الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولاية جديدة من البوابة العربية

ليلى موسى

2023 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


استراتيجية قديمة متجددة لدحض مئوية من سياسة الفرض والإملاء تم بموجبها رسم الحدود السياسية التركية الحالية، استراتيجية إعادة ترسيمها وفق خارطةطريق بموجب (الميثاق الملي)،أمر أتاتورك حينها خوض حروب الاستقلال والتحرير لاسترداد الجغرافيا التي خسرتها الخلافة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، هذه المرة على خلاف سابقتها تأسيس لتركيا علمانية مناهضة لسابقتها ذات الصبغة الإسلاموية.

خارطة قابلتها رفض من قبل الحلفاء حين ذاك، لكن ظل ذاك الحلم الغائب الحاضر في العقل الجمعي السلطوي التركي، وأن اختلفت حماسية تحقيقه بين الحكومات المتعاقبة على دفت السلطة إلى أن وصلت مع حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان إلى أوج ذروتها، هذه المرة على خلاف المشروع الأتاتوركي، دولة ذات صبغة إسلاموية –قوموية ديالكتيك يجمع الضدين، تارة يخاطب المشاعر الدينية الناقمة على العلمانية وتارة أخرى القوموية الناقمة على الإسلاموية.

استراتيجية عملت خلال عقدين من الزمن على الجمع بين الأضداد وفق سياسة براغماتية محكمة، مثلما أنكر العقل الجمعي السلطوي التركي بعد الحرب العالمية الأولى، الظروف الدولية والإقليمية وهزيمتها ومشاريع إرادة الهيمنة القوى المنتصرة في الحرب إلى جانب إنكارها لإرادة الشعوب المحتلة من قبلها.

لم تكون حدود تركيا السياسية سوى حالة رمزية عابرة وفق أدبيات الساسة الأتراك وحدودها الحقيقية هي حدود الميثاق الملي، ووفق ذلك التصور كانت الحكومات المتعاقبة تجد لنفسها الحق بالتدخل في شؤون الدول المحيطة تارة بغطاء دولي عبر تفاهمات وتحالفات وتارة أخرى ضاربة جميع المواثيق والاعراف الدولية عرض الحائط فارضة تواجدها كأمر واقع،وقبرص على سبيل المثال لا الحصر.

ربما النهج الأخير أتخذ مع حكومة العدالة والتنمية ذروتها عبر انتهاجها لسياسة التهديد والوعيد واستكمال مسيرة الأجداد في ممارسة الإبادة بحق شعوب المنطقة،مستغلين الظروف الدولية والإقليمية بتمرير أجنداتها وفق سياستها البراغماتية.

شكلت هبوب رياح الثورات والتغيير على المنطقة فرصة ذهبية للعدالة والتنمية لاستكمال خارطة طريق الأتاتوركية للاستقلال والتحرر بالتغلغل في العديد من الدول العربية والدول الأفريقية.

أدواتها كانت ولا زالت التنظيمات الإسلاموية المتطرفة بمختلف مسمياتها، كما أن تلك التدخلات وفرت لها مجالاً حيوياً واسع النطاق لتصدير أزماتها الداخلية وإسكات الداخل التركي عبر إيهامه باستعادة أمجاد العثمانية.

طموحات اصطدمت بسياسات الأمن القومي والوطني لتلك الدول وجوارها والمشاريع الدولية والإقليمية وإرادة شعوبها والمجتمع الدولي، حيث أسهمت بذلك في تجذير وتعميق الأزمات وسعت بكل ما في وسعها في إطالة عمر الأزمات لكسب المزيد من الوقت لعلها عبر التفاهمات أو المقايضات تستكمل مشاريعها.عبر اتباعها سياسة المراوغة تارة، والخطابات الغوغائية تارة أخرى كتكتيك، أدواتها التيارات الإسلاموية حيث تكمنت من خلالها تحقيق نجاحات وأن كانت نسبية لاستراتيجيتها التوسعية الاحتلالية.

تدخلات صدرت أزماتها وحافظت على الأمن الوجودي لحكومة العدالة والتنمية على سدة الحكم، أوصلها إلى مرحلة مفصلية من تاريخ تركيا، أما البقاء على الحدود السياسية الحالية أو تكون بداية لنهاية عقب مئوية اتفاقية لوزان وتحقيق الحلم العثماني الأردوغاني أو نكون أمام تركيا حديثة بنظام سياسي لامركزي معلناً عن ميلاد جديد متعايش مع شعوب المنطقة ومتحالف مع جواره ونهاية لحالة الفوضى واللاستقرار.

مثلما ضمن حزب الحاكم بقيادة أردوغان استمرارية وجوده وحافظ على ضمان بقاءه عبر التدخلات الخارجية في الشؤون العربية والتي تسبب بقطيعة، بل وصراع وعداء مع محيطه الإقليمي العربي، سيكون مفتاح نجاحه بدرجة كبيرة في المعركة الانتخابية متوقف بالانفتاح على المحيط العربي.

لذا بخطوة متسارعة وحماسية أعلنت تركيا تطبيع علاقات مع كل من السعودية والإمارات وسوريا وخطوة متأنية ومدروسة من قبل مصر.

تلاقي للمصالح وحماية الأمن القومي المشترك كان يتطلب تسريع لعملية التطبيع في مواجهة قوى إقليمية فاتورتها أما التضحية ببعض الجغرافيا أو تنازل عن الأحلام والصدام مع الداخل.

بالرغم من أن عمليات التطبيع التي احرزت بعض التقدم إلا أنها غالباً مع تصطدم باستراتيجيات كل طرف وحالة الصراع القديم المتجدد على قيادة الدور الإقليمي. لذا نشاهد بعد كل لقاء على البدء بخطوات عملية يعقبها مباشرة خروج مسؤولين أتراك بتصريحات مؤكدين تدخلاتهم وتواجدهم في الدول العربية على أنه حق تاريخي وطبيعي، بل وأكثر من ذلك تتوغل أكثر في دول كانت من ضمن خطوطها الحمراء لأية عملية تطبيع.

تركيا المعروفة بسياساتها البراغماتية وكيف أنها استطاعت اللعب على المتناقضات بين الدول مثل أمريكا وروسيا بما يخدم مشروعها الميثاق الملي والحفاظ على قيادتها لدور الإقليمي. بنفس السوية تعمل اليوم بخلق توازن بين تهدئة على الجبهتين الداخلية عبر تصدير أزماتها الداخلية والانفتاح على العالم العربي لكسب المعركة الانتخابية. لعبة ادركها الجميع ولكن لم يكن من السهولة منح العدالة والتنمية برئاسة أردوغان ورقة انتخابية رابحة، لذا الغالبية من الوعود تكون مؤجلة لما بعد العملية الانتخابية.

يبدو، وبحسب المعطيات التي تشير إلى تضارب المشروع الأردوغاني الأتاتوركي العثماني مع الاستراتيجيات الجديدة لإدارة منطقة الشرق الأوسط، يعيد بنا إعادة التاريخ إلى الماضي كيف فرضت إرادة الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى على المشروع التركي المتمثل بالميثاق الملي بحيث تكون معاهدة لوزان بديلاً عن اتفاقية سيفر، والتضحية وقتها بالحكم الذاتي الممنوح بموجبها للكرد وممارسة إبادات بحق الشعب الكردي. وربما تكون هذه المرة التضحية ببعض الجغرافية العربية والكردية لصالح التركي بحجج وذرائع واهية من قبيل إقامة منطقة أمنة وإعادة توطين اللاجئين وحماية أمنها القومي أو عبر المشاريع الاقتصادية.

والاحتمال الاخر والذي يتحدد وفق نتاج الانتخابات المقبلة والتي ستحدد مستقبل تركيا ليس من ناحية ترسيم لحدود جديدة بقدر ما سيكون هناك تغيير في بنية نظام الحكم من المركزية الشديدة نحو اللامركزية.

ويبقى لتحالف شعوب المنطقة بكافة مكوناتها الأثنية والعقائدية اليد العليا سواء ببقاء العدالة والتنمية على سدة الحكم أو البقاء في دول الجوار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح