الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدريس بارزاني كما عرفته.

صلاح بدرالدين

2023 / 1 / 31
سيرة ذاتية


حلت قبل ايام الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل الشخصية القيادية الفذة – ادريس مصطفى بارزاني – ( ١٩٤٤ – ١٩٨٧ ) اثر أزمة قلبية وهو بعيد عن وطنه ، ولاجئا في ايران ، وكان مازال في مقتبل العمر ، وبأوج عطائه النضالي .
لقائي الأول مع الراحل كان في أيار / مايو ١٩٦٧ ، بكاني سماق – منطقة بالك ، خلال انعقاد الكونفرانس السياسي – العسكري ، الذي جمع مسؤولي الحزب الديموقراطي الكردستاني ، وقادة البيشمةركة ، وكان برفقة والده الراحل الكبير الزعيم مصطفىى بارزاني ، حيث رحب بوفد حزبنا ( حينذاك ) وكنت أترأسه – البارتي الديموقراطي الكردي اليساري – وحدد لنا موعد اللقاء مع الزعيم في احدى مقراته بمنطقة – قصري - .
كان حاضرا خلال محادثاتنا مع البارزاني الكبير على مدار يومين ، وفي ثلاثة جلسات ، اعقبته عدة جلسات معه لمتابعة ، وتثبيت ، وتوسيع ماتم الاتفاق حوله ، وحينها ادركت مدى اطلاعه الواسع على تشعبات ، وتعقيدات القضية الكردية في سوريا ، والبلدان الأخرى ، حيث كان المسؤول الأول عن الملف القومي الكردستاني ، مؤمنا بضرورة تنظيم العلاقات على قاعدة التعاون ، والتنسيق ، ودعم البعض الاخر ، وبذل الجهود من جانب الجميع لمساعدة الثورة الكردية في كردستان العراق ، مع احترام خصوصيات الأجزاء الأخرى .
في تلك المرحلة كانت غالبية الحركات القومية الكردية في المنطقة ، وخصوصا تياراتها اليسارية ، والديموقراطية الثورية ونحن من ضمنها ، تقف الى جانب ثورة أيلول في كردستان العراق ( ١٩٦١ – ١٩٧٥ ) ، وقائدها مصطفى بارزاني ، ليس بدوافع المشاعر القومية المشروعة فحسب ، بل انطلاقا من ايمان راسخ بضرورة توفر قاعدة قومية كردستانية ، تجسد تجربة نموذجية لحل القضية الكردية بالمنطقة ، واحلال السلام والوئام بين الكرد وشعوب المنطقة ، على قاعدة العيش المشترك ، والاعتراف المتبادل بالحقوق ، والطموحات .
ومن جملة الأمور التي اتفقنا مع الراحل ادريس حولها ، ابداء استعدادنا الكامل لمواصلة دعم الثورة في كل المجالات الاقتصادية ، والإعلامية ، والسياسية ، وفي ساحات أوروبا ، ولبنان ، وفي مجال علاقاتنا العربية خصوصا الفلسطينية ، والمساعدة في إيصال الصحافيين الأجانب عبر سوريا بطرقنا الخاصة ، وكذلك التعاون في مختلف المجالات التي تتطلب في مثل هذه الحالات ، وبعد هذا اللقاء تم تنظيم التواصل حيث يتم كل شهر او شهرين او اكثر حسب الضرورة ، ارسال شخص يحمل البريد ذهابا وإيابا مباشرة بين قيادة حزبنا ومقر ادريس بارزاني .
كان اللقاء الثاني والاطول ، بل اللقاءات المتعددة في غضون اشهر ، وفي أجواء السلام ، بعد ابرام اتفاقية الحكم الذاتي في آذار ١٩٧٠ ، وانعقاد المؤتمر الثامن للحزب الديموقراطي الكردستاني حيث القيت فيه كلمة حزبنا ، وتوسعت معرفتنا بالبعض الاخر ، وتوفرت الثقة والاحترام المتبادل بيننا ، وكانت أعداد سنوات عمرنا متشابهة ، وكانت نقاشاتنا حول أمور الحركة الكردية تطول أحيانا لساعات تحت خيمته او مكتبه في – حاجي عمران - ، ولم تكن تخلو أحيانا من الاختلافات بوجهات النظر .
كان الرجل مطلعا على تاريخ الحركة الكردية ، وانتهازية الدول الكبرى حولها ، وكانت احداث جمهورية مهاباد ماثلة في ذهنه ، وكيف خذلها الاتحاد السوفييتي ، كما كان تعامل – ستالين – الفظ مع والده وصحبه خلال سنوات اللجوء في ذاكرته حية ، لذلك كان حذرا من – الشيوعية – في تجربته العملية الحية وكان صريحا في رؤيته ، ومواقفه ولايخبؤها ، وكنت امامه شابا يساريا متحمسا ، وقد سألني مرة: لماذا ترسلون شبابكم للدراسة في الدول الشيوعية ؟ الا تخشون من غسل ادمغتهم ؟ فأجبته لانهم غير قادرين ماديا ، وامنيا على متابعة الدراسة لا في دمشق ، ولافي الدول الغربية التي لاتقدم المنح الدراسية للحركة الكردية ، ثم انهم يطلعون في جامعاتها على أرشيف غني حول تاريخ الكرد ، ويعودون للعمل ومساعدة عائلاتهم ، والى جانب موقفه فقد افصح مرات بان الحركة الكردية واسعة ومن المصلحة وجود مختلف التيارات الفكرية ، والسياسية ، وتتنافس بشكل سلمي في خدمة قضاياها .
لقد كتبت عن ( مؤتمر ناوبردان ) للكرد السوريين عام ١٩٧٠ او بالأحرى لحزبي اليسار واليمين ، مطولا في مذكراتي ، ولااريد ان اكرر التفاصيل مرة أخرى ، فقط أود ذكر موقف الراحل ادريس بارزاني من ذلك الحدث ، فكما اسلفت كان المسؤول عن ملف العلاقات القومية ، والعلاقة مع حزبنا أيضا ، ومطلعا على تفاصيل الحركة في سوريا ، وكنت جالسا بجانبه خلال الاجتماع الذي ساوى بين الحزبين المتصارعين المختلفين ، رغم ان اليسار كان مع الثورة ، واليمين كان مع خصوم الثورة بل ضدها .
لقد فهمت انه لم يؤخذ برأيه حول الموضوع بالرغم من مسؤوليته عن الملف ، وكان ممتعضا ، كما فهمت ان – السافاك – الإيراني الذي كان يستغل ظروف الثورة حيث ايران بوابتها الوحيدة على العالم الخارجي ، وثبت عام ١٩٧٥ ان نظام الشاه باع الكرد بابخس الاثمان في اتفاقية الجزائر، ولم يكن هذا النظام بعيدا عن محاولة كسر شوكة اليسار خاصة وانني تهجمت في كلمتي امام المؤتمر الثامن على النظامين الإيراني ، والتركي من بوابة القضية الكردية بالبلدين ، كما كان لبعض أعضاء المكتب السياسي حينذاك دور في اتخاذ ذلك الموقف الذي الحق الأذى بحزبنا ، واكتفي بذلك من دون نبش أوراق اخرىى لها صلة بالموضوع .
اما اللقاء الثالث والأخير فقد كان في صيف ١٩٨٣ بطرابلس – ليبيا ، بمناسبة ( المؤتمر الشعبي العام ) الذي دعا اليه القذافي ، وحضره ممثلون من معظم الحركات السياسية في بلدان المنطقة ، وبينها الحركة الكردية ، وصادفت بسرور الصديق الأستاذ فاضل ميراني في بهو الفندق حيث طال فراقنا بسبب نكسة الثورة ، ورحيل البارزاني الخالد ، وتوجهنا سوية الى غرفة الراحل ادريس ، وكان بمعيته المرحومان د روز شاويس ، ود سعيد بارزاني ، والصديق د بيروت إبراهيم ، وماان شاهدني وقف قائلا : يشهد الله اننا غدرنا بك وبحزبك ، فاجبته : شكرا لكم وقد حصلت على حقي ، وكان يقصد ماحصل في مؤتمر ناوبردان عام ١٩٧٠ ، ثم عقدنا عدة اجتماعات ، واتفقنا على إعادة العلاقات الثنائية الى سابق عهدها وهذا ماحصل .
خلاصة القول والى جانب عمله الميداني اليومي برفقة والده ، واشرافه على شؤون الثورة ، والبيشمةركة ، والعلاقات القومية ، والمصالحات الاجتماعية في مجتمع كردستان ، فقد كان احد مهندسي بيان آذار التاريخي عام ١٩٧٠ ، ورئيس الوفد المفاوض ببغداد ، وترأس اول وفد من الثورة ، والحزب يقابل رئيس المخابرات المركزية بواشنطن – ريتشارد هلمز – عام ١٩٧٢ ، كما تراس الوفد الكردستاني في مؤتمر للمعارضة العراقية عقد في طهران قبل أيام من رحيله ، وكان من المخططين لثورة كولان ، وقد تم نقل جثمانه الى جانب جثمان البارزاني الخالد من ايران الى منطقة بارزان عام ١٩٩٣ في موكب شعبي مهيب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس