب المتظاهرون منه – القصر الجهوري - أطلق الحرس الرصاص عليهم مما اردوا كرديا من الجزيرة قتيلا كان يعمل بدمشق ويدعى سليمان أدي
انتشر الخبر كالنار في الهشيم في كل أنحاء سوريا وبخاصة المناطق الكردية مع نقل جثمانه من دمشق الى القامشلي حيث وري الثرى بمنطقة جرنك ، في تلك الفترة كنت طالباً في جامعة حلب وكنت بإجازة وقتها الى مدينتي القامشلي ، كان الكرد في كل مكان حديثهم وشغلهم الشاغل هو ما جرى في دمشق وكإشراقة عقلية مفاجئة خطرت لي فكرة لحل المشكلة (حين كنت اتمشى وصديقي في احد شوارع قامشلي) وضمان عدم تكرار الحدث في الأعوام القادمة لأن كما يقولون كان حدث دمشق هو بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ( اذ ان العديد من الطلاب والطالبات وبخاصة في الثانويات بمناطق الكرد وبخاصة في قامشلي كانوا يتعرضون للاضطهاد وكان مدربو الفتوة وهي مادة عسكرية تدرس في ثانويات سورية كانوا يحرجون الطلاب بان يضعون امتحان المادة في نفس اليوم المصادف لعيد النوروز عن سابق قصد وتصميم وعندما يغيب الطلاب لانهم سيذهبون للاحتفال بعيد نوروز يتعرضون لعقوبة الزحف على أصابع اليدين والقدمين والفلقات وغيرها من أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ) أقول انني وضعت الحل للمشكلة من خلال حديثي مع صديقي من قامشلي وقلت له ان الرئيس حافظ الأسد ان كان ذكيا – وكنت اتوقعه كذلك – سيقوم بإصدار مرسوم باعتبار يوم 21 عيدا للأم بشكل رسمي وتعطل المدارس في ذلك النهار اذ انه قبل 21 اذار 1986 لم تكن الدولة السورية تعطل الدوائر بمناسبة عيد الأم ، وبهذا استطاع الأسد أن يخرج من الاحراج السنوي الذي كان سيقع به كما في 1986
كنت دوما أحاول القراءة في عقل المستبد ولذلك كنت اتجنب ضرره علي قدر الإمكان وحتى انني نصحت الشهيد مشعل التمو في عام 2000 عندما استلم بشار الأسد النظام عن أبيه بالوراثة وانتشرت المنتديات في معظم المحافظات والمدن السورية حيث ربيع دمشق كما سموه أقول نصحت الشهيد مشعل التمو - اذ كان من اعز الأصدقاء لي - بأن لا يلجأ الى الإعلان عن نشاطات منتدى جلادت بدرخان الثقافي ( الكردي ) اذ كنا نلتقي قبل ذلك كنخبة ثقافية فكرية بصورة شبه سرية في شقق ونتناقش قضايا فكرية وثقافية وكنا نشعر بالارتياح بعيدين الى حد ما عن اعين الامن ومضايقاته المتعددة قلت للشهيد مشعل التمو إن الأمن لن يسمح لك افتتاح هذا المنتدى لكنه اصر على ذلك فما الذي جرى ؟
اصر الشهيد مشعل التمو تفعيل نشاطات منتدى جلادت بدرخان الثقافي بشكل علني في القامشلي وعاونه في ذلك الكثير من الناشطين والكتاب وابرزهم الكاتب محمد امين محمد ومروان عثمان وبعد ان قدم المنتدى ندوة او ندوتين استشاط الامن السوري في القامشلي غضبا ، وتم إغلاق المنتدى كما كل منتديات سورية وتعرض مؤسسو المنتدى للتعذيب الشديد ، وهذا اثبت مقولتي للشهيد مشعل التمو من أن الأمن لن يسمح بافتتاح منتدى علني اذ لا يعقل ان تقبل السلطة السورية ان تقام نشاطات علنية مضادة ومنتقدة لسياساتها تجاه الشعب ، وكان أصحاب تلك المنتديات مخدوعين بأقوال بشار الأسد التي كانت تظهر وكأنها تحارب الفساد وتدعو للديموقراطية ، في الحقيقة كانت تلك المقولات المروجة لنظامه لتسويقه الى الشعب لقبوله وللأسف انطلت اللعبة على الكثيرين من نخب الشعب السوري .
في ربيع عام 2010 جرت تظاهرات اللاجئين الكرد في قبرص لتسوية أوضاعهم إذ أن معظمهم كان يعمل هناك دون أن يكون لديهم اقامات نظامية ، قامت السلطات القبرصية باعتقال مجموعة منهم وترحيلهم الى سورية عبر طائرات سورية ، حينها كنت أقيم في كردستان العراق وكنت متابعا للحدث وتوقعت ان لا تلجأ السلطات
السورية لاعتقالهم من المطار لكي لا تنكشف ممارسات النظام إعلاميا باعتبار الحدث لا يزال ساخنا ، وانما تسجيل بياناتهم بعد دخولهم الأراضي السورية لاستجوابهم واعتقالهم فيما بعد عندما يكون الحدث أصبح قديما بعض الشي ومنسياً ، وصدق توقعي بشكل مؤكد اذ عندما تم اعتقالي عند عودتي من كردستان العراق في 12 يناير 2011 الى مدينتي القامشلي والقبض علي من معبر نصيبين الحدودي بين تركيا وسوريا وإيداعي فرع الامن السياسي بالحسكة ، تعرفت في الزنزانة المنفردة – كانوا يضعون أكثر من شخص في الزنزانة المنفردة - على أحد هؤلاء الأشخاص ممن رحلتهم السلطات القبرصية إلى سوريا إذ قال لي أنَ النظام لم يعتقله فور عودته الى سوريا انما بعد مدة من الزمن .
وعند اشتعال الثورة السورية وعندما كانت تعم المظاهرات سورية كان اعلام النظام يدعي ان هناك مندسين هم الذين يطلقون النار على المتظاهرين وليست السلطة هي من يطلق النار وتقتل المتظاهرين قلت لبعض أصدقائي : استغرب كيف ان النظام السوري لا يضع بنادق بجانب جثث القتلى ليقول ها هي أسلحة المسلحين الذين يغتالون المتظاهرين ، وإذ بي في أحد الأيام وأنا أشاهد تلفزيون النظام أجد فيديو مسرب الى الاعلام يبين صدق قراءتي للعقل الأمني للنظام اذ يضع رجال النظام بنادق بجانب جثث الشهداء في المظاهرات في تلك الفترة لا أتذكر تاريخها بالضبط ربما في نهايات عام 2011 .
...............................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو