الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (٤_٣)

وليد المسعودي

2023 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


نقد الدولة – دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (4-3 )

الدولة والقرار السياسي
في الشرق الأوسط

إن القرار السياسي في العراق بعد (2003) أصبح مشتتا داخل الأحزاب السياسية والكتل السياسية ومن يدعمها من قوى مسلحة داخلية ومن دول إقليمية خارجية فضلا عن تأثيرات الصانع والمؤسس لهذا النظام (التوافق الطائفي والعرقي ) متمثل بالولايات المتحدة الأمريكية التي أرست الكثير من دعائم هذا النظام ، حيث لا توجد علاقة جادة وحقيقية بين صانع القرار السياسي و" المؤسسات الديمقراطية " المنبثقة بعد سقوط صدام ، فالمواطن ينتخب ضمن هويته الطائفية والعرقية او هويته المدنية والإنسانية ، ولكن تبقى كل الاختيارات المتعلقة بتكوين الدولة ومؤسساتها قائمة على ذلك التوافق الأمر الذي يفقد العمل الحقيقي والدور الفاعل للمؤسسات على صعيد علاقتها مع المواطن ومع الواقع العراقي وتطويره نحو الأفضل ، والغائب الأعم هي صفات البناء والتراكم في العمل والإنتاج والخلق ، حيث لو تتبعنا بشكل مختصر أكثر القوانين والأفكار والمقترحات والأعمال والإستراتيجيات التي يراد لها التحقق والتفعيل الهادف لدورها رغم السلبيات والتعثرات الكامنة فيها ، سنجد كل ذلك حبر على ورق فعلى سبيل المثال لا الحصر : -

القوانين

1- " جمهورية العراق دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة كاملة ، نظام الحكم جمهوري نيابي (برلماني ) ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق " (8)
2- " تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة " (9)
3- " القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون " (10)
4- " تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة ، وينظم ذلك بقانون " (11)

المشاريع والأفكار

بناء المدن الحديثة في بغداد ومنها مشروع 10*10 وضمن اكثر من 240 ألف وحدة ومشروع مترو بغداد وغيرها من المشاريع والأفكار التي لم تطبق على ارض الواقع .
وهكذا كل شيء حبر على ورق ولا يوجد أي تغيير حقيقي في حياة الناس والأرض والعقل أو البنية الأساسية للذهنية الاجتماعية ، فلا العراق دولة ذات سيادة كاملة ، ولا القوات الأمنية المسلحة منعزلة عن دور التدخل السياسي وقمع المجتمع ولا القضاء مستقل ولا الدولة بدورها قادرة على تشجيع الاستثمار وتغيير أشكال الحياة وجوهرها إلى عالم أفضل . وكل ذلك عائد إلى تشتت القرار السياسي العراقي وتوزعه بين القوى السياسية الطائفية والعرقية ، والمشاريع الإقليمية والدولية ، فضلا عن هيمنة الزعامات الإقطاعية القديمة والجديدة المتمسكة بالسلطة منذ 2003 إلى وقتنا الحاضر .
إن القرار السياسي العراقي يبقى غارقا في الوعود أو في مجال الألفاظ واللغة الواعدة بمستقبل أجمل وأفضل دونما أفعال ناجزة حيث الوقائع دائما ما تشير إلى صراعات طائفية وعرقية تغطي الصراعات المادية المصالحية ، ونزاعات عشائرية وفساد حكومي وفشل في مجالات التنمية كافة ضمن حقول التعليم والصحة والبيئة والزراعة والصناعة .. الخ

القرار السياسي في مصر

أما القرار السياسي في دول مثل مصر والسودان فانه يظهر متشابها كما بينا سابقا في مسألة احتكار السلطة حيث يجد العسكر الدور الكبير في اتخاذ وصناعة القرارات السياسية منذ عام 1952 ، في مصر ، اذ تشكل الفردية الطابع الرئيسي في صناعتها ويبقى للأثر المؤسساتي الدور الهامشي (12)
وصناعة القرار السياسي في مصر تنعكس آثارها ليس على المؤسسة التشريعية أو الحكومة في وزاراتها المتعددة أو الرأي العام والمجتمع المدني فحسب بل تصل إلى القضاء أيضا ، وكل ذلك يتم من قبل المجلس العسكري الذي يؤثر كثيرا في عملية اختيار الرؤساء (13)
واليوم في زمن الرئيس عبد الفتاح السيسي يجد العسكر الدور الكبير في إدارة شؤون البلاد حيث يوضعون في مقدمة إدارة المؤسسات الوزارية المدنية وهم بعيدون كل البعد عن المعرفة العلمية في إدارتها وتطويرها ، وبالتالي يقع ما يسميه احد الكتاب " بالانحلال السياسي " من خلال أي استمرار الإدارة السياسية العسكرية للبلاد ضمن حدود النسبي بشكل جاهل ومتعجل و فاسد الأمر الذي يوقعها في الكثير من الأخطاء والجرائم واهم ما يفعله الانحلال السياسي هو الانفصال عن الواقع وخلق مشاكل إضافية له من اجل الهاء المواطنين عن المشاكل الأصل (14)
ولا يكتفي دور العسكر في إدارة المؤسسات المدنية بل يتقدمون إلى السيطرة عليها من خلال الوصاية على السلطة المدنية وكل ذلك تم من خلال التعديلات الدستورية التي تمت في علم 2019 ، حيث تشير المادة ( 200) إلى إن " القوات المسلحة ملك للشعب مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة راضيها وصون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها " وبذلك يسيطر العسكر على الدولة المدنية حيث تتيح له هذه الحماية محاسبة ومعاقبة ومحاكمة المدنيين أنفسهم ، إذ أفرزت السنوات التسعة من حكم عبد الفتاح السيسي على انقسام شعبي شديد ، ومعارضة لا يتاح لها أي حرية في التعبير وخصوصا من الإسلاميين والليبراليين واليساريين ، ويمكننا تشبيه المؤسسة العسكرية في مصر كالحرس الثوري الإيراني حيث يشتركان في مهام أساسية من مثل : -
1- حماية السلطة والدولة والأمن العام
2- صيرورتها كمؤسسة اقتصادية وتجارية وصناعية
3- تملك قنوات الإعلام والتأثير المباشر على الجماهير
4- المشاركة في صنع القرارات السياسية
5- امتلاك المحاسبة والمعاقبة والمحاكمة دون الرجوع إلى السلطة المدنية

وبذلك يشكل زمن العسكر غيابا تاما لأي منظومة رقابية حقيقية على ارض الواقع وأي منظومة نقابية مدنية من شأنها إن تعطل دستوريا وديمقراطيا ديمومة الرئيس العسكري في الحكم حيث مقترحات الإدامة الطويلة العمر جاهزة مجهزة وضمن قوالب تريد تثبيت الواقع بان الشعب أو المجتمع غير مؤهل للديمقراطية والمدنية وتغيير القادة بين كل فترة انتخابية وأخرى ولن تنتهي دولة الغلبة هذه إلا بعسكري آخر يحكم بنفس الآليات والقواعد والجماهير الخاضعة والمؤيدة بشكل إعلامي تزييفي إلى حد كبير .

المصادر والهوامش : -

8- الدستور العراقي / المادة رقم 1
9- الدستور العراقي / المادة 9 / الفقرة أ
10 - الدستور العراقي / المادة (19) الفقرة رقم (1)
11- الدستور العراقي / المادة (26)
12- حسني ، مراد / صناعة القرار السياسي في مصر ، الجزء الثاني / الحوار المتمدن ، العدد 3663 ، 10/8/2012
13- أكثر رؤساء مصر هم من العسكر ما عدا الاخواني المدني الوحيد محمد مرسي الذي استلم الحكم لمدة سنة وأقصي بعد ذلك
14- المصري ، ياسين / الانحلال السياسي في مصر / الحوار المتمدن ، العدد 6939 ، في 26/ 6/ 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب