الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل: من إدارة الصراع إلى السعي لإنهائه (2 من 2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 2 / 2
القضية الفلسطينية


نهاد أبو غوش
ساهمت مجموعة من العوامل في تشجيع إسرائيل على حسم الصراع من طرف واحد دون أي مفاوضات، أو تدخلات دولية، فبالإضافة إلى استقرار حكم اليمين الإسرائيلي والتدهور المطرد لأوضاع "اليسار الصهيوني"، لعبت العوامل المحلية الفلسطينية والإقليمية العربية والدولية دورها في تشجيع نزعات الحسم الأحادي الجانب، واعتبار الظرف التاريخي المتاح في أواخر العقد الثاني من القرن 21 فرصة تاريخية سانحة لإنهاء الصراع وفق الشروط والأطماع الإسرائيلية: أبرز هذه العوامل هي حالة الضعف الفلسطيني التي تكرست بعد الانقسام، والتآكل المستمر في شعبية السلطة ومكانتها وعجزها عن كسر القيود التي كبلتها بها اتفاقات أوسلو وبروتوكول باريس فمنعتها من اعتماد استراتيجية وطنية بديلة لحالة الارتهان لشروط أوسلو، وانتظار المعجزات سواء من تغيرات تأتي بها انتخابات إسرائيلية أو اميركية، أو من تدخلات دولية تأتي استجابة للمناشدات الفلسطينية. من الطبيعي أن شيئا من هذه المعجزات لم يحصل، بل على العكس وقعت تطورات عززت قناعة الإسرائيليين بالسعي للحسم الأحادي، وأبرزها استمرار حالة التفكك في المحيط العربي، وانشغال عدد من الدول العربية في مشاكلها وحروبها الداخلية، ثم تراجع دور ومكانة النظام الرسمي العربي، وتكريس حالة من الانقسام لمحاور متصارعة وبروز التناقض بين بعض الدول العربية وإيران، ثم هرولة عدد من هذه الدول للتطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وتعاون أمني وعسكري معها على حساب القضية الفلسطينية. واستفادت إسرائيل إلى أبعد الحدود من أوضاع النظام الدولي القائم وغلبة المصالح على المبادئ في العلاقات الدولية، ما مكّنها من الانفتاح على دول وتكتلات دولية كانت صديقة للفلسطينيين والعرب تاريخيا مثل روسيا والصين والهند والبرازيل ودول شرق اوروبا وبعض الدول الافريقية، حيث بنت مع هذه الدول علاقات تجارية وأمنية وثيقة. كما استغلت إسرائيل انشغال العالم بالأزمات والكوارث الطبيعية والسياسية ( مثل جائحة كورونا وما نجم عنها من أزمات في توريد الغذاء والطاقة، وبعدها الحرب في أوكرانيا والتوتر الصيني الأميركي) لكي تستفرد بالفلسطينيين وتملي شروطها السياسية عليهم.
معظم الساسة الإسرائيليين مقتنعون أن إسرائيل هي الأقوى عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا، بما لا يقارن بالفلسطينيين والعرب، وأنها انتصرت في جميع حروبها مع العرب وتستطيع فرض شروط الاستسلام على المهزوم متجاهلة أن الحروب التي انتصرت فيها كانت ضد دول وأنظمة وجيوش بينما حربها الحالية هي ضد شعب، وفي مواجهة توقه للحرية والاستقلال.
تعثرت الصفقة وبقيت عناصرها
تعثرت صفقة القرن بسبب المعارضة الجدية من قبل القيادة الفلسطينية، وبسبب معارضة أو عدم حماسة أطراف عربية مهمة مثل الأردن ومصر والسعودية، وفتور المواقف الدولية من الصيغة التي مثلت انحيازا أميركيا مطلقا لإسرائيل، وتبني مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف. حكومة نتنياهو السابقة سعت لاختزال هذه الصفقة في تنفيذ أطماعها التوسعية بضم مساحات واسعة من الضفة، لكن التردد الأميركي والفتور الدولي ساهم في كبح اندفاع إسرائيل لفرض المخطط، فاستبدلته بمراكمة إجراءات عملية صغيرة تقود إلى تنفيذ الخطة على أرض الواقع من دون ضجيج.
أدى تغيير الحكم في إسرائيل وتغيير الإدارة الأميركية إلى سحب صفقة القرن رسميا من التداول، لكن عناصرها الرئيسية ظلت هي المحرك للسياسات الإسرائيلية في عهد حكومة التغيير، التي تبنى بعض أقطابها مصطلح "تقليص الصراع"، لكنه في الجوهر لا يختلف عما فعلته الحكومات المتعاقبة من فرض إجراءات مادية على الأرض تقود إلى تدمير اي فرصة لقيام دولة فلسطينية.
عودة تحالف اليمين المتطرف عزز الدعوات لفرض الحل النهائي من خلال استغلال التفوق العسكري وحسم الصراع بالقوة المسلحة، بالحديد والنار والبلدوزرات، حل يقوم على تصفية القضية الفلسطينية واختزال الحقوق الفلسطينية إلى مجرد حق البقاء والعيش على هذه الأرض من دون اية حقوق وطنية وقومية، وإذا تمسك الفلسطينيون بحقوقهم القومية فعليهم البحث عنها في سوريا أو العراق كما يقترح سموتريتش.
تترجم حكومة التطرف الفاشي الإسرائيلية هذه التوجهات بسياسة تقوم على تكريس الاستيطان وتوسيعه، والمضي في تهويد القدس، وفصم العلاقة بين فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 وفلسطينيي الضفة والقطاع، ومنع اي نشاط فلسطيني في الأراضي المصنفة (ج) تمهيدا لضمها، ثم إطلاق العنان لآلة القتل وسائر أدوات القمع لإخضاع الفلسطينيين ومحاربة اي مظهر من مظاهر المقاومة حتى الأشكال السلمية منها، وصولا إلى جعل الأرض الفلسطينية المحتلة مكانا غير ملائم للحياة الإنسانية وبيئة طاردة لأبنائها بما يحقق عمليات الترحيل الطوعي.
مشكلة إسرائيل كانت وما زالت أنها ليست وحدها في الميدان، فهي تواجه شعبا ينتج كل يوم مزيدا من الفدائيينن والجيل الشاب الجديد الذي يمثله شبان مثل عدي التميمي وضياء حمارشة وإبراهيم النابلسي وتامر الكيلاني ورعد خازم، يبدو اكثر تصميما غلى مواجهة المشروع الصهيوني من سابقه، ولعل رؤيته للصراع أكثر شفافية ووضوحا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر