الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايقاعات المكان في ثنايا الأدب

حنان أحمد الخريسات

2023 / 2 / 5
الادب والفن


" للمكان ذاكرة لا تشيخ ولا تندثر" ، وأي إنتاج أدبي يقوم على تلازم جدلية الذات والمكان ، وللمكان سر في مشاعر تؤرخ للذات والمكان ، والعلاقة بينهما روحية تطلق الجانب الروحي ، وقد تكون العلاقة بين الإنسان مكانية متغيرة ، وقد تتغير من شيء ما نخاف منه ، ثم يكون لدينا محببا كالعلاقة بين الإنسان والمقابر نخافها ولها في النفس وقع ، وتتحول العلاقة إلى روحية ايجابية بعد إن ينتقل اليها عزيز علينا فتتغير المشاعر .
في نظرة إلى بواطن النصوص في الأدب الجاهلي نجد تناثر مجموعة من الدلالات المكانية جعلت من النصوص ثرية غنية ، وهي نتيجة لسيطرتها على مشاعر الشعراء ، وما زالت تتعدد القراءات لتخرج بدلالات عميقة تعبر عن البنى الداخلية للنص لتكشف لنا حركة إبداعية استوطنت في مخيلة الشاعر ، وللمكان تشكيل فسيفسائي يقيم علاقات متداخلة ويراهن الكاتب على إبرازها بتعابير مختلفة يسقطها في نصه .
إن جدلية المكان تستوقفنا كثيرا وهو لبنة أساسية في كل نص سردي أو شعري ، ولا يستطيع الإنسان أن ينفصل عنه باعتباره الامتداد له وربما هو مكان الطفولة ، والمغامرة ، والشقاوة ، وله وميض يعكس نفسية الكاتب ، واحتضان المكان دليل على بصمات نفسية يتركها الإنسان والأمثلة كثيرة على ذلك لشعراء مثل زهير بن ابي سلمى وعنترة وامرؤ القيس وغيرهم من شعراء المعلقات او غيرهم
ليس غريبا أن نجد التكرار في البيت والأطلال والمنزل في ثنايا الشعر قديما أو حديثا لتعبر جميعها عن مكبوتات وانفعالات وعلاقات اجتماعية وحضارية جمعتهم في الأمكنة ، لذلك نعلم أن للإيقاعات مكانها في القصيدة لتشير إلى مدى التعلق الإنساني ، وان المكان ظاهرة إنسانية واجتماعية لا تنفصل عن الذات الإنسانية التي تحتاج إلى التشبث لتجد هويتها رغم الصراعات بين الإنسان وعالمه الخارجي .
ورغم مفهومنا عن المكان والمساحات والطبوغرافية فهو لم يعد يشكل لدينا أبعادا هندسية نقيسها حين نلجأ إلى التعبير عن ذواتنا ، بل هو وسطا حيويا لتتجسم من خلاله حركة الشخصيات التي تأخذ مسارها متشابكة متناقضة متداخلة رهينة البعد النفسي للمكان داخل النصوص .
كما يلتصق المكان بمشاعر الخوف والأمن والطمأنينة والحب .... لينسجم مع طبائعه ، وحين نغادر الأوطان يتولد لدينا الحنين والإحساس العميق الذي تؤطره الألفة والمحبة فنطوي الضلوع ، ونراه بعين الخيال أينما التفتنا ، ونرسمه عند هطول المطر، أو عند المغيب ، أو نراه في أخريات الليل ، ويزداد هذا التعلق عند العودة أو عند موقف مؤثر ومحزن إذا هي علاقة تاريخية يربطها الدفء والاستقرار وقد يظهر عكس ذلك من صورة الإنسان القلق الطالب للترحال لفقد الألفة لذا يفقد صلته بالمكان .
في الوطن نتنقل عبر المسافات ، وننثر شيئا من رائحة بلدنا الطفيلة ، نتربى على جفاف أحلامها ، وصخب أحلامنا المجدولة في أرشيف النفس والذاكرة ، وننطلق بإبداعاتنا ، ورغم صمتنا وتحدياتنا في المكان ، نعود اليها في كل حين بطعم غريب وشعور غريب ففيها تربينا وفيها نموت ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق