الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هذه الشاكلة، تبنى -الجمهورية الجديدة-! كيف لبلد بكل هذا الثراء، يكون فيه كل هذا الفقر؟!.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2023 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


العاصمة والمدن الجديدة، والطرق السريعة والكباري ليست لخدمة الشعب، انها لخدمة القلة الثرية، والتي يتم انشاؤها باموال الشعب!.

ان العمال الذين يبنون العاصمة الجديدة، وكمبوندات القاهرة الجديدة، ومدن وقرى الساحل الشمالي، ومنتجعات شرم والغردقة، ويقيمون الكباري العلوية، ويرصفون الطرق السريعة، لا هم ولا ابناؤهم ولا احفادهم سوف يسكنون فيها. انهم يعودون بعد ايام العمل المضنية الشاقة الى احياؤهم الفقيرة البائسة المنعدمة الخدمات العامة، وهؤلاء هم العمال المحظوظين الذين افلتوا من البطالة، ووجدوا عملاٌ. اوضاع شاذة وغير انسانية وفقا لشروطً عبودية العمل المأجور.

النظام الرأسمالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة يفرض نموذج اقتصادي/ ثقافي على كل دول العالم، ويفرض عليها ان تعيد صياغة اقتصادها وثقافتها على شاكلة الدولة الام "القطب الاوحد"، يفرضها بالسلاح العسكري "الحرب العالمية على الارهاب، ويفرضها بالسلاح الغير عسكري، العقوبات الاقتصادية والمالية والدبلوماسية والاعلامية.

يفرضها على شاكلة الدولة التى اسسها بوش بعد 11 سبتمبر 2001، الدولة التي حاول المحافظين الجدد، النيوليبراليين، تأسيسها في امريكا وانجلترا منذ بدايات النصف الاول من القرن الماضي، ولكنهم لم يتمكنوا بسبب قوة المجتمع المدني فيهما، الى ان جاءت احداث 11 سبتمر كفرصة لتأسيسها، هذه الدولة التي هى عبارة عن سير ناقل للاموال الفيدرالية، اموال دافعي الضرائب، الى خزائن الشركات الكبرى، دولة تلعبت دور الصراف الآلي، للسحب والايدع، سحب من الميزانية الفيدرالية الى عقود ضخمة للشركات الخاصة، وايداع من الشركات الخاصة للحملات السياسية والانتخابية لنواب الحزب والرئيس. (زادت ادارة بوش الانفاق على المتعاقدين مبلغ 200 مليار دولار في الفترة من 2000 الى 2006، مقابل ان المتعاقدين العشرين الابرز انفقوا اكثر من 300 مليون دولار على الحشد منذ عام 2000،)

دولة عباره عن قطاع عام ضعيف وقليل التمويل وغير فعال من جهة، ومشروعات ضخمه قائمة على الشركات الخاصة الكبرى، ذات تمويل كبير من الميزانية الفيدرالية، اموال المواطن الامريكي دافع الضرائب، من الجهة الاخرى، وحين يتعلق الامر بالدفع للمتعاقد الخاص لتنفيذ هذه المشروعات الضخمة، فالحدود تمتد الى السماء، "ايوه ببني وحبني قصور، امال ايه، هو احنا دولة فقيره!"، ولكن حين يتعلق الامر بتمويل وظائف الدولة (التعليم، الصحة، الرعاية الاجتماعية، السكن، المواصلات العامة، الطرق الداخلية والبنية التحتية والخدمات العامة .. الخ)، تصبح الميزانية خاوية "منين؟، كان من عنيا .. ياريت حد يقولكم ان احنا فقرا قوي!". (تعاقدت وكالة ادارة حالات الطوارئ الفيدرالية مع شركه خاصة على وضع القماش المشمع الذي توفره الدولة، على اسقف المنازل العراقية المتضررة جراء الحرب، تعاقدت معها على 175 دولار لكل قدم مربع، والذي صل منهم دولاران فقط للعمال الذين نفذوا العمل بالفعل!.)

ولان سلط الدولة على شعبها، تكمن فى قوتها الحربية، فقد اصبحت بعد 11 سبتمبر "الحرب على الارهاب"، هى المبدأ المنظم لاى مجتمع "راسمالى"، واصبحت سلط الدولة على شعبها، تكمن فى قوتها الحربية على "الارهاب" المحتمل، والذي اصبح بفعل فاعل منتشر، وغير محتمل. وحالة عدم الاستقرارمنذ 2001 – عام بدء "الحرب على الارهاب" –، لم تعد تسبب الخسائر، بل على العكس، اصبحت تولد ارباحاً طائلة ليس لصناعة وتجارة السلاح فقط، بل ايضاً، لقطاع الامن والمراقبة ذات التقنية التكنولوجية العالية – "عصر الرقابة" وزوال حرمة الحياة الخاصة -، كما تحقق ارباح طائلة لصناعة البناء الثقيل لأعادة اعمار ما دمرته الحرب على الارهاب، ولشركات الرعاية الصحية الخاصة المعنية بمعالجة الجنود والمدنيين المصابين، ولقطاعي الغاز والبترول، ولشركات الشحن والنقل والمواد الاغاثية، وبالطبع لشركات المتعاقدين من اجل الدفاع، واصبحت الحرب المخصخصة على الارهاب مصدر ربح وفير للشركات الخاصة الكبرى الاحتكارية العابرة للحدود. (في حرب الخليج الاولى عام 1991، كان هناك متعاقد واحد قطاع خاص في المجال العسكري مقابل كل مائة جندي، وفى بداية الحرب على العراق في 2003، كان هناك هناك متعاقد خاص واحد مقابل كل عشرة جنود، وبعد ثلاث سنوات من الاحتلال الامريكي للعراق، اصبح متعاقد واحد لكل ثلاثة جنود، وبعدها بسنه اصبح متعاقد واحد لكل 1,4 جندي امريكي).

من الامور الاساسية بالنسبة للدولة المحتلة اقتصادياً وثقافياً، والتى تحولت لـ"مشروع تجاري"، وجود مؤسسات اعلامية عملاقة، تستحوذ على نفوذ غير مسبوق، بامتلاكها المباشر او الغير مباشر عن طريق عملاء مأجورين من صحفيين وكتاب واعلاميين واكاديمين، للصحف، والتلفزيون، ونشر الكتب، وانتاج الافلام، وقواعد المعلومات. فالسياسة بواسطة الميديا، والحروب بواسطة الميديا، حتى المشاعر الانسانية بواسطة الميديا .. والاقتصاد الكوني العالمي، "العولمة" وأعلى مراحلها "النيوليبرالية" الاقتصادية، هو اهم المشروعات المطلوب الترويج لها، وهو على السطح يتمثل فى التجارة عبر الانترنت، والهواتف الذكية، وماكدونالز، وستاربكس، والعطلات المحجوة عبر الانترنت. واسفل هذه القشرة البراقة، عالم يعيش غالبية البشر فيه على اقل من دولارين فى اليوم، ويموت فيه ستة الاف شخص يومياً من الاسهال، نظراً لانه لا تصل اليهم المياه النقية.


حكومة "الحرب العالمية على الارهاب"!
صعود رأسمالية الامن والمراقبة، واعادة الاعمار.
بينما تم تقليص الحكومة بدءا من حكم ريجان في الولايات المتحدة، وفقاً لتوجيهات مستشاره مؤسس مدرسة "النيوليبرالية الاقتصادية" ميلتون فريدمان، ووفقاً للعقيدة الجديدة للنيوليبرالية "الحكومة الافضل هى الحكومة التي تحكم اقل"، تركزت مهام الحكومة في مهمة واحدة لسياساتها الخارجية الا وهى الامن، وانصرف قطاع كبير من العاملين السابقين في الاجهزة الحكومية الى تفعيل المخاوف الامنية للاسر الثرية من مخاطر الاختطاف، وقد بيع لهم الاستشارات والاجهزة الالكترونية للحماية والمراقبة في سنة واحدة 1985، بعشرين مليار دولار.

بالطبع الحكومة التي تحكم اقل فيما يتعلق بمهامها الاجتماعية والامنية لكل المجتمع، القادرين والغير قادريين اقتصادياً، ستكون افضل للقادرين اقتصادياً، فان الادوار الاجتماعية المجتمعية للحكومة تنعكس بتكلفة على المهام التي تؤديها للقادرين اقتصادياً، الذين بالطبع يفضلون اداء هذ المهام "الحكومية" بأنفسهم فيتخلصون من التكلفة الاجتماعية، بالاضافة للتكلفة البيروقراطية وما قد يصاحبها من تكلفة فساد، ومن ناحية اخرى، فان تحكم اقل من الحكومة يعني حرية اكبر للشركات الخاصة، وزيادة في الارباح، اذاً فالافضل لهم الحكومة التي تحكم اقل.

اذاً ليس السؤال عما اذا كانت الحكومة الكبيرة ام الصغيرة افضل؟!
لكن السؤال في الحقيقية عن المهام تتولاها الحكومة؟!
ان المطلوب الحقيقي من قبل الاثرياء هو التخلص من المهام التي تكلفهم، اي المهام الاجتماعية للحكومة، وهو ما يترجمه "تريد مارك" الناطق بأسمهم، "صندوق النقد"، التقليص الحاد للدور الاجتماعي "الدعم" للدولة – رفع يد الدولة عن السوق "الخصخصة/ الخطط الافتصادية والمالية/ الرقابة على الاسعار" - ربط العملة المحلية عارية "بدون تدخل الدولة"، بالدولار "التعويم" من خلال قانون السوق الحر "المتخلص من الدولة"، قانون العرض والطلب، والمؤكد فيه ان الرابح هو الاقوى اقتصادياً، والمؤكد ايضاً، ان الخاسر فيه هو الغير قادر اقتصادياً.

وبينما كانت الدولة الامريكية منشغلة كلياً بـ"الحرب العالمية على الارهاب"، وانفاق جزء هائل من الميزانية الفيدرالية، اموال الموطنين دافعي الضرائب، على هذه الحرب، الجانب الاكبر من هذه الاموال كان عبارة عن قيمة عقود مقولات سخية مع الشركات الكبرى من كل صنف، لزوم الحرب على الارهاب، ولزوم اعادة تعمير المدن التي دمرتها هذه الحرب، وبينما كانت واشنطن تنفق من ميزانيتها الفيدرالية على عقود مع الشركات الكبرى الخاصة من اجل الحرب واعادة الاعمار، كانت هذه الشركات الكبرى الخاصة تعمل وتحقق الارباح في هذه البلدان والمناطق المحددة من قبل الحكومة كمناطق ودول بها جماعات ارهابية او راعية للارهاب او .. الخ، وكان الاتصال بين هذه الشركات لم ينقطع، ولم يخطف اياً من موظفي تلك الشركات، كما لم يحدث اعتداء ارهابي واحد على اياً من هذه الشركات!.

فى حين انه في سبتمبر 2008 حيث انهارت الاسواق المالية، قدمت شركة "ليمان برازرز" الامريكيه فى 15سبتمبر طلب حماية من الافلاس وفقاً للفصل الحادى عشر، رغم ذلك، بعد اسبوع واحد فقط اعلنت ان العاملين فى مكاتبها فى نيويورك سيتقاضون 2،5 مليار دولار مكافأت!، وكانت شركات وول ستريت دفعت 18,4 مليار دولار مكافأت العام السابق!، نفس العام الذى حدث فيه الانهيار!، وهو في نفس الوقت الذي يحصل فيه مؤسس مدرسة "النيوليبرالية الاقتصادية" ميلتون فريدمان، على جائزة نوبل للاقتصاد، وفى السنة التالية تحصل منظمة العفو الدولية على جائزة نوبل للسلام عن كشفها للانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان فى تشيلى والارجنتين عند تطبيق نظرية "فريدمان"!.

الى حزب "انه فشل، وسوء ادارة، وخلل في الاوليات"!:
ليست سوء ادارة، او خلل في الاولويات،
وليست فشل، انه مستهدف ومخطط له،
انه صراع المصالح الطبقية المتناقضة،
المحلية والاجنبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة