الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للصبر حدود...يا مسعود !

محمد حمد

2023 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


قرارات المحاكم الاتحادية في أي مكان لا تفسّر بالعواطف ولا بردود الأفعال المتشنّجة. والمحاكم، بسبب وضعها الدستوري والقانوني، لا يمكن أن ترضي الجميع في ما يصدر عنها من قرارات. فهي ليست جمعيات خيرية ينتظر منها دائما إرضاء هذا الطرف أو ذاك. فاليوم لا يعجبك قرار المحكمة لانه ليس في صالحك. ولكن بالأمس كان قرار نفس هذه المحكمة معك واعطاك الحق. والدنيا، كما يقال يومان يوم لك ويوم عليك.
كما ان إدارة شؤون دولة، بما فيها دول العالم الثالث، لا تجري بناء على "تفاهمات" وثرثرة في كافتيريا البرلمان. كما يحصل عادة في العراق. كل شيء يجب أن يستند إلى الدستور والقوانين النافذة. وموثق ومثبت على الورق. وخلاف ذلك فإن كلام الليل يمحوه النهار. لكن السيد مسعود البرزاني، الذي اعتاد على الحصول على ما يريد دون مقابل، له وجهة نظر مختلفة في تفسير القوانين، خصوصا تلك التي لا تعجبه. ودائما ما يضفي في تفسيره لتلك القوانين صبغة "عاطفية" الهدف منها هو دغدغة مشاعر المواطن الكردي البسيط. وكأنّ
ّ الامر بالنسبة له صراع قوميات. فقد وصف قرار المحكمة الاتحادية في بغداد والذي ابطل شرعية ارسال اموال إلى الاقليم من قبل حكومة بغداد دون مقابل. وصفه البرزاني بانه "قرار عدائي". وراح يردّد نفس الاسطوانة المشروخة التي تبدأ ب " تجويع شعب كوردستان" أو "عقاب جماعي". وغيرها كثير.
كما أن البرزاني في فورة غضبه، المتوقّع منه، شبّه المحكمة الاتحادية الحالية ب "محكمة الثورة" في زمن النظام السابق. وهنا بالغ حضرته في الإساءة إلى أعلى سلطة قضائية في البلاد. وهي سلطة مؤلفة من قضاة لهم خبرة طويلة في مجال عملهم ويحفظون مواد الدستور والقوانين الاخرى عن ظهر قلب. وان وصف قراراتهم، من قبل بعض الجهلة، بانها غير دستورية هو نوع من السذاجة ما بعدها سذاجة.
طبعا في هذه التشبيه المجحف والغير دقيق الذي استخدمه البرزاني بحق المحكمة الاتحادية، تناسى جنابه من أنه في زمن النظام السابق كان يذهب إلى بغداد ويعاتق صدام حسين ويقبل رأسه من اجل الحصول على أموال أو حصة الاقليم من الموازنة. وكانت "محكمة الثورة" انذاك في قمّة بطشها وقسوتها.
وبعد الغزو والاحتلال الأمريكي - الايراني، استأسد مسعود البرزاني على الجميع، وأصبح الآمر الناهي في شؤون ٣٥ مليون عراقي، عربا وكردا وتركمانا واقليات اخرى ! وبالرغم من ان فرار المحكمة العليا لم يكن موجها لمسعود او للحزب التابع له، الا أنه، كما جرت العادة في الكثير من المواقف، فضّل الرد شخصيا متجاوزا رئاسة وحكومة الاقليم. لان الواقع يقول ان نجيرفان ومسرور وقوباد طلباني ليسوا اكثر من ديكورات فرضتها ضرورات العمل المسرحي الذي اخرجته امريكا خصيصا لهم.
وعندما صدر قرار المحكمة الاتحادية الاخير طار رئيس الاقليم نيجرفان بارزاني في نفس اليوم إلى أنقرة لمقابلة السلطان رجب طيب أردوغان طالبا منه العون والمساعدة والمشورة في هذه الورطة باعتباره شريك حقيقي في نهب وسلب وتهريب ثروات العراق النفطية. وفي نفس اليوم، والبرزاني ربما ما زال في مكتب الرئيس اردوغان، قامت الطائرات التركية الحربية بقصف اراضي الاقليم متسببة بحرق مزارع وغابات ونزوح الكثير من الفلاحين والناس الفقراء. وفي نفس اليوم أيضا اتصل رئيس حكومة الاقليم مسرور البرزاني هاتفيا بالمستر بريت ماكغورك منسق شؤون شمال افريقيا والشرق الأوسط، طالبا منه بكل تاكيد، الضغط على حكومة بغداد.
ان هذا التصرف من قبل عائلة البرزاني يثبت بلا أدنى شك أنهم لا يملكون استقلالية من اي نوع كان. ولا حرية لديهم في اتخاذ قرار يخص علاقتهم بالدولة العراقية. ولكنهم في نفس الوقت (اسود علينا وارانب على غيرنا). بل انهم رهنوا كل شيء بيد الدول الخارجية. وهي دول لا تتمنى، كما اثبتت التجارب، الخير والاستقرار والتقدم للعراق.
وبدل السعي الجاد، وليس عن طريق المراوغة والتسويف وكسب الوقت، إلى حل المشاكل مع حكومة بغداد، والالتزام المصحوب بالتنفيذ الفوري لقرارات المحكمة الاتحادية تراهم يهرولون إلى ربّ نعمتهم الأمريكي وكأنّ إقليم كردستان محميّة أمريكية في شمال العراق. تقوم عائلة مسعود البرزاني بادارة شؤونها الداخلية.
والله يا ناس، يا عالم، يا بشر. لا اعرف مالذي يجب على العراق، دولة وحكومة، ان يفعله من اجل ارضاء عائلة مسعود البرزاني ؟
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-